من المفزع بكل المقاييس أن تتسع دائرة الإرهابيات. أن يجنّد تنظيم القاعدة النساء هذه كارثة الكوارث.

من المفزع بكل المقاييس أن تتسع دائرة الإرهابيات. أن يجنّد تنظيم القاعدة النساء هذه كارثة الكوارث. يدل تجنيدهم هذا على وجود خلل في آلية مكافحة الإرهاب المتبعة على مستوى الفكر والثقافة. وإذا سلّمنا بنجاح برامج المناصحة للمقبوض عليهم، فأين برامج المناصحة التي تحصّن المجتمع من استهداف تنظيم لم يوفّر حتى قواريره لتجنيدهنّ؟

تكلمنا أيها السادة كثيراً عن التعليم والخطاب الديني وغيرهما من عوامل تحصين المجتمع من غلواء الإرهاب، لكن الذي لم نتحدث عنه تلك الثغرات الاجتماعية التي يستغلّها التنظيم لغرض تجنيد النساء.

أعني بثغرات المجتمع تلك العقدة بين الدين، والعادات والتقاليد، حينما تتوافق العادات والتقاليد مع خطاب ديني معيّن يلعبون على وتره، كأن يتحدث المنظّر للإرهاب عن ضرورة إغاثة اللهفان في كل الدول والأوطان، أو أن يتحدث معهم عن مخططات ماسونية وصهيونية لغزو المجتمع واستباحة حمى الله، مستدلاً بالإصلاحات والتحديثات التي تعنى بها مؤسسات الدولة، حينها يدخل كالشيطان من ثقب هذه الإبرة. إنها مسألة اجتماعية وثقافية أيضاً، لعب عليها الخطاب الديني. غذّاها الكبت والحصار والتقوقع.

المطمئن في هذا الجانب انتباه وزارة الداخلية إلى ضرورة إنزال المناصحين من مناصحة المساجين إلى مناصحة المجتمع، أستشهد بحديث المتحدث باسم وزارة الداخلية اللواء منصور التركي حينما قال: البرنامج يتعامل حاليا مع الأشخاص الذين تمكنت الأجهزة الأمنية من التوصل إليهم وإيقافهم مناصحة ورعاية أولئك لا تتوقف، لكن تلك الأعداد التي لا تتجاوز المئات لا تعكس شيئا أمام مجتمع مؤلف من 22 مليون نسمة.

قلتُ: هنا مربط الفرس، أن نعترف بأن المجتمع يحتاج إلى برنامج استراتيجي علمي واقتصادي وثقافي وديني ليستوعب العالم، لأن يعرف المجتمع أن في العالم مجتمعات أخرى مختلفة يجب أن يتقاسم معهم الهواء والعيش، ليعرف أن الاستئصال والقتل ليسا من الدين في شيء. ليعرف كل ما مضى حتى البسطاء في القرى وفي جيوب وأطراف المدن الذين يجد فيهم التنظيم لقمة سائغة. أن يعرفوا أن الدين ليس في القتل وإنما في الحب.

هل سنصل إلى هذا المستوى في ظل انتشار مخيف لثقافة الردح ضد المخالف؟ وهل سنصل إلى مستوى متطور من تفهم الآخر في ظل تحول قضية الإرهاب إلى مادة استهلاكية صارت تحاط بالاستسهال في الطرح والتناول؟ حاولتُ أن أكون متفائلاً لكنّ قصة هيلة القصير مؤلمة ومحزنة. مؤلم أن يجنّد التنظيم الأنثى المفطورة على الرقة في سياقاته الحاثّة على التوحش والقتل!