ثمان سنوات كانت الفاصل بين هذه الزيارة وآخر زيارة لأمريكا. بعد أحداث سبتمبر شاركت مع وفد أمضينا ما يقارب الشهر

ثمان سنوات كانت الفاصل بين هذه الزيارة وآخر زيارة لأمريكا. بعد أحداث سبتمبر شاركت مع وفد أمضينا ما يقارب الشهر، وكانت مهمة صعبة في تغيير وجهة النظر حول أحداث سبتمبر والظلم الذي لحق ببلدنا بسبب تلك الأحداث. خلال هذه السنوات كنت أتابع أمريكا من الخارج ومن خلال الإعلام ولكن يبدو أن أمريكا من الداخل مختلفة إلى حد ما عما يقرأ في الإعلام.

غادرنا الرياض يوم الاثنين إلى أمريكا في رحلة مدتها عشرين ساعة ولكن يختصرها صحبة الدكتور محمد المطلق عاشق الأخلاق الراقية، واللواء الدكتور محمد أبوساق ذاكرة الأصالة وبحث دائم عن المعرفة، والراوية الدكتور حامد مطبقاني. حملت معي كتاب عن الروايات والذكريات عن الملك فيصل لقراءته خلال الرحلة. ففوجئت بأن الدكتور مطبقاني موسوعة عن الفيصل فقد عاصره ويروي لنا قصصا عن أعماله ومواقفه العظيمة.

محطتنا القادمة كانت باريس ثم المغادرة إلى ولاية كنتاكي. وصلنا لباريس السابعة صباحا وأمضيت نصف الساعة سارح التفكير وأنا أشاهدها من الجو بما منحها الله من خضرة وجمال وأنهار. مدينة تسبح في بحيرات من المياه وكل شيء يمضي كما قدره الله له بدون أي مشاكل أو فيضانات!

في باريس وصلتنا معلومة جديدة أن المطار الذي ستهبط فيه طائرتنا في ولاية كنتاكي داخلي ولا يوجد فيه مكاتب للجوازات وبالتالي فإن طائرتنا ستهبط في مطار بنقور على الحدود الكندية الأمريكية! بعد ثمان ساعات وصلنا إلى مطار شبه خال إلا من الطائرات العسكرية. أبلغونا بأن المطار عسكري وتم تحويله لمطار تجاري ولكن لا يزال يستخدم لطائرات النقل العسكرية.

استقبلنا موظفو الجوازات وكنا جاهزين لكمية ونوعية الأسئلة. المفاجأة أن الإجراء لم يستغرق لمعظمنا أكثر من دقيقة ومع ذلك فموظف الجوازات وهو يتعامل مع الإجراءات كان يحاول أن يشغلنا بأسئلة عن الرحلة حتى يقطع علينا وقت الانتظار.

مطار متواضع!! من نوعية البناء تشعر أنه لم يكلف عشرات الملايين من الدولارات ولكنه عملي وأفضل من المطارات التي تكلف أضعاف هذا المبلغ. يقف في صالة القدوم رجل وامرأة من إدارة المطار للاطمئنان على إجراءات الركاب. وأنا أنتظر زملاء الرحلة سألت الموظف عن المدينة؛ فتحول إلى مرشد سياحي يشرح مميزات المدينة وأن مصدرها السياحة ويحاول عرض تلك المدينة بأجمل صورة. ورغم أنه موظف في المطار وليس له علاقة بالسياحة إلا أنها الثقافة والوطنية! انتهى الحديث فسألته متى سينتهي جميع زملائي من ختم الجوازات.. شعرت الموظفة المرافقة بأن سؤالي ينبئ عن تذمر من طول فترة الانتظار. تدخلت وأبلغتني أنها دقائق معدودة ولكنها فكرت في طريقة لتقضي على ملل الانتظار فأخذتني في رحلة تشرح لي عن الصور المعلقة على جدران صالة المطار وتشرح لي ماذا ترمز له كل لوحة.

المطارات والجوازات هما بوابة الدخول والانطباع الأول عن أي بلد، وعندما نكتب عما نشاهده ليس تمجيدا لثقافة وانتقاصا من أخرى ولكنها ممارسات كانت هي القاعدة القوية التي انطلقت منها التنمية لبلد مثل أمريكا ويجب أن تكون قاعدة مشتركة لكل الثقافات.