ما أن انتشر الإسلام في أوروبا؛ حتى قام كثير من المستشرقين بدراسة الفن التشكيلي في مختلف البلاد الشرقية؛ ليتعرفوا من خلاله على حضارات تلك الشعوب.. فطفقوا يقسمونه إلى فنون العمارة والنحت
ما أن انتشر الإسلام في أوروبا؛ حتى قام كثير من المستشرقين بدراسة الفن التشكيلي في مختلف البلاد الشرقية؛ ليتعرفوا من خلاله على حضارات تلك الشعوب.. فطفقوا يقسمونه إلى فنون العمارة والنحت والتصوير والرسم والزخرفة والنقش والحفر (الريليف) إلى جانب الفسيفساء وأشغال المعادن والزجاج والسجاد.
وما أن ازدهر الفن في بغداد عبر تزيين المساجد وقصور الخلافة، وصفحات الكتب الأدبية والتاريخية والمصاحف الشريفة؛ حتى قام المؤرخون بدراسة هذه الفنون التي ماتزال تضيء متاحف الشرق والغرب؛ مشيرة إلى قسطٍ وافرٍ من سعةِ أفق الفن الإسلامي الذي امتد ليؤثر في فنون أوروبا، وليكسر السيطرة الطويلة لتأثير الفن اليوناني على الذوق العالمي؛ الأمر الذي ساعد على تكوين صبغة عربية على الرغم من اختلاف طبيعة الأقطار وتفاوت مظاهر الفنون بها.
لكل شعب من الشعوب فن خاص به يمثل شخصيته، ويصف معتقداته، ويدون تاريخه، سواء جاء على هيئة مشغولات يدوية أو نحت أو رسم أو تصوير أو أعمال جدارية.. وهذا ما قام به- حفظاً لتاريخنا- المؤلّف الفنان التشكيلي السعودي الدكتور محمد بن صالح الرصيص في كتابه تاريخ الفن التشكيلي في المملكة العربية السعودية الذي اشتمل على ثمانية أبواب بدءاً بالعرض التاريخي الثقافي، ومروراً بمراحل النمو والتطور، وانتهاءً بالاتجاهات الفنية والرواد والرؤية المستقبلية.
قدّم الكتابَ الصديق الأديب الدكتور عبدالعزيز السبيل؛ مشيراً إلى دعم معالي وزير الثقافة والإعلام الشاعر الأديب الدكتور عبدالعزيز خوجة؛ ليخرج ضمن سلسلة المشهد الثقافي مُتناولاً الجانب التشكيلي الذي أصبح له حضوره الكبير في الوسط الثقافي في المملكة.
ومن وجهة نظري المتواضعة- بعد اطلاعي على الكتاب وفقاً لدراستي الأكاديمية في مجال الفن التشكيلي- فإنه يُعد الكتاب الوحيد -على الإطلاق- على مستوى المملكة يتناول تاريخ الفن التشكيلي السعودي لأربعة عقودٍ مضت؛ في الوقت الذي لم يلق فيه هذا النوع من الفنون الإنسانية اهتماماً كافياً في معظم الدول العربية إذا ما استثنينا مصر والعراق؛ مُدرِكِين دور الفن التشكيلي في تدوين تاريخ هاتين الحضارتين: الفرعونية، وبلاد ما بين النهرين.
قلت: تختبئ الحضارة بين ألوان الفنون.