الصورة الأولى: رجل في الثمانين من العمر يبحث عن بقايا أكل
الصورة الأولى: رجل في الثمانين من العمر يبحث عن بقايا أكل في حاوية القمامة. ستذهب مباشرة إلى فكرة العوز والحاجة والفقر، ومع هذا أنت تكرر ذات الفكرة البدهية التلقائية التي كتبها الآلاف من قبل. قد تذهب إلى الإهمال والعقوق وإلى الجحود الاجتماعي الذي أجبر هذا الكهل الثمانيني على البحث عن لقمة عيش في حاوية زبالة. كل تلك مجرد أفكار تثير التقزز الاجتماعي فلماذا الإصرار على كتابة – صورة – بما يخدش الذائقة الاجتماعية البرجوازية في ثلاثي – كهل وفقر وحاوية زبالة. لماذا لا تنظر إلى الصورة بالمقلوب ثم تحيلها إلى فكرة مجنونة؟ لماذا لا تتساءل عن المسبب البيولوجي في كيمياء هذا الثمانيني الكهل الذي جعله قادراً على مقارعة الحياة ومواصلتها بصحة جيدة (كما يظهر في الصورة) رغم أنه يتغذى على البقايا ويأكل وجباته الثلاث من صندوق الزبالة؟ لماذا لا تسأل عن المضاد الجسدي الحيوي الذي قهر كل العفن والبكتيريا والجراثيم والفيروسات المؤكدة ثم يخرج – الكهل – من الفيروس سليماً وليس العكس؟ باختصار، لماذا تختصر الصورة حين تكتب عن الكهل بما يستفز هذا المجتمع وتجرح مشاعر الملايين بالحديث عن رجل في الثمانين من العمر يعيش على بقايا حاوية القمامة.
الصورة الثانية: دخان في طائرة شرورة يخلي 64 راكباً. ستذهب مباشرة إلى الكتابة عن السبب الذي أدى إلى هذا الدخان وستطالب فوراً بالتحقيق في السبب الذي كاد يؤدي إلى كارثة. ومع هذا أنت تكرر ذات الفكرة البدهية التلقائية التي يطالب بها 64 راكباً حين عادوا بالسلامة من الجو وخرجوا من دخان ذات الطائرة. لماذا حين تكتب لا تنظر إلى الصورة بالمقلوب؟ لماذا لا تتساءل عن الجرس الموسيقي في اسم طائرة اسمها – إمبراير – ولماذا لا تتساءل عن هذا الاسم الذي يندر أن سمع به أحد من قبل؟ لماذا لا تتساءل عن الجوهر فيمن أدخل مثل هذه الطائرة إلى الخدمة وكيف دخلت إلى الأسطول وهي التي لا تنتمي إلى عائلة – صناعية – معروفة؟ لماذا لا تتساءل عن أسماء شركات الطيران الأخرى التي اقتنت هذا النوع من الطائرات لتعرف بالضبط من نحن وفي أي الطوابير ومع من نَصُف.