جدة: نسرين نجم الدين

القنصل البريطاني: توفيرها للأجيال القادمة غاية في الأهمية

أظهرت دراسة حديثة أن استهلاك الفرد في السعودية والإمارات للمياه يتجاوز المعدل العالمي بنسبة 91% و83% على التوالي، ويزيد بمقدار 6 أضعاف نظيره في بريطانيا.
فيما أكد القنصل العام البريطاني في جدة محمد شوكت أن الطلب المتزايد على المياه في المملكة والذي يقابله انخفاض في المياه الطبيعية الصالحة للشرب، جعل من قضية البحث عن حلول لتوفر المياه وكفايتها للأجيال القادمة أمرا غاية في الأهمية. وقال شوكت في تصريح إلى الوطن خلال فعالية ندوة المياه ومياه الصرف الصحي، التي نظمتها القنصلية البريطانية في جدة أول من أمس، إن الشركات الأيرلندية والبريطانية قدمت في الندوة أفضل ما لديها في هذا المجال بهدف المساعدة لتقديم حلول حديثة للطلب المتزايد على المياه، والأساليب الحديثة لمعالجتها، والاستفادة من أقصى قدر من المياه. وأفاد أن الشركات تمثل قطاعات متنوعة، أهمها قطاع الماء والصرف الصحي، وهي شركات حضرت خصيصا لطرح قدراتها في قضايا بارزة كالشركات المتخصصة في الأساليب الحديثة لمعالجة المياه، وأخرى متخصصة في تسرب المياه المحلاة، وشركات متخصصة في معالجة هدر المياه. وأوضح رئيس التجارة والاستثمار في السفارة البريطانية في المملكة مايكل كوك أن أكثر من 40 شركة بين بريطانية وأيرلندية حضرت لتقديم أفضل ما لديها من خبرات في مجالاتها.
وأوضحت دراسة شركة بوز أند كومباني للاستشارات الإدارية، أنه مع تجاوز النمو السكاني في دول مجلس التعاون نسبة 2% سنويا، وفي ظل التوسع السريع لاقتصادات المنطقة، هناك إقرار متزايد داخل العديد من الحكومات الخليجية بعدم إمكان تحمل المعدلات الحالية لاستهلاك المياه.
وتقرّ حكومات مجلس التعاون الخليجي بالمشكلة وقد بدأت باتخاذ تدابير للمعالجة. فعلى سبيل المثال، ستتوقف المملكة عن شراء القمح من المزارعين المحليين بحلول سنة 2016، وذلك لثني المزارعين عن زراعة القمح وتقليص العبء الذي تفرضه الزراعة على الموارد المائية للمملكة، لكن هناك حاجة إلى المزيد من الخطوات.
وحول سبل استدامة المياه، أشارت الدراسة إلى عدد من الطرق أهمها إصلاح الزراعة، التي تستهلك 80% من المياه في دول المجلس التعاون الخليجي، علما بأن مساهمتها في الناتج المحلي الإجمالي قليلة.
وأفادت أنه مع تلبية المزيد من متطلبات المنتجات الطازجة من خلال الاستيراد، سوف تحدد المملكة وبلدان خليجية أخرى الزراعة بالمناطق التي تتوفر فيها موارد مياه متجددة وستشجع المزارعين المحليين على التركيز على المحاصيل التي تحتاج إلى كميات مياه أقل.
وتأتي توعية المستهلكين ثانيا، فعلى سبيل المثال، توجد في الإمارات مساحات خضراء شاسعة في ميادين الغولف وضمن المجمعات السكنية، مما يوحي بأن المياه وافرة.
ويشير الدكتور وليد فياض الشريك في بوز أند كومباني إلى وجود نقص عام في التوعية في المنطقة، ويضيف أن الطريقة الوحيدة التي ستغير الوضع هي في حال فهم السكان أن هناك مشكلة وباتوا جزءا من الحل.
وذكر أن إصلاح هيكل تعرفة الاستهلاك أمر مهم، إذ ليس من الضروري أن تغطي حكومات دول مجلس التعاون الخليجي جميع تكاليف توفير المياه واستهلاكها في بلدانها، كما يتعين على الحكومات الخليجية إعادة تصميم هياكل تعرفة المياه حتى يكون التسعير على أساس الاستهلاك، حيث يدفع المستهلكون بكميات كبيرة التعريفة الأعلى.
وتمثل الاستثمارات في تحلية المياه المالحة أمرا ضروريا، إذ تؤمن تحلية المياه المالحة نسبة الثلثين أو أكثر من كميات مياه الشرب المستهلكة في الإمارات والكويت وقطر والبحرين، فرغم التحسن بنسبة 5 مرات لناحية تخفيض التكلفة منذ عام 1979، فإن تكلفة دولار واحد لتحلية متر مكعب من المياه المالحة ما زالت عالية نسبيا لإنتاج مياه الشرب. وعلاوة على ذلك، فإن تحلية مياه البحر عملية مستنفدة للطاقة، إذ تستهلك الطاقة 8 مرات أكثر من مشاريع المياه السطحية، وتستحوذ على نسبة تتراوح بين 10 و25% من استهلاك الطاقة في مجلس التعاون الخليجي.
وأوضحت الدراسة أن هناك احتمالا لاستثمار دول المجلس أكثر من 100 مليار دولار في قطاعات المياه بين عامي 2011 و2016. وسوف يُخصص جزء منها لتحسين تقنيات تحلية المياه المالحة، مما قد يتطلب اللجوء إلى الطاقة الشمسية أو إلى طرق جديدة لتصفية الملح.