الاعتماد على الوَرَثة بعد الوفاة في تنفيذها فيه احتمالات التأخير والأولى القيام بأعمال الخير في حياة الإنسان وإن لم يوجد وقت للقيام بها شخصياً فهناك عباد أكرمهم الله بتسخير وقتهم لذلك نيابة عن الراغبين
تعددت الاختلافات بين ورثة التجار ورجال الأعمال والأثرياء وطال الخلاف في بعض الحالات إلى عشرات السنين وتجاوز الاختلاف حقوق الورثة وتطور إلى حقوق المورث في الجزء الموصى به والذي حدده سقف الشرع بثلث المال الموروث للإنفاق في الأوجه الخيرية التي أوصى بها واستكثر بعض الورثة الثلث الموصى به من المورث. ويرى البعض منهم أنها نسبة كبيرة وهم أولى بها. قصص واقعية حقيقية وأما في الحالات التي لم يوص بها المورث فيتمسك الورثة بحقهم الشرعي بالكامل ويرفضون أحياناً التعاون في تخصيص نسبة من المال المورث لهم للأعمال الخيرية والصدقات الجارية للمورِث رحمه الله إن شاء الله.
ورغم أنهم غير ملزمين بإخراج جزء من الموروث حيث لم يوص به والدهم أو مورثهم إلا أنه من باب الوفاء والشكر والمحبة حيث إن الصدقة الجارية أحد الأعمال التي تنفع الميت بعد موته، حسب الحديث النبوي إذا مات إبن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث علم ينتفع به وصدقة جارية وولد صالح يدعو له. ورغم أن المحبة لا تنتزع من قلب الأبناء والبنات إلا أن حب المال عند بعض الناس يساوي حب الروح ورغم عتبي ولومي على الأبناء غير البارين بأمهاتم وآبائهم بعد موتهم إلا أن العتب الأكبر على الآباء المورثين والموصين لأبنائهم بعد وفاتهم بالقيام بأعمال خيرية تفيدهم بعد مماتهم بعد أن عجزوا عن القيام بها في حياتهم أو لم يستطيعوا أن يخرجوا بعضا من أموالهم أو ثلث أموالهم لأعمال الخير وبعض الأعمال الإنسانية التي تنفعهم لآخرتهم، فكم من أثرياء نسوا الله فأنساهم أنفسهم فانشغلوا في دنياهم عن آخرتهم فسرقتهم تجارتهم وأرباحها ومشاريعها وعوائدها الربحية وأجلوا عمل الخير لآخر الأعمار وهم يعلمون أن ساعة الموت لا يعلم وقتها إلا الله عز وجل والموت يأتي للإنسان في كل الأعمار فيأتي للمرضى والأصحاء والأغنياء والفقراء والكبار والصغار.
إن الاعتماد على الوَرَثة بعد الوفاة هو أمرٌ تنفيذه فيه احتمالات التأخير أو التعطيل والأولى منه هو القيام بأعمال الخير في حياة الإنسان والتخطيط لها مبكراً وإن لم يكن لها من الوقت للقيام بها شخصياً فهناك عباد قد أكرمهم الله بتسخير وقتهم للقيام بأعمال الخير نيابة عن الراغبين فيه فالقائمون على الجميعات الخيرية هم من عباد الله رجالا ونساء أوقفوا جزءا من وقتهم لهذه الأعمال الخيرية وبأموال التجار ورجال الأعمال والأثرياء جزاهم الله جميعاً كل خير، فكم من جمعيات خيرية في المملكة قدمت عملا جليلاً للفقراء والمساكين واليتامى والمعاقين والمرضى ولولا الله ثم دعم الميسورين لما استمرت هذه الجمعيات في أداء دورها الإنساني. وهذا ما دفعني اليوم لكتابة رسالتي هذه لرجال الأعمال والتجار والأثرياء الذين كتبوا وصيتهم أو سيكتبون وصيتهم أن يعيدوا النظر فيها وأن يستقطعوا ما أوصوا به بعد مماتهم وينفقوه في حياتهم وأمام أعينهم وتحت إشرافهم في مشاريع خيرية أو في بناء أو شراء أوقاف لحساب الأعمال الخيرية أو لحساب بعض الجمعيات الخيرية أو لطلبة العلم ونشر العلم مثل الأوقاف التي بدأت بعض الجامعات القيام بنشر ثقافتها ونجح بالفعل بعضها مثل أوقاف جامعة الملك سعود العملاقة والتي استطاعت أن تستقطب مشاريع وقفية للجامعة وطلبة العلم ببلايين الريالات وهي مشاريع وقفية تخدم العلم وطلبته جعلها الله في ميزان حسنات القائمين بها والأعمال الخيرية كثيرة والقيام بها في حياة الإنسان أضمن لتنفيذها ، فكم من ورثة لم ينفذوا وصية مورثيهم وكم من ورثة تأخروا في تنفيذ وصية مورثيهم وكم من أثرياء ورجال أعمال أخذتهم أعمالهم عن كتابة وصيتهم للأعمال الخيرية ولم يستفيدوا منها لآخرتهم لا في حياتهم أو في مماتهم.
فهل تصل رسالتي هذه إلى زملائي من رجال الأعمال والتجار ودعوتهم للعمل على تنفيذ وصيتهم للأعمال الخيرية والإنسانية في حياتهم وعدم الانتظار لحين مماتهم. إن مشاريع دور الأيتام ومشاريع تأهيل المعاقين ومشاريع مأوى العجزة من كبار السن الذين لا يوجد من يؤويهم أو يرعاهم ومشاريع التعليم ونشره وغيرها من مشاريع قيمة تنتظر من يأخذ المبادرة ليتبناها فهل نقتنع بأن المبادرة بالأعمال الخيرية في حياتنا أفضل من الانتظار حتى مماتنا.
وهل فكرة إنشاء مؤسسة أهلية غير ربحية لإدارة الأوقاف الأهلية أفضل من إدارة الأوقاف الحكومية؟ إن فكرة إنشاء مؤسسة أهلية غير ربحية لإدارة الأوقاف الأهلية هي فكرة يدفعني لطرحها تشجيع رجال الأعمال لفكرة الوقف وضمان استمراريته وتطويره وتشغيله بفكر اقتصادي يضمن استمرارية المساهمات المالية للأعمال الخيرية أو لما أوقف له سواء كانت مؤسسة تعليمية أو جمعية خيرية أو إنسانية أو تعليمية.
إن حجم الأثرياء في المملكة من أمراء ووزراء ورجال أعمال وتجار وصناع وزراع يؤكد أنه لو تم بالفعل قيامهم بالأعمال الخيرية وتقديم صدقاتهم وزكواتهم كما ينص عليها الشرع، لما كان هناك فقير في المملكة.
هي فكرة قابلة للتطوير وقد يكون الرأي شاملاً لو تم إنشاء مؤسسات أهلية لإدارة الأوقاف الخاصة في جميع أنحاء المملكة.