خلال لقائه بوفد المملكة المشارك في معرض الخرطوم الخامس للكتاب في أكتوبر الماضي، قال معالي نائب الرئيس السوداني الدكتور/ علي عثمان طه: إنني أرصد الحراك الثقافي والاجتماعي السعودي من خلال برنامج إضاءات في قناة العربية! وهي شهادةٌ تضاف إلى رصيد هذا البرنامج الحواري من الجوائز العديدة، التي نالها بفضل الطرح الإعلامي الاحترافي المتميز للزميل/ تركي الدخيل!
ومنذ كان أربعائياً مباشراً، إلى أن أصبح جمعياً مسجَّلاً، هدف إضاءات إلى أن يكون مرجعاً وثائقياً، لا يستغني عنه الباحث في الحراك الثقافي السعودي، الراكض بسرعةٍ لن يجاريها إلا من يخفف وزنه، ويستثمر الزائد في تأليف كتابٍ خفيف الدم!
ومسيرة البرنامج نفسه تعكس ذلك الحراك بوضوحٍ: ففي العامين الأولين كان الظهور فيه مطمعاً للمثقفين السعوديين؛ لمزيدٍ من الشهرة والنجومية، وهو ما سجلته رجاء الصانع؛ إذ تنبأت في روايتها الشهيرة بنات الرياض بأن تنجح، ويستضيفها الدخيل! وهو ما وقع بالفعل، وضاعف شهرة الرواية وصاحبتها!
ثم صار المثقفون وقضاياهم مطمع البرنامج، في استجابة احترافية سريعة للمتغيرات! ولا أدل على ذلك من أنه كان من المفترض أن يستضيف البرنامج، في حلقة أمس الجمعة، الدكتور/ علي الرباعي، أحد رموز التحول الفكري الخاطف، من أقصى الانغلاق الآيديولوجي الصحوي، إلى أقصى الانفتاح على الذات قبل الآخر، في ممارسة ليبرالية حقيقية، في مجتمع يستقبل تغيير الرأي بالويل والثبور وعظائم الأمور، عكسها عنوان كتابه: الصحوة في ميزان الإسلام، الذي جاء ليعادل الكفة مع تيارٍ استبد بالساحة طويلاً، يمثله الدكتور/ عوض القرني في كتابه الشهير: الحداثة في ميزان الإسلام!
وظللنا نترقب الرباعي، حسب إعلانات البرنامج في العربية، إلى صباح الجمعة؛ إذ بشَّر به الدخيل ـ كعادته ـ في عموده اليومي، وفجأةً وجد الكثيرون أنفسهم أمام رمز آخر من رموز التحول ذاته، الذي بات علماً على مسألة جواز الاختلاط، وقد علمنا من مصادرنا أن الحلقة لم تسجَّل معه إلا يوم الخميس!!
أما أهم ما جاء فيها فكان تصريحه: بأن ما دفعه للبحث في هذه المسألة هو ندوة عكاظية، سنة 1427هـ، شاكسه فيها: قينان الزمان، وعبده بوكر، وناصر الشهري، وطارق الحسين! في إضاءةٍ ساطعة على أن الحوار لا يأتي إلا بخير؛ وإن جاء في اختلاطٍ عابر، وتردد المحاور عامين قبل أن يعلن نتيجته؛ خوفاً مما لم ولن يسلم منه!!