لئن يدخل وحش بشري من أرباب السوابق بيوتنا ويزجي أوقات فراغه بانتهاك أجساد أطفالنا أو التحرش بسيداتنا وفتياتنا وابتزازهن، أو إذلالهن بتركهن وسط الطريق لتوجيه لم يعجبه، أهون وأخف شرا من إعطاء المرأة أو الأم مقود القيادة لتقضي حوائجها أو توصل أبناءها إلى مدارسهم! لئن يسأل البائع الأجنبي المرأة في تفاصيل جسدها ومقاييسها وصولا إلى مغازلتها والتحرش بها، أسلم وأقل ضررا من فتح المجال للمرأة المتسربلة بأحابيل الشيطان وفتنته لتبيع في المحلات التجارية، ومن يدري ماذا يحدث بعدها؟! لذا لا بد وحتما من إحكام باب سد الذرائع ورفعه في وجه الفتن ما ظهر منها وما بطن! لئن تتعرض سبع عشرة فتاة للابتزاز والخداع من ذئب بشري أدرك مدى حاجتهن للعمل، أسلم وأكثر أمنا من فتح مجالات جديدة لعمل المرأة تقيها ذل الحاجة ومرارة السؤال، وتقطع الطريق على من يريد استغلالها! لئن نفرح ونبتهج بنصر رجال الهيئة المبين على المبتز الآثم، أهم من أن نعالج المرض ونكافح أصل الداء الذي حصر فتياتنا في أعمال محددة فقط وتركهن لقمة سائغة لمحترفي الابتزاز يجرون وراء أي فرصة عمل زائفة يلوح بها المدلسون!
لئن نفرح ونبتهج بإمساك هيئة الأمر بالمعروف بمئتي ساحر في المدينة المنورة خلال سنتين، أولى من فتح الملف الحقيقي للشعوذة والسحر! ولئن نهلل ونكبر للفتح المبين والنصر المجيد لرجال الهيئة أجدى من الحفر في عمق البنية الثقافية، ولماذا يجد السحر والشعوذة سوقا رائجة في مجتمعنا حتى أصبحت أرقام تلفوناتنا صيدا عشوائيا لمحترفي الشعوذة خارج المملكة؟! ولماذا يفضل الناس الذهاب لمن ينفث ويتفل بدلا من مواجهة مشاكلهم في البيت والعمل، أو الذهاب لطبيب لمعالجة عللهم الجسدية؟!
لئن نهمش روح الدين ونركز على إسلام القشور والتفاصيل والمظاهر أولى من تكريس وتوطين قيم الدين الجوهرية، وتعديل منظومة القيم المقلوبة التي تحول فيها الفساد الإداري والمالي وخيانة الكرسي واستغلال السلطة وعدم تكافؤ الفرص والغش والنصب إلى أمر واقع لا يستنكر ولا يرفض ثم يغمض الجميع عيونهم عنه! ليستولي كاتب عدل على 40 مليون ريال في سرداب بيته دون أن يرف له جفن، وليتغاضى الناس عن المفسد والسارق عجزا ويأسا من الإصلاح أو تواطؤا ومشاركة! وليحرم رجل دين الاختلاط ويناصر من أفتى بإهدار دم ملايين المسلمين، ثم يقع فيه وقوعا – عارضا -، فالأوامر والنواهي تطبق على الضعاف والمساكين، ولا تطبق على غيرهم! لئن نستمرئ النفاق والازدواجية ونتقبل ارتداء الأقنعة حسب الظروف والمكان ليصبح للسعودي ألف وجه يخرج به إلى الناس، أهم من مواجهة أمراضنا الاجتماعية وتناقضاتنا ومفارقاتنا المضحكة المبكية!
وأخيرا لئن ينشغل الوعاظ والشيوخ والمجتمع والصحافة والإعلام في جدليات تجاوزها الزمن كالاختلاط وكشف الوجه وإغلاق المحلات للصلاة، أهم من أن ينشغلوا بسؤال النهضة ولماذا تأخر المسلمون وتقدم غيرهم؟!