الولايات المتحدة وبريطانيا لن تدعما مؤتمرا حول منع الأسلحة النووية في الشرق الأوسط إذا لم تحضر إسرائيل، ولكن إسرائيل ترفض الحضور، لذلك فإن انعقاد مؤتمر هلسنكي مشكوك فيه

سيكون من المفارقات إلغاء أو تأجيل مؤتمر هلسنكي القادم حول إنشاء منطقة شرق أوسط خالية من الأسلحة النووية، لأن هناك الكثير من الحروب في الشرق الأوسط. لكن ذلك هو فعلا ما يجري الآن. السبب المطروح لتأجيل أو إلغاء المؤتمر هو أنك لا تستطيع أن تناقش السلام، لأن ذلك سيقود إلى الحرب. الأسلحة النووية مثيرة للجدل. حكومة إسرائيل تعارض المؤتمر، الذي اتفق على عقده في 1995 في مؤتمر للموقعين على اتفاقية منع انتشار السلاح النووي، لذلك فإن المؤتمر قد لا يعقد، مع أن إسرائيل ليست من الموقعين على اتفاقية منع انتشار السلاح النووي. علاوة على ذلك، إسرائيل تعتقد أن المؤتمر هو ضدها، لأنها الدولة الوحيدة في الشرق الأوسط التي لم توقع على الاتفاقية.
ولإضافة الزيت على نار انعدام حالة السلام، تقول إيران إنها تدعم تماما فكرة منطقة خالية من السلاح النووي في الشرق الأوسط، لكنها لن تحضر المؤتمر إذا حضرت إسرائيل. الولايات المتحدة وبريطانيا لن تدعما مؤتمرا حول منع الأسلحة النووية في الشرق الأوسط إذا لم تحضر إسرائيل، ولكن إسرائيل ترفض الحضور، لذلك فإن انعقاد مؤتمر هلسنكي مشكوك فيه.
ليس مستغربا أن الدبلوماسي الفنلندي جاكو لاجارا، الذي عين مسؤولا عن تنظيم المؤتمر في البلد المضيف، فنلندا، قال في اجتماع فيينا للدول الموقعة على اتفاقية منع انتشار السلاح النووي في مايو 2012 أنه لم يضمن بعد حضور جميع دول المنطقة. وحيث إن الرعاة الأساسيين، الولايات المتحدة وبريطانيا وروسيا، صرحوا أن مؤتمرا ناجحا يتطلب في الحد الأدنى تمثيل جميع دول الشرق الأوسط، وإسرائيل ترفض المشاركة، فإن الرسالة الضمنية من القوى العالمية هي أن المؤتمر مشكوك فيه.
في جلسة عامة مخصصة لقضية تطبيق قرار عقد المؤتمر حول جعل الشرق الأوسط منطقة خالية من السلاح النووي، بدأ الأمير تركي الفيصل، كلمته بتذكير المشاركين أن الأسلحة النووية هي الأسلحة الوحيدة على الإطلاق التي اخترعت، ولديها القدرة على تدمير الحياة على هذا الكوكب، والترسانات الموجودة الآن قادرة على فعل ذلك عدة مرات. طالما أن أي دولة لديها أسلحة نووية، فإن دولا أخرى سوف تريد الحصول عليها. طالما بقيت مثل هذه الأسلحة، فإن من غير المعقول أنها لن تستخدم في يوم من الأيام عن طريق الخطأ، الحسابات الخاطئة، أو التصميم. وأي استخدام كهذا سيكون كارثيا.
وأكد الأمير تركي، أنه منذ أن بدأ هنري كيسنجر إدارة الأزمة في 1973، يمر الشرق الأوسط بمراحل إدارة أزمة، وليس حل الأزمة، وخلص إلى أن هذه فرصة للوصول إلى حلول، بدلا من الانتقال من أزمة إلى أخرى. وقال الأمير تركي، إن مجرد قرار من مجلس الأمن الدولي سيحرك العملية بسرعة إلى الأمام.
وقال الأمير تركي، إن قرار مجلس الأمن الذي يقترحه يعلن الشرق الأوسط منطقة خالية من الأسلحة النووية، ويمنح مظلة نووية ومساعدات اقتصادية وتقنية لتطوير استخدامات مدنية للطاقة النووية، كما يهدد بتطبيق عقوبات اقتصادية وعسكرية على أي بلد يقوم بصنع أسلحة نووية.
بعد خطاب الأمير تركي، دعا سامح أبو العينين، الذي كان معاون نائب وزير الخارجية في مصر في ذلك الوقت، إلى انعقاد مؤتمر في أسرع وقت ممكن. وقال أبو العينين، إن الشرق الأوسط منطقة شديدة التقلب، ويعاني من صراعات طويلة، وامتلاك الدول لمثل هذه السلحة لا يساهم إلا في زعزعة الاستقرار، وزيادة التوتر وسباق للتسلح في المنطقة، لذلك فإن من الضروري جعل الشرق الأوسط منطقة خالية من الأسلحة النووية.
كلمات أبو العينين، تكتسب أهمية خاصة، لأنها صادرة من مسؤول في الحكومة المصرية الانتقالية التي شكلت بعد سقوط الرئيس حسني مبارك. لكن موقف الولايات المتحدة كان أن المناخ السياسي والوضع الأمني في المنطقة في 2012 يختلفان كثيرا عما كانا عليه في مايو 2010 أي أن العوائق أكثر.
الفكرة هي أن العملية، وليس الحل النهائي، هي الشيء المهم. الموقف الأميركي الذي تم التعبير عنه في مؤتمر مايو 2012 في فيينا كان مثبطا للالتزام بتحقيق عقد مؤتمر حول جعل منطقة الشرق الأوسط خالية من الأسلحة النووية. في نفس التصريح، انتقدت الولايات المتحدة دول الشرق الأوسط الأخرى، لأنها ألقت باللوم على إسرائيل، واعتبرتها سبب المشاكل الإقليمية. موقف الولايات المتحدة يجب أن يتم رفضه.
الثوري الأميركي العظيم توماس باين، في وسط الثورة الأميركية في 1776، عندما كان انتصار الجيش التقليدي مشكوكا فيه إلى حد كبير، كتب في (أوراق الأزمة) أن هذه هي الأيام التي تجرب أرواح الرجال. ما نحصل عليه رخيصا، لا نقدره كثيرا. المعزة فقط هي التي تعطي كل شيء قيمة.
السلام، مثل الحرية ثمنها مرتفع جدا، ومع أن مؤتمر هلسنكي قد يكون متعثرا أحيانا، لكن بدون مؤتمر هلسنكي سيصبح الوضع أسوأ، وليس أفضل.