الزحمة نعمة لأنها تساعد الإنسان على تفريغ الشحنات الانفعالية، وتساعده على أن يجري دراساته الاجتماعية على سلوكيات خلق الله بكل سهولة

ابتكرت وكالات الفضاء العالمية حلاً سحرياً لظاهرة الازدحام بعد اكتشافها 54 كوكبا جديدا يصلح للحياة البشرية، تتوافر على سطحه كميات كبيرة من المياه، هذا الخبر سيشجع شعوب كوكب الأرض التي يؤرقها الازدحام باختيار كوكب من تلك الكواكب الأربعة والخمسين وحجزها ببلاش، وخصوصا مع وجود مزايا رائعة بدون دفعة أولى وبدون قروض أو فوائد بنكية، بالإضافة لعمر أطول، وراتب يصل أسرع؛ وذلك لأن السنة أقصر بـ 289 يوما فقط، لا غرابة في هذه الأثناء أن ينط علينا واحد تغريبي مُنبهر بالحضارة الغربية يقول لك: يا أخي هذا الاكتشاف ممكن يعالج مشكلة الطائفية في عالمنا الإسلامي بحيث إن كل طائفة تختار لها كوكباً ويفكونا! طبعا هؤلاء التغريبيون لأن قلوبهم انفطرت في التعلق بالغرب الكافر لم يُدركوا بأن هناك مؤامرة خبيثة تدور في الخفاء بين الغرب وبعض الكواكب الفضائية كعطارد والمريخ وخصوصا درب التبانة الذي تعود تسميته عند العربان إلى التبن، والهدف من كل ذلك هو تغريب العالم الإسلامي! ثم من الذي قال لكم أيها التغريبيون بأن السنّة والشيعة سيهنآن في الفضاء؟ سيلجأ المتطرفون من كل كوكب إلى إطلاق النيازك للتحرش بالكوكب الآخر! وبالتالي لن تنتهي المشكلة! إن الحل يكمن في كلمة واحدة هي الزحمة! نعم.. بالزحمة تُحل كل العُقد بما فيها الطائفية! وسأبين ذلك لاحقا، يبدو أن الغرب وأذنابهم التغريبيين لا يُقدرون قيمة الازدحام في كوكب الأرض كما نقدره نحن بنو يعرب! ولقد ازداد إيماني بالازدحام عندما كنت أقود سيارتي في شوارعهم التي تقل فيها السيارات فلازمني شعور بالوحشة! وقتها أصبحت أردد زحمة يادنيا زحمة! وأقول في نفسي: أين هي أبواق السيارات التي نستمتع بصوتها من كل حدب وصوب؟! أين هي السيارات التي لطالما كنت أبحث عنها لأقف خلفها؟! بالفعل إنها نعمة تستوجب الشكر! الزحمة نعمة لأنها تجعل الإنسان يفتح الموبايل ويستمتع بشتائم الكروان التويترية، فيقضي بذلك على فتور العلاقات الاجتماعية!
الزحمة نعمة لأنها جعلت الطيار العاطل يمارس تخصصه كسائق تاكسي في الشوارع (لا تستغربوا المهم إنه سواق)! وكذلك تساعد المواطن أن يُجري دراساته الاجتماعية على سلوكيات خلق الله بكل سهولة، كل ذلك يسهم في خلق جيل واع يُدين بالفضل في مسيرته العلمية إلى الشوارع!
الزحمة نعمة لأنها تساعد الإنسان على تفريغ الشحنات الانفعالية فيشتم السيارات، ويطلق اللعنات على المطبات، ويصرخ في وجه الإشارات، وفجأة يكسر المسجل! المهم أنه يُنفس عن احتقانه ليصل في النهاية إلى منزله وهو في حالة إرهاق شديد فيستلقي على وسادته وينخمد وينام بدون مشاكل زوجية! فتخف حالات الطلاق! الزحمة نعمة لأنها كبيئة أثرت في طريقة التعبير والأسلوب ويظهر ذلك جلياً في أقوالنا وحكمنا التي ترفع من قدر المرأة مثلاً: المرأة المحجبة كالسيارة الخاصة والمتبرجة كالباص!
الزحمة نعمة لأنها تعزز الُلحمة الاجتماعية فهذا يُلحم تلحيما في السيارة التي أمامه.. وذاك يُدخلها بطريقة دراماتيكية بين سيارتين! ولعل فليشرات السيارات التحذيرية عند الاقتراب من كاميرات ساهر هي مصداق بارز لهذه اللحمة!
الزحمة نعمة لأنها تقضي على الطائفية، فتشغل المواطن بكيفية الوصول إلى الجهة التي يريد، وكيفية التجاوز، وربما القفز على الرصيف على شكل U، ومن المؤكد هنا أنه لن يفكر بأن السيارة التي أمامه هي لأي مذهب! الزحمة نعمة لأنها ستخفف من الحوادث والمطاردات التي يسببها المتشددون من رجال الهيئة!
نعم.. شكراً لك يا ازدحام لأنه بفضلك أصبحنا ضمن قائمة الشعوب الأكثر سعادة في العالم، وحتما سيأتي ذلك اليوم الذي سنسيطر فيه على كوكب الأرض.. ولكن متى؟ في اليوم الذي تكون فيه كل الأمم قد غادرت الأرض!