بلغ السيل الزبى.. كنا نحفظ مرادفات قليلة لكلمة مجزرة لا تتجاوز قانا وصبرا وشاتيلا وحماة وجنين وسربرنيتسا، واليوم أصبحت كلمة مجزرة مرادفا دائما لكثير من أسماء المدن والبلدات السورية التي صارت مسرحا للموت على أيدي جيش النظام السوري والشبيحة التي لا تفرق بين طفل رضيع ومقاوم شريف إلا بحجم الرصاصة التي ستخرق جسدهما! لم يعد سائحا في سورية إلا الموت، بعدما كانت قبلةً ووجهةً للسياح.. ولم يعد مشهورا فيها إلا الدم، بعدما كانت مشهورة بالعلم والفكر والفن!
جال الموت وسال الدم في شوارع بلدة التريمسة فضمت القائمة 220 قتيلاً و600 جريح و500 مفقود، بعدما أعمل النظام الحاكم 200 آلية عسكرية قتلاً ودمارا فيها، ثم أطلق الشبيحة على السكان لتنهش أجسادهم وتشوه معالمها، مثلما فعلت بأطفال الحولة وأهالي بابا عمرو وغيرهما من البلدات السورية، وتترقب بقية البلدات قدوم الشبيحة والموت إليها! وحتى لو قتل السفاح وأعوانه الشعب كله لن يبقى على كرسيه، سيكون يوما صريعا مثل ضحاياه أو طريدا أو سجينا مثل سابقيه، وسيبكي عليه أهله مثلما بكى الشعب قتلاه، وسيكتب التاريخ كل ذلك! فإذا ما أصبح العيش.. قرينا للمنايا.. فسيغدو الشعب لغما.. وستغدون شظايا... وبعدما ينجلي الظلم ويزول الغم عن (سورية) وأهلها، وبعدما يرحل عنهم الاستبداد والمستبدون، وحتما سيكون وإن تخاذل العرب والغرب، وقتها سيقال لكل من يزور الشام ويلتقي أهلها:
خفف الوطء ما أظن أديم
الأرض إلا من هذه الأجساد
سر إن استطعت في الهواء رويدا
لا اختيالاً على رفات العباد
رب لحد قد صار لحدا مرارا
ضاحكا من تزاحم الأضداد
ولو كان فيلسوف الشعراء أبو العلاء المعري حيا لما قال للرئيس السوري بشار الأسد إلا:
ألم تر أن الملك ليس بدائم
على ملكه إلا وعسكره وقرُ
وعسكرك أنت انشقوا وأصدقاؤك فروا والبقية سجناء عندك!