الخيال له دور كبير حتى في الحالة الإيمانية.. عندما بدأت القنوات العربية مع الأسف في عرض مسلسلات عن الأنبياء

الخيال له دور كبير حتى في الحالة الإيمانية.. عندما بدأت القنوات العربية مع الأسف في عرض مسلسلات عن الأنبياء بدءا من سيدنا موسى ويوسف وقبل ذلك السيدة مريم أم المسيح عيسى بن مريم عليهم السلام جميعا كانت الأعمال كلها من إنتاج إيران، عندها لم أرجع شخصيا لأي بحث عن فتوى لتسمح لي بمشاهدة هذه الأعمال، لإحساس خاص يرفض أن أشوش على تفكيري وخيالي وقناعتي لأن من قام بهذه الأعمال ليس أبدا هدفه الدعوة إلى الله بل المهم جذب أكبر نسبة من المشاهدين إلى قناة بعينها.. وهذا حدث في بداية العرض، فأصبح الكثيرون يبحثون عن أول قناة بثت هذه الأعمال بعد دبلجتها إلى اللغة العربية، وكانت لبنانية مغمورة لها توجه معروف، ومن حق أي قناة أن يكون لها توجهها الذي يميزها ولكن ليس إلى درجة التجرؤ على شخصيات عظيمة جاءت إلى الأرض برسالة ربها، فهذا نوع من الاستهتار.
كم عانى المخرج الراحل مصطفى العقاد الذي أخرج فيلم الرسالة عن سيرة النبي محمد صلى الله عليه وسلم وإلى الآن، لم يجزه الأزهر رغم عدم إظهاره للصحابة، والآن نرى العرب المسلمين وعلى قنوات ترفيهية بالدرجة الأولى تنتج سيرة حياة الخليفة الراشد العادل عمر بن الخطاب!
من يا ترى سوف يقوم بدور عمر؟ فكل نبي وخليفة وصحابي متجسد في أذهاننا ولا نستطيع أن نبني بخيالنا وقناعاتنا عن هذه الشخصيات العظيمة على ممثل شاهدته في موقف آخر، وما الغرض من هذا؟ أهي مناصرة لعمر رضي الله عنه أم أن التجربة ستبين أن الإعلانات ستكون أكثر والمشاهدة ستكون عالية؟ غريب أمر هذه الفضائيات التي تستقبل الإعلانات من خلال بث حياة رجل من أعظم رجال العصر.
إن الخليفة عمر ليس بحاجة إلى مسلسل تلفزيوني ليتم الدفاع عنه أمام من يتجرؤون عليه من منطلقات طائفية، والأنبياء والصحابة في ذهن أي مسلم مؤمن يصعب اختزالهم في مشاهد درامية، وستأتي الأعوام القادمة لنرى سلسلة أفلام ومسلسلات بقية الأنبياء والصحابة والتابعين أيضاً. فماذا لو تم عمل آخر ضد حياة عمر رضي الله عنه..؟ ما الموقف؟ والغريب أنني لم أقرأ من العلماء (ما عدا علماء الأزهر الشريف) رفضا لهذه الأعمال التي لا يراد بها وجه الله أبدا؛ بل أغراض أخرى.. غرض تجاري بحت، والثاني بعد طائفي مضاد.. ما هكذا تورد الإبل كما يقول المثل.. فعمر بن الخطاب ليس في معادلة سياسية أو طائفية سياسية اليوم وغدا لنحارب به.
احترام ذهن المسلم وعقله والبعد عن امتهان الرموز أمران واجبان، وعلى كل حال عدل عمر به من القصص ما يغني عن مثل هذا العمل، فلتتوجه الأعمال الدرامية لقيم فنية إبداعية وكفى.