يتحمل بعض المواطنين جزءا من المسؤولية في إشغال المحاكم بقضايا لا تستحق المقاضاة والمرافعة.. ويتحمل بعض القضاة الجزء الباقي من تأخير الكثير من القضايا بعدم التزامهم بمواعيد الدوام الرسمي..!
للقضاة الحق في انتقاد كثرة القضايا التافهة التي تشغلهم عن أعمالهم، لكن الحل في يدهم، فلو أهملوها وأنجزوا القضايا المهمة بالنسبة للناس لتراجع عدد القضايا التي يعطلها أو يؤخرها القضاة، والعكس بالعكس..!
بعض المواطنين ينهي مشاكله المهمة بالتراضي مع خصمه والتنازل عن بعض الحقوق لكيلا يدخل المحاكم، ليس لأنه لن يكسبها، بل لأن المرافعة ستطول ويخسر أكثر مما كان سيخسره فيما لو تنازل. وللقضاة الحق في المطالبة بحوافز ومميزات عن بقية الموظفين، لكن لا أظن المسألة تصل إلى مستوى المطالبة بالمساواة بكبار موظفي الدولة؛ ليس لأنهم لا يستحقون، بل لأن إنجازهم للمعاملات لا يرقى إلى تلك المطالبة، والحكم في ذلك بعمر بعض القضايا التي تصل إلى سنوات دون البت فيها.
أدرك أن من هم بمستوى القضاة في الشركات والقطاع الخاص يحصلون على مميزات مالية أفضل من كبار موظفي الدولة دون المطالبة، لأن إنتاجهم يرقى لذلك وإلا فسيتم الاستغناء عنهم. لم تكن مطالبة القضاة بالمساواة بكبار موظفي الدولة وتخصيص مراتب عليا لهم، التي جاءت ضمن 37 طلبا واقتراحا قدموها لوزير العدل في ملتقاهم، ومنها تحديد جهة لعلاج القضاة وأسرهم على مستوى جيد، وتسهيل خدماتهم لدى الخطوط الجوية والحديدية وإعطاؤهم الأولوية على غيرهم.. لم تكن تلك المطالب غريبة على القضاة، فهم مقدرون ومكرمون في جميع الإدارات الحكومية ولهم مكانة واحترام لدى عامة الناس قبل المسؤولين في كل مكان، ولهم في المحاكم هيبة وخصوصية عن غيرهم، فلا يحدد لهم وقت الحضور والانصراف ولا يحاسبون كالموظفين العاديين.
في السنوات الأخيرة تطورت آليات العمل في المحاكم وزاد عدد القضاة؛ لكن لا يزال الناس يشتكون من البطء في إنجاز المعاملات وطول مدة التقاضي، ويتذمرون من ترفع بعض القضاة عن التعامل معهم حتى خارج أروقة المحاكم.