جددت المملكة التأكيد على أن دول مجلس التعاون الخليجي ليست لها مصالح توسعية أو توجهات للتدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى، لكنها مصمّمة على حماية أمن شعوبها واستقرارها ومكتسباتها في وجه التهديدات. ودعت الرياض إلى البحث عن استراتيجيات جديدة تضمن الأمن الإقليمي في الخليج، والامتناع عن التلويح بالقوة في العلاقات الدولية والإقليمية، لأنها لا تخدم الأمن الخليجي بل تؤدي إلى سباق في التسلح وعودة إلى نظرية توازن الرعب.
وأكد وزير الخارجية الأمير سعود الفيصل في كلمة ألقاها نيابة عنه وكيل وزارة الخارجية للعلاقات المتعددة الأطراف الأمير تركي بن محمد بن سعود الكبير، خلال افتتاح منتدى الخليج والعالم في الرياض أمس، السعي الخليجي الدائم لإحلال السلم والاستقرار في المنطقة التي تشهد تحولات عميقة لم يسبق لها مثيل، مشددا على أهمية الحفاظ على دول المنطقة ووحدة أراضيها، دون إغفال المطالب المشروعة.
وخلال مناقشة ديناميكية الأمن الإقليمي دعا رئيس الاستخبارات الأمير مقرن بن عبدالعزيز إلى البحث عن استراتيجيات جديدة تضمن الأمن الإقليمي، مؤكدا -في إشارة إلى البرنامج النووي الإيراني- أنه لا منتصر في حال نشوب حرب، فهي تعني الخسائر والخسائر المقابلة، والدمار والدمار المقابل، لذلك نحن نسعى إلى تعزيز دفاعنا الجوي الخليجي ضد أي اعتداء.
أكدت المملكة ودول مجلس التعاون سعيها الدائم لإحلال السلم والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط، بما في ذلك دعم قيام الدولة الفلسطينية، وحظر أسلحة الدمار الشامل، وبناء علاقات تسودها مبادئ الاحترام المتبادل والتعاون مع دول الجوار، وفي مقدمتها إيران. جاء ذلك في كلمة لوزير الخارجية الأمير سعود الفيصل ألقاها نيابة عنه وكيل وزارة الخارجية للعلاقات المتعددة الأطراف الأمير الدكتور تركي بن محمد بن سعود الكبير، خلال افتتاح منتدى الخليج والعالم في الرياض أمس.
وأشار سموه إلى أن دول مجلس التعاون ليست لها مصالح توسعية أو توجهات للتدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى، لكنها مصمّمة على حماية أمن شعوبها واستقرارها ومكتسباتها في وجه المخاطر والتهديدات.
وأضاف لا يمكن أن نتناول جهود إحلال السلم في الشرق الأوسط دون التطرق للقضية الفلسطينية، التي وصلت لطريق مسدود، بسبب تعنت إسرائيل، مؤكداً مسؤولية المجتمع الدولي نحو الضغط عليها للاعتراف بحق الشعب الفلسطيني في إنشاء دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف. وتابع أؤكد سعينا الدائم لبناء علاقات تسودها مبادئ الاحترام المتبادل والتعاون مع دول الجوار، وفي مقدمتها إيران، والتي مع الأسف تتصرف على نحو يشير إلى عدم اهتمامها بهذه المبادئ، مبيناً أن التدخلات الإيرانية في الشؤون الداخلية للدول الخليجية ما زالت مستمرة، كما أنها ماضية في تطوير برنامجها النووي وتجاهل مطالبات العالم ومخاوفه المشروعة من سعيها لتطوير هذا السلاح الفتاك، وخلق تهديد جدي للأمن والاستقرار على المستويين الإقليمي والدولي. وأشار وزير الخارجية إلى أنه مع تأييد حق إيران وبقية دول المنطقة في الاستعمال السلمي للطاقة النووية، إلا أن هذا يجب أن يكون تحت إشراف ومراقبة وكالة الطاقة الذرية، مما سيساعد على نزع فتيل الأزمة وبناء الثقة بين إيران من جهة وجيرانها في الخليج والمجتمع الدولي من جهة أخرى. كما جدد وزير الخارجية تأكيد دعم المملكة لجعل منطقة الشرق الأوسط منزوعة من أسلحة الدمار الشامل، لافتاً إلى أن رفض إسرائيل للانضمام لاتفاقية حظر الانتشار يعد أحد عراقيل تحقيق هذا الهدف. وأوضح أن المنطقة العربية تشهد تحولات عميقة لم تشهد مثلها من قبل، الأمر الذي يتطلب من الجميع وقفة مسؤولة للحفاظ على دول المنطقة ووحدة أراضيها، دون إغفال المطالب المشروعة لشعوبها، مبيناً أن التحديات والتهديدات التي تواجه منطقة الخليج تمثل تهديداً للأمن والاستقرار العالميين. كما تحدث وزير الخارجية عن منظومة دول مجلس التعاون، مستعرضا أدوارها البنّاءة في معالجة كثير من القضايا، ومنها المبادرة الخليجية لحل الأزمة اليمنية. كما أشار إلى الظروف السياسية التي تمر بها المنطقة في ظل ما أصبح يعرف بالـ الربيع العربي.
وكان وكيل وزارة الخارجية للعلاقات المتعددة الأطراف الأمير تركي بن محمد، افتتح أمس في الرياض نيابة عن الأمير سعود الفيصل، منتدى الخليج والعالم، الذي ينظمه على مدى يومين معهد الدراسات الدبلوماسية في وزارة الخارجية بالتعاون مع مركز الخليج للأبحاث في دبي، بقاعة الملك فيصل للمؤتمرات بالرياض.
وحضر الافتتاح وكيل وزارة الخارجية لتقنية المعلومات الأمير محمد بن سعود بن خالد، وزير المالية إبراهيم العساف، وزير الثقافة والإعلام عبدالعزيز خوجة، رئيس هيئة حقوق الإنسان بندر بن محمد العيبان، رئيس ديوان رئاسة الجمهورية العراقية الدكتور نصير عايف العاني، وحشد من كبار القادة الدبلوماسيين والاقتصاديين والمهتمين بالشأن الخليجي من مختلف دول العالم.
وبدوره أوضح مدير معهد الدراسات الدبلوماسية عبدالكريم بن حمود الدخيل، في كلمته أن انعقاد المنتدى يتصاحب مع تطورات أحداث غير مسبوقة في منطقتي الخليج العربي والشرق الأوسط.
عقب ذلك ألقى رئيس مركز الخليج للأبحاث الدكتور عبدالعزيز بن صقر بن عثمان كلمة أشار فيها إلى أن انعقاد هذا المنتدى يتزامن مع الاستعداد لاستضافة قمة مجلس التعاون الخليجي خلال أيام. وأكد أن دور مجلس التعاون لا يمكن تجاوزه في الاقتصاد العالمي، مبيناً أن حجم مبادلات دول المجلس التجارية مع العالم يصل الآن إلى تريليون دولار مقابل نحو 2612 مليار دولار عام 2000. وأن دول المجلس كسبت ثقة المستثمر الأجنبي باستثمارات بلغت 300 مليار دولار مقابل 30 مليار دولار عام 2000 بنسبة تفوق 827%، وبمعدل سنوي تجاوز 28%. فضلاً عن أن دول المجلس تعد أهم مصادر الطاقة في العالم بإنتاج يبلغ نحو 15 مليون برميل من النفط يومياً، وإحدى هذه الدول وهي المملكة ضمن أعضاء نادي الدول العشرين الأكبر اقتصاداً في العالم.
وأبرز رئيس مركز الخليج للأبحاث التحديات التي تواجه المنطقة مثل المحاولات الإيرانية للتدخل في الشؤون الداخلية لدول المجلس، وتلويحها باستخدام القوة العسكرية ضدها، وتحدي ملء الفراغ الأمني في المنطقة في حال غياب أو ضعف الدور الأميركي الموجود حالياً.
بعد ذلك بدأ المنتدى أعماله بعقد ثلاث جلسات، الأولى بعنوان دور دول مجلس التعاون الخليجي في المتغيرات الدولية، والثانية تحت عنوان ديناميكية الأمن الإقليمي، والثالثة عن تحولات القوى العالمية ودور القوى التقليدية.