الدمام: عايد الأسلمي

حلول.. بدمج تخطيط المدن ونشر الأشجار والعزل الحراري وطرق التبريد الطبيعية

يشكل الطلب المتزايد على الطاقة تحدياً مستمراً للبيئة التي تعاني من تزايد انبعاثات غاز CO2 (ثاني أكسيد الكربون)، ومع الطلب المتزايد على استهلاك الطاقة تواجه الحكومات تحدياً مستمراً حيث تسعى إلى توفير المزيد من محطات توليد الطاقة أو توسيع الموجود حالياً وهو ما سيزيد من انبعاث غاز ثاني أكسيد الكربون.
ويرى أحد الخبراء حلا لتجاوز أزمة استهلاك الطاقة الكهربائية في المملكة والخليج العربي بـالأبنية الخضراء وتطبيق مفهوم العمارة المستدامة..، مؤكداً أنه في حال عدم الأخذ بذلك ستواجه دول مجلس التعاون الخليجي الكثير من المصاعب.
استهلاك عال
نائب الرئيس للمجلس السعودي للأبنية الخضراء المهندس الاستشاري علي الناجم، قال في حديث إلى الوطن: إن الأرقام الضخمة في استهلاك الطاقة الكهربائية والتي من المتوقع أن تقفز حسب التقديرات الأولية إلى أرقام عالية على مستوى الخليج من 70 جيجاوات عام 2008 إلى 220 جيجاوات أو أكثر عام 2030، ستترتب عليها مصاريف تثقل ميزانيات دول المجلس التعاون الخليجي لمجابهة الطلب المرتفع على الطاقة الكهربائية وما سيرافق ذلك من قفزة في استهلاك للنفط في الداخل إلى حوالي الضعف في عقد من الزمن وما يترتب على ذلك من تأثيرات اقتصادية في الداخل وعلى المستوى الدولي.
مبادئ وحلول
وانطلاقاً من 5 مبادئ يرى فيها حلاً لتجاوز أزمة استهلاك الطاقة الكهربائية، قال الدكتور الناجم إن الحل الوحيد عموماً أمام المملكة ودول مجلس التعاون هو تطبيق مفاهيم العمارة المستدامة فوراً وإلا فستواجه دول المجلس الكثير من المصاعب. مشيراً إلى كتاب أصدره حديثاً حول هذا الموضوع بعنوان طرق التحكم الفعالة الاقتصادية في مصادر هدر الطاقة الكهربائية. متضمناً المبادئ الخمسة، وهي دمج تخطيط المدينة مع تصميم المبنى، وكثافة الظل بدل الانكشاف المباشر على أشعة الشمس، والتحول من الاقتصار على مواد العزل الحراري إلى طرق العزل الحراري، واستخدام طرق التبريد الطبيعية بدلاً من اقتراح التكييف الميكانيكي، وكذلك نشر الأشجار والخضرة والأسطح الخضراء.
مشيراً إلى دور المباني في هذه الأزمة حيث إن أحمال التكييف في المباني تتسبب في رفع الأحمال القصوى إلى الضعف، كل عام في دول المجلس، لافتاً إلى المبادئ الفعالة الاقتصادية للتحكم في هدر الطاقة الكهربائية ومستويات استهلاكها على مستوى المملكة ودول مجلس التعاون.
تعريف المباني الخضراء
وحول مفهوم الأبنية الخضراء، يعرفها الدكتور الناجم بقوله إن المباني الخضراء هي المباني الصديقة للبيئة من خلال جميع ممارسات البناء والتشييد المسؤولة بيئيا، التي تتوافر فيها كفاءة في استخدام الموارد، طيلة مدة دورة حياة المنشأة من تحديد الموقع، وتصميم البناء، والتشييد، والتشغيل والصيانة، إلى التفكيك والإزالة، ويضيف قائلاً: كما هو معروف فإن المباني الخضراء تسمى أيضاً بالمستدامة أو عالية الأداء، وهي ذات قيمة جمالية وهي ذلك النوع من المباني الذي يحقق المتطلبات الوظيفية والجمالية للمستفيد بأقل قدر ممكن من الضرر للبيئة الطبيعية ومن دون إسراف أو هدر للموارد الطبيعية المحدودة مع بيئة داخلية لا تعرض صحة وسلامة الإنسان البدنية والنفسية للخطر.
الأبنية الخضراء
ولأسباب كثيرة يرى الدكتور الناجم أن العمارة المستدامة والأبنية الخضراء أصبحتا أمراً ضرورياً وليس اختياريا بالنسبة للمملكة، ومن تلك الأسباب، هدر المياه الذي قدر بـ 100% والطلب على الطاقة الكهربائية الذي يتضاعف وسيصل في خلال عقدين إلى أرقام قياسية مخيفة تقدر بثلاثة أضعاف الاستهلاك الحالي، مما سيترتب عليه تكلفة ضخمة، وتضاعف الطلب على الوقود إلى الضعف وهذا له تأثيره الخطير على الاقتصاد المحلي والدولي ولا حل مهما ورئيسا في غير تصميم وتخطيط البيئة العمرانية ونشر مفهوم الأبنية الخضراء التي لها تأثيرها الكبير على خفض تلك الأرقام إلى النصف أو أكثر.
وأشار إلى التركيز على هذا الأمر في مشاركات المجلس السعودي للأبنية الخضراء في المؤتمرات والقمم العلمية لهذا العام، وتوضيح ضرورة تبني العمارة المستدامة والأبنية الخضراء كخيار استراتيجي للمملكة خاصة ولمنطقة الخليج العربي عامة، مؤكداً مشاركة هذه المفاهيم في صياغة الرؤى المستقبلية لدول مجلس التعاون الخليجي.
وقال الدكتور الناجم إن المجلس السعودي للأبنية الخضراء يشجع الأعضاء والمنتسبين والجمهور المشارك في فعاليات الأبنية الخضراء للاستفادة من تطوير الذات والتعارف لاكتساب المعرفة والتقنية اللازمة لممارسات البناء الأكثر كفاءة والحفاظ على البيئة العمرانية لصالح الإنسان والبيئة، مضيفاً أن المؤسسات الحكومية وغير الحكومية يمكنها رعاية نشاطات المؤتمرات والمعارض وورش العمل الخاصة بالأبنية الخضراء ويرحب المجلس بالمتطوعين للمشاركة في قراراته المستقبلية وفعالياته الدورية.
وأكد الناجم أن المجلس اعتمد في 20 يوليو الماضي خطة عمل أولية لثلاث سنوات 1433-1435 (2012-2014)، وتتضمن برامج ضخمة في التدريب والتوعية والتعريف والمشاركة في العديد من ورش العمل والفعاليات والمؤتمرات المحلية والدولية الخاصة بصناعة الأبنية الخضراء، على أن يبدأ المجلس تنفيذ نشاطاته مع مطلع العام الجديد.
ظهور الأبنية الخضراء
وعن ظهور الأبنية الخضراء قال الدكتور الناجم، في القرن الماضي تفاقم تدمير الإنسان للبيئة واستنزاف مواردها الطبيعية وكأنها لا تنضب أو مخزن لكل ما يحتاجه الإنسان من موارد ومصادر طاقة، ومستودع لكل ما يطرحه الإنسان من مخلفات وانبعاثات، حتى أمسى ذلك الإنسان في مواجهة مشكلات بيئية تنذر بتداعيات خطيرة على حياته وقدرته على مواصلة تطوره الحضاري والمادي، فبدأ العالم يعترف بالارتباط الوثيق بين التنمية الاقتصادية والبيئة، وقد تنبه المتخصصون إلى أن الأشكال التقليدية للتنمية الاقتصادية تنحصر في الاستغلال الجائر للموارد الطبيعية وفي نفس الوقت تتسبب في إحداث ضغط كبير على البيئة نتيجة لما تفرزه من ملوثات ومخلفات ضارة، ومن هنا ظهر مفهوم التنمية المستدامة (Sustainable Development) التي تُعرّف على أنها (تلبية احتياجات الأجيال الحالية دون الإضرار بقدرة الأجيال القادمة على تلبية احتياجاتها)، وتم حينها ملاحظة أن القطاعات العمرانية لها ارتباطها الوثيق الرئيس بالقضايا البيئية الملحة التي بدأت تهدد العالم وتم التنبه لها في السنوات القلائل الأخيرة، فهذه القطاعات من جهة تعتبر أحد المستهلكين الرئيسيين للموارد الطبيعية: الأرض والمواد والمياه والطاقة، ومن جهة أخرى فإن عمليات صناعة البناء والتشييد الكثيرة والمعقدة تنتج عنها كميات كبيرة من الضجيج والتلوث والمخلفات الصلبة، وهدر للطاقة والمياه كأبرز المشاكل البيئية الاقتصادية للمباني.
مشاركات ونشاطات
وحول أبرز مشاركات ونشاطات المجلس السعودي للأبنية الخضراء، أوضح الدكتور الناجم أن المجلس شارك في فعاليات المنتدى السعودي للأبنية الخضراء 2011 في الفترة من 15-17 أكتوبر الماضي، وقال قدمنا في تلك المشاركة عرضاً بعنوان (طرق التحكم الفعالة الاقتصادية في مصادر هدر الطاقة الكهربائية) تم فيه إيضاح دور المباني في هدر الطاقة الكهربائية سواء على مستوى المملكة أو على مستوى دول مجلس التعاون، وقد تناول المجلس هذا الموضوع من منطلق رسالته التوعوية بأهمية الأبنية الخضراء وخاصة للطاقة وحفظها، حيث نوقش في المنتدى 3 محاور مهمة هي: مستويات استهلاك الطاقة على مستوى المملكة ودول مجلس التعاون، ودور المباني في استنزاف وهدر الطاقة، وكذلك المبادئ الفعالة الاقتصادية للتحكم في هدر الطاقة الكهربائية.
مضيفاً أن المجلس شارك كذلك في المنتدى والمعرض الدولي للبيئة والتنمية المستدامة الخليجي الثاني المنعقد في جدة من 29-31 مايو الماضي، بورقة عمل بعنوان المباني الخضراء واستراتيجيات كفاءة استخدام الطاقة لدعم التنمية الحضرية المستدامة وقد رأس الجلسة الأمين العام للمنتدى السعودي للأبنية الخضراء المهندس الاستشاري فيصل الفضل، مبيناً أن الورقة حددت أهمية تبني مفاهيم الأبنية الخضراء واستراتيجيات الطاقة لمستقبل الطاقة عموماً والطاقة الكهربائية خصوصاً في المملكة وتأثير ذلك على دعم التنمية الحضرية المستدامة، وذلك باستعراض ضخامة الاستهلاك من الطاقة الكهربائية الذي سيتضاعف في العقدين القادمين وما يترتب على ذلك من نمو في الأحمال القصوى إلى حوالي 3 أضعاف تتطلب الاستثمارات الضخمة والطلب المرتفع المتوقع على النفط لتغطية الوقود اللازم للتشغيل وانعكاس ذلك على الاقتصاد الوطني والعالمي نتيجة التنمية الحضرية المتوقعة. ولهذا حددت الورقة استراتيجيات 3 هامة من الضروري اتباعها لطاقة ذات كفاءة عالية مستدامة تدعم التنمية الحضرية المستقبلية تعتمد على جعل العمارة بشكل عام والأبنية الخضراء بشكل خاص المحور الرئيسي لأي حل، وهي الاهتمام بعناصر التصميم وخاصة الاهتمام فيه ما أمكن بالتبريد الطبيعي، وتوظيف الطاقات المتجددة، واستخدام الأجهزة ذات الكفاءة العالية للطاقة.
كما شارك المجلس السعودي للأبنية الخضراء في القمة القطرية للبناء والتشييد 2011 التي عقدت في العاصمة القطرية الدوحة في الفترة من 25 إلى 28 سبتمبر الماضي، كمتحدث في 3 جلسات، الأولى عبارة عن محاضرة بعنوان ضرورة دمج مبادئ حفظ الطاقة في عملية التصميم المعماري لمستقبل عمراني خليجي مستدام. والثانية حلقة نقاش مع رئيس مجلس إدارة الأبنية الخضراء الأردنية تحت عنوان مناقشة التحديات أمام تحقيق مبادئ الاستدامة في الإنشاءات والبنية التحتية للوصول إلى مشاريع مستدامة في المنطقة. والثالثة حلقة نقاش مع البروفسور نشوان داود، مدير مركز الإبداع في البناء والأبحاث، جامعة تيسايد في المملكة المتحدة، تحت عنوان مناقشة سر النجاح المتميز لاستمرارية بعض المشاريع، مع التركيز على دور مفاهيم الأبنية الخضراء في المستقبل في هذه الاستمرارية والتميز والنجاح لمشاريع المستقبل في المنطقة.
وأضاف الدكتور الناجم أنه في جميع المشاركات جرى التأكيد على أن العمارة المستدامة لم تعد أمراً اختيارياً لبرامج التنمية في الخليج العربي بل أمر ضروري لا بد منه، وأن هذه المشاركات تنبع من رسالة المجلس المتمثلة في نشر الوعي البيئي ودعم الفهم والتوظيف الجيد لممارسات الأبنية الخضراء في المملكة، التي تنبثق من رؤية المجلس التي تعتمد على تغيير طريقة تصميم وإنشاء وتشغيل وإزالة الأبنية بالمملكة بحيث تتحول من مبان تقليدية إلى مبان مستدامة وصديقة للبيئة وعالية الكفاءة. مشيراً إلى أن من أهم أهداف المجلس نشر الوعي بأهمية العمارة المستدامة والمحافظة على المصادر والموارد الطبيعية في المملكة ودعم ممارستها في قطاعات الإنشاءات المختلفة لترشيد الاستهلاك وتقليل التأثير السلبي على البيئة من خلال إصدار الدوريات والمطبوعات ودعم المواقع المهنية على الشبكة العنكبوتية وتطوير آلية التعاون المشترك بين دول الخليج لتكريس مفهوم الأبنية الخضراء والمحافظة على البيئة.

المجلس السعودي للأبنية الخضراء:
هو شعبة سعودية علمية غير ربحية أسست بقرار رقم 31-6031 بتاريخ 14-5-1431 من الجمعية السعودية للعلوم الزراعية بمبادرة من مجموعة من المحترفين والأكاديمين في مجال العلوم وهندسة البناء والمعرفة.
- حصل على الاعتماد الحصري من المجلس العالمي للأبنية الخضراء في المملكة عام 2009م.
- يهدف إلى خلق الوعي الإنساني والحفاظ على الموروث العمراني والبيئي ودعم المعرفه والإبداع والابتكار والتوظيف الأمثل لممارسات البناء ذات الكفاءة العالية والحد من الأثر البيئي في المملكة.
- في 5 يونيو 2011م وفي جامعة الملك سعود وفي مقر الجمعية الزراعية جرى انتخاب مجلس الإدارة الذي يتكون من سبعة أعضاء هم: عبد الإله بن عبدالله المهنا، والدكتور علي بن عثمان الناجم، والمهندس فيصل الفضل، والدكتور عبدالعزيز بن عبدالرحمن الشريمي، والمهندس خالد بن إبراهيم الشامخ، والمهندس محمد بن صقر الغامدي، والمهندس ممدوح مدحت طاشكندي.
- في 25 يونيو 2011 انتخب مجلس الإدارة، المهندس عبدالإله المهنا – رئيساً للمجلس، والمهندس علي الناجم نائباً للرئيس والمهندس خالد الشامخ أمينا للصندوق إضافة إلى الأعضاء الدكتور عبدالعزيز الشريمي والمهندس محمد الغامدي والمهندس ممدوح طاشكندي.
•الرسالة:
- نشر الوعي البيئي ودعم الفهم والتوظيف الجيد لممارسات الأبنية الخضراء في المملكة، والتي تنبثق من رؤية المجلس التي تعتمد على تغيير طريقة تصميم وإنشاء وتشغيل وإزالة الأبنية بالمملكة بحيث تتحول من مبان تقليدية إلى مبان مستدامة وصديقة للبيئة وذات كفاءة عالية.
• الأهداف:
- نشر الوعي بأهمية الأبنية الخضراء والاستدامة في المملكة وتشجيع الاستفادة من معاييرها الهندسية والعلمية وممارستها في قطاعات الإنشاءات المختلفة.
- الإعداد والمشاركة في التدريب والتعليم المستمر المهني والتقني ونشر ثقافة الأبنية الخضراء ورفع مستوى الكفاءات العاملة السعودية القادرة على تطبيق معايير الأبنية الخضراء في جميع القطاعات الاستشاراية والخدماتية والمقاولات والمنتجات الخاصة بمواد ومعدات البناء.
- إقامة ودعم الجهات المحلية والدولية لتنظيم المعارض والمؤتمرات وورش العمل وكافة النشاطات التي تدعم صناعة الأبنية الخضراء والاستدامة في المملكة والخليج العربي.
- إصدار الدوريات والمطبوعات والمواقع التقنية على الشبكة العنكبوتية لنشر التوعية بأهمية الأبنيه الخضراء والاستدامة بهدف تقليل التأثير السلبي للمباني على البيئة والإنسان.