منذ انقطاع الرسالات السماوية بعد وفاة خاتم الأنبياء وسيد المرسلين محمد بن عبدالله (صلى الله عليه وسلم)
منذ انقطاع الرسالات السماوية بعد وفاة خاتم الأنبياء وسيد المرسلين محمد بن عبدالله (صلى الله عليه وسلم)، والرسالة المحمدية هي الأحدث والأكثر حضورا في الحوار الثقافي بين شعوب الأرض، فالجميع يوقن بأن الوحي الإلهي خاص بالأنبياء والمرسلين، ولا يمكن أن يكون لأحد غيرهم، ومن هذا المنطلق كان وما زال ما يروى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم والأنبياء الذين سبقوه، هو المادة الأساسية لتنظيم علاقة البشر بخالقهم، وعليهم لتعزيز هذه العلاقة البحث وإعمال العقل في مخلوقات الله وقدرته. وبالطبع لن يتأتى ذلك إلا من خلال العلم بشقيه النظري والتطبيقي الذي يتمثل في العلوم الطبيعية، التي تثبت الاكتشافات اليومية فيها قدرة الخالق سبحانه ومدى التحدي الذي يواجه العقل البشري القاصر مهما وصل له من إبداع، أمام القدرة الإلهية التي أثبتها سبحانه وتعالى في قوله: (وما أوتيتم من العلم إلا قليلا). وقد تجلى ذلك في الذهول الذي أصاب أبرز علماء الفيزياء في العالم الذين أعلنوا نهاية الأسبوع المنصرم عن اكتشاف جسيم لا يمكن رؤيته بأي حال من الأحوال لكن تأثيره القوي على المادة اتضح أثناء دراسة خصصت للبحث في حقيقة وجود هذا الجسيم الذي تنبأ بوجوده عالم الفيزياء الأسكتلندي بيتر هيغز، وذلك عبر مصادم الهادرونات الكبير الذي هو أضخم مُعجِّل جسيمات وأعلاها طاقة وسرعة في العالم.
أما مصدر الذهول فكان بسبب اكتشاف هؤلاء العلماء لأحد أكثر أسرار الكون إثارة وإعجازا للعقل، حيث تأكدوا من أن وراء وجود هذا الجسيم قدرة عجيبة لا يمكن إدراكها بالعقل البشري، وبالتأكيد أنها قدرة الخالق سبحانه وتعالى.
العجيب أنه في الوقت الذي كان علماء بعضهم (لا ديني) يعلنون تلك الحقائق العلمية المذهلة، وفي الوقت الذي يصرون فيه على معرفة المزيد حول دور هذا الجسيم في النظرية الكونية التي تسمى الانفجار العظيم والتي في النهاية تؤكد عظمة الله الخالق، نشهد بيننا من يسعى إلى تكذيبهم ليس بناء على دليل من كتاب الله أو الصحيح من سنة رسوله، بل بناء على مقولات قرأها لعلماء مجتهدين على مر التاريخ الإسلامي، لم تكن عدتهم إلا النقل الشفهي الذي قد يعتريه الزلل وربما الهوى الشخصي. فبدلا من المشاركة الفاعلة في إثبات عظمة القرآن الكريم وأنه منزل من رب العالمين، من خلال البحث العلمي التطبيقي المحايد، نجد أننا ما زلنا نتصارع حول مقولة فلان ورد علان عليه في القرون الإسلامية المتعاقبة، في قضايا طائفية وفئوية ضيقة، تزيد المعادين للإسلام قوة ومنعة وتكون أحد أدلتهم على ضعف حجة المسلم.
إذن ففي اعتقادي أن هذه الاكتشافات العلمية المحيرة للعقول هي البراهين العصرية التي يحتاجها الدعاة الذين هم ورثة الأنبياء في التبليغ عن الله.. ولكن كم في أمة الإسلام من عالم مبلغ؟