التصريحات التي تأتي من شركة بحجم وأهمية 'أرامكو' السعودية ما هي إلا مشاركة الرأي العام في آخر المستجدات بأمور الشركة، ووضع النقاط على الحروف لفك الالتباس في بعض الأمور غير الواضحة
في كل مرة أقرأ أو أشاهد خبراً صحفياً أو لقاء تلفزيونياً للمهندس خالد الفالح بصفته الرئيس التنفيذي لأكبر شركة إنتاج نفط في العالم أعرف أن هناك ما هو جدير بالاهتمام والمتابعة، ورؤيتي هذه نابعة من معرفتي بأرامكو السعودية.. ذلك الكيان المتكامل في الصناعة والمشاريع العملاقة التي تبنت عدة قيم مشتركة تعتبر الأساس لإدارتها ومنها الشفافية والصدق.
ومن الملاحظ أن أخبار هذه الشركة تخلو تماماً من الفرقعات الإعلامية أو المباهاة المحلية أو الدولية كونها شركة صنعت لها تاريخاً حضارياً ضارباً في عمق الوطن من مراحل تأسيسه وحتى يومنا هذا من تطوير واستثمار في البنى التحتية وتعليم قادة الغد من الشباب والشابات السعوديين في جميع المراحل والمناطق.
وعودة إلى فكرة المقال فقد شاهدت وقرأت باهتمام بالغ مقابلة قناة العربية مع المهندس خالد الفالح منذ ما يزيد عن العام عن خطط الشركة للأعوام الخمسة القادمة، من مشاريع عملاقة ذات ميزانية قوية جداً قوامها مليارات الدولارات أكثرها من التمويل العالمي. ومن الجميل بمكان أن نرى ونسمع مثل هذه المشاريع الجبارة ذات التخطيط المتقن المبني على واقعية السوق من عرض وطلب، والأجمل هو الكم الهائل من الموارد البشرية المحلية التي سوف تكون نتاجا رئيسيا لهذه المشاريع العملاقة التي سوف تصب في مصلحة الوطن وترسيخ مبدأ ومقولة أن العنصر البشري هو أهم وأبقى استثمار.
وعودة إلى الصراحة والشفافية، فإن ما صرح به المهندس الفالح لعدد من الصحف ووسائل الإعلام عقب تدشين مهرجان (برنامج أرامكو الثقافي) الذي جاء فيه: إن محجوزات أرامكو من الأراضي يأتي بسبب أهميتها لإنتاج النفط السعودي، موضحا أن (أرامكو) لا تحجز الأراضي بغرض المتاجرة، ولكنها تأتي من مبدأ السلامة، فخطوط وآبار النفط فيها مواد قابلة للاشتعال ومواد خطرة جدا منها غاز كبريتات الهيدروجين الموجود في الأنابيب تحت كل المحجوزات.. مضيفا لا يمكن أن نضحي بالاحتياطي من النفط والغاز تحت حقل الدمام الممتد إلى الظهران والخبر وحقل القطيف (من سيهات إلى شمال الجعيمة) وفيه احتياطيات مهمة للأجيال القادمة، من الممكن أن تضيع إذا لم تستطع الشركة حمايتها للأجيال القادمة، إلى جانب حقل الجبيل بري، واستغلال هذه الاحتياطيات مسؤولية الشركة والحكومة، مبينا أنه في حال تخلت أرامكو عن محجوزاتها من الأراضي للجهات الحكومية أو الأفراد سيضطرنا ذلك إلى التخلص من هذه الاحتياطات المهمة من النفط والغاز التي هي أساسا ثروة وطنية للأجيال القادمة.
إنها إجابة واضحة ورد صريح من أكبر مسؤول في الشركة لإيضاح السبب الجوهري في عدم تفريغ الأراضي المحجوزة، كونها هي الاستثمار الأنقى للأجيال القادمة والمستودع لطاقة العالم المستقبلية، وأعاد تأكيد مبدأ الصراحة والشفافية حينما أقر بوجود تأخير في الإعلان عن تدشين مركز الملك عبدالعزيز الثقافي للإثراء المعرفي، حيث ورد في الخبر التالي حين قال: وأقر بوجود تأخر في الإعلان عن تدشين مركز الملك عبدالعزيز الثقافي للإثراء العلمي وسوف يعلن عنه قريبا.
إنه ومما لا شك فيه أن المهندس الفالح وكافة منسوبي الشركة يولون مواضيع الصدق والصراحة أهمية بالغة، كونها إحدى أهم الركائز الأساسية لسياسة إدارة الشركة العملاقة، ومفتاح نجاحها مع الموظفين والعملاء والشركاء الخارجيين، وهذه التصريحات التي تأتي من شركة بحجم وأهمية أرامكو السعودية ما هي إلا مشاركة الرأي العام بآخر المستجدات في أمور الشركة ووضع النقاط على الحروف لفك الالتباس في بعض الأمور غير الواضحة للعيان.
لقد كانت, وما زالت, شركة أرامكو السعودية معيناً لا ينضب من الكفاءات الوطنية التي حازت على ثقة ولاة الأمر والشعب بكافة أطيافه، بالنظر في الكم المنجز من المشاريع الجبارة والإيفاء بالتزاماتها بتوفير الطاقة اللازمة لتسريع عملية نمو المملكة الاقتصادية والاجتماعية. ومما لا شك فيه أنها مؤتمنة على الإيفاء بنفس الالتزامات للأجيال القادمة ومنها المحافظة على موجودات النفط والغاز لهم.
تصريح المهندس خالد الفالح, وإن لم يعجب البعض, لهو ترجمة واضحة وصادقة لهدف الشركة بالمحافظة على ثروة الأجيال القادمة، ولنا أن نتعلم شيئا جديدا من المهندس خالد الفالح بأسلوبه الهادئ والواثق، نتعلم درساً في كيفية اللقاءات والتصريحات الصحفية التي تتبنى الصراحة والشفافية والمعلومة الصادقة الواضحة بدون أساليب الاستعراض أو الدعاية.