عالم الكيمياء الشهير جابر بن حيان، شخصية مبهمة يلفها الغموض. يذكر اسمه دائما مرتبطا بالكيمياء والمنهج التجريبي. مؤلفاته وتجاربه الكيميائية (إن وجدت) أصبحت اليوم بمثابة مقدمات وبدايات تأسيسية لعلم الكيمياء الحديث. وفي مقالتنا اليوم نرغب بمناقشة شخصية جابر بن حيان وطبيعة نشاطه العلمي وعلاقته بعلم الكيمياء الحديث دون عاطفة أو تحيزات ثقافية. جابر بن حيان شخصية حازت مكانة علمية في الحقبة الذهبية للحضارة الإسلامية، فهو رائد المنهج التجريبي وأبو الكيمياء وأحد العبقريات المعدودة في تاريخ العلم عند العرب والمسلمين. وكل إشادة تتلقاها شخصية ذات اسم عربي وعاشت في مجتمع إسلامي قديم تمثل لنا عزاءً ومصدرًا للفخر والاعتزاز.
دعونا نعترف أن المستشرقين مسؤولون إلى حد كبير عن تكوين صور نمطية غير حقيقية لشخصيات عربية كثيرة لا نستثني منها جابر بن حيان. ولطالما نظر الباحثون الغربيون إلى التراث الإسلامي على أنه يضم فئات اجتماعية تنتمي إليهم ثقافيًا ودينيًا، فئات دخلت نسيج المجتمع العربي بعد الفتوحات الإسلامية وظلت تتمسك بموروثاتها وعقائدها الدينية، ولعل جابر بن حيان يقع ضمن دائرة الأفراد الذين يحملون معتقدات دينية ذات أصل يوناني قديم، وظلت تهيمن على وجدانهم حتى بعد دخولهم المجتمع الجديد.
اشتهر ابن حيان باهتمامه بعلم الكيمياء القديم أو ما يسمى بالخيمياء التي ترمز للعلم المعني بتحويل المعادن الخسيسة إلى ذهب، وهذا النوع من العلوم يعامل وكأنه علمي دنيوي يتحقق عن طريق تجارب مخبرية تخضع للملاحظة المستقلة والتجربة المباشرة وتستعمل لغة علمية واضحة، ولكن الحقيقة تقول عكس ذلك. في البداية لا يمكننا التعرف على كيمياء ابن حيان دون التوقف عند شخصية وتعاليم هرمس نبي الكيمياء القديمة وأحد الشخصيات المقدسة في التراث اليوناني. فالخيمياء أو الكيمياء القديمة يعود أصلها للنصوص الهرمسية، ومصطلح «هرمسية» يرمز دائما لكل علم غامض وخفي ويرادف مفهوم «باطنية» في اللغة العربية.
نصوص هرمس خلاصة تجارب روحية ونفسية ومجموعة من الألغاز غير المفهومة لشخصيات غامضة وكائنات غريبة ليس لها علاقة بالكيمياء كما نعرفها اليوم، وليست حتى امتدادا لها وإن كانت تتعامل مع عناصر كيميائية معروفة كالنحاس والذهب والفضة، وتهدف من حيث الظاهر إلى استخلاص الذهب من المعادن الرخيصة، وهنا شاع الاعتقاد الخاطئ أن تحويل المعادن الرخيصة إلى ذهب يجري عن طريق تجارب تشبه التجارب الكيميائية في المختبرات الحديثة. فعملية تحويل المعدن الرخيص إلى ذهب لم تكن في غالب الظن سوى عملية رمزية ومجموعة من الرموز المبهمة والأساطير، ولا ينبغي أن تؤخذ بمدلولها الحرفي، أي تحويل المعدن إلى ذهب من خلال تجربة عملية وسط ظروف كيميائية. حالة الذهب تشبه حالة النور والإشراق والتنوير، وهي كلها مفاهيم باطنية صوفية، وحجر الفلاسفة وإكسير الحياة، كلها رموز لأشياء تستخلص من خلال الممارسات والطقوس الدينية، وليس من خلال التجارب المخبرية.
لا تتعامل نصوص هرمس مع كيمياء علمية وعملية بقدر ما هي بحث عن قوى خفية يعتقد أنها تسير الكون، وبالتالي فهي تهدف للكشف عن تلك القوى الفاعلة في الكون، وكل المعادن في الطبيعة تسعى للكمال وتتحول إلى ذهب بشكل تطوري طويل المدى، وهذه العمليات التحويلية للحصول على الذهب وإكسير الحياة وحجر الفلاسفة ترمز لعودة الإنسان إلى أصله الإلهي وتحرره من الشهوات والشرور، ولذلك هي عبارة عن طقوس وأساطير دينية وليست كيمياء أو شبيهة بالكيمياء كما نعرفها اليوم.
دعونا نعترف أن المستشرقين مسؤولون إلى حد كبير عن تكوين صور نمطية غير حقيقية لشخصيات عربية كثيرة لا نستثني منها جابر بن حيان. ولطالما نظر الباحثون الغربيون إلى التراث الإسلامي على أنه يضم فئات اجتماعية تنتمي إليهم ثقافيًا ودينيًا، فئات دخلت نسيج المجتمع العربي بعد الفتوحات الإسلامية وظلت تتمسك بموروثاتها وعقائدها الدينية، ولعل جابر بن حيان يقع ضمن دائرة الأفراد الذين يحملون معتقدات دينية ذات أصل يوناني قديم، وظلت تهيمن على وجدانهم حتى بعد دخولهم المجتمع الجديد.
اشتهر ابن حيان باهتمامه بعلم الكيمياء القديم أو ما يسمى بالخيمياء التي ترمز للعلم المعني بتحويل المعادن الخسيسة إلى ذهب، وهذا النوع من العلوم يعامل وكأنه علمي دنيوي يتحقق عن طريق تجارب مخبرية تخضع للملاحظة المستقلة والتجربة المباشرة وتستعمل لغة علمية واضحة، ولكن الحقيقة تقول عكس ذلك. في البداية لا يمكننا التعرف على كيمياء ابن حيان دون التوقف عند شخصية وتعاليم هرمس نبي الكيمياء القديمة وأحد الشخصيات المقدسة في التراث اليوناني. فالخيمياء أو الكيمياء القديمة يعود أصلها للنصوص الهرمسية، ومصطلح «هرمسية» يرمز دائما لكل علم غامض وخفي ويرادف مفهوم «باطنية» في اللغة العربية.
نصوص هرمس خلاصة تجارب روحية ونفسية ومجموعة من الألغاز غير المفهومة لشخصيات غامضة وكائنات غريبة ليس لها علاقة بالكيمياء كما نعرفها اليوم، وليست حتى امتدادا لها وإن كانت تتعامل مع عناصر كيميائية معروفة كالنحاس والذهب والفضة، وتهدف من حيث الظاهر إلى استخلاص الذهب من المعادن الرخيصة، وهنا شاع الاعتقاد الخاطئ أن تحويل المعادن الرخيصة إلى ذهب يجري عن طريق تجارب تشبه التجارب الكيميائية في المختبرات الحديثة. فعملية تحويل المعدن الرخيص إلى ذهب لم تكن في غالب الظن سوى عملية رمزية ومجموعة من الرموز المبهمة والأساطير، ولا ينبغي أن تؤخذ بمدلولها الحرفي، أي تحويل المعدن إلى ذهب من خلال تجربة عملية وسط ظروف كيميائية. حالة الذهب تشبه حالة النور والإشراق والتنوير، وهي كلها مفاهيم باطنية صوفية، وحجر الفلاسفة وإكسير الحياة، كلها رموز لأشياء تستخلص من خلال الممارسات والطقوس الدينية، وليس من خلال التجارب المخبرية.
لا تتعامل نصوص هرمس مع كيمياء علمية وعملية بقدر ما هي بحث عن قوى خفية يعتقد أنها تسير الكون، وبالتالي فهي تهدف للكشف عن تلك القوى الفاعلة في الكون، وكل المعادن في الطبيعة تسعى للكمال وتتحول إلى ذهب بشكل تطوري طويل المدى، وهذه العمليات التحويلية للحصول على الذهب وإكسير الحياة وحجر الفلاسفة ترمز لعودة الإنسان إلى أصله الإلهي وتحرره من الشهوات والشرور، ولذلك هي عبارة عن طقوس وأساطير دينية وليست كيمياء أو شبيهة بالكيمياء كما نعرفها اليوم.