ربما كان التحرك السوري الأخير أسرع التحركات نجاحاً كي تسقط به دولة وتقوم أخرى قومة يظهر منها أنها طيبة رصينة، ورغم كثرة الكلام على تاريخ قائدها من قاعدي إلى داعشي إلى نُصْرَوِي، فإنه هو من جمع كلمتها وأطاعته جميع مكوناتها، ورغم كوني لا أنكر تاريخه فإنني لا أستبعد أن يهديه الله ويُتِم الله النصرَ على يديه وعلى من معه، فقد ظُلِم الشعب السوري طويلاً جداً، وغُيِّب عن العقل طويلاً جداً كذلك، وهُجر طويلاً وشُتِتَ طويلاً، فالله رؤوف رحيم قد ينصره رغم كل موانع النصر التي نعرفها من قوة خصومه وغلبتهم ووقوف كثير من دول العالم مع مخالفيه ضده؛ هذه أمور لا يقول بها كثير ممن يقرؤون ما يقال اليوم من تخيلات كوقوع سوريا في حرب أهلية وانصباب العدو الإسرائيلي عليها، وكأصول أحمد الشرع رغم ما عُرِف عن أسرته وأبيه وأمه، وكذلك قولهم إنه تكفيري حتى الآن... إلى غير ذلك من عثرات موجودة يكشفونها أو متوهمة يحاولون إبداءها.
ولو كان جميع ما قالوه صحيحاً فرضاً، وكون ما يقوم به جهازه العسكري اليوم خلاف معتقده، فما الذي يمنع من قبول هذه الثورة ما دام العمل كما يقول بيان وزارة الخارجية السعودية على دعم السلم والاستقرار وأمن الشعب السوري واطمئنانه؟
فما بالك وأن الأمر ليس كما يقول هؤلاء وأن القائمين على قيادة الثورة مستقيمون فكرياً، ليسوا تكفيريين، كما أنهم في الوقت نفسه ليسوا جبريين وليسوا مرجئة، بل هم سلفيون على النهج السلفي الصحيح، هذا ما بدا منهم حتى الآن، والدولة التي استوت على أيديهم سماتها حتى الآن كذلك.
وقد يبدر في بعض المشاهدات الإلكترونية عن بعض أتباعهم غيرُ ذلك، فهذه إما تكون مُصَرَّفَة تصريفاً إلكترونياً حتى تجيء على وجهها الخطأ، وإما أن نقول عنها إنها من الأتباع وليست من القادة، أما القادة فلا نقول عنهم إلا إنه لم يأتنا عنهم بأس حتى الآن.
ولكننا نشاهد اليوم من المشايخ غير السلفيين في سوريا، وأعني بهم الصوفيين، من الأشاعرة والماتريديين ومن غيرهم، من بدأ يؤجج أتباعه ضد هذه الدولة الجديدة فبعضهم يقول إنها دولة تكفيرية لا يذرون عملاً يصفونه بوصف دون تكفير صاحبه، وهذا القول ينبغي أن يبدؤوا بأنفسهم كي ينفوه عنهم قبل أن يثبتوه على غيرهم، فقد نقلنا في كتابات لنا ولغيرنا نقولاً عنهم يشيب لها الولدان من فرط ما فيها من تكفير، ونحن نعلم أن مراد أهل العلم بها منهم، ليس الإخراج من الملة؛ وإنما بيان الأمور التي ينبغي أن يحرص المسلم على اتباعها والالتزام بها كي يبقى على الإسلام، وإلا فلا نعلم حادثة كَفَّر بها المسلمون أحداً إلا من ارتد طوع نفسه ثُمَّ حُبِس حتى يعود فلم يعد؛ فهم أولى بمراجعة أنفسهم بدلاً من الإغارة على السلفيين الذين لم يرو منهم إلا خيراً، وها هم حكام هذه الدولة السعودية وعلماؤها من السلفيين، ولم يقع منهم هذا التكفير طيلة ثلاثمئة عام، فيما هم لا يُجيز بعض علمائهم زواجَ الشافعيِ بالحنفيةِ ولا الحنفيِ بالشافعيةِ عصبيةً وتقليداً.
فمن هنا أقول لا حاجة إلى هذا التأجيج وليقفوا سوياً مع المحررين في وجه التكفيريين الحقيقيين إن وُجِدُوا كالدواعش الذين لا نزال نسمع ببقايا وجودهم، ولا أستبعد أن يكونوا تحت يد طرف من أطرف الاستخبارات العالمية يحركه متى شاء، وسوف تنسبهم آلته الإعلامية إلى السلفية كما نسبتهم سابقاً؛ وحقيقة الأمر أنهم بعيدون عن المنهج الصحيح للسلفية، ووجود مشتركات في التوحيد وفي المصادر إنما أدت سابقاً إلى وجود قليل من صغار السن من أهل العلم ممن يتبنون قولهم، ووجود من يتبنى قولهم ممن رُزِق شيئاً من علم الحديث أو الفقه لا يدل سوى على التغرير بهذا الشيخ وسُرْعَة انخداعه، أما العلماء الذين كَبُرَت أعمارهم وثقلت تجربتهم وكَثُر عددهم وساروا على منهج من عُرِفَ بالسلفية، ولم يُعْرف من عملهم سوى انتشار السلفية وليس اتخاذها وسيلة للقتل، فهؤلاء هم السلفيون الحقيقيون الذين يُنْسَبُون إلى السلفية وتنسب السلفية إليهم.
وهذا الأمر لا يستدعي من هذا الشيخ هذا الاستوفاز، لأن الحكومة السورية لم تُقَدِّم نفسها إلى أهل سوريا وإلى العالم بأسره، بصفتها سلفية، بل قدمت نفسها بصفتها إسلامية وأنها سوف تأخذ بالنهج الديمقراطي، أي إن من يُريده الناس هو من سيكون، فإذا أراد الناس في المناصب رجلاً لا يصلي ولا يصوم فمن الذي سوف يمنعهم من ذلك، وإن أرادوا رجلاً يقيم الحضرات المبتدعات ويصلي على الرسول رقصاً فهو كذلك، وإن أرادوا إنساناً يصلي كما أمر رسول الله ويمارس عمله بإتقان كما كان رسول الله ولا يشغل وقته بأي بدعة تكون، فهو الذي تريده القيادة الحالية وبيد المجتمع اختياره لا بيد غيره.
وقد ذكر هذا المتحدث الصوفي أن حكومة الثورة مرغمة على ترك فرصة اختيار القادة للمجتمع؛ وكلامه هذا يؤكد على أنه ليس له هذا الاستوفاز إذ لا يصدر في مثل هذا الوقت عن رجل داع إلى السلم وآخذ الأمورَ بهدوء وروية؛ وإنما من رجل يغلي قلبه غَلْيَ المرجل عافانا الله وإياكم؛ وإلا فإن كان مسروراً بهذا الفتح وهذه الجماعة وهذه الوحدة فأول ما يبدؤون به هو شكر الله تعالى ثم المحررين الذين بذلوا أنفسهم في سبيل هذا النصر قبل أن يتحدث عن المناصب ومن الذي يحظى بها.
ثم في نهاية حديثي أحب أن أُشير إلى مسألة هي في تقديري مهمة عند أحمد الشرع، وهي ألا يتحدث عن فكره الشخصي مقارناً إياه بما توصلت إليه بعض الدول العربية الأخرى كالسعودية؛ وقد نُقِل عنه كلام كذلك قبل انتهاء النصر ويُعاد على وسائل التواصل الآن، وذلك لأن وجهة النظر السعودية الآن أكثر دقة ونُضجاً مما ذكره، ولن أطيل في بيانها، ولستُ في حاجة إلى ذلك؛ لكن طرحه لرأيه كان يدل على أننا نستمع لرجل مفكر ومجرب، ومقارنتها بالوجهة السعودية كانت تعطينا خلاف هذا الرأي، فكان الأنسب الاقتصار على الأول.
ولو كان جميع ما قالوه صحيحاً فرضاً، وكون ما يقوم به جهازه العسكري اليوم خلاف معتقده، فما الذي يمنع من قبول هذه الثورة ما دام العمل كما يقول بيان وزارة الخارجية السعودية على دعم السلم والاستقرار وأمن الشعب السوري واطمئنانه؟
فما بالك وأن الأمر ليس كما يقول هؤلاء وأن القائمين على قيادة الثورة مستقيمون فكرياً، ليسوا تكفيريين، كما أنهم في الوقت نفسه ليسوا جبريين وليسوا مرجئة، بل هم سلفيون على النهج السلفي الصحيح، هذا ما بدا منهم حتى الآن، والدولة التي استوت على أيديهم سماتها حتى الآن كذلك.
وقد يبدر في بعض المشاهدات الإلكترونية عن بعض أتباعهم غيرُ ذلك، فهذه إما تكون مُصَرَّفَة تصريفاً إلكترونياً حتى تجيء على وجهها الخطأ، وإما أن نقول عنها إنها من الأتباع وليست من القادة، أما القادة فلا نقول عنهم إلا إنه لم يأتنا عنهم بأس حتى الآن.
ولكننا نشاهد اليوم من المشايخ غير السلفيين في سوريا، وأعني بهم الصوفيين، من الأشاعرة والماتريديين ومن غيرهم، من بدأ يؤجج أتباعه ضد هذه الدولة الجديدة فبعضهم يقول إنها دولة تكفيرية لا يذرون عملاً يصفونه بوصف دون تكفير صاحبه، وهذا القول ينبغي أن يبدؤوا بأنفسهم كي ينفوه عنهم قبل أن يثبتوه على غيرهم، فقد نقلنا في كتابات لنا ولغيرنا نقولاً عنهم يشيب لها الولدان من فرط ما فيها من تكفير، ونحن نعلم أن مراد أهل العلم بها منهم، ليس الإخراج من الملة؛ وإنما بيان الأمور التي ينبغي أن يحرص المسلم على اتباعها والالتزام بها كي يبقى على الإسلام، وإلا فلا نعلم حادثة كَفَّر بها المسلمون أحداً إلا من ارتد طوع نفسه ثُمَّ حُبِس حتى يعود فلم يعد؛ فهم أولى بمراجعة أنفسهم بدلاً من الإغارة على السلفيين الذين لم يرو منهم إلا خيراً، وها هم حكام هذه الدولة السعودية وعلماؤها من السلفيين، ولم يقع منهم هذا التكفير طيلة ثلاثمئة عام، فيما هم لا يُجيز بعض علمائهم زواجَ الشافعيِ بالحنفيةِ ولا الحنفيِ بالشافعيةِ عصبيةً وتقليداً.
فمن هنا أقول لا حاجة إلى هذا التأجيج وليقفوا سوياً مع المحررين في وجه التكفيريين الحقيقيين إن وُجِدُوا كالدواعش الذين لا نزال نسمع ببقايا وجودهم، ولا أستبعد أن يكونوا تحت يد طرف من أطرف الاستخبارات العالمية يحركه متى شاء، وسوف تنسبهم آلته الإعلامية إلى السلفية كما نسبتهم سابقاً؛ وحقيقة الأمر أنهم بعيدون عن المنهج الصحيح للسلفية، ووجود مشتركات في التوحيد وفي المصادر إنما أدت سابقاً إلى وجود قليل من صغار السن من أهل العلم ممن يتبنون قولهم، ووجود من يتبنى قولهم ممن رُزِق شيئاً من علم الحديث أو الفقه لا يدل سوى على التغرير بهذا الشيخ وسُرْعَة انخداعه، أما العلماء الذين كَبُرَت أعمارهم وثقلت تجربتهم وكَثُر عددهم وساروا على منهج من عُرِفَ بالسلفية، ولم يُعْرف من عملهم سوى انتشار السلفية وليس اتخاذها وسيلة للقتل، فهؤلاء هم السلفيون الحقيقيون الذين يُنْسَبُون إلى السلفية وتنسب السلفية إليهم.
وهذا الأمر لا يستدعي من هذا الشيخ هذا الاستوفاز، لأن الحكومة السورية لم تُقَدِّم نفسها إلى أهل سوريا وإلى العالم بأسره، بصفتها سلفية، بل قدمت نفسها بصفتها إسلامية وأنها سوف تأخذ بالنهج الديمقراطي، أي إن من يُريده الناس هو من سيكون، فإذا أراد الناس في المناصب رجلاً لا يصلي ولا يصوم فمن الذي سوف يمنعهم من ذلك، وإن أرادوا رجلاً يقيم الحضرات المبتدعات ويصلي على الرسول رقصاً فهو كذلك، وإن أرادوا إنساناً يصلي كما أمر رسول الله ويمارس عمله بإتقان كما كان رسول الله ولا يشغل وقته بأي بدعة تكون، فهو الذي تريده القيادة الحالية وبيد المجتمع اختياره لا بيد غيره.
وقد ذكر هذا المتحدث الصوفي أن حكومة الثورة مرغمة على ترك فرصة اختيار القادة للمجتمع؛ وكلامه هذا يؤكد على أنه ليس له هذا الاستوفاز إذ لا يصدر في مثل هذا الوقت عن رجل داع إلى السلم وآخذ الأمورَ بهدوء وروية؛ وإنما من رجل يغلي قلبه غَلْيَ المرجل عافانا الله وإياكم؛ وإلا فإن كان مسروراً بهذا الفتح وهذه الجماعة وهذه الوحدة فأول ما يبدؤون به هو شكر الله تعالى ثم المحررين الذين بذلوا أنفسهم في سبيل هذا النصر قبل أن يتحدث عن المناصب ومن الذي يحظى بها.
ثم في نهاية حديثي أحب أن أُشير إلى مسألة هي في تقديري مهمة عند أحمد الشرع، وهي ألا يتحدث عن فكره الشخصي مقارناً إياه بما توصلت إليه بعض الدول العربية الأخرى كالسعودية؛ وقد نُقِل عنه كلام كذلك قبل انتهاء النصر ويُعاد على وسائل التواصل الآن، وذلك لأن وجهة النظر السعودية الآن أكثر دقة ونُضجاً مما ذكره، ولن أطيل في بيانها، ولستُ في حاجة إلى ذلك؛ لكن طرحه لرأيه كان يدل على أننا نستمع لرجل مفكر ومجرب، ومقارنتها بالوجهة السعودية كانت تعطينا خلاف هذا الرأي، فكان الأنسب الاقتصار على الأول.