لا شك أن الصناعة الدفاعية من أهم عناصر الأمن الوطني لأي بلد، والقطاع الخاص الدفاعي يشكل عمودًا فقريًا للصناعات العسكرية في كثير من دول العالم المتقدمة، ولكن الصناعات الدفاعية بطبيعتها معقدة ولها خصائص وميكانيكيات معينة قد لا تشبه أي قطاع آخر، وقد ذكرت سابقًا في عدة مقالات ربما قطاعان، أحدهما التصنيع العسكري هما من أكثر القطاعات تعقيدًا وتقدمًا وأيضًا تداخلاً مع عوامل وقطاعات أخرى، والصناعة الدفاعية تؤثر عليها عناصر أخرى خارج الصناعة مثل العوامل السياسية والأمنية والاقتصادية والمالية، ورغم تشجيعنا القطاع الخاص لتطوير الصناعات الدفاعية فإن الداخل لهذا المجال يجب أن يعرف أنه ليس سهلاً وليس للتباهي، وليس كل من يملك المال يستطيع أن ينجح حتى لو أتى بمن يدعون الخبرة من خبراء سابقين أو ضباط متقاعدين، فالقطاع له لغته الخاصة وأسراره.
ومن أصعب المراحل في القطاع هي البداية، فبداية التصنيع العسكري تحتاج صبرًا ومجهودًا وعملًا شاقًا وأيضًا (استنزافًا كبيرًا للمال) بالعامية (حرق كاش) حتى تصل إلى العقد الأول وتدفق الأموال من العقود، وهذا غير الأبحاث والتطوير، التي تستنزف الكثير من (الكاش فلو) في البداية، ويجب أن تعرف الشركة ماذا تصنع، وما حاجة السوق له، وما هي الميزة النسبية لك لكي تنجح وتأخذ عقودًا، خصوصًا أن المواصفات في القطاعات الدفاعية والأمنية السعودية عالية ولا يقبل أي منتج إن لم يكن مميزًا ومتطورًا، مما يعني أن طريقة جلب منتج أجنبي عفى عليه الزمن وصبغه أو توريده كوكيل لا تنفع!
وبما أننا تكلمنا عن شركات القطاع الخاص للتصنيع العسكري والمشاكل التي قد تواجهها حتى تنجح وتنمو وخصوصًا (استنزاف الكاش) في مرحلة البداية، فإنه يجب أن نشجع ونوصي بهذه بالخطوة التي اتخذتها إحدى الشركات المهمة في التصنيع العسكري مع أحد الصناديق المالية، وهو إعلان شركة إنترا وشركة نمو المالية إطلاق أول صندوق استثماري متخصص في قطاع الصناعات العسكرية واستثماره في شركة إنترا للتقنيات الدفاعية، وذلك بالاستحواذ على حصة في الشركة.
أعتقد أن هذه خطوة مهمة وضرورية في إعادة هيكلة قطاع التصنيع العسكري السعودي الخاص، إن دخول الصناديق المالية في القطاع العسكري الخاص هو قفزة نوعية ستغير وجه القطاع، وله فوائد عديدة منها المشكلة التي تواجه الشركات من ناحية التمويل واستنزاف الكاش الكبير في القطاع الصناعي العسكري وأيضاً وجود ملاءة مالية يشكل مثل الوسادة للتخفيف من الآثار المالية وأيضًا يساعدها في عبور ما نسميه (وادي الموت) في الشركات وهي مرحلة البداية إلى مرحلة الحصول على العقود، وأيضًا هناك ميزة أخرى لدخول الشركات المالية وهي أنهم حريصون على الحوكمة ويعرفون أين يضعون المال، وهذا سيحسن من الكفاءة المالية للشركات الدفاعية، ولذلك أنصح وبشدة جميع الشركات الدفاعية السعودية أن تبدأ الشراكات مع البيوت المالية والصناديق، وحتى الشركات الناضجة والكبيرة أنصحها بالحذو على هذا المنوال، لأنه مهم ليس فقط فترة عبور (وادي الموت) في الشركات ولكن أيضًا من أجل النمو والتوسع والتطوير مستقبلًا.
سأكون صريحًا معكم أعتقد والفقير لله كاتب المقال مهتم في هذا المجال منذ سنوات طويلة أن بعض الشركات في المجال خصوصًا الحديثة لن تكمل 2025 بصحة إذا لم تتخذ مثل هذه الخطوة، نعرف أنه في بداية ما نطلق عليه (الثورة الصناعية الدفاعية السعودية) التي حدثت بسبب تشجيع ودعم الرؤية المباركة للتوسع في القطاع العسكري السعودي وبعد أن كان التصنيع العسكري أقل من 3% أصبح الهدف أن نصل إلى 50% في عام 2023 بدعم الرؤية الفذة لسمو ولي العهد، ودخلت عديد من الشركات في هذا المجال وشخصيًا وذكرتها أكثر من مرة أنا أحترم وأتعاطف وأشجع شركات التصنيع العسكري الخاص السعودي لأسباب عديدة تتعلق بالأمن الوطني، وهذا يخدم ويحمي كل منجزات المملكة الأخرى الاقتصادية والتنموية، وأيضًا أنا أساند وأشجع القطاع الصناعي العسكري السعودي الخاص لأنني أراهم شجعان، نعم (شجعان)، كانوا يستطيعون بسهولة وضع أموالهم في العقار أو تجارة التراب والأرضي والانتظار عليها كم سنة ومن ثم بيعها بأسعار مضاعفة كما يفعل بعض الكسولين من التجار ودون مجهود أو توظيف أو نقل تقنية للمملكة، لكنهم اختاروا قطاع صعب المراس ويحتاج مجهودًا وصبرًا وتوظيفًا، لذلك أكن للصناعيين في القطاع الدفاعي احترامًا عاليًا أكثر بكثير من تجار التراب، ولذلك أنصحهم وبشدة وخصوصًا الشركات المتوسطة والصغيرة والجديدة أن يحذوا حذو خطوة إنترا- ونمو ويشركوا الصناديق المالية والبيوت المالية في شركاتهم.
كما أنني أتمنى التركيز على التغييرات الدراماتيكية الحالية في التصنيع العسكري، فالقطاع تغير بشكل كبير جدًا خلال السنوات القليلة الماضية أكثر مما تغير خلال عقود طويلة!
تغيير أساليب الحرب وتقنياتها في السنوات الأخيرة في مثل حروب أذربيجان وأرمينيا وأوكرانيا وروسيا وحروب الشرق الأوسط، يشبه التسونامي الذي غير كثيراً من الخطط والأدوات العسكرية، فأصبحت إعادة الهيكلة الإضافية (والمستمرة) ضرورية، لتحاكي وتناسب هذه التغييرات الجديدة، والجيش القوي هو من له القدرة على التكيف السريع والتأقلم مع المتغيرات، ولم تعد الجيوش تقاس بالحجم والمعدات وأعداد الجنود والدبابات، بل الآن الجيش القوي هو الجيش الذكي، الذي يعتمد على التقنية والاندماج والتكامل بين المنظومات والذي يتفوق على غيره بالدرون وبالذكاء الصناعي وباستخدام التقنيات الحديثة، وتوجيه الموارد نحو أدوات حرب المستقبل! فربما سعر سفينة حربية حديثة يصل إلى مليار ونصف دولار، ولكن بنفس المبلغ يتم إنتاج عشرات الآلاف الدرونات التي يكون تأثيرها في المعارك أكبر بكثير من السفينة، طبعا لكل وظيفته وهما مختلفتان ويجب (لا يقارن تفاح إلا بتفاح) كما يقول المثل الإنجليزي، لكن هذا من ضرب المثال لإعادة توجيه الموارد.
ولذلك الصناعة الدفاعية يجب أن تواكب التغييرالحادث في المعارك وفي الأدوات والاستراتيجيات الحربية، وأن تغيير استراتيجيتها وخططها لتناسب المرحلة.
أتمنى من المعنيين إعادة هيكلة الصناعة الدفاعية على شكل هرمي ذي مستويات، بحيث تكون هناك 3-4 شركات دفاعية من نوع المستوى الأول، ويوجد 7-8 شركات من المستوى الثاني ويوجد 15 أو أكثر من الشركات من المستوى الثالث وهكذا دوليك! شركات المستوى الثاني والثالث تساند أو تكون مورداً للمستوى الأولى أو حتى متعاقد من الباطن للمستوى الأول، ونتمنى أن نرى إذا كسبت إحدى شركات المستوى الأول صفقة، فإن بقية القطاع تفرح لأنها ستعطي بعض الأعمال لشركات المستوى الثاني أو الثالث، بدل أن تقوم شركات المستوى الأولى بمنافسة شركات المستوى الثاني أو الثالث في العقود الصغيرة وهم ليسوا بحجمها! ولو نظرنا إلى شركات المستوى الأول في أمريكا مثل «بوينغ» أو «لوكهيد مارتن»، فسنجد أنه لها مئات الموردين من الشركات الأصغر حجماً.
رؤيتنا للقطاع الخاص الصناعي الدفاعي المستقبلي وهذا أيضا ما أراه وأتلمسه عالميًا من أصحاب المعرفة والاختصاص والمصنعين الدوليين الكبار أن المستقبل سيركز على أشياء مختلفة، لم يعد الموضوع تقليديًا جنود ورشاشات ومدافع وطائرات وسفن فقط، ولكن أصبح الدرون والذكاء الصناعي والتقنيات الحديثة هم من يقودون القطاع، وكمثال فكيف ببلد تحت الحرب مثل أوكرانيا يطلب تصنيع مليون درون محليا سنويا! إنها أنواع الحرب الحديثة! سابقا كانت تقيم الجيوش ويقال هذا الجيش كم لديه من دبابة أو مدفع أو مدرعة أو غيرها، والآن أصبح السؤال للتقييم الجيوش، كم يمكنه أن يصنع من درون، وما هي تقنيات الحرب إلكترونية والذكاء الصناعي التي يملكها؟
ومن أصعب المراحل في القطاع هي البداية، فبداية التصنيع العسكري تحتاج صبرًا ومجهودًا وعملًا شاقًا وأيضًا (استنزافًا كبيرًا للمال) بالعامية (حرق كاش) حتى تصل إلى العقد الأول وتدفق الأموال من العقود، وهذا غير الأبحاث والتطوير، التي تستنزف الكثير من (الكاش فلو) في البداية، ويجب أن تعرف الشركة ماذا تصنع، وما حاجة السوق له، وما هي الميزة النسبية لك لكي تنجح وتأخذ عقودًا، خصوصًا أن المواصفات في القطاعات الدفاعية والأمنية السعودية عالية ولا يقبل أي منتج إن لم يكن مميزًا ومتطورًا، مما يعني أن طريقة جلب منتج أجنبي عفى عليه الزمن وصبغه أو توريده كوكيل لا تنفع!
وبما أننا تكلمنا عن شركات القطاع الخاص للتصنيع العسكري والمشاكل التي قد تواجهها حتى تنجح وتنمو وخصوصًا (استنزاف الكاش) في مرحلة البداية، فإنه يجب أن نشجع ونوصي بهذه بالخطوة التي اتخذتها إحدى الشركات المهمة في التصنيع العسكري مع أحد الصناديق المالية، وهو إعلان شركة إنترا وشركة نمو المالية إطلاق أول صندوق استثماري متخصص في قطاع الصناعات العسكرية واستثماره في شركة إنترا للتقنيات الدفاعية، وذلك بالاستحواذ على حصة في الشركة.
أعتقد أن هذه خطوة مهمة وضرورية في إعادة هيكلة قطاع التصنيع العسكري السعودي الخاص، إن دخول الصناديق المالية في القطاع العسكري الخاص هو قفزة نوعية ستغير وجه القطاع، وله فوائد عديدة منها المشكلة التي تواجه الشركات من ناحية التمويل واستنزاف الكاش الكبير في القطاع الصناعي العسكري وأيضاً وجود ملاءة مالية يشكل مثل الوسادة للتخفيف من الآثار المالية وأيضًا يساعدها في عبور ما نسميه (وادي الموت) في الشركات وهي مرحلة البداية إلى مرحلة الحصول على العقود، وأيضًا هناك ميزة أخرى لدخول الشركات المالية وهي أنهم حريصون على الحوكمة ويعرفون أين يضعون المال، وهذا سيحسن من الكفاءة المالية للشركات الدفاعية، ولذلك أنصح وبشدة جميع الشركات الدفاعية السعودية أن تبدأ الشراكات مع البيوت المالية والصناديق، وحتى الشركات الناضجة والكبيرة أنصحها بالحذو على هذا المنوال، لأنه مهم ليس فقط فترة عبور (وادي الموت) في الشركات ولكن أيضًا من أجل النمو والتوسع والتطوير مستقبلًا.
سأكون صريحًا معكم أعتقد والفقير لله كاتب المقال مهتم في هذا المجال منذ سنوات طويلة أن بعض الشركات في المجال خصوصًا الحديثة لن تكمل 2025 بصحة إذا لم تتخذ مثل هذه الخطوة، نعرف أنه في بداية ما نطلق عليه (الثورة الصناعية الدفاعية السعودية) التي حدثت بسبب تشجيع ودعم الرؤية المباركة للتوسع في القطاع العسكري السعودي وبعد أن كان التصنيع العسكري أقل من 3% أصبح الهدف أن نصل إلى 50% في عام 2023 بدعم الرؤية الفذة لسمو ولي العهد، ودخلت عديد من الشركات في هذا المجال وشخصيًا وذكرتها أكثر من مرة أنا أحترم وأتعاطف وأشجع شركات التصنيع العسكري الخاص السعودي لأسباب عديدة تتعلق بالأمن الوطني، وهذا يخدم ويحمي كل منجزات المملكة الأخرى الاقتصادية والتنموية، وأيضًا أنا أساند وأشجع القطاع الصناعي العسكري السعودي الخاص لأنني أراهم شجعان، نعم (شجعان)، كانوا يستطيعون بسهولة وضع أموالهم في العقار أو تجارة التراب والأرضي والانتظار عليها كم سنة ومن ثم بيعها بأسعار مضاعفة كما يفعل بعض الكسولين من التجار ودون مجهود أو توظيف أو نقل تقنية للمملكة، لكنهم اختاروا قطاع صعب المراس ويحتاج مجهودًا وصبرًا وتوظيفًا، لذلك أكن للصناعيين في القطاع الدفاعي احترامًا عاليًا أكثر بكثير من تجار التراب، ولذلك أنصحهم وبشدة وخصوصًا الشركات المتوسطة والصغيرة والجديدة أن يحذوا حذو خطوة إنترا- ونمو ويشركوا الصناديق المالية والبيوت المالية في شركاتهم.
كما أنني أتمنى التركيز على التغييرات الدراماتيكية الحالية في التصنيع العسكري، فالقطاع تغير بشكل كبير جدًا خلال السنوات القليلة الماضية أكثر مما تغير خلال عقود طويلة!
تغيير أساليب الحرب وتقنياتها في السنوات الأخيرة في مثل حروب أذربيجان وأرمينيا وأوكرانيا وروسيا وحروب الشرق الأوسط، يشبه التسونامي الذي غير كثيراً من الخطط والأدوات العسكرية، فأصبحت إعادة الهيكلة الإضافية (والمستمرة) ضرورية، لتحاكي وتناسب هذه التغييرات الجديدة، والجيش القوي هو من له القدرة على التكيف السريع والتأقلم مع المتغيرات، ولم تعد الجيوش تقاس بالحجم والمعدات وأعداد الجنود والدبابات، بل الآن الجيش القوي هو الجيش الذكي، الذي يعتمد على التقنية والاندماج والتكامل بين المنظومات والذي يتفوق على غيره بالدرون وبالذكاء الصناعي وباستخدام التقنيات الحديثة، وتوجيه الموارد نحو أدوات حرب المستقبل! فربما سعر سفينة حربية حديثة يصل إلى مليار ونصف دولار، ولكن بنفس المبلغ يتم إنتاج عشرات الآلاف الدرونات التي يكون تأثيرها في المعارك أكبر بكثير من السفينة، طبعا لكل وظيفته وهما مختلفتان ويجب (لا يقارن تفاح إلا بتفاح) كما يقول المثل الإنجليزي، لكن هذا من ضرب المثال لإعادة توجيه الموارد.
ولذلك الصناعة الدفاعية يجب أن تواكب التغييرالحادث في المعارك وفي الأدوات والاستراتيجيات الحربية، وأن تغيير استراتيجيتها وخططها لتناسب المرحلة.
أتمنى من المعنيين إعادة هيكلة الصناعة الدفاعية على شكل هرمي ذي مستويات، بحيث تكون هناك 3-4 شركات دفاعية من نوع المستوى الأول، ويوجد 7-8 شركات من المستوى الثاني ويوجد 15 أو أكثر من الشركات من المستوى الثالث وهكذا دوليك! شركات المستوى الثاني والثالث تساند أو تكون مورداً للمستوى الأولى أو حتى متعاقد من الباطن للمستوى الأول، ونتمنى أن نرى إذا كسبت إحدى شركات المستوى الأول صفقة، فإن بقية القطاع تفرح لأنها ستعطي بعض الأعمال لشركات المستوى الثاني أو الثالث، بدل أن تقوم شركات المستوى الأولى بمنافسة شركات المستوى الثاني أو الثالث في العقود الصغيرة وهم ليسوا بحجمها! ولو نظرنا إلى شركات المستوى الأول في أمريكا مثل «بوينغ» أو «لوكهيد مارتن»، فسنجد أنه لها مئات الموردين من الشركات الأصغر حجماً.
رؤيتنا للقطاع الخاص الصناعي الدفاعي المستقبلي وهذا أيضا ما أراه وأتلمسه عالميًا من أصحاب المعرفة والاختصاص والمصنعين الدوليين الكبار أن المستقبل سيركز على أشياء مختلفة، لم يعد الموضوع تقليديًا جنود ورشاشات ومدافع وطائرات وسفن فقط، ولكن أصبح الدرون والذكاء الصناعي والتقنيات الحديثة هم من يقودون القطاع، وكمثال فكيف ببلد تحت الحرب مثل أوكرانيا يطلب تصنيع مليون درون محليا سنويا! إنها أنواع الحرب الحديثة! سابقا كانت تقيم الجيوش ويقال هذا الجيش كم لديه من دبابة أو مدفع أو مدرعة أو غيرها، والآن أصبح السؤال للتقييم الجيوش، كم يمكنه أن يصنع من درون، وما هي تقنيات الحرب إلكترونية والذكاء الصناعي التي يملكها؟