لا تنفصل الأعمال السينمائية لهوليود عن موروثها الديني غالبا، ويمكن ملاحظة الأثر الديني في عديد من الأفلام والمسلسلات، التي تعتبر مادة صالحة للدراسة وتحديدا في قضية صراع العلم مع الدين. في فيلم «Dark Waters» للمخرج الأمريكي تود هينز وبطولة الممثل مارك رافالو يمكن تطبيق مفهوم الحداثة وصراعها مع الدين. الفيلم من نوع الدراما القانونية، ويحكي قصة المعركة القانونية التي خاضها المحامي روب بيلوت ضد شركة دوبونت لقيامها بإلقاء النفايات السامة بإهمال أدى إلى الإضرار بالإنسان والحيوان والطبيعة. ويخوض المحامي معركته القانونية لكسب تعويضات مالية للمتضررين من الشركة. تبدو قصة الفيلم للوهلة الأولى مألوفة، ولكن في الحقيقة الفيلم ليس قانونيا واجتماعيا مباشرا يتناول قضية من الواقع، بل هناك مضامين دينية غير مباشرة يمكن ملاحظتها في أعماق القصة.
يلعب رافالو دور المحامي صاحب القيم الإنسانية الذي يقرر التضحية بمستقبله المهني واستقراره العائلي؛ في سبيل مواجهة الشركة المتنفذة والقوية نيابة عن المزارعين البسطاء الذين يمثلهم. وفي أحداث الفيلم تنقلب حياة المحامي الطموح ممثل الشركات الكبرى رأسا على عقب، بعد أن جاء المزارع الغاضب ويلبر تينانت من ولاية فيرجينيا الغربية إلى مقر شركة المحامي بملابس المزارع المليئة بالغبار، ويقوم بتزويد المحامي بأشرطة فيديو تحتوي على مشاهد لحيوانات ميتة ومريضة بشكل مأساوي ويصور الطبيعة الملوثة وهي في أسوأ حالاتها.
وبعد أن أقنعه المزارع وأخبره بأنه جار وصديق لجدته يقرر المحامي بيلوت الوقوف في صف المزارع، وينقلب إلى جاسوس ضد الشركة مستخدما معرفته بالشركات الكيميائية الكبرى. ويقوم بإجراء تحقيقات موسعة تقوده إلى اكتشاف أن شركة دوبونت تستخدم مركب C8 أو حمض بيرفلورو الأوكتانويك (PFOA) وهي مادة تستخدم في صناعة مادة التيفلون، وأنها قامت بإلقاء كميات كبيرة من النفايات السامة لمادة PFOA في مكب نفايات بجوار مزرعة ويلبر. ونتيجة لذلك تسربت المادة الكيميائية إلى منسوب المياه الجوفية وتسببت في تلويث مياه الشرب للإنسان والحيوان، والإخلال بالتوازن البيئي للطبيعة، وحرص مخرج الفيلم على تسليط كاميرته على زوايا من البيئة وهي في حالة يرثى لها، وكأنه يريد خلق حالة من التعاطف مع الطبيعة وتهييج مشاعر العداء ضد الشركات الكيميائية. وهنا تبرز جدلية العلم والدين والصراع بين الحداثة والتقاليد.
وكما ذكرنا يبدو الفيلم مألوفا ولا جديد فيه. شركة قوية تقوم بإلقاء النفايات الكيميائية السامة في أحضان الطبيعة البريئة وتتسبب بالأضرار الصحية على الإنسان ثم يأتي المحامي المنقذ ويترافع عن البسطاء ويطالب الشركة المتنفذة بتقديم تعويضات مالية ضخمة للمتضررين. هذا هو الإطار العام للقصة، ولكن هل هناك دوافع دينية أو أيديولوجية وراء التركيز على هذا النوع من الأفلام في الأعمال الفنية الغربية؟ دعونا نناقش شخصية المزارع في الفيلم، فهي تبدو الشخصية الأكثر أهمية في الفيلم، والمشهد الأول لظهوره عندما قرر الذهاب للشركة القانونية ومقابلة المحامي بيلوت في مقر عمله. كان مشهد دخوله الشركة معبرا للغاية بملابس المزارع الرثة المليئة بالغبار وفي وسط بيئة عمل تعبر عن روح سوق العمل وقوانين المال والأعمال. تكتظ بالمحامين أصحاب البدلات الأنيقة، وهنا يبرز المشهد الأول للصراع بين الحداثة والتقاليد، وبين الجديد والقديم.
يعيش المزارع وسط مزرعته في حالة وئام وانسجام مع الطبيعة في تكامل روحي وعضوي مع الحيوان والطبيعة. يبدو الانسجام بين الإنسان والحيوان والطبيعة وكأنه يعبر عن وجود وحدة روحية وعقلية في الكون، في وسط ظروف هانئة عاش فيها المزارع ويلبر تينانت في تكامل روحي مع الطبيعة وكأنه يعيش في الفردوس. ولكن تأتي شركة الكيماويات الممثل للعلم والتقنية وتفسد جنة المزارع بنفاياتها السامة وتخل بالتوازن البيئي في الطبيعة، مسببة بذلك الأمراض المزمنة والخطيرة والموت للإنسان والحيوان والدمار للطبيعة، وكأنها الشيطان الذي أخرج آدم من جنته. والعلم ومنتجاته هنا يلعبون دور الشيطان الذي أخرج المزارع من الفردوس المفقود.
المجتمعات الغربية تحمل عاطفة دينية تجاه الطبيعة، وهي تفسر حالة العداء المستمر تجاه شركات الطاقة حول العالم، حتى وإن كانت توفر الراحة والرفاهية للإنسان وتوفر الطاقة التي هي شريان الحياة في العصر الحديث، حياتنا اليوم قائمة على منتجات العلم والتقنية التي تستمد مواردها من الطبيعة وتضع نفاياتها السامة في الطبيعة كذلك، وهذا عند كثير من المجتمعات الغربية يمثل استفزازا دينيا باعتبار الطبيعة مقدسة وذات جوهر إلهي. بمعنى أن عقيدة وحدة الوجود ما زالت مؤثرة في وجدان الشعوب الغربية رغم تقدم العلم والتقنية، ورغم هيمنة ثقافة السوق الاستهلاكية على الحياة العامة. المجتمعات الغربية تحمل عاطفة دينية تجاه الطبيعة وتفسر حالة العداء المستمر تجاه شركات الطاقة حول العالم حتى وإن كانت توفر الراحة والرفاهية للإنسان.
يلعب رافالو دور المحامي صاحب القيم الإنسانية الذي يقرر التضحية بمستقبله المهني واستقراره العائلي؛ في سبيل مواجهة الشركة المتنفذة والقوية نيابة عن المزارعين البسطاء الذين يمثلهم. وفي أحداث الفيلم تنقلب حياة المحامي الطموح ممثل الشركات الكبرى رأسا على عقب، بعد أن جاء المزارع الغاضب ويلبر تينانت من ولاية فيرجينيا الغربية إلى مقر شركة المحامي بملابس المزارع المليئة بالغبار، ويقوم بتزويد المحامي بأشرطة فيديو تحتوي على مشاهد لحيوانات ميتة ومريضة بشكل مأساوي ويصور الطبيعة الملوثة وهي في أسوأ حالاتها.
وبعد أن أقنعه المزارع وأخبره بأنه جار وصديق لجدته يقرر المحامي بيلوت الوقوف في صف المزارع، وينقلب إلى جاسوس ضد الشركة مستخدما معرفته بالشركات الكيميائية الكبرى. ويقوم بإجراء تحقيقات موسعة تقوده إلى اكتشاف أن شركة دوبونت تستخدم مركب C8 أو حمض بيرفلورو الأوكتانويك (PFOA) وهي مادة تستخدم في صناعة مادة التيفلون، وأنها قامت بإلقاء كميات كبيرة من النفايات السامة لمادة PFOA في مكب نفايات بجوار مزرعة ويلبر. ونتيجة لذلك تسربت المادة الكيميائية إلى منسوب المياه الجوفية وتسببت في تلويث مياه الشرب للإنسان والحيوان، والإخلال بالتوازن البيئي للطبيعة، وحرص مخرج الفيلم على تسليط كاميرته على زوايا من البيئة وهي في حالة يرثى لها، وكأنه يريد خلق حالة من التعاطف مع الطبيعة وتهييج مشاعر العداء ضد الشركات الكيميائية. وهنا تبرز جدلية العلم والدين والصراع بين الحداثة والتقاليد.
وكما ذكرنا يبدو الفيلم مألوفا ولا جديد فيه. شركة قوية تقوم بإلقاء النفايات الكيميائية السامة في أحضان الطبيعة البريئة وتتسبب بالأضرار الصحية على الإنسان ثم يأتي المحامي المنقذ ويترافع عن البسطاء ويطالب الشركة المتنفذة بتقديم تعويضات مالية ضخمة للمتضررين. هذا هو الإطار العام للقصة، ولكن هل هناك دوافع دينية أو أيديولوجية وراء التركيز على هذا النوع من الأفلام في الأعمال الفنية الغربية؟ دعونا نناقش شخصية المزارع في الفيلم، فهي تبدو الشخصية الأكثر أهمية في الفيلم، والمشهد الأول لظهوره عندما قرر الذهاب للشركة القانونية ومقابلة المحامي بيلوت في مقر عمله. كان مشهد دخوله الشركة معبرا للغاية بملابس المزارع الرثة المليئة بالغبار وفي وسط بيئة عمل تعبر عن روح سوق العمل وقوانين المال والأعمال. تكتظ بالمحامين أصحاب البدلات الأنيقة، وهنا يبرز المشهد الأول للصراع بين الحداثة والتقاليد، وبين الجديد والقديم.
يعيش المزارع وسط مزرعته في حالة وئام وانسجام مع الطبيعة في تكامل روحي وعضوي مع الحيوان والطبيعة. يبدو الانسجام بين الإنسان والحيوان والطبيعة وكأنه يعبر عن وجود وحدة روحية وعقلية في الكون، في وسط ظروف هانئة عاش فيها المزارع ويلبر تينانت في تكامل روحي مع الطبيعة وكأنه يعيش في الفردوس. ولكن تأتي شركة الكيماويات الممثل للعلم والتقنية وتفسد جنة المزارع بنفاياتها السامة وتخل بالتوازن البيئي في الطبيعة، مسببة بذلك الأمراض المزمنة والخطيرة والموت للإنسان والحيوان والدمار للطبيعة، وكأنها الشيطان الذي أخرج آدم من جنته. والعلم ومنتجاته هنا يلعبون دور الشيطان الذي أخرج المزارع من الفردوس المفقود.
المجتمعات الغربية تحمل عاطفة دينية تجاه الطبيعة، وهي تفسر حالة العداء المستمر تجاه شركات الطاقة حول العالم، حتى وإن كانت توفر الراحة والرفاهية للإنسان وتوفر الطاقة التي هي شريان الحياة في العصر الحديث، حياتنا اليوم قائمة على منتجات العلم والتقنية التي تستمد مواردها من الطبيعة وتضع نفاياتها السامة في الطبيعة كذلك، وهذا عند كثير من المجتمعات الغربية يمثل استفزازا دينيا باعتبار الطبيعة مقدسة وذات جوهر إلهي. بمعنى أن عقيدة وحدة الوجود ما زالت مؤثرة في وجدان الشعوب الغربية رغم تقدم العلم والتقنية، ورغم هيمنة ثقافة السوق الاستهلاكية على الحياة العامة. المجتمعات الغربية تحمل عاطفة دينية تجاه الطبيعة وتفسر حالة العداء المستمر تجاه شركات الطاقة حول العالم حتى وإن كانت توفر الراحة والرفاهية للإنسان.