أكرم خوجة

جمعينا ولدنا ونحن خائفون بسبب تسرب ثقافة الخوف إلى اللاشعور في ظل مجتمع يمجد الخوف بشكل عام. فالمثل الشعبي يقول " ماله قرون تنطح وله عيون تفضح". نشأنا ونحن مزروع فينا ثقافة الخوف ، نخاف أن نفشل وأن نغرق، نخاف من الظلام ونخاف أيضا من حوادث السيارات والحيوانات المفترسة.

وإلى وقتنا هذا ما أن يصادفني حادث سير مروع ، أو معلومة طبية تحذر من الجراثيم والإصابة بالأورام الخبيثة والمزمنة ان تناولت كمية كبيرة من السكر كونه يغذي الجسم بالأمراض الخطيرة، حتى يتجدد خوفي ويزداد شعوري بأنني مهدد.

العقل البشري مبرمج على الإستجابة للخطر المتوقع حدوثه، فقديما كان الإسان البدائي يتعرض لخطر أنواع الحيوانات المفترسة في الغابة والصحراء فستسعفه وتحذره برامجه الجينية المهيأة للتعامل مع المخاطر المحدقة به. فضربة قوية جدا على رأس ثعبان كانت لتقضي على الخطر والخوف في أقل من ثانية. وبعد مرور عدة قرون، إرتقينا في سلم التطور، إختلقت كليا أنواع الخوف التي بداخلنا، ومع ذلك مازال العقل غير قادر تماما على التعامل مع جميع مخاوفنا التي أفرزتها الحياة العصرية، مثل أخبار الحروب والإرهاب والكوارث الطبيعية و خطب السياسيين العامرة بالشعبوية والعنصرية التي تغذي مخاوف الناخبين.

لو كنت إنسانا بدائيا لمحت أسدا شرسا لأطلقت ساقيك بسرعة الريح طلبا للنجاة. ومن المنطق أن نفترض أنك قد تنجو من الأسد، وإن كان هناك إحتمال كبير بأن يكون الأسد أسرع وأذكى منك في إغتنام الفرصة. فعملية النجاة كانت لتخضع لمنطق فطري مقبول. ولكن أي منطق أقنع ركاب سفينة تايتنك من القفز في الماء، الحادثة التاريخية التي إشتهرت في شتى أنحاء العالم، لتكون في أذهاننا صورة ركابها وهم يحاولون النجاة من الموت في ماء بارد يجمد جسدك، أو صورة الرجل الذي قفز من أعلى المركز التجاري العالمي في نيويورك ؟ فهل قفز الرجل لينجو من إرهاب القاعدة؟ وبأي وعقل ومنطق ظن أنه لن يكون مصيره هو الموت إذا قفز من ذاك العلو ؟

الخوف هو عبارة عن إشارات سريعة يطلقها المخ ويصاحبها ضخ كمية كبيرة ومضاعفة من الإدرينالين قبل أن يبدأ العقل بالتفكير في أية خطوة ممكنة. وربما فسرت تلك المعلومة الأسباب التي أدت إلى إضطراب سلكويات الناس بعد أن وقت العديد من الكوارث منها ظهور تنظيم داعش الذي أصبح أخطر تنظيم إرهابي في العالم خصوصا بعد الجرائم البشعة التي إرتكبها، من قتل وحرق جثث حية وتفجير المساجد والكنائس وتحطيم الآثار. فأصبحنا نخاف من كل تيار متشدد ومتطرف يحاول زرع الرعب والخوف في نفوسنا، نقلق عندما نرى داعية متطرف ينادي بالجهاد والقتل، عند ذلك سوف تنطلق إشارات الخطر في المخ كلما سمعنا خطابا متطرفا بدلا من أن ننطلق إذا صادفنا في طريقنا أسدا مفترسا أو ذئبا.

الأهمية هنا هي أن تواجه الخوف بعقلك السليم، فثقافة الخوف تجلت معنا عبر الأزمان بسبب إنتشار الحروب والكوارث والأخبار السلبية التي باتت اليوم تطغى على شاشات التلفزيون .

حاول أن تختبر المياه وعمقها، وضع في حسبانك إحتمالات الوقوع في الخطر. عليك أن تتغلب على الخوف من خلال قراءة القران الكريم والإحتفاظ به في غرفتك لكي يتسنى لك كلما شعرت الخوف أن تقرأ المعوذات وآية الكرسي. بالإضافة إلى ممارسة الرياضة واليوغا فلقد أثبتت العديد من الدراسات أن رياضة التأمل تقلص نوبات الخوف والقلق التي بداخلك. اشغل تفكيرك بأمور أخرى كقراءة الكتب والتنزه ومشاهدة الأفلام والمسلسلات الكوميدية التي تضفي جو الفرح والضحك على قلبك.