يحار المرء في الحركة المسرحية لدينا، ذلك أنها غير موجودة بمعناها الحقيقي. بمعنى أنها حركة ساكنة، أو سكون متحرك. لا توجد صناعة مسرح بالمعنى الحقيقي. هناك صناعة تجارب، وهناك محاولات، وفي الوقت نفسه، لا يوجد أب شرعي وواضح لأبي الفنون. الجميع يشتكي.. الفنان الحقيقي يشتكي، والفنان المزيف يشتكي أيضا. المؤسسة الرسمية تشتكي، والمجموعات التي تزعم تحررها من جل أشكال الرسمية وما تفرضه عليهم، هم الآخرون لا يكفون عن الشكوى. إن المتابع لهذا الفن، لا يكاد يجد ما يستحق المتابعة، وحين يبحث عن أسباب هذا الشتات والضعف الذي يعيشه المسرح السعودي، فإنه سيغرق في بحر من العقد والمشاكل والعقبات التي لا تنتهي.
لدينا جمعية مسرحيين، لكنها بلا مسرح ولا مسرحيين! وليس هذا فقط، بل إنها بلا دعم، ولا مقرّ، ولا تملك خشبة واحدة تمكن الفنانين من عرض أعمالهم فوقها، وليس في يدها إلا البكاء واللطم في كل منبر ومناسبة.
وفي الصيف، لا يكاد المجتمع السعودي يستطيع التنفس من زحمة العروض التي تسمى عروضا مسرحية في كل مدينة ومحافظة وفي كل متنزه ومهرجان، غير أن هذه العروض التي يسميها أهلها، أو من يتبنى عرضها هنا وهناك بـالمسرحية، لا علاقة لها بفن المسرح الحقيقي، فهي مجرد عروض ترفيهية من بعض الشبان خفيفي الظل الذين يرتدون الدمى ويظهرون بأشكال مسلية للأطفال أحيانا، ثم يسمونه عرضا مسرحيا. ولكن تذكروا دائما، في مثل هذا الموقف أن لدينا صبّة في الطائف. تذكروا مسرح الصبّة دائما ليكبر الفأل ويصبح غيمة كريمة مبهجة.. تذكروا فهد ردة الحارثي ورفاقه.. لاحقوهم، شاهدوا أعمال ورشة الطائف المسرحية، ففيها عزاء كبير لكل من يفتقد هذا الفن، ويستشعر خطورة غيابه في أي مجتمع من البشر.