صفوق الشمري

قد يستغرب البعض من الثقة المفرطة التي دفعتنا لتهنئة الرئيس ترمب بالفوز قبل الانتخابات بسنة، وكذلك قبل الانتخابات بأسابيع وأيضًا حتى قبل الانتخابات بيومين!

عادةً ما يتوقع الناس (من باب التوقع) من سيفوز، أو كما يفعل الكثير من الصحفيين والكتاب، يكتبون المقالات بطريقة غير واضحة بحيث يذكرون احتمال فوز كلا المرشحين، وعندما يفوز أحدهم يجتزئون الجزء الذي يخص الفائز، ولكن أن تهنئ الرئيس بهذه الثقة قد يبدو غريبًا للبعض.

إذا قلنا لكم إن الموضوع ليس غريبًا، بل هو رؤيا واضحة، والأسباب لفوز ترمب كانت واضحة للجميع، لكن الكثيرين، ومنهم الأصدقاء في الخليج، لم يكونوا يعلمون أو لم يريدوا أن يعرفوا، أو أنهم تم خداعهم للأسف، سأذكر بعض الأسباب والمواقف:

1. النقمة على الإدارة الحالية: أي شخص بدون تحيز زار أمريكا في السنوات الأخيرة يستطيع بسهولة أن يرى النقمة وعدم الرضا على الإدارة الحالية. هل تحدثت للأشخاص العاديين في السوبر ماركت، في المطعم، في سيارة الأجرة، أو في الكافيهات؟ هناك شبه إجماع على عدم الرضا من الجميع، سواء ذوي خلفيات ديمقراطية أو جمهورية أو حتى المحايدين، الإدارة تم قيادتها بأجندة أقصى اليسار وتركت ما يهم المواطن العادي من اقتصاد وأمن ومعيشة.

2. خداع الإعلام اليساري: البعض تم خداعه بالإعلام اليساري الذي يكره ترامب ويهاجمه ليل نهار، ولكن هذا الإعلام لا يعكس رأي الشارع، بل يعكس آراء شركات الإعلام التي فيها تحيز شديد، وترك الإعلام وظيفته الأساسية وهي نبض الشارع وبدأ بتضخيم أجندته.

3. الإعلام العربي في أمريكا: الإعلام العربي في أمريكا اتبع الإعلام الأمريكي التقليدي، فأصبح يظهر أن ترمب سيخسر، خصوصًا أنهم محاطون بفقاعة من زملائهم الغربيين فأصبحوا يرددون ما حولهم. وقد كنا واضحين مع بعضهم بالقول: اتركوا الإعلام اليساري، هل تعيشون في أمريكا؟ انظروا ماذا يقول الأمريكي العادي واتركوا عنكم أفكار زملائكم اليساريين، لكن للأسف العديد لم يستمع.

4. استطلاعات الرأي: أي مراقب محايد سيرى أن ترمب سيفوز من استطلاعات الرأي، لأن العديد من الولايات المتأرجحة كانت متقاربة حسب استطلاعات الرأي الإعلامية، وهذا يعني أنها ليست متقاربة في الواقع! استطلاعات الرأي كانت متحيزة في 2016 و2020 ضد ترمب، وغالبًا ما يحرز ترمب 3 نقاط أو أكثر في الواقع، فعندما تقول استطلاعات الرأي إنها متقاربة، هذا يعني أن ترمب يفوز بـ +3 أو أكثر! وهذا ملاحظ منذ 2016، لكن للأسف لم يأخذه الإعلام العربي بجدية.

5. البرج العاجي: بالنسبة لبعض السياسيين ومراكز الفكر وبعض الجامعات، أصبحوا في برجهم العاجي، وهذه شكوى حتى من بعض كبار المفكرين الآن. وهناك عدم اتصال بالواقع، وهذه الفئة التي تطلق على نفسها النخبة غيرت المنهج العلمي رأسًا على عقب بالخطأ والتحيز! ويمثل هذا مثالًا واضحًا للغطرسة الأكاديمية في ذروتها، ويبدو أن الأوساط الأكاديمية انتقلت من توضيح السلوكيات المجتمعية إلى نشر الافتراضات، وبالتالي توجيه عامة الناس إلى الامتثال لهذه الأفكار المسبقة.

6. المتمصدرين في الخليج: ظهرت فئة في الخليج من المتمصدرين بالعامية، يدعون أنهم (قالطين) وأن لهم اتصالات وعلاقات، وأن الدولة العميقة لن تسمح لترمب بالفوز! صراحة لا تعليق!

7. استياء الديمقراطيين: ذكرنا سابقًا أن بعض الديمقراطيين الذين قابلناهم، وهم يصوتون للحزب الديمقراطي جيلًا بعد جيل، أبدوا استياءهم من الوضع الحالي، لدرجة أن البعض كان يقول إنه لن يصوت لترامب، لكنه لن يصوت لهاريس أيضًا. وهذا قلل من عدد التصويت الديمقراطي في هذه الانتخابات كما نرى.

8. انتقام بايدن: عندما ذكرنا انتقام بايدن وزوجته جيل بايدن من الديمقراطيين بسبب الانقلاب الذي حدث، البعض وقتها لم يقتنع! وقلنا إن بايدن وزوجته أرادا الانتقام من انقلاب بيلوسي وأوباما وأيضًا المتردد شومر، لذلك ساندوا هاريس في العلن دون أن يتمكن الديمقراطيون من اختيار مرشح آخر، وهم يعلمون أنها لن تنجح، وأن ليس لها كاريزما أو شعبية، وأنها حتى في الانتخابات الابتدائية سابقًا لم تحرز أي نجاح يذكر. الآن الصحافة الأمريكية والديمقراطيون أنفسهم، وعلى رأسهم بيلوسي، يلومون علنًا بايدن على انتقامه منهم، وصراحة كتبنا عن الموضوع قبل الصحافة الغربية وقبل الانتخابات بمدة طويلة عندما أعلن بايدن تأييده لهاريس، وكان سيكون سبقًا! لكن مزمار الحي لا يطرب!

9. التصويت بالبريد: حتى عندما أتى التصويت بالبريد قبل الانتخابات، كانت النتائج صادمة لهاريس، لكن بعض ربعنا في الخليج والإعلام العربي لم يكونوا يحللون بطريقة علمية!

10. إيلون ماسك: لا أحد يلوم إيلون ماسك عندما كان يعلم النتائج قبل صدورها وراهن على الحصان الفائز، لأنه يؤمن بالأرقام والحقائق دون تحيز، وأعطى منصته لترمب، وفي الأخير كسب الكثير!

العديد من الأصدقاء الأجانب يقولون لي: على ثقتك في فوز ترمب، لماذا لم تراهن وكنت ستكسب ثروة؟

وأنا لا أؤمن بالمراهنات شرعًا أو أخلاقيًا، لكن ببساطة الصورة كانت واضحة لدينا لأنه لا يوجد تحيز، وكنا محايدين في التحقق من الحقائق التي أمامنا.