الدمام: شذى مدن

في وقت أعلنت فيه وزارة الداخلية عن انخفاض وفيات الحوادث بنسبة 25.9% في العام الجاري 2024 خلال الأشهر الـ9 الأولى من هذا العام، مقارنة بعام 2023، مسجلة إنجازًا مهمًا بانخفاض وفيات حوادث الطرق في المملكة من 28.8 حالة لكل 100 ألف نسمة عام 2016 إلى نحو 13 حالة في عام 2023، بقيت أسعار تأمين السيارات في ارتفاع كبير، رأى كثيرون أنه لا يتناسب مع السلامة المرورية التي تعززت خلال السنوات الأخيرة.

وفتح انخفاض وفيات حوادث الطرق السعودية خلال العام الجاري الأبواب على 3 محاور أساسية تدخل ضمناً في مسألة السلامة المرورية؛ بداية من الجهود الكبيرة لوزارة الداخلية وقطاعاتها الأمنية في خفض حوادث الطرق التي أعلنت عنها مؤخراً وتشير إلى إنجاز نوعي في هذا الجانب، كما فتحت باباً لمحور مهم آخر، وهو استمرار ارتفاع قيمة التأمين على المركبات على الرغم من التغيير الإيجابي في مستوى السلامة المرورية وانخفاض الحوادث، وفتحت كذلك باباً لمحور ثالث حول تحويل التفكير من التركيز على حركة المركبات إلى حركة الناس وسلوكياتهم المرورية.

ارتفاع أسعار التأمين

أثار بيان الداخلية الرسمي المتعلق بالانخفاض النوعي في حوادث الطرق الانتباه أكثر إلى ارتفاع أسعار تأمين المركبات.

ويذكر علي حسين أنه أمن على مركبته من نوع لكزس بقيمة 750 ريالاً متنازلاً عن كثير من التغطيات الثانوية، فيما دفع قرابة 2000 ريال لتأمين سيارة أخرى لديه من نوع شيفروليه.

وأشار إلى أن قيمة التأمين الشامل لسيارة والدته من نوع هونداي في حدود 2500 ريال.

وكان قد سبق لإعلام شركات التأمين السعودية التصريح بأنه من المتوقع والمأمول أن يسهم الرصد الآلي لكل المركبات على الطرق، ورصد غير المؤمن منها، في رفع أعداد المؤمن عليهم، ومن ثم انخفاض أسعار وثائق التأمين على المدى الطويل، كما نشهد إطلاق مبادرات إيجابية مثل الخصم على التأمين من طرف بعض شركات التأمين.

التأمين مطلب ضروري

بدورهم، شدد مختصون على أهمية التأمين على المركبات.

وفي جانب قانوني لفت المحامي ثامر آل محيسن إلى أنه «تكمن أهمية التأمين في الحوادث المرورية في حفظ الحقوق وتقليل المسؤوليات، وعند وقوع حادث مروري يصبح التأمين أداة أساسية لتفادي التبعات المالية التي قد تترتب على المتسبب في الحادث».

وأضاف، «يسهم التأمين في تغطية تكاليف الأضرار المادية والإصابات التي قد تلحق بالطرف المتضرر، ويخفف من الأعباء والمسؤوليات التي قد تقع على عاتق المتسبب».

إجراءات وخطوات

تناول آل محيسن الإجراءات المترتبة بعد وقوع الحادث المروري، وأوضح، «في حال وقوع حادث، يجب اتباع الخطوات التالية لضمان الحصول على التعويض المناسب:

ـ دور مندوب»نجم«:

يتم توثيق الحادث، وتحديد نسبة الخطأ بين الأطراف المعنية.

ـ التوجه إلى مراكز التقدير:

بعد تحديد المسؤولية، يتعين على المتضرر تقدير الأضرار في أحد مراكز التقدير المعتمدة.

ـ مراجعة شركة التأمين:

يجب التوجه إلى شركة التأمين الخاصة بالطرف المسؤول عن الحادث لتقديم طلب التعويض عن الأضرار (سواء كانت مادية أو إصابات).

الوعي القانوني

أكمل آل محيسن شارحاً أنه في حال رفض التعويض يتم رفع دعوى، وقال»إذا رفضت شركة التأمين صرف التعويض، يمكن للمتضرر رفع دعوى لدى الأمانة العامة للجان الفصل في المنازعات والمخالفات التأمينية. وفي حال صدور حكم لصالح المتضرر ولم يتم تنفيذه، يحال الأمر إلى محكمة التنفيذ لإجبار شركة التأمين على صرف التعويض.«

وأشار إلى إشكالية عدم إعلام القاضي بوجود التأمين، وبين»يواجه بعض المتسببين بالحوادث دعوى قضائية من المتضررين، رغم وجود تأمين يغطي الأضرار. وهنا تكمن المشكلة في أن المتضرر أحياناً لا يبلغ القاضي بأنه لم يلجأ إلى شركة التأمين، أو أنه لم يحصل على ما يثبت رفض شركة التأمين تعويضه. في هذه الحالة، ينبغي على القاضي رد الدعوى، إذ إن اللجوء إلى التأمين هو الخطوة الأولى التي يجب اتخاذها قبل إقامة الدعوى«.

أنظمة واضحة

علق آل محيسن مبيناً أنه»وفق الأنظمة المعمول بها، تلزم شركات التأمين بصرف التعويض خلال مدة أقصاها 15 يوماً من تاريخ استلام الطلب المكتمل من المتضرر. في حال عدم الالتزام بهذه المدة، يكون من حق المتضرر التوجه للجهات المعنية للمطالبة بحقه.«

الشباب عرضة للحوادث

كل هذه الإجراءات التي تصب في توعية المواطن قانونياً ونظامياً هي امتداد لتغيير إيجابي آخر يدخل في مسألة الوعي السلوكي المروري لخفض نسبة الوفيات، والحوادث، وحتى مستوى الإصابات الناجمة عن الحوادث.

وأظهرت إحصاءات النقل البري لعام 2023 انخفاضاً في عدد الوفيات في الحوادث المرورية بنسبة 2.9% عن عام 2022، وانخفاض الإصابات الناجمة عن الحوادث بنسبة 1.8%، مع الإشارة إلى أن نسبة الوفيات في الحوادث المرورية ارتفعت لدى الفئة من 18 إلى 30 عاماً بنسبة 35%، تلتها الفئة العمرية الواقعة بين 31 و40 عاماً بنسبة 22%.

معالجة السلوكيات الخاطئة

من جانبها، كثفت وزارة الداخلية جهودها بالتعاون مع لجان السلامة المرورية في إمارات المناطق لتعزيز السلامة المرورية بمبادرات تحفيزية مثل جائزة السائق المثالي، وغيرها، فضلاً عن المشاريع مشتركة والإستراتيجية مع الجهات الحكومية والخاصة، لتأصيل القيم ومعالجة السلوكيات الخاطئة أثناء القيادة، بهدف رفع وعي المجتمع وقائدي المركبات تجاه السلامة المرورية.

مؤشرات السلامة المرورية

عملت وزارة الداخلية كذلك على تطوير منهجية متابعة نضج مؤشرات الأداء الإستراتيجية، بوضع مستهدفات سنوية ذات تأثير مباشر على نضج المؤشرات، لتحقيق المؤشر الإستراتيجي السنوي المستهدف المعتمد لخفض الوفيات لكل 100 ألف نسمة.

كما تعمل الجهات المعنية في منظومة اللجنة الوزارية للسلامة المرورية ولجان السلامة المرورية في إمارات المناطق على تحقيق انخفاض ملموس في الحوادث المرورية الجسيمة من خلال تنفيذ التحسينات الهندسية على الطرق الرئيسة والسريعة وتزويدها بمتطلبات السلامة، وتعزيز الرقابة والضبط المروري على الطرق كافة بتقنيات حديثة وحملات ممنهجة للتعامل مع المخالفات المرورية، وتفعيل خدمات الإسعاف الجوي في خمس مناطق، وتحديد المناطق التي تحتاج إلى تعزيز إضافي ورفع القدرات الصحية للتعامل مع مصابي الحوادث المرورية، واستحداث مراكز طبية مختصة في التعامل مع تلك الإصابات.

معايير غير ثابتة

أوضح عيد الناصر وهو مستشار سابق في التأمين وإدارة المخاطر، أن»أسعار التأمين على المركبات تخضع إلى معايير غير ثابتة في سوق التأمين السعودي، وهي تختلف من شركة إلى أخرى بناء على الأقساط، وقياسها مع تكلفة الخسائر، وما تضعه الشركة من تكلفة نسبية للأرباح تتناسب مع وضع الشركة في سوق التأمين«.

ولفت إلى أن»السنوات الأربع الأخيرة اختلفت فيها الأسعار بعد أن ضرب السوق طوفان المخالفات المرورية والحوادث التي نجمت من قيادة المرأة بنسبة أكبر من الذكور«.

ونوه إلى أن»الأسعار التي يراها البعض مرتفعة ناجمة عن عدة عوامل مؤثرة سواء في معدل الشركة أو معدل السوق السعودية كاملة".

الحركة المرورية والحوادث (وفقاً لما ذكرته منظمة الصحة العالمية)

* يلقى قرابة 1.19 مليون شخص حتفهم سنوياً بسبب حوادث المرور.

* إصابات حوادث المرور تعد السبب الرئيس للوفاة بين الأطفال والشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 5 و29 عاماً.

* تقع نسبة 92% من الوفيات الناجمة عن حوادث الطرق في العالم في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل، رغم أن نسبة المركبات التي تستأثر بها هذه البلدان لا تتجاوز نحو 60% من المركبات في العالم.

* يتركز أكثر من نصف إجمالي الوفيات الناجمة عن حوادث المرور في العالم بين مستخدمي الطرق الأكثر عرضة للخطر، وهم: المشاة وراكبو الدراجات الهوائية والدراجات النارية.

* تكلف حوادث المرور معظم البلدان نسبة قدرها 3% من ناتجها المحلي الإجمالي.

* الهدف العالمي هو خفض عدد الوفيات والإصابات الناجمة عن حوادث المرور في العالم إلى النصف بحلول عام 2030

سبل خفض الحوادث المرورية الجسيمة

ـ تنفيذ تحسينات هندسية على الطرق الرئيسة والسريعة

ـ تزويد الطرق الرئيسة والسريعة بمتطلبات السلامة

ـ تعزيز الرقابة والضبط المروري على الطرق كافة بتقنيات حديثة

ـ تفعيل حملات ضبط المخالفات المرورية

ـ تفعيل خدمات الإسعاف الجوي

ـ تحديد المناطق التي تحتاج إلى تعزيز إضافي ورفع القدرات الصحية للتعامل مع مصابي الحوادث المرورية

ـ استحداث مراكز طبية مختصة في التعامل مع إصابات الحوادث المرورية