شددت وسائل التواصل الاجتماعي من الضغوط التي تمارس على الفتيات، على نحو الخصوص، خصوصا الفتيات في سن المراهقة، حيث يحرصن على تقليد المشاهير في أجسادهم وأشكالهم وحتى لباسهم، معتقدات أن المشاهير يمثلون مقاييس الجمال المطلوبة.
ودفع ذلك الضغط عددا من الفتيات إلى الخضوع لتدخلات طبية قد لا تتناسب مع أعمارهن رغبة منهن في الظهور بمظهر قريب من مشهورهم أو مشهورتهم المفضلة.
محور اهتمام
يبين مدير محطة تلفزيون نجران، علي زينان، أن تقدير الذات وتقبل النفس يمثل محور اهتمام الشباب من الجنسين، لكن كثيرين منهم لا يدركون أن مواقع التواصل الاجتماعي تعكس فعليا صورة معدلة عن الواقع، وتقدم صورا مزيفة عن حياة المشاهير اليومية عنوانها الأبرز كما أسميه (الوهم).
وأوضح أنه يصعب جدا مقاومة السوشال ميديا في هذه المرحلة، كونها تلبي احتياجات المراهق بل وتتحدى تفكيره، وتخاطب غرائزه.
وقد تؤدي متابعة حياة المشاهير إلى التركيز الزائد على الشكل الخارجي والمظاهر السطحية، ما يتسبب في انعدام الثقة بالنفس ويزيد الضغط من أجل تحقيق المعايير الجمالية الخارجية اللاواقعية.
وأشار إلى أنه للمشاهير تأثيرهم على الشباب عامة والمراهقين خاصة، حيث يقلدونهم حتى لو لم تكن الموضة مناسبة، وأكثر ما يوضح هذه النقطة هو انتشار (الهبة) في لبس معين مثلا بنطلون أو بلوزة شكلا أو لونا أو تصميما والتي لا جمال ولا قيمة ولا معنى لها إلا أن البعض يرتديها ليشعر أنه مواكب وعصري لما تروج له قدوته حتى يتشبه به، وبالتالي هو يتبنى فكرة خاطئة وخطيرة تنص على أن إذا لم تتبع أو تطبق الصيحات الرائجة فأنت لست جزءا ولست محطا للأنظار، ولا للمتابعة، ولا للثقة في كثير من الأحيان، لأنك ببساطة، «مش عالموضة أو مش زي الكل!» أو متخلف.
وقال «هذا الضغط الاجتماعي بالتأكيد يجعل كثيرين يتبعون المنهج الجمعي أو منهجية القطيع، أو بالدارج (مع الخيل يا شقرا) دون أن يكون لهم رأي أو ذوق في اختياره، فترى الإنسان البسيط يلهث وراء اختيار الماركات والعلامات التجارية التي قد تكون مزيفة ليدعي أنه يظهر بصورة عصرية، ولذلك تلعب معظم الشركات على مفهوم التقليد لنتائجه المضمونة».
وأضاف «التقليد قد لا يتوافق مع الشخص المقلد، فما يناسب غيرك لا يناسبك، وما يبدو جميلا ومقبولا على الآخر قد يكون مسخا ومشوها لك».
وتابع «في المقابل، يكون للضغط الاجتماعي بمفهومه الإيجابي انعكاسه الجيد لأنه يكون عقلانيا، غير مبالغ فيه، ضمن الإمكانيات المتوفرة والحاجات الشخصية، وبعيدا عن إرضاء أي شخص أو جهة، أو تشابه مع أحد، دافعه التجديد مع المحافظة على الذوق الشخصي، أي أنه هدف صحي ومفيد استغل لتحسين الذوق والانفتاح على أذواق وأنماط أخرى وفق المتاح والإمكانات المادية والاستعداد النفسي».
تأثير شديد
أوضحت شادن حمدي، وهي أخصائية نفسية في مستشفى الشفاء التخصصي في نجران، أن «السوشال ميديا أثرت بشكل رهيب على المرأة بغض النظر عن سنها، وكثير من النساء باتت تطلب الطلاق بسبب المقارنات، سواء المقارنة مع المشاهير أو مع الآخرين من الأقارب والمعارف».
وتابعت «لم تعد كثيرات يقنعن بأشكالهن أو وأقعهن، وصرن يتخبطن في كل عيادة تجميل، ويدفعن مبالغ باهظة للوصول إلى ما يتصورنه الكمال، ناسيات أن الرضا ينبع من الداخل، مما أثر عليهن نفسيا وأصابهن بالاكتئاب، وانخفاض تقدير الذات، والرهاب الاجتماعي، والقلق، ودوامة تقليد المشاهير وغيرهم، على الرغم من أنهن لسن بحاجة إلى التجميل».
وأكدت «تغفل كثيرات عن أن ما يظهر في السوشال ميديا ليس حقيقيا على الدوام، وإحداهن انفصلت عن زوجها نتيجة مقارناتها بالمشاهير حتى أنها أصيبت بنحافة شديدة جدا لأنها كانت تسعى للوصول إلى ما تعتقده الجسم المثالي متأثرة بما يروج له بأن النحافة موضة».
إجهاد نفسي
توضح نورة الهندي، أن «الضغوط المرتبطة بالمظهر الخارجي تعد حالة من الإجهاد النفسي نتيجة اهتزاز الثقة بالنفس لدى المراهقات»، وقالت «للأسف للسوشال ميديا دور سلبي كبير في الموضوع؛ إذ تضخم الصور الجمالية غير الواقعية لدى المراهقات، فالمعايير التي يطرحها الإعلام أشبه بالكمال مما يفوق مقدرة الفرد العادي على بلوغه، فيتم تصوير الجمال على أنه صفات لا تشوبها شائبة، وبلا شك تتأثر الفتيات بهذا الضغط النفسي الذي يولد إحساسا مستنزفا بحاجتهم للتماثل مع هذه المعايير».
وأكدت «الصورة المثالية تؤثر على توقعات الفتيات المراهقات لأنفسهن ومحاولتهن تحقيق هذه المقاييس، وإحساسهن بتخلفهن في حال عدم استطاعتهن بلوغ هذه الصورة المثالية، فيعشن صراعا نفسيا دائما، قد يؤدي إلى شعورهن بتدني الاستحقاق لارتباطه مجتمعيا بصور جمالية مبالغ فيها».
وتابعت «لا شك أن هذا العامل يرفع من توقعات الفتيات المستحيلة لبلوغ الجمال بطرق لا تعد مناسبة لمرحلتهن العمرية (طرق التجميل الحديثة)، فالصور التي يتم تداولها هي هاجس نفسي للمراهقات التي لا تتوافق ظروفهن الواقعية مع ما تروج له السوشال ميديا».
وأكملت «تخلق مواقع التواصل الاجتماعي ظاهرة التمييز الشكلي لدى المراهقات وحاجتهن لتوافق مظهرهن مع بقية أقرانهن، لتجنب التنمر والتمييز والتفرقة بناءً على المظهر».
ضغوط المظهر
بدورها، بينت أروى الحارثي، أن الضغوط المرتبطة بالمظهر الخارجي ما هي إلا توقعات اجتماعية وثقافية فرضت على الأفراد، خصوصًا الفتيات المراهقات، لتلبية معايير جمالية معينة.
وقالت «تؤثر هذه الضغوط بشكل كبير على تقدير الفتيات لذواتهن، وغالبًا ما تجعلهن يشعرن بالضغط للامتثال لمعايير قد تكون غير واقعية».
وأوضحت أن «وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي تلعبان دورًا رئيسا في تعزيز هذه المعايير، مما يزيد من التوتر والإحباط، حيث تروّج وسائل الإعلام لمعايير جمالية مثالية مثل النحافة المفرطة، ولون البشرة الفاتح، وتصفيفات الشعر المعقدة، والأزياء الغالية، مؤثرة على كيفية رؤية الفتيات لأنفسهن، حيث يسعين لتحقيق صورة مثالية غالبا ما تكون بعيدة عن الواقع. مما يؤدي إلى ضغط إضافي يجعلهن يشعرن بعدم الكفاية في حال لم يستطعن تحقيق تلك المعايير».
وأشارت إلى أن «منصات مثل إنستجرام وتيك توك تلعب دورا بارزا في نشر صور مثالية تؤدي إلى مقارنات مستمرة بين الفتيات. تلك الصور، التي غالبا ما تكون معدلة أو مصنوعة، تعزز من مفهوم الجمال الضيق وتساهم في نشر معايير غير قابلة للتحقيق».
وترى أن «الضغوط المتعلقة بالمظهر تؤدي إلى قلق واكتئاب، حيث تشعر الفتيات بعدم الكفاية بسبب المقارنات المستمرة، مما يضعف تقديرهن للذات».
وأكملت «تؤثر هذه الضغوط على العلاقات الاجتماعية، وتؤدي إلى تمييز وتفرقة بين الفتيات بناءً على مظهرهن، وتعاني كثير من الفتيات من التنمر أو الشعور بالنقص بسبب عدم توافقهن مع معايير الموضة السائدة».
وختمت بأنه «يتعين على المجتمع تعزيز قبول التنوع في معايير الجمال وتوفير بيئة إيجابية تساهم في مواجهة الضغوط. فمن المهم أن يتم تشجيع التفكير النقدي تجاه محتوى وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي لضمان صحة نفسية جيدة للفتيات».
مبالغات بين الطالبات
تشير علياء آل ساعد، وهي معلمة للمرحلة الثانوية إلى أن هذا الموضوع شائك ومبالغ فيه، على الأخص لدى طالبات المرحلة الثانوية اللواتي بات المظهر الخارجي يشغلهن بغض النظر عن المضمون، وقالت «هذا أمر محبط، برأيي المظهر مهم، ولكن لا نتوقف عليه ونهمل مضمون الشخص».
وشددت على التأثير السلبي لوسائل التواصل الاجتماعي على تصرفات الطالبات ومظهرهن الخارجي وطريقة تعبيرهن وتصرفاتهن، وقالت «لدي تخوّف جدي من أن نصبح جيلا يقاد ولا يقود».
وتابعت «للأسف بعضهن لا ينتبهن إلى متطلبات أجسادهن في هذه السن، فهن يأكلن حسب المظهر، وتنتشر بينهن مشروبات الطاقة والأكل غير الصحي المتماشي مع ما هو دارج، والثقة بالنفس في أدنى مراحلها».
أولاد الحياة
تستذكر بدره اليامي، وهي أم لمراهقتين مقولة جبران خليل جبران «أولادكم ليسوا لكم، أولادكم أبناء الحياة»، وتقول «هذا ما تؤكده وسائل التواصل الاجتماعي».
وتضيف «الحقيقة أن مواقع التواصل الاجتماعي هي المسيطر الأكبر على الأبناء منذ طفولتهم، بداية من الألعاب، وصولا إلى الأزياء والشكل الجمالي الذي لم يعد يعتمد على ما وهبه الله للبعض من خلقه جميلة، بل أصبحنا أمام الجمال المزيف من عمليات الأنف وصولا للشفاه الممتلئة وغيرها».
وبينت «لا بد من كشف موهبة المراهقة منذ طفولتها وتعزيزها لتقوية ثقتها واعتزازها بنفسها لرسم طريقها الخاص بعيدا عن التقليد والسطحية، ولا بد من التعامل بذكاء مع ضغوط المرحلة العمرية التي تمر بها، كونها ما زالت تتخبط للبحث عن ذوقها الخاص».
أرض خصبة
تعيد منيرة خالد، وهي أم لأربعة أطفال، الأمر برمته إلى الأسرة، وتعدها الأرض الخصبة التي إن صلحت وحدد ما يزرع فيها ظهرت نتائجه جلية على الأبناء.
وقالت «تحاول المراهقات الانجراف نحو التقليد، لكن على الأبوين أن يوضحا الطريق أمامها، وأن يساعداها على اختيار الأنسب، وأن يضبطا الحدود التي يجب ألا تتجاوزها».
وأضافت «هذا لا يعني إغلاق المنافذ كلها، بل لا بد من فتح طريق للتراجع، ولا بد من إدراك أن التجريب في حدود الموضة وتقليد المراهقات لأبناء جيلهن ليس بتلك الخطورة، وصيحات الموضة لها منذ القدم أشكالها وطرقها، ولها إيجابياتها وسلبياتها، وعلى الوالدين الاطلاع على ما يهم أبناءهم ومساعدتهم في كشف أضرار الترندات من الأزياء والتجميل وما يتبعها من خطورة في المستقبل».
الكوريون يؤثرون
تقول رودينا إبراهيم، وهي طالبة في المرحلة المتوسطة «أغلب زميلاتي يحاولن التماشي في ملابسهن وقصات شعرهن والمكياج مع المشاهير الكوريين». وتضيف «أرى ذلك جميلا ومتنوعا ويناسب أعمارنا». وتكمل «لم يصدف أن حدث أي تنمر أمامي أو معي شخصيا من أجل الموضة والذوق في اختيار الملابس».
معايير شاملة
وترى بتول حسين، وهي طالبة في المرحلة الثانوية أن «معايير الجمال في مرحلة المراهقة لا تقف على الشكل فقط، بل تصل إلى الماركات وطريقة التحدث والميكب، ففي مجتمعنا الطلابي فإن الطالبة الملفتة والمتبعة للترند تملك كثيرا من الصديقات والعكس بالعكس، حيث تتعرض بعض الفتيات للتنمر والاستهزاء إن كان ذوقها لا يتبع الموضة».
ـ مسايرة الموضة تشكل ضغطا على المراهقات
ـ هذه المسايرة تدفع بعض الفتيات لإجراء عمليات لا تناسب أعمارهن
ـ السوشال ميديا تروج لمقاييس جمال أقرب للمثالية ويصعب الوصول إليها
ـ عدم القدرة على مجاراة المقاييس والموضة تضع المراهقات تحت ضغط التنمر
ـ الموضة لا تقتصر على طريقة اللباس وقصة الشعر بل تصل إلى تغيير الشكل بالعمليات.
ودفع ذلك الضغط عددا من الفتيات إلى الخضوع لتدخلات طبية قد لا تتناسب مع أعمارهن رغبة منهن في الظهور بمظهر قريب من مشهورهم أو مشهورتهم المفضلة.
محور اهتمام
يبين مدير محطة تلفزيون نجران، علي زينان، أن تقدير الذات وتقبل النفس يمثل محور اهتمام الشباب من الجنسين، لكن كثيرين منهم لا يدركون أن مواقع التواصل الاجتماعي تعكس فعليا صورة معدلة عن الواقع، وتقدم صورا مزيفة عن حياة المشاهير اليومية عنوانها الأبرز كما أسميه (الوهم).
وأوضح أنه يصعب جدا مقاومة السوشال ميديا في هذه المرحلة، كونها تلبي احتياجات المراهق بل وتتحدى تفكيره، وتخاطب غرائزه.
وقد تؤدي متابعة حياة المشاهير إلى التركيز الزائد على الشكل الخارجي والمظاهر السطحية، ما يتسبب في انعدام الثقة بالنفس ويزيد الضغط من أجل تحقيق المعايير الجمالية الخارجية اللاواقعية.
وأشار إلى أنه للمشاهير تأثيرهم على الشباب عامة والمراهقين خاصة، حيث يقلدونهم حتى لو لم تكن الموضة مناسبة، وأكثر ما يوضح هذه النقطة هو انتشار (الهبة) في لبس معين مثلا بنطلون أو بلوزة شكلا أو لونا أو تصميما والتي لا جمال ولا قيمة ولا معنى لها إلا أن البعض يرتديها ليشعر أنه مواكب وعصري لما تروج له قدوته حتى يتشبه به، وبالتالي هو يتبنى فكرة خاطئة وخطيرة تنص على أن إذا لم تتبع أو تطبق الصيحات الرائجة فأنت لست جزءا ولست محطا للأنظار، ولا للمتابعة، ولا للثقة في كثير من الأحيان، لأنك ببساطة، «مش عالموضة أو مش زي الكل!» أو متخلف.
وقال «هذا الضغط الاجتماعي بالتأكيد يجعل كثيرين يتبعون المنهج الجمعي أو منهجية القطيع، أو بالدارج (مع الخيل يا شقرا) دون أن يكون لهم رأي أو ذوق في اختياره، فترى الإنسان البسيط يلهث وراء اختيار الماركات والعلامات التجارية التي قد تكون مزيفة ليدعي أنه يظهر بصورة عصرية، ولذلك تلعب معظم الشركات على مفهوم التقليد لنتائجه المضمونة».
وأضاف «التقليد قد لا يتوافق مع الشخص المقلد، فما يناسب غيرك لا يناسبك، وما يبدو جميلا ومقبولا على الآخر قد يكون مسخا ومشوها لك».
وتابع «في المقابل، يكون للضغط الاجتماعي بمفهومه الإيجابي انعكاسه الجيد لأنه يكون عقلانيا، غير مبالغ فيه، ضمن الإمكانيات المتوفرة والحاجات الشخصية، وبعيدا عن إرضاء أي شخص أو جهة، أو تشابه مع أحد، دافعه التجديد مع المحافظة على الذوق الشخصي، أي أنه هدف صحي ومفيد استغل لتحسين الذوق والانفتاح على أذواق وأنماط أخرى وفق المتاح والإمكانات المادية والاستعداد النفسي».
تأثير شديد
أوضحت شادن حمدي، وهي أخصائية نفسية في مستشفى الشفاء التخصصي في نجران، أن «السوشال ميديا أثرت بشكل رهيب على المرأة بغض النظر عن سنها، وكثير من النساء باتت تطلب الطلاق بسبب المقارنات، سواء المقارنة مع المشاهير أو مع الآخرين من الأقارب والمعارف».
وتابعت «لم تعد كثيرات يقنعن بأشكالهن أو وأقعهن، وصرن يتخبطن في كل عيادة تجميل، ويدفعن مبالغ باهظة للوصول إلى ما يتصورنه الكمال، ناسيات أن الرضا ينبع من الداخل، مما أثر عليهن نفسيا وأصابهن بالاكتئاب، وانخفاض تقدير الذات، والرهاب الاجتماعي، والقلق، ودوامة تقليد المشاهير وغيرهم، على الرغم من أنهن لسن بحاجة إلى التجميل».
وأكدت «تغفل كثيرات عن أن ما يظهر في السوشال ميديا ليس حقيقيا على الدوام، وإحداهن انفصلت عن زوجها نتيجة مقارناتها بالمشاهير حتى أنها أصيبت بنحافة شديدة جدا لأنها كانت تسعى للوصول إلى ما تعتقده الجسم المثالي متأثرة بما يروج له بأن النحافة موضة».
إجهاد نفسي
توضح نورة الهندي، أن «الضغوط المرتبطة بالمظهر الخارجي تعد حالة من الإجهاد النفسي نتيجة اهتزاز الثقة بالنفس لدى المراهقات»، وقالت «للأسف للسوشال ميديا دور سلبي كبير في الموضوع؛ إذ تضخم الصور الجمالية غير الواقعية لدى المراهقات، فالمعايير التي يطرحها الإعلام أشبه بالكمال مما يفوق مقدرة الفرد العادي على بلوغه، فيتم تصوير الجمال على أنه صفات لا تشوبها شائبة، وبلا شك تتأثر الفتيات بهذا الضغط النفسي الذي يولد إحساسا مستنزفا بحاجتهم للتماثل مع هذه المعايير».
وأكدت «الصورة المثالية تؤثر على توقعات الفتيات المراهقات لأنفسهن ومحاولتهن تحقيق هذه المقاييس، وإحساسهن بتخلفهن في حال عدم استطاعتهن بلوغ هذه الصورة المثالية، فيعشن صراعا نفسيا دائما، قد يؤدي إلى شعورهن بتدني الاستحقاق لارتباطه مجتمعيا بصور جمالية مبالغ فيها».
وتابعت «لا شك أن هذا العامل يرفع من توقعات الفتيات المستحيلة لبلوغ الجمال بطرق لا تعد مناسبة لمرحلتهن العمرية (طرق التجميل الحديثة)، فالصور التي يتم تداولها هي هاجس نفسي للمراهقات التي لا تتوافق ظروفهن الواقعية مع ما تروج له السوشال ميديا».
وأكملت «تخلق مواقع التواصل الاجتماعي ظاهرة التمييز الشكلي لدى المراهقات وحاجتهن لتوافق مظهرهن مع بقية أقرانهن، لتجنب التنمر والتمييز والتفرقة بناءً على المظهر».
ضغوط المظهر
بدورها، بينت أروى الحارثي، أن الضغوط المرتبطة بالمظهر الخارجي ما هي إلا توقعات اجتماعية وثقافية فرضت على الأفراد، خصوصًا الفتيات المراهقات، لتلبية معايير جمالية معينة.
وقالت «تؤثر هذه الضغوط بشكل كبير على تقدير الفتيات لذواتهن، وغالبًا ما تجعلهن يشعرن بالضغط للامتثال لمعايير قد تكون غير واقعية».
وأوضحت أن «وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي تلعبان دورًا رئيسا في تعزيز هذه المعايير، مما يزيد من التوتر والإحباط، حيث تروّج وسائل الإعلام لمعايير جمالية مثالية مثل النحافة المفرطة، ولون البشرة الفاتح، وتصفيفات الشعر المعقدة، والأزياء الغالية، مؤثرة على كيفية رؤية الفتيات لأنفسهن، حيث يسعين لتحقيق صورة مثالية غالبا ما تكون بعيدة عن الواقع. مما يؤدي إلى ضغط إضافي يجعلهن يشعرن بعدم الكفاية في حال لم يستطعن تحقيق تلك المعايير».
وأشارت إلى أن «منصات مثل إنستجرام وتيك توك تلعب دورا بارزا في نشر صور مثالية تؤدي إلى مقارنات مستمرة بين الفتيات. تلك الصور، التي غالبا ما تكون معدلة أو مصنوعة، تعزز من مفهوم الجمال الضيق وتساهم في نشر معايير غير قابلة للتحقيق».
وترى أن «الضغوط المتعلقة بالمظهر تؤدي إلى قلق واكتئاب، حيث تشعر الفتيات بعدم الكفاية بسبب المقارنات المستمرة، مما يضعف تقديرهن للذات».
وأكملت «تؤثر هذه الضغوط على العلاقات الاجتماعية، وتؤدي إلى تمييز وتفرقة بين الفتيات بناءً على مظهرهن، وتعاني كثير من الفتيات من التنمر أو الشعور بالنقص بسبب عدم توافقهن مع معايير الموضة السائدة».
وختمت بأنه «يتعين على المجتمع تعزيز قبول التنوع في معايير الجمال وتوفير بيئة إيجابية تساهم في مواجهة الضغوط. فمن المهم أن يتم تشجيع التفكير النقدي تجاه محتوى وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي لضمان صحة نفسية جيدة للفتيات».
مبالغات بين الطالبات
تشير علياء آل ساعد، وهي معلمة للمرحلة الثانوية إلى أن هذا الموضوع شائك ومبالغ فيه، على الأخص لدى طالبات المرحلة الثانوية اللواتي بات المظهر الخارجي يشغلهن بغض النظر عن المضمون، وقالت «هذا أمر محبط، برأيي المظهر مهم، ولكن لا نتوقف عليه ونهمل مضمون الشخص».
وشددت على التأثير السلبي لوسائل التواصل الاجتماعي على تصرفات الطالبات ومظهرهن الخارجي وطريقة تعبيرهن وتصرفاتهن، وقالت «لدي تخوّف جدي من أن نصبح جيلا يقاد ولا يقود».
وتابعت «للأسف بعضهن لا ينتبهن إلى متطلبات أجسادهن في هذه السن، فهن يأكلن حسب المظهر، وتنتشر بينهن مشروبات الطاقة والأكل غير الصحي المتماشي مع ما هو دارج، والثقة بالنفس في أدنى مراحلها».
أولاد الحياة
تستذكر بدره اليامي، وهي أم لمراهقتين مقولة جبران خليل جبران «أولادكم ليسوا لكم، أولادكم أبناء الحياة»، وتقول «هذا ما تؤكده وسائل التواصل الاجتماعي».
وتضيف «الحقيقة أن مواقع التواصل الاجتماعي هي المسيطر الأكبر على الأبناء منذ طفولتهم، بداية من الألعاب، وصولا إلى الأزياء والشكل الجمالي الذي لم يعد يعتمد على ما وهبه الله للبعض من خلقه جميلة، بل أصبحنا أمام الجمال المزيف من عمليات الأنف وصولا للشفاه الممتلئة وغيرها».
وبينت «لا بد من كشف موهبة المراهقة منذ طفولتها وتعزيزها لتقوية ثقتها واعتزازها بنفسها لرسم طريقها الخاص بعيدا عن التقليد والسطحية، ولا بد من التعامل بذكاء مع ضغوط المرحلة العمرية التي تمر بها، كونها ما زالت تتخبط للبحث عن ذوقها الخاص».
أرض خصبة
تعيد منيرة خالد، وهي أم لأربعة أطفال، الأمر برمته إلى الأسرة، وتعدها الأرض الخصبة التي إن صلحت وحدد ما يزرع فيها ظهرت نتائجه جلية على الأبناء.
وقالت «تحاول المراهقات الانجراف نحو التقليد، لكن على الأبوين أن يوضحا الطريق أمامها، وأن يساعداها على اختيار الأنسب، وأن يضبطا الحدود التي يجب ألا تتجاوزها».
وأضافت «هذا لا يعني إغلاق المنافذ كلها، بل لا بد من فتح طريق للتراجع، ولا بد من إدراك أن التجريب في حدود الموضة وتقليد المراهقات لأبناء جيلهن ليس بتلك الخطورة، وصيحات الموضة لها منذ القدم أشكالها وطرقها، ولها إيجابياتها وسلبياتها، وعلى الوالدين الاطلاع على ما يهم أبناءهم ومساعدتهم في كشف أضرار الترندات من الأزياء والتجميل وما يتبعها من خطورة في المستقبل».
الكوريون يؤثرون
تقول رودينا إبراهيم، وهي طالبة في المرحلة المتوسطة «أغلب زميلاتي يحاولن التماشي في ملابسهن وقصات شعرهن والمكياج مع المشاهير الكوريين». وتضيف «أرى ذلك جميلا ومتنوعا ويناسب أعمارنا». وتكمل «لم يصدف أن حدث أي تنمر أمامي أو معي شخصيا من أجل الموضة والذوق في اختيار الملابس».
معايير شاملة
وترى بتول حسين، وهي طالبة في المرحلة الثانوية أن «معايير الجمال في مرحلة المراهقة لا تقف على الشكل فقط، بل تصل إلى الماركات وطريقة التحدث والميكب، ففي مجتمعنا الطلابي فإن الطالبة الملفتة والمتبعة للترند تملك كثيرا من الصديقات والعكس بالعكس، حيث تتعرض بعض الفتيات للتنمر والاستهزاء إن كان ذوقها لا يتبع الموضة».
ـ مسايرة الموضة تشكل ضغطا على المراهقات
ـ هذه المسايرة تدفع بعض الفتيات لإجراء عمليات لا تناسب أعمارهن
ـ السوشال ميديا تروج لمقاييس جمال أقرب للمثالية ويصعب الوصول إليها
ـ عدم القدرة على مجاراة المقاييس والموضة تضع المراهقات تحت ضغط التنمر
ـ الموضة لا تقتصر على طريقة اللباس وقصة الشعر بل تصل إلى تغيير الشكل بالعمليات.