لا صوت يعلو هذه الأيام على انتخابات الرئاسة الأمريكية التي يترقب العالم كله نتائجها، ويسود بين الجميع ترقب لمعرفة هوية الساكن الجديد للبيت الأبيض، وذلك من واقع التأثير الهائل الذي تملكه الولايات المتحدة على مسار السياسة الدولية، وما تتمتع به من دور رئيسي وثقل في دوائر صنع القرار العالمي.
فالولايات المتحدة هي الدولة المحورية التي تقود النظام العالمي الجديد، والقاطرة التي تتحكم في مسيرة الاقتصاد، وذلك نتيجة لحجمها الاقتصادي والسياسي والعسكري، فهذه حقيقة لا يمكن إنكارها. لذلك فإن تأثير الانتخابات الأمريكية لا يقتصر على الداخل الأمريكي فقط، بل يشمل كل دول العالم.
إذا نظرنا إلى العلاقة بين المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة؛ نجد أنها تعود إلى السنوات الأولى لتوحيد المملكة، فقد قامت على أساس المصالح المشتركة، وساعد اكتشاف النفط في جزيرة العرب بكميات هائلة على وضع أساسها المتين. وقد شهدت هذه العلاقات تطوّرا متواصلا طيلة العقود الماضية نتيجة للمكانة المرموقة التي تتمتع بها الدولتان، وإدراك كل منهما لأهمية التعاون بينهما.
فإذا كانت الولايات المتحدة هي الدولة العظمى فإن السعودية بالمقابل هي قائدة العالمين العربي والإسلامي، والدولة التي تحتضن الحرمين الشريفين والمقدسات الإسلامية، إضافة إلى كونها أكبر دولة منتجة للنفط، وتحرص على ضمان أسعار عادلة للجميع تحقّق استقرار الاقتصاد العالمي. كما أنها عضو رائد في منظمة أوبك وجامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي وغيرهما من المنظمات الإقليمية، فضلا عن كونها إحدى أسرع الاقتصادات نموا في مجموعة العشرين.
وبينما تدرك المملكة المكانة الفريدة للولايات المتحدة، فإن أمريكا تعي بصورة واضحة أن المحافظة على علاقات قوية مع السعودية وتنميتها تمثّل المفتاح الرئيسي لاستقرار منطقة الشرق الأوسط التي تمثل أهمية قصوى للاقتصاد العالمي، وأنه لا بد من تحقيق التوازن في هذه العلاقات، فالثقل الاقتصادي والجيوسياسي للرياض يحتم على واشنطن أن تأخذ مصالح حليفتها الرئيسية بعين الاعتبار.
ولكن هذا التفاهم لا يعني بالطبع أن البلدين على توافق تام في كل الملفات التي تهم الجانبين، فهناك تباين في وجهات النظر واختلاف في الرؤى بسبب تعرجات السياسة وتضارب المصالح في بعض الأحيان. وقد مرت العلاقة بين البلدين بكثير من التقاطعات، لكن اللافت للنظر هو أن الاختلاف ظل في حدوده الطبيعية في جميع الحالات، وأن البلدين أظهرا حرصا على الثوابت الرئيسية.
وربما يرى البعض أن المملكة عندما تعزّز على سبيل المثال علاقاتها مع الصين أو روسيا أو غيرهما فإن ذلك يعني ممارسة الضغوط أو توجيه رسائل سياسية للولايات المتحدة أو تحولا في السياسات وهذا غير صحيح.
فالرياض تمارس سياسة الانفتاح الإيجابي على كل الدول والمعسكرات والتحالفات، وتحرص على وجود خيارات سياسية ودبلوماسية أخرى عبر تنويع التواصل بقدر الإمكان، وتتمسك بإقامة علاقات مرنة تستطيع بها التحوط ضد عدم الاستقرار الدولي، والاستفادة من نقاط قوتها وأصولها لتحقيق أقصى استفادة. فهي توظّف نفوذها الجيوسياسي المتنامي لخدمة مصالحها على أفضل وجه؛ لذلك تتعامل مع كل القوى الكبرى والصاعدة على حد سواء.
كذلك فإن وجود علاقات متميّزة للسعودية مع كل دول العالم يمكّنها من المساهمة في إيجاد حلول للعديد من الخلافات التي تندلع هنا أو هناك، ويساعد على ضمان الاستقرار العالمي، وهذه حقيقة نعيشها فعلا من واقع الأدوار الإيجابية المتعددة التي قامت بها لنزع فتيل التوتر من كثير من الحالات.
ولكن رغم هذا التنوّع في العلاقات والقبول الكبير الذي تجده المملكة في جميع المحافل السياسية والدبلوماسية، فإن علاقتها مع الولايات المتحدة تظل على قدر كبير من الخصوصية، فهي لم تصمد أمام التقلّبات الصاخبة طيلة العقود الماضية فقط، بل تشهد تطوّرا بصورة متواصلة بلغ حد الشراكة الإستراتيجية.
ومن أهم ما يميّز هذه العلاقة معرفة الطرفين للخطوط الحمراء التي لا ينبغي تجاوزها، إضافة لإدراك واشنطن للمسؤوليات التي تحملها الرياض على المستويين الإقليمي والدولي، لذلك كان هناك حرص متبادل على استمرار هذه العلاقات، وظلت كل قنوات الاتصال مفتوحة، رغم اختلاف الآراء أو المواقف.
وعودة إلى موضوع الانتخابات الرئاسية، فإن هذا الأمر لا يشغل الرياض كثيرا، فالنتيجة في الآخر واحدة، سواء فاز المرشح الجمهوري أو الديمقراطي، فكل منهما سيعمل على تقوية هذه العلاقات الثنائية بما يحقّق المصالح المشتركة بينهما. وستبقى خطوط التواصل مفتوحة بينهما.
ولن يكون متاحا أمام الرئيس الأمريكي الجديد، بغض النظر عن هويته، تجاوز الرياض أو القفز على العلاقات الثنائية، لأن تباطؤ النمو الاقتصادي الذي يشهده العالم في الوقت الراهن على خلفية التوترات الأمنية والحرب في أوكرانيا وغزة ولبنان يزيد من أهمية الملف الاقتصادي، ويجعل تعزيز التعاون التجاري هو الأولوية المطلقة للولايات المتحدة خلال الفترة المقبلة.
وفي ظل ما تشهده المملكة من نهضة اقتصادية شاملة في مختلف مناطقها على هدي رؤية 2030 فإن ذلك سوف يشكّل عنصر جذب هائل للإدارة الأمريكية الجديدة ويدفعها للعمل على تهدئة بؤر التوتر في العالم ودفع الاقتصاد العالمي للتعافي، فواشنطن أصبحت أكثر إدراكا من أي وقت مضى للقدرات والإمكانيات السعودية.
لذلك فإن إجابة وزير الخارجية السعودي، الأمير فيصل بن فرحان، كانت واضحة على السؤال الذي وجهته له الإعلامية بيكي أندرسون، الخميس الماضي، على قناة سي إن إن الأمريكية، عندما سألته عن المرشّح الذي تفضّل السعودية فوزه، فأجاب بأن الشعب الأمريكي حتما سوف يختار ما يراه مناسبا لتطلعاته، وأن السعودية عملت طيلة السنين الماضية مع إدارات جمهورية وديمقراطية بشكل ناجح.
فالولايات المتحدة هي الدولة المحورية التي تقود النظام العالمي الجديد، والقاطرة التي تتحكم في مسيرة الاقتصاد، وذلك نتيجة لحجمها الاقتصادي والسياسي والعسكري، فهذه حقيقة لا يمكن إنكارها. لذلك فإن تأثير الانتخابات الأمريكية لا يقتصر على الداخل الأمريكي فقط، بل يشمل كل دول العالم.
إذا نظرنا إلى العلاقة بين المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة؛ نجد أنها تعود إلى السنوات الأولى لتوحيد المملكة، فقد قامت على أساس المصالح المشتركة، وساعد اكتشاف النفط في جزيرة العرب بكميات هائلة على وضع أساسها المتين. وقد شهدت هذه العلاقات تطوّرا متواصلا طيلة العقود الماضية نتيجة للمكانة المرموقة التي تتمتع بها الدولتان، وإدراك كل منهما لأهمية التعاون بينهما.
فإذا كانت الولايات المتحدة هي الدولة العظمى فإن السعودية بالمقابل هي قائدة العالمين العربي والإسلامي، والدولة التي تحتضن الحرمين الشريفين والمقدسات الإسلامية، إضافة إلى كونها أكبر دولة منتجة للنفط، وتحرص على ضمان أسعار عادلة للجميع تحقّق استقرار الاقتصاد العالمي. كما أنها عضو رائد في منظمة أوبك وجامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي وغيرهما من المنظمات الإقليمية، فضلا عن كونها إحدى أسرع الاقتصادات نموا في مجموعة العشرين.
وبينما تدرك المملكة المكانة الفريدة للولايات المتحدة، فإن أمريكا تعي بصورة واضحة أن المحافظة على علاقات قوية مع السعودية وتنميتها تمثّل المفتاح الرئيسي لاستقرار منطقة الشرق الأوسط التي تمثل أهمية قصوى للاقتصاد العالمي، وأنه لا بد من تحقيق التوازن في هذه العلاقات، فالثقل الاقتصادي والجيوسياسي للرياض يحتم على واشنطن أن تأخذ مصالح حليفتها الرئيسية بعين الاعتبار.
ولكن هذا التفاهم لا يعني بالطبع أن البلدين على توافق تام في كل الملفات التي تهم الجانبين، فهناك تباين في وجهات النظر واختلاف في الرؤى بسبب تعرجات السياسة وتضارب المصالح في بعض الأحيان. وقد مرت العلاقة بين البلدين بكثير من التقاطعات، لكن اللافت للنظر هو أن الاختلاف ظل في حدوده الطبيعية في جميع الحالات، وأن البلدين أظهرا حرصا على الثوابت الرئيسية.
وربما يرى البعض أن المملكة عندما تعزّز على سبيل المثال علاقاتها مع الصين أو روسيا أو غيرهما فإن ذلك يعني ممارسة الضغوط أو توجيه رسائل سياسية للولايات المتحدة أو تحولا في السياسات وهذا غير صحيح.
فالرياض تمارس سياسة الانفتاح الإيجابي على كل الدول والمعسكرات والتحالفات، وتحرص على وجود خيارات سياسية ودبلوماسية أخرى عبر تنويع التواصل بقدر الإمكان، وتتمسك بإقامة علاقات مرنة تستطيع بها التحوط ضد عدم الاستقرار الدولي، والاستفادة من نقاط قوتها وأصولها لتحقيق أقصى استفادة. فهي توظّف نفوذها الجيوسياسي المتنامي لخدمة مصالحها على أفضل وجه؛ لذلك تتعامل مع كل القوى الكبرى والصاعدة على حد سواء.
كذلك فإن وجود علاقات متميّزة للسعودية مع كل دول العالم يمكّنها من المساهمة في إيجاد حلول للعديد من الخلافات التي تندلع هنا أو هناك، ويساعد على ضمان الاستقرار العالمي، وهذه حقيقة نعيشها فعلا من واقع الأدوار الإيجابية المتعددة التي قامت بها لنزع فتيل التوتر من كثير من الحالات.
ولكن رغم هذا التنوّع في العلاقات والقبول الكبير الذي تجده المملكة في جميع المحافل السياسية والدبلوماسية، فإن علاقتها مع الولايات المتحدة تظل على قدر كبير من الخصوصية، فهي لم تصمد أمام التقلّبات الصاخبة طيلة العقود الماضية فقط، بل تشهد تطوّرا بصورة متواصلة بلغ حد الشراكة الإستراتيجية.
ومن أهم ما يميّز هذه العلاقة معرفة الطرفين للخطوط الحمراء التي لا ينبغي تجاوزها، إضافة لإدراك واشنطن للمسؤوليات التي تحملها الرياض على المستويين الإقليمي والدولي، لذلك كان هناك حرص متبادل على استمرار هذه العلاقات، وظلت كل قنوات الاتصال مفتوحة، رغم اختلاف الآراء أو المواقف.
وعودة إلى موضوع الانتخابات الرئاسية، فإن هذا الأمر لا يشغل الرياض كثيرا، فالنتيجة في الآخر واحدة، سواء فاز المرشح الجمهوري أو الديمقراطي، فكل منهما سيعمل على تقوية هذه العلاقات الثنائية بما يحقّق المصالح المشتركة بينهما. وستبقى خطوط التواصل مفتوحة بينهما.
ولن يكون متاحا أمام الرئيس الأمريكي الجديد، بغض النظر عن هويته، تجاوز الرياض أو القفز على العلاقات الثنائية، لأن تباطؤ النمو الاقتصادي الذي يشهده العالم في الوقت الراهن على خلفية التوترات الأمنية والحرب في أوكرانيا وغزة ولبنان يزيد من أهمية الملف الاقتصادي، ويجعل تعزيز التعاون التجاري هو الأولوية المطلقة للولايات المتحدة خلال الفترة المقبلة.
وفي ظل ما تشهده المملكة من نهضة اقتصادية شاملة في مختلف مناطقها على هدي رؤية 2030 فإن ذلك سوف يشكّل عنصر جذب هائل للإدارة الأمريكية الجديدة ويدفعها للعمل على تهدئة بؤر التوتر في العالم ودفع الاقتصاد العالمي للتعافي، فواشنطن أصبحت أكثر إدراكا من أي وقت مضى للقدرات والإمكانيات السعودية.
لذلك فإن إجابة وزير الخارجية السعودي، الأمير فيصل بن فرحان، كانت واضحة على السؤال الذي وجهته له الإعلامية بيكي أندرسون، الخميس الماضي، على قناة سي إن إن الأمريكية، عندما سألته عن المرشّح الذي تفضّل السعودية فوزه، فأجاب بأن الشعب الأمريكي حتما سوف يختار ما يراه مناسبا لتطلعاته، وأن السعودية عملت طيلة السنين الماضية مع إدارات جمهورية وديمقراطية بشكل ناجح.