فيصل بن خالد الزهراني

تمثل الدرعية رمزاً وطنياً بارزاً في تاريخ المملكة العربية السعودية، فقد ارتبط ذكرها بالدولة السعودية الأولى وكانت عاصمة لها، وشكلت منعطفاً تاريخياً في الجزيرة العربية.

واستمرت الدرعية المدينة الأشهر في جزيرة العرب خلال القرنين الـ 12 والـ 13 الهجريين الـ 17 والـ 18 الميلاديين، وفي 2010م أعلنت منظمة الأمم المتحدة للعلوم والتربية والثقافة أن حي الطريف في مدينة الدرعية موقع تراث عالمي.

وقدّم خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود الكثير من الجهود لدعم التنمية السياحية والتراث الوطني في المملكة على مدى أكثر من 50 عاماً، منذ توليه إمارة منطقة الرياض حتى وقتنا الحاضر، وكان داعماً رئيسا لمشروعات وبرامج الحفاظ على التراث الوطني، ومتابعاً لحراك المشهد الحضاري والتاريخي، وإبراز البعد الحضاري لأرض المملكة بما يرسخ مكانتها الحضارية وعمقها التاريخي، وتوصيلها إلى العالمية.

وأولى الملك سلمان بن عبدالعزيز قضايا التراث اهتماماً كبيراً، عبّر عنه تطور النسيج العمراني للعاصمة الرياض، خصوصاً المعالم التاريخية التي شهدت تكوين الدولة السعودية، وتوحيد هذه البلاد على يد الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود، حيث حظيت برعاية خاصة منه للمحافظة عليها.

وحافظ خادم الحرمين الشريفين على هوية مدينة الرياض المعمارية طيلة العقود الماضية، سواءً في المواد المستخدمة أو آليات البناء والتصميم مع بعض ملامح التجديد التي لم تؤثر في جوهر الهوية والموروث الحضاري لهذه الأمة، واستطاع أن يعبر بتراث الأمة من الحيز المحلي والإقليمي إلى الفضاء العالمي، وإدراجه في قائمة التراث العالمي، ومنها مواقع مدائن صالح، والدرعية التاريخية، وجدة التاريخية.ويهدف المخطط الرئيس لبوابة الدرعية الذي أسس له خادم الحرمين الشريفين بوضع الحجر الأساس الذي يتكلف 64 مليار ريال، إلى بناء مجتمع حضاري تقليدي متعدد الاستخدامات يحتفي بالتاريخ الثقافي العريق للمملكة العربية السعودية، ممتدًا على مساحة سبعة كيلومترات مربعة بحيث يوفر المخطط خمسة أماكن مميزة للتجمع والاستكشاف تشمل:

* ميدان الملك سلمان: ويقع في الجهة الشمالية ويمثل أكبر منطقة للتجمع في بوابة الدرعية.

* مدرج سمحان: يقع في منتصف الطريق الممتد على طول الجرف، بجوار منطقة التجزئة على الجانب الغربي لبوابة الدرعية.

* ميدان النصب التذكاري لأبطال المملكة: يقع وسط بوابة الدرعية ويربط بين شرق وغرب البوابة ويجاور منطقة أنماط الحياة الجديدة.

* ميدان المسجد: يقع على طول الطريق المعبد، ويمثل نقطة الوصول إلى مسجد الملك سلمان.

* ميدان القرية التاريخية: ويقع في الطرف الجنوبي للقرية التاريخية وستمنح الأماكن والشوارع والبوابات والأبراج والساحات أسماء مستوحاة من الشخصيات التاريخية الشهيرة والملوك والأبطال احتفاء بإرثهم العريق.. ويحد الجرف الطبيعي حافة الهضبة المرتفعة ليضيف عنصرًا من الجمال إلى بوابة الدرعية.

* في اعتراف عالمي بالمكانة التاريخية والتراثية لمدينة الدرعية التاريخية، أعلنت لجنة التراث العالمي موافقتها على تسجيل حي الطريف بالدرعية التاريخية في قائمة التراث العالمي التابعة لليونسكو، خلال اجتماع اللجنة في دورتها الرابعة والثلاثين التي عقدت في شهر شعبان 1431 هـ في مدينة برازيليا بالبرازيل.

وكان تسجيل الدرعية التاريخية ضمن قائمة التراث العالمي التابعة لمنظمة اليونسكو يمثل أحد أهداف الخطة التنفيذية لتطوير الدرعية التاريخية التي وضعتها الهيئة الملكية لمدينة الرياض بالتعاون مع الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني، لما لهذه الخطوة من أهمية في دعم مشاريع التطوير السياحي في الدرعية التاريخية، وزيادة قيمتها الأثرية والتراثية والمعنوية.

فبعد صدور موافقة مجلس الوزراء الموقر على هذا الإجراء، بناء على صدور الأمر السامي الكريم بذلك، تولت الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني متابعة ملف التسجيل مع منظمة (اليونسكو)، وبعد تحقيق اشتراطات المنظمة في هذا المجال، تحقق هذا الهدف بفضل الله، وهو ما يشكل اعترافاً عالمياً بالمكانة التاريخية للدرعية بشكل خاص وللآثار التي تزخر بها المملكة بشكل عام.

فالنظرة المستقبلية لهيئة تطوير بوابة الدرعية التي يرأس مجلس إدارتها صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد رئيس مجلس الوزراء ، كشفت عن الملامح الحديثة للمكان الموغل في التاريخ، ليكون في مقبل الأيام وجهة تاريخية وثقافية وسياحية على المستوى العالمي، وقصة تروى للأجيال عن سيرة الوطن الشامخ ورجاله المخلصين منذ تأسيس الدولة السعودية الأولى.

وقد نشأت «الدرعية» على ضفاف وادي حنيفة عام 850هـ 1446م حتى عهد خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين -أيدهما الله- ليلتقي الماضي مع الحاضر في واقع مميز للحياة المعاصرة.