العلماء والناس بالعموم يسندون التغيير إلى الزمان مجازا؛ وقصدهم أن الناس يطرأ عليهم التغيير عبر الزمان؛ فتتغير أفكارهم وصفاتهم وعاداتهم وسلوكياتهم وأعرافهم، وتبعا لذلك تتبدل الأحكام الشرعية التي بنيت على العادات والأعراف، وتتبدل الأحكام التي قررت بطريق الاجتهاد، أو استنبطت بطرق القياس، أو بغير ذلك من طرق أو أدلة فرعية.
من أشهر عبارات الفقهاء قولهم، «لا ينكر تغير الأحكام بتغير الأزمان»، وعن هذا يقول الإمام القرافي في كتاب «الفروق»، عند حديثه عن «الفرق بين قاعدة خطاب التكليف وقاعدة خطاب الوضع»، «إن الأحكام المترتبة على العوائد تدور معها كيفما دارت، وتبطل معها إذا بطلت، كالنقود في المعاملات، والعيوب في الأعواض في البياعات ونحو ذلك، فلو تغيرت العادة في النقد والسكة إلى سكة أخرى، لحمل الثمن في البيع على السكة التي تجددت العادة بها دون ما قبلها. وكذلك إذا كان الشيء عيباً في الثياب في عادة رددنا به المبيع، فإذا تغيرت العادة وصار ذلك المكروه محبوباً موجباً لزيادة الثمن لم ترد به. وبهذا القانون تعتبر جميع الأحكام المترتبة على العوائد، وهو تحقيق مجمع عليه بين العلماء.. وعلى هذا القانون تراعى الفتاوى على طول الأيام، فمهما تجدد العرف فاعتبره. ومهما سقط فأسقطه.. ولا تجمد على المسطور في الكتب طول عمرك بل إذا جاءك رجل من غير أهل إقليمك يستفتيك لا تجره على عرف بلدك واسأله عن عرف بلده وأجره عليه وأفته به دون عرف بلدك والمقرر في كتبك فهذا هو الحق الواضح والجمود على المنقولات أبدا ضلال في الدين وجهل بمقاصد علماء المسلمين والسلف الماضين..».. على هذا الأساس اختلفت الأحكام، ومن ذلك ما أفتى به بعض المتأخرين من جواز أخذ الأجرة على تعليم القرآن لئلا يهجر القرآن ويندرس، ومثله أنه، صلى الله عليه وسلم، فرض صدقة الفطر صاعاً من تمر أو من شعير أو من زبيب أو من أقط، وهذه غالب أقواتهم بالمدينة، فإذا تبدلت أعطي الصاع من غيرها من الأقوات الجديدة، أو قدرت مالياً.
الخوف من التبديلات المستمرة أجاب عنه الثقات ومنهم الإمام ابن عابدين، قال في «شرح المنظومة المسماة بعقود رسم المفتي»: «(فإن قلت) العرف يتغير مرة بعد مرة فلو حدث عرف آخر لم يقع في الزمان السابق فهل يسوغ للمفتي مخالفة المنصوص واتباع العرف الحادث (قلت) نعم فإن المتأخرين الذين خالفوا المنصوص في المسائل المارة لم يخالفوه إلا لحدوث عرف بعد زمن الإمام، فللمفتي أتباع عرفه الحادث في الألفاظ العرفية وكذا في الأحكام التي بناها المجتهد على ما كان في عرف زمنه وتغير عرفه إلى عرف آخر اقتداء بهم لكن بعد أن يكون المفتي ممن له رأي ونظر صحيح ومعرفة بقواعد الشرع»؛ وهنا أختم بأن التغيير المذكور في الأحكام لا يتناول الأحكام القطعية التي جاءت بها الشريعة، وأن أي تغيير يحصل لا يعد نسخاً للشريعة، لأن الحكم باق، وإنما لم تتوافر له شروط التطبيق، فطبق غيره، وأعني بذلك أن حالة جديدة طرأت، واستلزمت «التحديث»، أي استلزمت تطبيق حكم آخر.
من أشهر عبارات الفقهاء قولهم، «لا ينكر تغير الأحكام بتغير الأزمان»، وعن هذا يقول الإمام القرافي في كتاب «الفروق»، عند حديثه عن «الفرق بين قاعدة خطاب التكليف وقاعدة خطاب الوضع»، «إن الأحكام المترتبة على العوائد تدور معها كيفما دارت، وتبطل معها إذا بطلت، كالنقود في المعاملات، والعيوب في الأعواض في البياعات ونحو ذلك، فلو تغيرت العادة في النقد والسكة إلى سكة أخرى، لحمل الثمن في البيع على السكة التي تجددت العادة بها دون ما قبلها. وكذلك إذا كان الشيء عيباً في الثياب في عادة رددنا به المبيع، فإذا تغيرت العادة وصار ذلك المكروه محبوباً موجباً لزيادة الثمن لم ترد به. وبهذا القانون تعتبر جميع الأحكام المترتبة على العوائد، وهو تحقيق مجمع عليه بين العلماء.. وعلى هذا القانون تراعى الفتاوى على طول الأيام، فمهما تجدد العرف فاعتبره. ومهما سقط فأسقطه.. ولا تجمد على المسطور في الكتب طول عمرك بل إذا جاءك رجل من غير أهل إقليمك يستفتيك لا تجره على عرف بلدك واسأله عن عرف بلده وأجره عليه وأفته به دون عرف بلدك والمقرر في كتبك فهذا هو الحق الواضح والجمود على المنقولات أبدا ضلال في الدين وجهل بمقاصد علماء المسلمين والسلف الماضين..».. على هذا الأساس اختلفت الأحكام، ومن ذلك ما أفتى به بعض المتأخرين من جواز أخذ الأجرة على تعليم القرآن لئلا يهجر القرآن ويندرس، ومثله أنه، صلى الله عليه وسلم، فرض صدقة الفطر صاعاً من تمر أو من شعير أو من زبيب أو من أقط، وهذه غالب أقواتهم بالمدينة، فإذا تبدلت أعطي الصاع من غيرها من الأقوات الجديدة، أو قدرت مالياً.
الخوف من التبديلات المستمرة أجاب عنه الثقات ومنهم الإمام ابن عابدين، قال في «شرح المنظومة المسماة بعقود رسم المفتي»: «(فإن قلت) العرف يتغير مرة بعد مرة فلو حدث عرف آخر لم يقع في الزمان السابق فهل يسوغ للمفتي مخالفة المنصوص واتباع العرف الحادث (قلت) نعم فإن المتأخرين الذين خالفوا المنصوص في المسائل المارة لم يخالفوه إلا لحدوث عرف بعد زمن الإمام، فللمفتي أتباع عرفه الحادث في الألفاظ العرفية وكذا في الأحكام التي بناها المجتهد على ما كان في عرف زمنه وتغير عرفه إلى عرف آخر اقتداء بهم لكن بعد أن يكون المفتي ممن له رأي ونظر صحيح ومعرفة بقواعد الشرع»؛ وهنا أختم بأن التغيير المذكور في الأحكام لا يتناول الأحكام القطعية التي جاءت بها الشريعة، وأن أي تغيير يحصل لا يعد نسخاً للشريعة، لأن الحكم باق، وإنما لم تتوافر له شروط التطبيق، فطبق غيره، وأعني بذلك أن حالة جديدة طرأت، واستلزمت «التحديث»، أي استلزمت تطبيق حكم آخر.