الوطن

تزامنا مع اليوم العالمي للتخدير والذي يصادف ١٦ أكتوبر من كل عام، لا يسعني إلا أن أتأمل في الدور الحيوي الذي يلعبه هذا التخصص في حياة المرضى. كاستشاري تخدير، أعيش يوميًا تجربة تأمين راحة المرضى وسلامتهم خلال العمليات الجراحية والإجراءات الطبية. التخدير هو العلم الذي يسمح للمرضى بالمرور من أصعب اللحظات دون ألم، والعودة بسلام إلى حياتهم اليومية.

منذ أول عملية تخدير ناجحة في عام 1846م، قطع هذا التخصص شوطًا طويلًا. واليوم، تقنيات التخدير الحديثة أصبحت أكثر تطورًا، مما يتيح لنا التحكم بشكل أفضل في الألم وإدارة الحالة الصحية للمريض خلال العمليات الجراحية. ومع ذلك، يتطلب الأمر معرفة دقيقة وخبرة واسعة لتحقيق التوازن المثالي بين الأمان وراحة المريض.

في حياتنا اليومية كأطباء تخدير، نقوم بدور يشبه إلى حد كبير "الحارس الخفي". نحن نعمل في غرف العمليات الجراحية، حيث نراقب عن كثب كل تفصيل في حالة المريض، ونتعامل مع المتغيرات الدقيقة والمفاجئة التي قد تحدث.

شهدت العقود الأخيرة تطورًا كبيرًا في مجال التخدير، من التخدير الموضعي إلى التخدير الكلي المتقدم، حتى استخدام الذكاء الاصطناعي لتحليل البيانات وتقديم توصيات لتحسين الرعاية. هذه التطورات أسهمت بشكل كبير في تقليل مضاعفات العمليات وتحسين تعافي المرضى، ولكنها تتطلب منا كأطباء تخدير متابعة مستمرة للتطورات وتحديث مهاراتنا باستمرار.

ورغم هذا التقدم، لا يزال هناك تحديات كبيرة تواجه تخصص التخدير، لا سيما في مناطق تحتاج إلى مزيد من الكوادر المؤهلة. وفي المملكة العربية السعودية، نرى جهودًا ملحوظة في زيادة المراكز التدريبية لشهادة الاختصاص السعودية والبرامج التعليمية لتأهيل الجيل القادم من أطباء التخدير. هذه المبادرات تساهم في تحسين جودة الرعاية الصحية وتعزيز قدراتنا على مواجهة التحديات اليومية.

في هذا اليوم العالمي للتخدير، أود أن أتوجه بالشكر لكل زملائي في هذا المجال. نحن جزء من فريق متكامل يهدف إلى حماية حياة المرضى وضمان راحتهم. التخدير ليس مجرد إجراء طبي؛ بل هو فن يتطلب خبرة وحساسية عالية لكل مريض وكل حالة. ويبقى الهدف النهائي دائمًا هو أمان وراحة المرضى في كل لحظة من لحظات الرعاية الصحية. وأخيرًا، يجب التأكيد على أن اختيار استشاري التخدير لا يقل أهمية عن اختيار الاستشاري الجراح نفسه، نظرًا لدوره الفعال في سلامة ونجاح العمليات الجراحية.

* د. عمران محمد الحرز

استشاري تخدير الأطفال