اهتمام متعاظم توليه المملكة العربية السعودية لتنمية القطاع غير الربحي وتعظيم دوره في المجتمع، وإيجاد بيئة تشريعية وتنظيمية شفافة تحكم عمل هذا القطاع وتخلّصه من الشوائب التي رافقت بداياته، حتى يمتلك عناصر البقاء والنماء والتطوّر، ويكتسب القدرة على الاستدامة، ومن ثم يصبح قادرا على القيام بالأدوار الإيجابية الكبيرة المنتظرة منه، ليسهم في تقوية النسيج الاجتماعي الراسخ الذي تتسم به هذه البلاد وتستمد منه قدرتها على البقاء والاستمرار.
وتأتي هذه الجهود المتواصلة استجابة لاحتياجات المجتمع وتقديم حزمة متنوعة ومدروسة من المنتجات والمشاريع التي تشتمل على مجموعة كبيرة من المبادرات الأهلية والاجتماعية غير الربحية، بما يؤكد الحرص على ما فيه مصلحة كافة شرائح المجتمع وتزويدهم بالأدوات التي تعينهم على الاستقرار، وتنمّي بداخلهم الوعي المجتمعي.
لكل ذلك تسعى الحكومة السعودية إلى تعزيز دور القطاع غير الربحي، من خلال وضع أطر قانونية وتنظيمية أكثر وضوحا وشفافية، بما في ذلك تسهيل إجراءات تأسيس الجمعيات والمؤسسات غير الربحية، وتوفير الدعم المالي والفني، وتشجيع الشراكات بين القطاع غير الربحي والقطاعات الحكومية والخاصّة. كما تهتم بتعزيز الحوكمة والشفافية لضمان استدامة القطاع ومساهمته الفاعلة في التنمية الاجتماعية والاقتصادية.
وضمن النهضة التشريعية الهائلة التي تعيشها المملكة في هذا العهد الزاهر تحت قيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وسمو ولي عهده الأمير محمد بن سلمان - حفظهما الله - تم إقرار وتحديث العديد من القوانين واللوائح لتعزيز منظومة القطاع غير الربحي في السعودية، مثل نظام الجمعيات والمؤسسات الأهلية الذي صدر بموجب مرسوم ملكي كريم بالرقم (م/8) وتاريخ 1437/02/19، ويعتبر إطارا شاملا لتنظيم العمل الأهلي، حيث يهدف إلى تسهيل تأسيس الجمعيات والمؤسسات غير الربحية، وترسيخ حوكمتها وشفافيتها.
كما تم تعزيز مفاهيم الحوكمة والنزاهة والمحاسبة لضمان إيجاد معايير صارمة للشفافية والمساءلة في المؤسسات غير الربحية، وجعل ذلك جزءا لا يتجزأ من ثقافة المجتمع، وتعزيز الثقة واستدامة العمل بها، إضافة إلى التوجّه نحو التمويل المستدام من خلال تشجيع الاستثمار الاجتماعي وإطلاق مبادرات مثل «وقف الصدقة» لتوفير مصادر تمويل مستدامة. كما تولي وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية أهمية كبرى لهذه الجوانب، حيث تقوم بصورة دورية بإصدار توجيهات واضحة حول كيفية تنظيم وإدارة هذه الجمعيات والمؤسسات.
وكان صدور قرار تأسيس المركز الوطني للقطاع غير الربحي بالرقم (459) وتاريخ 1440/08/11 بمثابة تتويج لكل هذه الجهود، حيث يراد منه أن يكون مظلة تلتئم تحتها كل مؤسسات المجتمع المدني والجمعيات الأهلية، ليسهم بصورة فاعلة في تنظيم العمل الأهلي وتعزيز دوره في المجتمع.
فالمركز يعنى بدرجة أساسية بتسهيل إجراءات الترخيص، وتوفير الدعم المالي، وتعزيز الشراكات مع الجهات الحكومية والخاصة، وتشجيع تبني أنظمة إدارية حديثة تؤدي إلى ترسيخ مفاهيم الشفافية وإعلاء قيم الحوكمة لينتقل هذا القطاع من صيغة العمل الفردي والاجتهادات الشخصية التي كانت ملازمة له ليصبح أكثر مؤسسية.
وليس غريبا القول إن تلك الجهود كانت نتيجة حتمية للمفاهيم الحديثة التي جاءت بها رؤية السعودية 2030 التي هدفت بالأساس لتطوير كافة جوانب العمل وإضفاء جانب الحوكمة. فالعمل الطوعي والخيري كان موجودا منذ سنين طويلة في المملكة، وظل مرافقا لها من تاريخ توحيدها، لكنه كان يتم بصورة فردية وباجتهادات شخصية تصيب حينا وتخطئ أحيانا. لكن مع دخول عصر رؤية 2030 حيز التنفيذ فقد تزايد الاهتمام بالعمل المؤسسي الذي يخضع للمبادئ والأنظمة، وأصبحت كل قطاعات الدولة ومؤسساتها تعمل وفق أسس واضحة ومعايير حديثة تواكب المتغيرات وتستصحب مفردات العصر.
فقد اقتضت العديد من المتغيرات هذا التوجّه، مثل ظهور آفة الإرهاب التي لم تسلم منها أي من دول العالم، فالكثير من دعاة التطرف ومموليه استطاعوا التسلل للجمعيات الخيرية واستفادوا مما تقدمه من مساعدات وتسهيلات لينفذوا بها مخططاتهم الشريرة، مستفيدين من النوايا الحسنة والطيبة لأرباب العمل الخيري.
ولكن لأن النوايا لا تكفي وحدها للوصول إلى الغايات المستهدفة، ولتزايد احتياجات المجتمع كنتيجة للمتغيرات التي تشهدها حياتنا المعاصرة؛ فقد كان لا بد من إعادة تنظيم هذا القطاع وحوكمته وتزويد العاملين فيه بمنظومة قانونية وإدارية متكاملة، ووضع معايير مالية واضحة لتحقيق الكفاءة في استخدام الموارد، وذلك لمساعدتهم على تحقيق الغايات الطيبة التي يسعون وراء تحقيقها، حتى نضمن وصول كل هذه الجهود للفئات المستهدفة منها، وعدم تسربها لدوائر الشر، وهو ما تحرص عليه القيادة السعودية وتتمسك بتحقيقه.
وعطفا على هذه المعطيات، فإن أكبر المكاسب التي ستتحقق، بإذن الله، من هذه الجهود تتمثل في مساعدة القطاع غير الربحي، ليس لتحقيق أهدافه الإنسانية والخيرية فقط، بل للوصول إلى درجة الإدارة الذاتية المحترفة، والاعتماد على نفسه وإنجاز عمل منظّم خال من الشوائب. وهذا الفهم المتطوّر سوف تكون له دون شك آثار إيجابية كبيرة تنعكس على مجتمعنا وتؤدي إلى زيادة الثقة والشفافية.
لذلك فإني على ثقة بأن القطاع غير الربحي في المملكة سوف يشهد نقلة غير مسبوقة؛ بسبب الدعم الكبير الذي توفره هذه الجهود والأهداف التي يراد تحقيقها، والنظرة التي تختلف كل الاختلاف عما كان متبعا حتى وقت قريب. فإذا كانت مفاهيم الدعم الخيري الموجّه للمجتمع محصورة فقط في المساعدات المادية أو العينية للإيفاء بالاحتياجات الوقتية العاجلة، فإنها تتسع في منظور رؤية 2030 وتختلف اختلافا جذريا لتشمل العديد من المفاهيم العصرية والحديثة، مثل جودة الحياة، وتمكين المرأة، وزيادة القدرات، وترقية مهارات الشباب وغير ذلك من الشواغل.
وتأتي هذه الجهود المتواصلة استجابة لاحتياجات المجتمع وتقديم حزمة متنوعة ومدروسة من المنتجات والمشاريع التي تشتمل على مجموعة كبيرة من المبادرات الأهلية والاجتماعية غير الربحية، بما يؤكد الحرص على ما فيه مصلحة كافة شرائح المجتمع وتزويدهم بالأدوات التي تعينهم على الاستقرار، وتنمّي بداخلهم الوعي المجتمعي.
لكل ذلك تسعى الحكومة السعودية إلى تعزيز دور القطاع غير الربحي، من خلال وضع أطر قانونية وتنظيمية أكثر وضوحا وشفافية، بما في ذلك تسهيل إجراءات تأسيس الجمعيات والمؤسسات غير الربحية، وتوفير الدعم المالي والفني، وتشجيع الشراكات بين القطاع غير الربحي والقطاعات الحكومية والخاصّة. كما تهتم بتعزيز الحوكمة والشفافية لضمان استدامة القطاع ومساهمته الفاعلة في التنمية الاجتماعية والاقتصادية.
وضمن النهضة التشريعية الهائلة التي تعيشها المملكة في هذا العهد الزاهر تحت قيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وسمو ولي عهده الأمير محمد بن سلمان - حفظهما الله - تم إقرار وتحديث العديد من القوانين واللوائح لتعزيز منظومة القطاع غير الربحي في السعودية، مثل نظام الجمعيات والمؤسسات الأهلية الذي صدر بموجب مرسوم ملكي كريم بالرقم (م/8) وتاريخ 1437/02/19، ويعتبر إطارا شاملا لتنظيم العمل الأهلي، حيث يهدف إلى تسهيل تأسيس الجمعيات والمؤسسات غير الربحية، وترسيخ حوكمتها وشفافيتها.
كما تم تعزيز مفاهيم الحوكمة والنزاهة والمحاسبة لضمان إيجاد معايير صارمة للشفافية والمساءلة في المؤسسات غير الربحية، وجعل ذلك جزءا لا يتجزأ من ثقافة المجتمع، وتعزيز الثقة واستدامة العمل بها، إضافة إلى التوجّه نحو التمويل المستدام من خلال تشجيع الاستثمار الاجتماعي وإطلاق مبادرات مثل «وقف الصدقة» لتوفير مصادر تمويل مستدامة. كما تولي وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية أهمية كبرى لهذه الجوانب، حيث تقوم بصورة دورية بإصدار توجيهات واضحة حول كيفية تنظيم وإدارة هذه الجمعيات والمؤسسات.
وكان صدور قرار تأسيس المركز الوطني للقطاع غير الربحي بالرقم (459) وتاريخ 1440/08/11 بمثابة تتويج لكل هذه الجهود، حيث يراد منه أن يكون مظلة تلتئم تحتها كل مؤسسات المجتمع المدني والجمعيات الأهلية، ليسهم بصورة فاعلة في تنظيم العمل الأهلي وتعزيز دوره في المجتمع.
فالمركز يعنى بدرجة أساسية بتسهيل إجراءات الترخيص، وتوفير الدعم المالي، وتعزيز الشراكات مع الجهات الحكومية والخاصة، وتشجيع تبني أنظمة إدارية حديثة تؤدي إلى ترسيخ مفاهيم الشفافية وإعلاء قيم الحوكمة لينتقل هذا القطاع من صيغة العمل الفردي والاجتهادات الشخصية التي كانت ملازمة له ليصبح أكثر مؤسسية.
وليس غريبا القول إن تلك الجهود كانت نتيجة حتمية للمفاهيم الحديثة التي جاءت بها رؤية السعودية 2030 التي هدفت بالأساس لتطوير كافة جوانب العمل وإضفاء جانب الحوكمة. فالعمل الطوعي والخيري كان موجودا منذ سنين طويلة في المملكة، وظل مرافقا لها من تاريخ توحيدها، لكنه كان يتم بصورة فردية وباجتهادات شخصية تصيب حينا وتخطئ أحيانا. لكن مع دخول عصر رؤية 2030 حيز التنفيذ فقد تزايد الاهتمام بالعمل المؤسسي الذي يخضع للمبادئ والأنظمة، وأصبحت كل قطاعات الدولة ومؤسساتها تعمل وفق أسس واضحة ومعايير حديثة تواكب المتغيرات وتستصحب مفردات العصر.
فقد اقتضت العديد من المتغيرات هذا التوجّه، مثل ظهور آفة الإرهاب التي لم تسلم منها أي من دول العالم، فالكثير من دعاة التطرف ومموليه استطاعوا التسلل للجمعيات الخيرية واستفادوا مما تقدمه من مساعدات وتسهيلات لينفذوا بها مخططاتهم الشريرة، مستفيدين من النوايا الحسنة والطيبة لأرباب العمل الخيري.
ولكن لأن النوايا لا تكفي وحدها للوصول إلى الغايات المستهدفة، ولتزايد احتياجات المجتمع كنتيجة للمتغيرات التي تشهدها حياتنا المعاصرة؛ فقد كان لا بد من إعادة تنظيم هذا القطاع وحوكمته وتزويد العاملين فيه بمنظومة قانونية وإدارية متكاملة، ووضع معايير مالية واضحة لتحقيق الكفاءة في استخدام الموارد، وذلك لمساعدتهم على تحقيق الغايات الطيبة التي يسعون وراء تحقيقها، حتى نضمن وصول كل هذه الجهود للفئات المستهدفة منها، وعدم تسربها لدوائر الشر، وهو ما تحرص عليه القيادة السعودية وتتمسك بتحقيقه.
وعطفا على هذه المعطيات، فإن أكبر المكاسب التي ستتحقق، بإذن الله، من هذه الجهود تتمثل في مساعدة القطاع غير الربحي، ليس لتحقيق أهدافه الإنسانية والخيرية فقط، بل للوصول إلى درجة الإدارة الذاتية المحترفة، والاعتماد على نفسه وإنجاز عمل منظّم خال من الشوائب. وهذا الفهم المتطوّر سوف تكون له دون شك آثار إيجابية كبيرة تنعكس على مجتمعنا وتؤدي إلى زيادة الثقة والشفافية.
لذلك فإني على ثقة بأن القطاع غير الربحي في المملكة سوف يشهد نقلة غير مسبوقة؛ بسبب الدعم الكبير الذي توفره هذه الجهود والأهداف التي يراد تحقيقها، والنظرة التي تختلف كل الاختلاف عما كان متبعا حتى وقت قريب. فإذا كانت مفاهيم الدعم الخيري الموجّه للمجتمع محصورة فقط في المساعدات المادية أو العينية للإيفاء بالاحتياجات الوقتية العاجلة، فإنها تتسع في منظور رؤية 2030 وتختلف اختلافا جذريا لتشمل العديد من المفاهيم العصرية والحديثة، مثل جودة الحياة، وتمكين المرأة، وزيادة القدرات، وترقية مهارات الشباب وغير ذلك من الشواغل.