أبها: الوطن

كشفت دراسة جديدة عن أن الاضطرابات الوراثية النادرة الناجمة عن تسلسلات الحمض النووي المتكررة أكثر انتشارا بثلاث مرات مما كان مقدرا سابقا. يمكن لهذا الاكتشاف أن يعيد تشكيل فهمنا لهذه الظروف بشكل كبير وكيف نتعامل مع الاختبار الجيني والمشورة.

قام باحثون من جامعة كوين ماري في لندن وكلية إيكان للطب في جبل سيناء بتحليل الجينوم لأكثر من 82000 فرد، مما يجعلها أكبر دراسة من نوعها. ركزوا على اضطرابات التوسع المتكررة (REDs)، وهي مجموعة من الحالات العصبية الموروثة التي تحدث عندما تتوسع تسلسلات الحمض النووي المتكررة القصيرة في جينات محددة إلى ما وراء النطاق الطبيعي. تشمل هذه الاضطرابات أمراضا معروفة مثل مرض هنتنغتون وأنواع معينة من ضمور العضلات.

مرض هنتنغتون

نشرت الدراسة في مجلة طب الطبيعة، واستخدمت تقنيات التسلسل الجيني المتقدمة للكشف عن هذه التسلسلات المتكررة الموسعة عبر جينات متعددة مرتبطة ب REDs. تتحدى نتائج الفريق الافتراضات التي طال أمدها حول ندرة هذه الاضطرابات وتوزيعها عبر المجموعات العرقية المختلفة.

يقول كبير الباحثين الدكتور أريانا توتشي: «قد يشير هذا التقدم المهم جدا إلى أن REDs مثل مرض هنتنغتون أكثر شيوعا بثلاث مرات تقريبا مما نعتقد، مما يعني أننا نقص تشخيص هذه الحالات. وبدلا من ذلك، قد لا يؤدي وجود بعض تكرارات الحمض النووي إلى المرض لدى بعض الأشخاص. يمكن أن يبشر هذا بتحول كبير في كيفية تفكيرنا في الاختبارات الجينية والتنميط والمشورة».

أكثر شيوعا

كان أحد أكثر الاكتشافات لفتاً للنظر هو أن ما يقرب من واحد من كل 283 فردا في الدراسة حمل تكرارا موسعا تماما يمكن أن يسبب المرض. هذا أعلى بكثير من التقديرات السابقة، التي أشارت إلى أن هذه الاضطرابات أثرت على ما يقرب من واحد من كل 3000 شخص في جميع أنحاء العالم.

وجد الباحثون أيضا أن حوالي واحد من كل 64 شخصا يحمل «تحريرا مسبقا» - وهو توسع معتدل لا يسبب المرض في الناقل ولكن يمكن أن يتوسع أكثر ويسبب المرض في الأجيال القادمة. وأضافت الباحثة أن هذه النتيجة لها آثار مهمة على المشورة الوراثية، لأنها تشير إلى أن المزيد من الناس مما كان يعتقد سابقا قد يكونون معرضين لخطر نقل هذه الاضطرابات إلى أطفالهم.

ومن المثير للاهتمام، كشفت الدراسة أنه في حين أن بعض REDs أكثر شيوعا في مجموعات سكانية محددة، إلا أن معظمها كان موجودا في جميع المجموعات العرقية الرئيسية التي تم فحصها. هذا يتحدى فكرة أن بعض REDs حصرية لمجموعات سكانية معينة، ويشير إلى أن الاختبارات التشخيصية يجب أن تكون متاحة على نطاق أوسع بغض النظر عن الخلفية العرقية للمريض.

على سبيل المثال، تم اكتشاف طفرة وراثية مرتبطة بشكل من أشكال التصلب الجانبي الضموري (التصلب الجانبي الضموري) والخرف الجبهي الصدغي، الذي كان يعتقد سابقا أنه موجود في المقام الأول في الأوروبيين، في الأفراد من أصل إفريقي وجنوب آسيا. تؤكد هذه النتيجة على أهمية التمثيل المتنوع في الدراسات الوراثية والحاجة إلى نهج تشخيصية أكثر شمولا.

تقنيات نمذجة

استخدم فريق البحث تقنيات نمذجة متطورة لتقدير عدد الأشخاص الذين قد يتأثرون بالفعل بهذه الاضطرابات استنادا إلى البيانات الوراثية. أشارت نماذجهم إلى أن عدد الأفراد الذين يعانون من أعراض REDs يمكن أن يكون أعلى مرتين إلى ثلاث مرات مما تشير إليه الملاحظات السريرية الحالية.

يمكن أن يكون هذا التناقض بين الانتشار الوراثي والتشخيص السريري بسبب عدة عوامل. قد يعاني بعض الأفراد الذين يعانون من التكرارات الموسعة من أعراض خفيفة لا يتم التعرف عليها أو تشخيصها بشكل خاطئ. بالإضافة إلى ذلك، قد يحمل بعض الأشخاص التباين الوراثي ولكنهم لا يصابون بأعراض بسبب الاختراق غير الكامل - وهي ظاهرة لا يصاب فيها كل شخص لديه متغير وراثي مسبب للمرض بالفعل بالمرض.

نتائج الدراسة

يشير الباحثون إلى أن النتائج لها آثار كبيرة على أنظمة الرعاية الصحية والمبادرات البحثية. إذا كانت REDs بالفعل أكثر شيوعا مما كان يعتقد سابقا، فقد تكون هناك حاجة إلى زيادة الموارد للتشخيص والعلاج وخدمات الدعم. يسلط البحث الضوء أيضا على إمكانية تطوير علاجات أكثر استهدافا، حيث يمكن لعدد أكبر من المرضى تسريع التجارب السريرية وتطوير الأدوية.

علاوة على ذلك، تؤكد الدراسة على أهمية الاختبارات الجينية في التشخيص. نظرا لأن REDs يمكن أن تظهر مع مجموعة واسعة من الأعراض، فقد يتم تشخيصها بشكل خاطئ أو تظل غير مكتشفة دون اختبارات وراثية محددة. يقترح الباحثون أن الاستخدام الأوسع للفحص الجيني يمكن أن يساعد في تحديد الأفراد المتضررين في وقت مبكر، مما قد يؤدي إلى إدارة أفضل للأعراض وتحسين النتائج.

في حين أن الدراسة تقدم رؤى قيمة، يحذر الباحثون من الحاجة إلى مزيد من العمل لفهم الآثار المترتبة على نتائجهم بشكل كامل. يمكن أن تساعد الدراسات طويلة الأجل التي تتعقب الأفراد الذين يعانون من التكرار الموسع الذين لا تظهر عليهم الأعراض في البداية في توضيح الاختراق الحقيقي لهذه الاختلافات الجينية وتحسين تقييم المخاطر.