يحيى جابر

يحيى جابر

من ابجديات السلوك الانساني احترام البشر وتقديرهم، بل ايضاً إحترام حتى الحيوان والعطف عليها، أن الانسان دون قيم ودون أخلاق يعتبر كائن حي غير مفيد، وليس منه نفع، يقول الله عز وجل:" لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ"، وقوله تعالى:" وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ"، ويقول الله عز وجل عن النبي:" وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ". إن تعاليمنا وقيمنا في الاسلام وقبل الاسلام تحث على الخلق وحسن التعامل ومكارم الاخلاق والإحسن وحفظ العهود والايفاء بها وغير ذلك من قيم إنسانية تدعو للفخر.

وفي مقالي هذا أتناول مشكلة لبعض الناس، عندما تغرهم الحياة عن طريق المال أو المنصب أو الأضواء أو غير ذلك من جماليات الحياة، هنا يتغلغل الكبر والغطرسة والغرور أعماق هذه الفئة فيكون كالبالون قابل للانتفاخ، والاساءة ويصبح لقمة سائغة لكل منافق، ومغتاب، ونمام، ظاهره هيبة وشكله الصارم لايعبر عن ضعفه وهوانه، فالبالون كلما كبر زاد داخله الهواء، وصولاً لانفجاره.

السلوك الانساني يتعارض مع سلوك قابلي الانتفاخ، فالسلوك الانساني يراعي عقل وروح البشر، يراعي مشاعرهم واحاسيسهم وافكارهم، يسهم في أحترام كل هذه الاوصاف وغيرها كمبدأ ليس نفاقا او مجاملة. من منا لايعرف شخص غرته الدنيا بمنصب مؤقت، أو مال أو غير ذلك، وعندما تبوأ ذلك أو قدر له تغير السلوك، وأصبح الوجه غير الوجه والاسلوب غير الاسلوب وانتفخ وزاد النفخ، حتى أنفجر إما بافلاسه، أو تقاعده من عمله، أو الاستغناء عنه، أو الى آخر ذلك من تقلبات الدنيا، فعاد البالون إلى وضعه الطبيعي. لكن الناس لاتنسى ذلك الشكل المتغير والنمط المتذبذب في شخصية هذا الانسان المسكين.

أقول من ابجديات الحياة للعقلاء أنه إذا رزقه الله إنسان منا بمال أو منصب أوعلم أو شيء من مكتسبات الحياة، فالامل أن نتقدي برسولنا واخلاقنا الاسلامية وحتى البشرية التي تعودنا عليها منذ آلاف السنين من كرم وحسن أخلاق ورحمة وعطف وطيبة والعفو عند المقدرة، وأن نتواضع لله عز وجل ولانتكبر على بعضنا البعض، فسيأتي يوم نعود فيه بسطاء إما بافلاس - لاقدر الله - أو تقاعد أو مرض أو غير ذلك. فلماذا الكبر والغرور والنفاق والغيبة والنميمة.

بعض سمات القابل للانتفاخ أنه ضعيف الشخصية، يحاول ابراز نفسه باي ثمن ويحب التودد له ويفضل التعامل كما قلنا مع المنافقين والنماميين والمغتابين، ويريد أن يكون في الواجه مباشرة حتى لوكلفه ذلك أن ينتفخ حتى الانفجار.

لسنا ملائكة ولكننا كفئة متعنا الله بالعلم والحضارة وتطورت بلادنا ولله الحمد، يستحسن أن ننبذ هذه السلوكيات التي ولله الحمد ليست ظاهرة لكنها محدودة ،ولابد أن تواجه بالنصيحة والوعي.

سأشير لبعض النماذج التي ينطبق عليها عنوان "قابل للانتفاخ"، هل تشاهدون مابين الحين والآخر مسؤولا أو رجل أعمال أو شيخ قبيله أو رئيس مركز أو مسؤولا بوزارة يجمع أمامه جيشا من حاملي الجوالات وما يسمى بالمؤثرين في وسائل التواصل الاجتماعي، لينقلون عزاء ميت، ومايدور من حديث بين المعزين ومستقبل العزاء لنقل الصورة للعامة؟، سوألي ما الحكمة من ذلك؟، أو زواج لينقل فصاحة المتحدث والمستقبل، أو مسؤول يستعرض انجازاته وصولاته وجولاته وهي من صميم عمله، أو رجل اعمال تحسن وتجمل ولبس افضل هندام لديه ليستعرض بعينيه وشفتيه وسيارته الفارهة ابرز طموحاته القادمة وماسبق. لنسأل انفسنا نحن وما دخلنا في ذلك! وشاعر يتباهى بشعره الذي لايفهمه أحد. وستجد عشرات الامثلة جميعها قابل للانتفاخ. فمع ظهور وسائل التواصل الجديدة، انكشف الغطاء، وظهرت بعض المشاهد التي تدعو للاشمئزاز، وأخرى تتعجب منها تخرج علينا الكثير من " قابلي النتفاخ". وهنا لن أعمم لأن التعميم لغة الجهلاء، فهناك للامانة أمور رائعة في مقدمتها ما ينقل من مشاهد جمالية لبلادنا العظيمة التي تخلو من التشويه اللفظي والشكلي لقابلي الانتفاخ، وهناك من يسلط الضوء على انجازاتنا دون تلميع قابلي الانتفاخ.

حفظ الله وطننا الغالي وولاة أمره ومتعنا وإياكم بالصحة والعافية.