«بالتاسار غراثيان أي مورالس»، كاتب إسباني ينتمي للعصر الذهبي في إسبانيا، وتخصص في النثر التعليمي والفلسفي. ولد عام 1601 وتوفي عام 1658، وتميز بحسب وصف النقاد باستخدام جمل مقتضبة ودقيقة لتوضيح الأفكار، كما تميز بالتركيز على ما يبعد عن الإنسان القلق من مرور الوقت أو فقدان الثقة في النفس.
من أبرز مؤلفاته، كتاب «فن الحكمة الدنيوية»، كتبه عام 1647 باللغة الإسبانية القديمة، وترجم للفرنسية والإنجليزية والألمانية، والخبراء قالوا إن مختلف هذه الترجمات لم تكن دقيقة أو مفيدة، وظهرت المفردات والجمل بصور متشابكة وغير متناسقة، وترجمته الكاتبة لمى فياض للغة العربية، ووجدته ممتعاً للغاية، خصوصاً لمن يبحث عن النجاح في عالم يحفل بكثير من الأمور الازدواجية، وكثير من الصراعات البشرية.
الكتاب عبارة عن مجموعة من 300 حكمة، كل واحدة تعلق على موضوعات مختلفة وتقدم المشورة والتوجيه لكيفية العيش بشكل كامل والتقدم اجتماعياً، والسعي ليكون الشخص أفضل، وسط هذا العالم البشري. ومن الحكم التي تستحق التمعن قوله، «امزج القليل من الغموض مع كل شيء، فالغموض يثير التبجيل. وعندما تشرح، لا تكن صريحًا تمامًا، تمامًا كما لا تعرض أفكارك القاسية في السياق العادي»، و«قيمة كل شخص بمقدار ما يعرف، وبالحكمة يمكننا إنجاز أي شيء»، و«نحن لا نُولَد كاملين، كل يوم نُطوِّر في شخصيتنا وفي دعوتنا حتى نصل إلى أعلى نقطة من وجودنا الكامل، إلى الجولة الكاملة لإنجازاتنا، لتميزنا؛ وهذ ما يُترجم بنقاء ذوقنا، ووضوح فكرنا، ونضج حكمنا، وحزم إرادتنا»، و«تجنب أن تكون عاطفياً، فبذلك تنتصر إرادتك الحرة، وسيطرة العاطفة والشغف على شخصيتك، تعيقك من التطلع إلى المنصب الرفيع»، و«المعرفة والنوايا الحسنة تضمنان معاً استمرارية النجاح، والمعرفة من دون معنى هي حماقة مزدوجة»، و«العمل هو الثمن المدفوع للسمعة، وما يُكلّف قليلاً يستحق القليل».
بعد هذا النقل المقتضب، أختم بأن الحكمة عصارة تجارب حياتية، وخلاصة حوادث ونوازل، ونتيجة قناعات، وهي وبحسب الحديث النبوي الذي ضعفه بعضهم، «ضالة المؤمن، فحيث وجدها فهو أحق بها»، رواه الإمام الترمذي وغيره. وتمتاز بأنها مزيج بين المعرفة والخبرة والفهم العميق والتوازن، وبين الفرضيات والشكوك والعواطف، والأكثر حكمة هو الأكثر محافظة على هدوئه في أوقات الأزمات، والقادر على الرجوع خطوة أو حتى خطوات للوراء، والمتمكن من النظر العميق إلى الواقع، والمدرك لحدود معرفته، وغير الغافل عن أن «دوام الحال من قضايا المحال» وأن «اللطف موجود على كل حال»، وهو المتفائل بحل كل المشكلات، مهما كانت معقدة. ويبقى السؤال كيف يمكن أن يكون الإنسان حكيماً؟ وهو «مربط الفرس» كما يقال، والإجابة عن السؤال مفتوحة، ولعل أقصر الطرق للوصول إلى مرتبة «حكيم»، أن يكون الإنسان إيجابياً، راضياً، مقدماً التوازنات العقلية على المصلحة الشخصية، دائم التفكير في خيارات الوضع القائم، والوضع المستقبلي، وأن ينظر لكل موقف من مختلف الزوايا، وأن يراقب كل شيء بهدوء، ومن بعيد، وكما قال الشاعر عدي بن ربيعة:
«دع المقاديرَ تجري في أعَنّتها * ولا تبيتنّ إلا خاليَ البالِ
ما بين غَمضةِ عَين وانتباهتها * يغيّر الله من حالٍ إلى حالِ».
من أبرز مؤلفاته، كتاب «فن الحكمة الدنيوية»، كتبه عام 1647 باللغة الإسبانية القديمة، وترجم للفرنسية والإنجليزية والألمانية، والخبراء قالوا إن مختلف هذه الترجمات لم تكن دقيقة أو مفيدة، وظهرت المفردات والجمل بصور متشابكة وغير متناسقة، وترجمته الكاتبة لمى فياض للغة العربية، ووجدته ممتعاً للغاية، خصوصاً لمن يبحث عن النجاح في عالم يحفل بكثير من الأمور الازدواجية، وكثير من الصراعات البشرية.
الكتاب عبارة عن مجموعة من 300 حكمة، كل واحدة تعلق على موضوعات مختلفة وتقدم المشورة والتوجيه لكيفية العيش بشكل كامل والتقدم اجتماعياً، والسعي ليكون الشخص أفضل، وسط هذا العالم البشري. ومن الحكم التي تستحق التمعن قوله، «امزج القليل من الغموض مع كل شيء، فالغموض يثير التبجيل. وعندما تشرح، لا تكن صريحًا تمامًا، تمامًا كما لا تعرض أفكارك القاسية في السياق العادي»، و«قيمة كل شخص بمقدار ما يعرف، وبالحكمة يمكننا إنجاز أي شيء»، و«نحن لا نُولَد كاملين، كل يوم نُطوِّر في شخصيتنا وفي دعوتنا حتى نصل إلى أعلى نقطة من وجودنا الكامل، إلى الجولة الكاملة لإنجازاتنا، لتميزنا؛ وهذ ما يُترجم بنقاء ذوقنا، ووضوح فكرنا، ونضج حكمنا، وحزم إرادتنا»، و«تجنب أن تكون عاطفياً، فبذلك تنتصر إرادتك الحرة، وسيطرة العاطفة والشغف على شخصيتك، تعيقك من التطلع إلى المنصب الرفيع»، و«المعرفة والنوايا الحسنة تضمنان معاً استمرارية النجاح، والمعرفة من دون معنى هي حماقة مزدوجة»، و«العمل هو الثمن المدفوع للسمعة، وما يُكلّف قليلاً يستحق القليل».
بعد هذا النقل المقتضب، أختم بأن الحكمة عصارة تجارب حياتية، وخلاصة حوادث ونوازل، ونتيجة قناعات، وهي وبحسب الحديث النبوي الذي ضعفه بعضهم، «ضالة المؤمن، فحيث وجدها فهو أحق بها»، رواه الإمام الترمذي وغيره. وتمتاز بأنها مزيج بين المعرفة والخبرة والفهم العميق والتوازن، وبين الفرضيات والشكوك والعواطف، والأكثر حكمة هو الأكثر محافظة على هدوئه في أوقات الأزمات، والقادر على الرجوع خطوة أو حتى خطوات للوراء، والمتمكن من النظر العميق إلى الواقع، والمدرك لحدود معرفته، وغير الغافل عن أن «دوام الحال من قضايا المحال» وأن «اللطف موجود على كل حال»، وهو المتفائل بحل كل المشكلات، مهما كانت معقدة. ويبقى السؤال كيف يمكن أن يكون الإنسان حكيماً؟ وهو «مربط الفرس» كما يقال، والإجابة عن السؤال مفتوحة، ولعل أقصر الطرق للوصول إلى مرتبة «حكيم»، أن يكون الإنسان إيجابياً، راضياً، مقدماً التوازنات العقلية على المصلحة الشخصية، دائم التفكير في خيارات الوضع القائم، والوضع المستقبلي، وأن ينظر لكل موقف من مختلف الزوايا، وأن يراقب كل شيء بهدوء، ومن بعيد، وكما قال الشاعر عدي بن ربيعة:
«دع المقاديرَ تجري في أعَنّتها * ولا تبيتنّ إلا خاليَ البالِ
ما بين غَمضةِ عَين وانتباهتها * يغيّر الله من حالٍ إلى حالِ».