الجدل حول النصوص وتأويلها -سواء كانت دينية أو أدبية- لم يكن وليد العصر الحديث، وبالتالي لا يمكن اعتبار المذهب البنيوي وليد الحداثة والمجتمعات الصناعية ذات الطابع غير الديني أو القراءة ذات النزعة الاقتصادية في قراءة النصوص. البنيوية في حقيقتها ذات جذور دينية أو قراءة صوفية بعكس الصورة السائدة التي تقدمها باعتبارها قراءة حداثية علمية مقابلة للقراءة التراثية للنصوص.
ما علاقة النظرية البنيوية بالتصوف -التصوف اليوناني تحديداً- وهل يمكن اعتبارها امتداداً للتصورات الدينية اليونانية القديمة أو الأساطير المتعلقة بقراءة النصوص الدينية اليونانية؟ البنيوية اليوم وإن كانت تتزين بلباس جديد يقربها للعلوم الطبيعية وتستخدم أدوات العلم والأرقام والقوانين الرياضية ولكن تأثرها وارتباطها بالأساطير اليونانية القديمة لا يمكن إنكاره.
والشيء لا يعرف إلا بنقيضه أو بما يقابله. فما هي القراءة المضادة أو المقابلة للقراءة البنيوية؟ في تراث الحضارة العربية الإسلامية نشأت جدلية (الظاهر والباطن) القراءة الظاهرية أو الحرفية أو المباشرة للنصوص يمكن أن تقابلها لغة الرمز والباطن وهي لغة التصوف اليوناني الذي يتعامل مع النصوص الدينية باعتبارها مجموعة من الرموز الباطنية البعيدة عن إدراك الإنسان العادي لأنها تتعامل مع لغة متعالية على عامة الناس ولا يحيط بها إلا شخص ذو معارف دينية خاصة. والاعتقاد بوجود هذا النوع من اللغة المتعالية الخارجة عن كل السياقات الاجتماعية التاريخية يحمل أبعاداً أسطورية قديمة منها نشأ مفهوم البنية (Structure) الذي تقوم عليها كل الدراسات البنيوية والنقدية للنصوص الأدبية والدينية. البنية تصور عقلي لا شعوري ولا يمكن تعيينه أو إخضاعه للتجربة ومن هنا تكمن إشكاليته ولا علميته بل وأسطوريته.
كان الفقهاء العرب يتعاملون مع اللغة ويعالجونها زمانياً ضمن سياقات اجتماعية وتاريخية محددة بمعنى أنهم يمنحون لغة الإنسان البسيط الثقة ويعولون عليها في التأويل، يقابلها التعامل غير الإنساني مع النصوص أو المذهب البنيوي الذي يعزل النص عن مؤثراته الخارجية ومجتمع وتاريخه وكل سياقاته الاجتماعية. فالمذهب البنيوي يؤمن بوجود نظام داخلي خفي من العلامات لا يخرج في حقيقة الأمر عن الإيمان بوجود المجاز الخفي والاستعارات الباطنية. القراءة البنيوية للنصوص تعزز فكرة المعنى الباطني للنص. الاعتقاد بوجود شفرات أو إشارات خفية أو دلائل خفية لا يخرج عن مفاهيم التصوف اليوناني للغة. والإيمان بوجود معانٍ باطنية للنصوص تتسامى عن فهم أفراد المجتمع البسطاء وعن فهمهم البسيط للغة.
سوسير نفسه كان يعتقد بوجود نظام من الإشارات اللغوية مستقلة بذاتها وهي فكرة لا تتعارض مع الاعتقاد بوجود معان باطنية ومجاز خفي في النصوص المقدسة لا تدركها لغة الإنسانية. وتتطلب فهما وقدرات خاصة لا يملكها أي شخص لاستجلاء العلاقات التي تربط بين أجزاء النص، والنص هنا مفهوم تجريدي يخضع لعلاقات وقوانين لغوية صرفة أقرب للقوانين الرياضية والفيزيائية الخارجة عن سياق المجتمع التاريخي والاجتماعي. عكس ذلك نجد اللغة بحسب الفقهاء العرب مجرد استجابة كلامية لمثيرات المحيط، فهم يتعاملون مع لغة الإنسانية البسيطة التي لا تخرج عن مدارك البشر العاديين لذلك دائما ما يكررون عبارة (لسان العرب) ويعتمدون عليه في تأويل النصوص، ويقصد بلسان العرب هنا لغة التداول العربي أو المجتمع العربي البسيط. والفقهاء في دراستهم للنص القرآني قدموا شواهد شعرية لشخصيات أدبية من عامة الناس ليس لهم أي مكانة دينية خاصة، وكل ما يميزهم أنهم ينتمون لمجموعات بشرية نزل القرآن الكريم بلسانهم.
في المذهب البنيوي هناك محاولة لتجاوز حدود اللغة الإنسانية العادية للوصول إلى اللغة المبطنة، لغة الإشارات والشفرات الخفية وهذا ما يجعل التراث اليوناني مقابلاً معرفياً وعقائدياً للتراث العربي الإسلامي، ويؤكد أن المذهب البنيوي في النقد الأدبي ليس له علاقة وثيقة بالثقافة العربية التي لا تؤمن في الغالب بوجود لغة باطنية ذات نظام من الإشارات والعلامات الخفية التي لا يصل إليها إلا صفوة مختارة من البشر.
ما علاقة النظرية البنيوية بالتصوف -التصوف اليوناني تحديداً- وهل يمكن اعتبارها امتداداً للتصورات الدينية اليونانية القديمة أو الأساطير المتعلقة بقراءة النصوص الدينية اليونانية؟ البنيوية اليوم وإن كانت تتزين بلباس جديد يقربها للعلوم الطبيعية وتستخدم أدوات العلم والأرقام والقوانين الرياضية ولكن تأثرها وارتباطها بالأساطير اليونانية القديمة لا يمكن إنكاره.
والشيء لا يعرف إلا بنقيضه أو بما يقابله. فما هي القراءة المضادة أو المقابلة للقراءة البنيوية؟ في تراث الحضارة العربية الإسلامية نشأت جدلية (الظاهر والباطن) القراءة الظاهرية أو الحرفية أو المباشرة للنصوص يمكن أن تقابلها لغة الرمز والباطن وهي لغة التصوف اليوناني الذي يتعامل مع النصوص الدينية باعتبارها مجموعة من الرموز الباطنية البعيدة عن إدراك الإنسان العادي لأنها تتعامل مع لغة متعالية على عامة الناس ولا يحيط بها إلا شخص ذو معارف دينية خاصة. والاعتقاد بوجود هذا النوع من اللغة المتعالية الخارجة عن كل السياقات الاجتماعية التاريخية يحمل أبعاداً أسطورية قديمة منها نشأ مفهوم البنية (Structure) الذي تقوم عليها كل الدراسات البنيوية والنقدية للنصوص الأدبية والدينية. البنية تصور عقلي لا شعوري ولا يمكن تعيينه أو إخضاعه للتجربة ومن هنا تكمن إشكاليته ولا علميته بل وأسطوريته.
كان الفقهاء العرب يتعاملون مع اللغة ويعالجونها زمانياً ضمن سياقات اجتماعية وتاريخية محددة بمعنى أنهم يمنحون لغة الإنسان البسيط الثقة ويعولون عليها في التأويل، يقابلها التعامل غير الإنساني مع النصوص أو المذهب البنيوي الذي يعزل النص عن مؤثراته الخارجية ومجتمع وتاريخه وكل سياقاته الاجتماعية. فالمذهب البنيوي يؤمن بوجود نظام داخلي خفي من العلامات لا يخرج في حقيقة الأمر عن الإيمان بوجود المجاز الخفي والاستعارات الباطنية. القراءة البنيوية للنصوص تعزز فكرة المعنى الباطني للنص. الاعتقاد بوجود شفرات أو إشارات خفية أو دلائل خفية لا يخرج عن مفاهيم التصوف اليوناني للغة. والإيمان بوجود معانٍ باطنية للنصوص تتسامى عن فهم أفراد المجتمع البسطاء وعن فهمهم البسيط للغة.
سوسير نفسه كان يعتقد بوجود نظام من الإشارات اللغوية مستقلة بذاتها وهي فكرة لا تتعارض مع الاعتقاد بوجود معان باطنية ومجاز خفي في النصوص المقدسة لا تدركها لغة الإنسانية. وتتطلب فهما وقدرات خاصة لا يملكها أي شخص لاستجلاء العلاقات التي تربط بين أجزاء النص، والنص هنا مفهوم تجريدي يخضع لعلاقات وقوانين لغوية صرفة أقرب للقوانين الرياضية والفيزيائية الخارجة عن سياق المجتمع التاريخي والاجتماعي. عكس ذلك نجد اللغة بحسب الفقهاء العرب مجرد استجابة كلامية لمثيرات المحيط، فهم يتعاملون مع لغة الإنسانية البسيطة التي لا تخرج عن مدارك البشر العاديين لذلك دائما ما يكررون عبارة (لسان العرب) ويعتمدون عليه في تأويل النصوص، ويقصد بلسان العرب هنا لغة التداول العربي أو المجتمع العربي البسيط. والفقهاء في دراستهم للنص القرآني قدموا شواهد شعرية لشخصيات أدبية من عامة الناس ليس لهم أي مكانة دينية خاصة، وكل ما يميزهم أنهم ينتمون لمجموعات بشرية نزل القرآن الكريم بلسانهم.
في المذهب البنيوي هناك محاولة لتجاوز حدود اللغة الإنسانية العادية للوصول إلى اللغة المبطنة، لغة الإشارات والشفرات الخفية وهذا ما يجعل التراث اليوناني مقابلاً معرفياً وعقائدياً للتراث العربي الإسلامي، ويؤكد أن المذهب البنيوي في النقد الأدبي ليس له علاقة وثيقة بالثقافة العربية التي لا تؤمن في الغالب بوجود لغة باطنية ذات نظام من الإشارات والعلامات الخفية التي لا يصل إليها إلا صفوة مختارة من البشر.