قرأت زماااان (حكاية سحارة/الغذامي) فلم آخذها على محمل التسلية، فلقد كان المجاز فيها (موغلاً في ظلال الحقيقة) لمن استطاعها، إنها تتمتع بخفة ظل من نوع (السهل الممتنع) جعلتني أستفتح بها المقال تاركاً أعمالاً أدبية عربية ذات وزن ثقيل كي يعرف القارئ الفرق بين الأدب (خفيف الظل/السهل الممتنع) والأدب (الخفيف!) الذي سنتحدث عنه.
هل يمكن لي وضع (حكاية سحارة/الغذامي) بجوار (أدب يظنه البعض جديداً) ومربكاً للمشهد الأدبي بسبب قوة انتشاره وتزاحم قرائه؟ طبعاً لا، فقد اخترت الكتاب أعلاه متعمداً لنعرف الفرق بينه وبين ما كتب عنه الغذامي بعنوان: (الجيل الذي يختار لغته «حادثة أسامة المسلم») في جريدة «الجزيرة»، حيث رأى فيها ظلال (ألف ليلة وليلة)! والأكيد عند العارفين أن (بورخيس) ومعه (عبدالكبير الخطيبي) لن يسعدهما ربط هذه الأعمال بألف ليلة وليلة حتى ولو خرج الربط من تحت قلم (الغذامي).
كل هذا جعلني أضطر إلى قراءة نفس العمل الذي قرأه الغذامي لأسامة المسلم وفعلاً كان كما وصف الغذامي في (اللغة السهلة) لكنها غير ممتنعة، إنها (خفيفة حقاً) مما يزيدها انتشاراً، ولهذا لا أستطيع أن أقف مع الغذامي في اعتبارها (ثورة احتجاج على النص النخبوي) بل هي ربتة على كتف أسامة، قام بها الغذامي وفق واجبه (الريادي) الذي نقدره، وليس (النقدي) الذي ننتظره، هل نسينا تربيت القصيبي على كتف (بنات الرياض)، إنه قدر الرياديين الكرماء مع «تهمة المجانية» في الربت على الأكتاف؟!
وعليه فيمكن قراءة أعمال المسلم من خلال بيئة جديدة نشأ عليها أجيال عاشت مشدوهة أمام (هاري بوتر) و(سيد الخواتم) و(شيفرة دافنشي) وأفلام الإينيمي مثل (مذكرة الموت) إذ يجد الطالب دفتراً غامضاً يمكنه من قتل أي شخص بمجرد كتابة اسمه فيه، وفيلم الإينيمي (الهجوم على العمالقة) وأثرها في التكوين الوجداني المنعكس على المزاج (الولَّادي والبنَّاتي/العمومي) لجيل إنترنتي جديد، فيأتي أسامة المسلم ليصنع في سوق (الأدب التجاري) من نفسه (البراند/الروائي)، خاضعاً لشروط سوق (الأدب التجاري) في (البساطة، الخفة، وفرة الإنتاج)، ولعبة تحويل اسم المؤلف إلى (براند) من خلال استخدام وسائل التواصل بأنواعها مع جيل زد (Generation Z)، المستعدين وفق ثقافتهم التي نشأت مع (الإنترنت) أن يجدوا في هذا (الأدب التجاري الجيد) ما يملؤهم تعلقاً وحباً لمن (يتملقهم) بالأدب ولو كان أقل جودة من عمل أسامة المسلم، كالضجة القديمة لكتاب بعنوان (توصون شي ولاش) للبراند الملقب (أبو جفين)؟! وكلمة (يتملق) ليست من قاموسي بل هي اقتباس من كتاب الناقد الأدبي الحاصل على جائزة الملك فيصل العالمية ـــ مناصفة ـــ في اللغة العربية والأدب عام 2000م إذ يقول: (والحد الفاصل هنا بين الأدب العظيم والأدب «التجاري» غاية في الدقة، فالأديب العظيم يستطيع أن يؤثر في مجتمعه، وأن يكسب رضاه، دون أن يخضع لإرادة هذا المجتمع، بل ربما استطاع تحقيق ذلك وهو يقف معارضاً للمجتمع، والأديب التجاري وحده هو الذي يتملق الجماهير، ويخضع لها، ويترك إرادته تذوب في إرادتها، الأول هو الذي يؤدي دور الأديب الحق في مجتمعه، حين يتأثر بهذا المجتمع ثم يحاول التأثير فيه، وهو تأثير له خطورته لأن له خطته وهدفه، أما الثاني فلا يمكن أن يكون عامل دفع في مجتمعه، لأنه سيترك المجتمع يدور في نطاق ذاته) راجع ص26 من كتاب (الأدب وفنونه/دراسة ونقد) الدكتور: عز الدين إسماعيل «1929 ــــــ 2007».
والأدب التجاري بدرجاته المختلفة ليس عيباً بل (شطارة تجارية) خصوصاً إذا علمنا أن كثيراً من (المثقفين) ركبوا هذه الموجة التجارية في دورات (تطوير الذات) وكتبها الأكثر مبيعاً، هل قلت شيئاً عن كتاب بعنوان نظرية اللوز أو الفستق... لا أذكر؟! وصولاً إلى دورات في (كتابة الرواية) وفي (فن القصة) والمقاعد محدودة... الخ، ولهذا أستغرب أن يدخل معظم الأدباء هذا السوق التجاري ثم تغضب بعض (قبيلتهم الثقافية) على (أسامة المسلم) في صناعته (براند أدبي) يتفوق فيه على مسوقين آخرين في (الشارع التجاري) للثقافة والأدب.
(الأدب التجاري) بأنواعه جنس (ثرثار) ينتشر دائماً وفق (شروط السوق) المرتبطة بالتكوين الثقافي للمستهلك وزمانه، لنرى الشاب (الصحوي) قبل سنين متعطشاً لشراء (الكاسيت الإسلامي) ولواحقه من (كتب، كتيبات، مطويات) وانتشار دكاكينها وأكشاكها في كل زاوية وركن، حيث كانت المنافسة في (الأكثر مبيعاً) آنذاك بين نوعين (كتب الصحويين وكتب الطبخ).
يكفينا تفاؤلاً بهذا (الروائي) اللطيف أسامة المسلم أنه لم يسرق كتاب (هكذا هزموا اليأس/ سلوى العضيدان)، فالسوق الأدبي طيلة عقود كان مستباحاً لدرجة تجعل (السارق الأدبي) هو (الأكثر مبيعاً)، فمهما كانت نباهة المؤلف في حفظ حقوقه آنذاك، فسيرتطم بقوة وجه السارق ومزاج (السوق) في شراء المسروق، والتصفيق للسارق (حتى الآن).
ازدحام (المعجبيت/ بالتاء كناية عن مزيج من الجنسين غالبيتهم إناث) حول (أسامة المسلم) هو نجاح حقيقي في (تسويق براند) مرتبط بحكايا الأمهات والجدات عن الجن والعفاريت... الخ، هل نعود إلى خمسينات القرن الماضي مع أحمد فهمي أبوالخير في (أشباح وأرواح) أم نعود للطبعات المتكررة في (أرواح وأشباح/ أنيس منصور/ طبعته التاسعة في 1987م وطبعته العشرون في 2003م) مروراً بتسعينيات القرن الماضي والانتشار الواسع لكتاب (حوار صحفي مع جني مسلم/محمد عيسى داوود)، مع بقاء الكتاب الثمين والمهم مغموراً حتى الآن وأقصد به (الإنسان الحائر بين العلم والخرافة) للدكتور عبدالمحسن صالح.
هل عند المثقف موقف سلبي من الأساطير في الأدب؟ قطعاً لا... فالعبقرية أن تغوص للعمق الميثولوجي بما يتجاوز ركمجة الأدب التجاري على سطح الأسطورة، اقرأوا إبراهيم الكوني، ولن نحرق أسامة المسلم بهذه المقارنة (اللئيمة الظالمة).
أشد على يد (أسامة المسلم) في صناعة (براند تجاري) لنفسه، فهو ليس أقل من أسماء أدبية بدأت حياتها الفكرية رافعة شعار (ثقافة غرامشي) ثم هي الآن ترفع شعار (ثقافة السوق) على وزن (إسلام السوق/ باتريك هايني)، إنهم قائمة طويلة تتضمن أسماء (كبيرة) فكيف نعتب على الشاب الذكي أسامة المسلم؟!
هل للأمر علاقة بكتاب (نظام التفاهة/آلان دونو)؟ أرى في هذا تحميل لعوالم (والت ديزني) الترفيهية أكثر مما تحتمل، فالمنتج يتجه للسوق، وتقاليد السوق (عرض وطلب)، ولم يزعم (الأدب التجاري) أن لديه رغبة في منافسة (الأدب الأصيل) في كلاسيكياته العالمية والعربية، لكنه قطعاً يتصدر عليها أحياناً كثيرة في قائمة (الأكثر مبيعاً)، إنها (الأعراض الجانبية) للرأسمالية، إنه (الاقتصاد يا غبي/جيمس كارفيل).
هل يمكن لي وضع (حكاية سحارة/الغذامي) بجوار (أدب يظنه البعض جديداً) ومربكاً للمشهد الأدبي بسبب قوة انتشاره وتزاحم قرائه؟ طبعاً لا، فقد اخترت الكتاب أعلاه متعمداً لنعرف الفرق بينه وبين ما كتب عنه الغذامي بعنوان: (الجيل الذي يختار لغته «حادثة أسامة المسلم») في جريدة «الجزيرة»، حيث رأى فيها ظلال (ألف ليلة وليلة)! والأكيد عند العارفين أن (بورخيس) ومعه (عبدالكبير الخطيبي) لن يسعدهما ربط هذه الأعمال بألف ليلة وليلة حتى ولو خرج الربط من تحت قلم (الغذامي).
كل هذا جعلني أضطر إلى قراءة نفس العمل الذي قرأه الغذامي لأسامة المسلم وفعلاً كان كما وصف الغذامي في (اللغة السهلة) لكنها غير ممتنعة، إنها (خفيفة حقاً) مما يزيدها انتشاراً، ولهذا لا أستطيع أن أقف مع الغذامي في اعتبارها (ثورة احتجاج على النص النخبوي) بل هي ربتة على كتف أسامة، قام بها الغذامي وفق واجبه (الريادي) الذي نقدره، وليس (النقدي) الذي ننتظره، هل نسينا تربيت القصيبي على كتف (بنات الرياض)، إنه قدر الرياديين الكرماء مع «تهمة المجانية» في الربت على الأكتاف؟!
وعليه فيمكن قراءة أعمال المسلم من خلال بيئة جديدة نشأ عليها أجيال عاشت مشدوهة أمام (هاري بوتر) و(سيد الخواتم) و(شيفرة دافنشي) وأفلام الإينيمي مثل (مذكرة الموت) إذ يجد الطالب دفتراً غامضاً يمكنه من قتل أي شخص بمجرد كتابة اسمه فيه، وفيلم الإينيمي (الهجوم على العمالقة) وأثرها في التكوين الوجداني المنعكس على المزاج (الولَّادي والبنَّاتي/العمومي) لجيل إنترنتي جديد، فيأتي أسامة المسلم ليصنع في سوق (الأدب التجاري) من نفسه (البراند/الروائي)، خاضعاً لشروط سوق (الأدب التجاري) في (البساطة، الخفة، وفرة الإنتاج)، ولعبة تحويل اسم المؤلف إلى (براند) من خلال استخدام وسائل التواصل بأنواعها مع جيل زد (Generation Z)، المستعدين وفق ثقافتهم التي نشأت مع (الإنترنت) أن يجدوا في هذا (الأدب التجاري الجيد) ما يملؤهم تعلقاً وحباً لمن (يتملقهم) بالأدب ولو كان أقل جودة من عمل أسامة المسلم، كالضجة القديمة لكتاب بعنوان (توصون شي ولاش) للبراند الملقب (أبو جفين)؟! وكلمة (يتملق) ليست من قاموسي بل هي اقتباس من كتاب الناقد الأدبي الحاصل على جائزة الملك فيصل العالمية ـــ مناصفة ـــ في اللغة العربية والأدب عام 2000م إذ يقول: (والحد الفاصل هنا بين الأدب العظيم والأدب «التجاري» غاية في الدقة، فالأديب العظيم يستطيع أن يؤثر في مجتمعه، وأن يكسب رضاه، دون أن يخضع لإرادة هذا المجتمع، بل ربما استطاع تحقيق ذلك وهو يقف معارضاً للمجتمع، والأديب التجاري وحده هو الذي يتملق الجماهير، ويخضع لها، ويترك إرادته تذوب في إرادتها، الأول هو الذي يؤدي دور الأديب الحق في مجتمعه، حين يتأثر بهذا المجتمع ثم يحاول التأثير فيه، وهو تأثير له خطورته لأن له خطته وهدفه، أما الثاني فلا يمكن أن يكون عامل دفع في مجتمعه، لأنه سيترك المجتمع يدور في نطاق ذاته) راجع ص26 من كتاب (الأدب وفنونه/دراسة ونقد) الدكتور: عز الدين إسماعيل «1929 ــــــ 2007».
والأدب التجاري بدرجاته المختلفة ليس عيباً بل (شطارة تجارية) خصوصاً إذا علمنا أن كثيراً من (المثقفين) ركبوا هذه الموجة التجارية في دورات (تطوير الذات) وكتبها الأكثر مبيعاً، هل قلت شيئاً عن كتاب بعنوان نظرية اللوز أو الفستق... لا أذكر؟! وصولاً إلى دورات في (كتابة الرواية) وفي (فن القصة) والمقاعد محدودة... الخ، ولهذا أستغرب أن يدخل معظم الأدباء هذا السوق التجاري ثم تغضب بعض (قبيلتهم الثقافية) على (أسامة المسلم) في صناعته (براند أدبي) يتفوق فيه على مسوقين آخرين في (الشارع التجاري) للثقافة والأدب.
(الأدب التجاري) بأنواعه جنس (ثرثار) ينتشر دائماً وفق (شروط السوق) المرتبطة بالتكوين الثقافي للمستهلك وزمانه، لنرى الشاب (الصحوي) قبل سنين متعطشاً لشراء (الكاسيت الإسلامي) ولواحقه من (كتب، كتيبات، مطويات) وانتشار دكاكينها وأكشاكها في كل زاوية وركن، حيث كانت المنافسة في (الأكثر مبيعاً) آنذاك بين نوعين (كتب الصحويين وكتب الطبخ).
يكفينا تفاؤلاً بهذا (الروائي) اللطيف أسامة المسلم أنه لم يسرق كتاب (هكذا هزموا اليأس/ سلوى العضيدان)، فالسوق الأدبي طيلة عقود كان مستباحاً لدرجة تجعل (السارق الأدبي) هو (الأكثر مبيعاً)، فمهما كانت نباهة المؤلف في حفظ حقوقه آنذاك، فسيرتطم بقوة وجه السارق ومزاج (السوق) في شراء المسروق، والتصفيق للسارق (حتى الآن).
ازدحام (المعجبيت/ بالتاء كناية عن مزيج من الجنسين غالبيتهم إناث) حول (أسامة المسلم) هو نجاح حقيقي في (تسويق براند) مرتبط بحكايا الأمهات والجدات عن الجن والعفاريت... الخ، هل نعود إلى خمسينات القرن الماضي مع أحمد فهمي أبوالخير في (أشباح وأرواح) أم نعود للطبعات المتكررة في (أرواح وأشباح/ أنيس منصور/ طبعته التاسعة في 1987م وطبعته العشرون في 2003م) مروراً بتسعينيات القرن الماضي والانتشار الواسع لكتاب (حوار صحفي مع جني مسلم/محمد عيسى داوود)، مع بقاء الكتاب الثمين والمهم مغموراً حتى الآن وأقصد به (الإنسان الحائر بين العلم والخرافة) للدكتور عبدالمحسن صالح.
هل عند المثقف موقف سلبي من الأساطير في الأدب؟ قطعاً لا... فالعبقرية أن تغوص للعمق الميثولوجي بما يتجاوز ركمجة الأدب التجاري على سطح الأسطورة، اقرأوا إبراهيم الكوني، ولن نحرق أسامة المسلم بهذه المقارنة (اللئيمة الظالمة).
أشد على يد (أسامة المسلم) في صناعة (براند تجاري) لنفسه، فهو ليس أقل من أسماء أدبية بدأت حياتها الفكرية رافعة شعار (ثقافة غرامشي) ثم هي الآن ترفع شعار (ثقافة السوق) على وزن (إسلام السوق/ باتريك هايني)، إنهم قائمة طويلة تتضمن أسماء (كبيرة) فكيف نعتب على الشاب الذكي أسامة المسلم؟!
هل للأمر علاقة بكتاب (نظام التفاهة/آلان دونو)؟ أرى في هذا تحميل لعوالم (والت ديزني) الترفيهية أكثر مما تحتمل، فالمنتج يتجه للسوق، وتقاليد السوق (عرض وطلب)، ولم يزعم (الأدب التجاري) أن لديه رغبة في منافسة (الأدب الأصيل) في كلاسيكياته العالمية والعربية، لكنه قطعاً يتصدر عليها أحياناً كثيرة في قائمة (الأكثر مبيعاً)، إنها (الأعراض الجانبية) للرأسمالية، إنه (الاقتصاد يا غبي/جيمس كارفيل).