أحمد عقدي

سقطت الكرة الأرضية في حنجرة العالم بالأمس، حين وجدوا انفسهم يُبحلِقون بذهول في شاشة الموت الزرقاء، قبل أن يكتشفوا أن عطلاً تقنياً عالمياً، جمّد حيواتهم وشلّ مقدراتهم وقطّع اوصالهم. العطل التقني الناتج عن خلل في تحديث أمني لبرنامج مايكروسوفت وندوز الذي اطلقته شركة كراود ستريك الشركة الامريكية الرائدة في الامن السيبراني، ما تسبب في فوضى عالمية غير مسبوقة، طالت قطاعات هامة وشلت الخدمات في المطارات، وأربكت الناقلات الجوية ومزودي خدمات الاتصالات، وشركات البث الاعلامي

والمستشفيات في معظم دول العالم.

وجد العالم نفسه مفزوعاً ومرتبكاً ومتعثرا في ممارسة حياته وفق ادواته الرقمية ( الهشّة بطبيعة الحال ). بينما أطمأن السعوديون بفخرٍ، حين وجدوا الجهات المعنية تُطمئن المواطن والمقيم، أن كل شيء على يرام ،وأن كل الخدمات التي تمس المواطن والمقيم لم يطلها الاذى جراء العطل التقني، حين أكدت الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي "سدايا"، أن أنظمتها التقنية والأنظمة الحكومية التي تستضيفها لتقديم الخدمات الحكومية للمواطنين والمقيمين في المملكة العربية السعودية تعمل دون انقطاع، ولم تتأثر بالعطل التقني الذي ضرب معظم الجهات في دول العالم.

وذلك ليس من باب المصادفة، وإنما نتيجة حتمية لجهود حثيثة وفائقة الدقة، وعلى أيدي كوادر وطنية مؤهلة في مجالات تقنيات الحاسب الآلي والبرمجة، وذلك على أعلى مستوى من البناء التقني، الذي يكفل سرعة الانتقال من نظام إلى نظام في حال حدوث أي عطل تقني .

ذكّرتني هذه الطمأنينة التي عززت الطمأنينه المستقرة في أعماقنا، أن الوطن والمواطن والمقيم في أيدٍ أمينة وحريصةٍ وفاعلة، ومتقدمة جداً. ذكّرتني بزيارة سمو ولي العهد الامير محمد بن سلمان قبل حوالي ست سنوات لعدد من كُبريات الشركات العالمية‬⁩ اثناء زيارته الرسمية للولايات المتحدة الأمريكية‬⁩ والتي من بينها شركة مايكروسوفت ‬⁩حيث التقى حينها في سان فرانسيسكو مع الرئيس التنفيذي لشركة مايكروسوفت ساتيا ناديلا. وشهد اللقاء توقيع مذكرة تفاهم تهدف إلى التعاون لتدريب وتأهيل الكفاءات الوطنية، ودعم التحول الرقمي والابتكار القائم على المعرفة وفقا لرؤية السعودية 2030.

لنجد اليوم ثمار هذه الزيارة، التي تشير غلى بعدِ نظرٍ عميق، لا تُدرِكه الأبصار المتأرجحة بين الشك واليقين ،وإلى توقد ذهن يعمل من أجل الانسان وتطور الوطن، لا ذِهنٍ يُدلِلُ الحيوان ويقوده أمامه بسلسلة ذهبية على حساب حقوق الانسان وهدر كرامته. إنها منظومة عمل إدارية كبرى يقودها ولي العهد بفكره وهمته لتطوير هذا الوطن والإرتقاء بمقدراته، حتى تجاوزنا في فترة وجيزة جداً وعلى مستوى التقنية دول أوروبا وأميركا التي تطورت قبلنا بعشرات السنين، لكن عجلة تطورها فقدت البوصلة مؤخرا، وتراخت الى حدٍ بعيد، متأثرة بعمق بكل أزمة عالمية.

وبلا شك فهذا التطور السعودي الكبير والخطط الاستباقية انقذت البلد من كثير من الازمات العالمية التي ألحقت الاذى بالعالم، كنتائج الحرب الروسية الاوكرانية على اقتصاديات العالم، وعدم تاثر اقتصاد السعودية بذلك كبقية الدول.

وازمة كورونا التي اجتاحت العالم وأثرها الكبير في الصحة العالمية، وما شهده العالم بكثير من الدهشة حيال طريقة ادارة السعوديين للازمة، التي جعلت اثارها على السعوديين تُعدّ الاقل مقارنة بدول العالم، ولم تتعطل أعمالها حتى استضافة قمة الـ ( G20 ) عن بعد بهندسة تقنية سعودية خالصة .

أخيراً : البقاء في وطن تشعرُ فيه بطمأنينة عالية، وأنك لن تستيقظ يوماً على حتفِك، أصبح للكثير حُلُماً بعيد المنال، لكنه متحققٌ لكل سعودي أو مقيم على ارض السعودية .