لم تفتأ الجماعات المتطرفة تستعير من لغة الحروب ما ليس منها، وقد كان الإرهابيون يسمون هجماتهم على المدنيين والأبرياء بالغزوات، حتى صار المتطرفون يطلقون على العملية الانتخابية التي يشارك فيها الإخوان (غزوة الصناديق)! واليوم لا يزالون يمارسون بثَّ أيدلوجيتهم، ودعايتهم التي لا ينقصها الإرهاب الأدبي لخصومهم في بودكاست، وحلقات يوتيوب، بما يدرجها تحت ظاهرة (الغزوات) التي سبق أن انتهجوها.
ففي المادة المسموعة والمرئية التي تذاع اليوم المضامين نفسها التي استعملها الإرهاب من قبل، من تقسيم العالَم إلى ثنائية، إما جاهلية وإما أهل الحق، وهكذا يتحوَّل كل موضوع إلى فسطاطين، لا مجال فيه لاختلاف وجهات النظر، ولا مكان للأبرياء وفق هذه النظرة، فإما جنود معهم أو عليهم، بهذه الطريقة المخلَّة في التبسيط برَز عددٌ من الأسماء مثل أحمد السيد الذي يستعمل مصطلح (المصلحين) ويشرح مسيرتهم على يوتيوب دون أن يكونوا سوى جماعة الإخوان المسلمين ومن يشكلون امتدادًا لهم.
فلا يتعامل السيِّد مع الإخوان على أنهم حزب سياسي له أيدلوجيته، بل هم في تصويره مصلحون مسلمون ما خالفهم سوى أهل الفساد من أذناب الاستعمار وكارهي الدين. وبهذه الطريقة من الإعدام المعنوي لكل مخالف للإخوان يصبح الرافض لهم إما متنكرًا للدين أو متنكرًا للوطن، فلا يكونون في نظر من تابع هذه النظرة إلا قوى التحرر، ورفض التبعية، وهم أنصار الدين، أما ما قاموا به من اغتيالات سياسية، وتآمر على الدول، وإرهاب، فلا يكون وفق هذا زعم السيِّد إلا خطوات في طريق الإصلاح، فلا معنى للخطأ عنده إلا بطريقة براغماتية لا محاكمة دينية أو أخلاقية له، بل يجعل هذا حصرًا لخصوم جماعة الإخوان المسلمين!
ولا تتوقف تلك الغزوات عند لون واحد، فينوِّعون في الوجوه والأساليب، فمنهم جميل أكبر الذي يحث على الجريمة صراحة في بودكاست، فيرى بأنَّ الحدود السِّياسية إنما هي أثر استعماري، وأنَّ الإسلام وفق تصوراته اليسارية المتطرفة لا يعترف بالحدود الوطنية، فيمكن لأيِّ إنسان أن يذهب لأيِّ بلد ويستفيد من خيراتها دون إذن أحد، هذا التصوَّر هو في الواقع استعارة من الأيدلوجيات الاستعمارية حين تضحي خيرات وطن معيَّن ملكًا لمن يستطيع الوصول إليها من غير أهلها.
وهو ما يدفع جميل أكبر ليعلن في بودكاست عن تجاهل الدولة تمامًا، فلا يعترف بالترخيص للبضائع المتبادلة بين الدول، ويصبغ الشَّرعية على التهريب بين الحدود، ويزيد نغمة في الطنبور فيقول بأنَّ المهربين إذا اعترضهم أحد كحرس الحدود والشرطة، فإنَّ لهم الحقَّ في قتالهم، بحجة أنَّ البضاعة المهربة هي ملك للمهربين وأنَّ من قتل دون ماله فهو شهيد! هذه الأيدلوجيا المتطرفة تحوِّل الإسلام -حاشاه- إلى أداة تبرير للجريمة المنظمة، زيادة على ما فيها من تطرف وإرهاب أدبي يسبق الإرهاب على أرض الواقع.
لقد تعامل هؤلاء مع يوتيوب وبودكاست على أنه أقرب الطرق لافتراس الشرائع الشبابية الجديدة، أو (الجيل الصَّاعد) كما يحب تسميته أحمد السَّيد، فسعوا للزج بأفكارهم في مختلف المواضيع حتى لو لم يظهر في عناوينها خطورة أمنية تحايلًا على الرقابة وتيسيرًا للوصول إلى الأجيال الأصغر، كما كان طارق سويدان يفعل من قبل، حين يطعِّم كتبه في التنمية بأفكار سيد قطب وعبد الله عزام، فيكون العنوان (صناعة القائد) ثم يغرق صفحاته بأفكار الإخوان.
فضلًا عن المشاريع الغامضة التي ينخرطون فيها ويسعون لإشراك الشباب في دوَّامتها، فقام عبد الله العجيري بالدعاية لجمع التبرعات المالية لأحد المراكز في بريطانيا دون أن يظهر في الإعلان أيُّ شيء مفهوم، فهو يقول تبرعوا (لإعادة من خرج من الإسلام) وفي المقطع الدعائي نفسه (دعوة غير المسلمين)، وفيه: (تثبيت الإخوة المؤمنين) فهو يطلب الدَّعم المالي لجماعة لا يتحدد ما الذي تقوم به، إنه يقول: تبرعوا لها وكفى مهما كانت تفعل، ترد على الملحدين، وإن لم يوجد سيثبتون إيمان المسلمين! فالمهم لديه أن يتم تمويلهم، وفي آخر الإعلان تظهر صورة لمحمد حجاب، الذي لم يخفِ في لقاءاته حقده على علماء السعودية وسخريته منهم، وهو الذي سعى أيضًا لإحداث تغيير في أساليب العمل الدعائي، فنشر مسلسلًا على يوتيوب كان فيه هو البطل، وأظهر براغماتية عالية حيث ظهر معه نساء دون حجاب، فالمهم أن يمرر أفكاره، بقطع النظر عن الوسيلة.
إنَّ الطفرة الإعلامية التي تُحدثها المنصات الحديثة تشكل أرضية جديدة لمختلف ألوان النشاط الدعائي للجماعات المتطرفة والدعايات الموجهة، فوجب التنبه لما فيها، والسَّعي لتفكيك محتوى الأفكار المعروضة على النَّاس وهي التي تستهدف شبابًا بأعمار صغيرة، قد يُفتنون بها على المدى البعيد تحت تأثير التفنن بالدعاية التي تعرض عليهم، وتكون فيها أفكار سيِّد قطب معادة الإنتاج، دون التصريح باسمه، بما يكون له من خطورة على المدى البعيد، وهي مسؤولية كبيرة تقع على كاهل المثقفين، بأنَّ يحللوا تلك المواد المعروضة ويزيفوا محتواها المتطرف.
ففي المادة المسموعة والمرئية التي تذاع اليوم المضامين نفسها التي استعملها الإرهاب من قبل، من تقسيم العالَم إلى ثنائية، إما جاهلية وإما أهل الحق، وهكذا يتحوَّل كل موضوع إلى فسطاطين، لا مجال فيه لاختلاف وجهات النظر، ولا مكان للأبرياء وفق هذه النظرة، فإما جنود معهم أو عليهم، بهذه الطريقة المخلَّة في التبسيط برَز عددٌ من الأسماء مثل أحمد السيد الذي يستعمل مصطلح (المصلحين) ويشرح مسيرتهم على يوتيوب دون أن يكونوا سوى جماعة الإخوان المسلمين ومن يشكلون امتدادًا لهم.
فلا يتعامل السيِّد مع الإخوان على أنهم حزب سياسي له أيدلوجيته، بل هم في تصويره مصلحون مسلمون ما خالفهم سوى أهل الفساد من أذناب الاستعمار وكارهي الدين. وبهذه الطريقة من الإعدام المعنوي لكل مخالف للإخوان يصبح الرافض لهم إما متنكرًا للدين أو متنكرًا للوطن، فلا يكونون في نظر من تابع هذه النظرة إلا قوى التحرر، ورفض التبعية، وهم أنصار الدين، أما ما قاموا به من اغتيالات سياسية، وتآمر على الدول، وإرهاب، فلا يكون وفق هذا زعم السيِّد إلا خطوات في طريق الإصلاح، فلا معنى للخطأ عنده إلا بطريقة براغماتية لا محاكمة دينية أو أخلاقية له، بل يجعل هذا حصرًا لخصوم جماعة الإخوان المسلمين!
ولا تتوقف تلك الغزوات عند لون واحد، فينوِّعون في الوجوه والأساليب، فمنهم جميل أكبر الذي يحث على الجريمة صراحة في بودكاست، فيرى بأنَّ الحدود السِّياسية إنما هي أثر استعماري، وأنَّ الإسلام وفق تصوراته اليسارية المتطرفة لا يعترف بالحدود الوطنية، فيمكن لأيِّ إنسان أن يذهب لأيِّ بلد ويستفيد من خيراتها دون إذن أحد، هذا التصوَّر هو في الواقع استعارة من الأيدلوجيات الاستعمارية حين تضحي خيرات وطن معيَّن ملكًا لمن يستطيع الوصول إليها من غير أهلها.
وهو ما يدفع جميل أكبر ليعلن في بودكاست عن تجاهل الدولة تمامًا، فلا يعترف بالترخيص للبضائع المتبادلة بين الدول، ويصبغ الشَّرعية على التهريب بين الحدود، ويزيد نغمة في الطنبور فيقول بأنَّ المهربين إذا اعترضهم أحد كحرس الحدود والشرطة، فإنَّ لهم الحقَّ في قتالهم، بحجة أنَّ البضاعة المهربة هي ملك للمهربين وأنَّ من قتل دون ماله فهو شهيد! هذه الأيدلوجيا المتطرفة تحوِّل الإسلام -حاشاه- إلى أداة تبرير للجريمة المنظمة، زيادة على ما فيها من تطرف وإرهاب أدبي يسبق الإرهاب على أرض الواقع.
لقد تعامل هؤلاء مع يوتيوب وبودكاست على أنه أقرب الطرق لافتراس الشرائع الشبابية الجديدة، أو (الجيل الصَّاعد) كما يحب تسميته أحمد السَّيد، فسعوا للزج بأفكارهم في مختلف المواضيع حتى لو لم يظهر في عناوينها خطورة أمنية تحايلًا على الرقابة وتيسيرًا للوصول إلى الأجيال الأصغر، كما كان طارق سويدان يفعل من قبل، حين يطعِّم كتبه في التنمية بأفكار سيد قطب وعبد الله عزام، فيكون العنوان (صناعة القائد) ثم يغرق صفحاته بأفكار الإخوان.
فضلًا عن المشاريع الغامضة التي ينخرطون فيها ويسعون لإشراك الشباب في دوَّامتها، فقام عبد الله العجيري بالدعاية لجمع التبرعات المالية لأحد المراكز في بريطانيا دون أن يظهر في الإعلان أيُّ شيء مفهوم، فهو يقول تبرعوا (لإعادة من خرج من الإسلام) وفي المقطع الدعائي نفسه (دعوة غير المسلمين)، وفيه: (تثبيت الإخوة المؤمنين) فهو يطلب الدَّعم المالي لجماعة لا يتحدد ما الذي تقوم به، إنه يقول: تبرعوا لها وكفى مهما كانت تفعل، ترد على الملحدين، وإن لم يوجد سيثبتون إيمان المسلمين! فالمهم لديه أن يتم تمويلهم، وفي آخر الإعلان تظهر صورة لمحمد حجاب، الذي لم يخفِ في لقاءاته حقده على علماء السعودية وسخريته منهم، وهو الذي سعى أيضًا لإحداث تغيير في أساليب العمل الدعائي، فنشر مسلسلًا على يوتيوب كان فيه هو البطل، وأظهر براغماتية عالية حيث ظهر معه نساء دون حجاب، فالمهم أن يمرر أفكاره، بقطع النظر عن الوسيلة.
إنَّ الطفرة الإعلامية التي تُحدثها المنصات الحديثة تشكل أرضية جديدة لمختلف ألوان النشاط الدعائي للجماعات المتطرفة والدعايات الموجهة، فوجب التنبه لما فيها، والسَّعي لتفكيك محتوى الأفكار المعروضة على النَّاس وهي التي تستهدف شبابًا بأعمار صغيرة، قد يُفتنون بها على المدى البعيد تحت تأثير التفنن بالدعاية التي تعرض عليهم، وتكون فيها أفكار سيِّد قطب معادة الإنتاج، دون التصريح باسمه، بما يكون له من خطورة على المدى البعيد، وهي مسؤولية كبيرة تقع على كاهل المثقفين، بأنَّ يحللوا تلك المواد المعروضة ويزيفوا محتواها المتطرف.