حماد القشانين

أثناء مكالمة مرئية مع شخص يسكن إحدى مناطق المملكة الطرفية، تنبهت إلى أنه يهاتفني من مساحة أسفلتية شاسعة، فكان سؤالي البديهي، هل تهاتفني من مدرج الطائرة على سبيل المثال؟ ما كل هذه المساحة الشاسعة والمسفلتة؟

فأجابني؛ ببساطة سأرسل لك تحديد موقع وأرجع تاريخ خرائط قوقل لما قبل عامين، ثم قارنها مع حجم المساحات الشاسعة في هذا الحي التي سفلتت في العامين الأخيرين، دون أن تحدد أمانة المنطقة ما هذه الأراضي أو لماذا سفلتتها بهذا الحجم!

نفذت ما قاله فلم أصدق ما شاهدته عيناي، هل يعقل أنه في مجمع أحياء جديدة نشأت في الأعوام الخمسة الأخيرة يسكن بها ما لا يقل عن 15 % سكان تلك المنطقة بأكلمها، أنشئت مساحات أسفلتية تعادل مساحات ثلاثة إلى أربعة ملاعب كرة قدم ضخمة على الأقل! ولم تستخدم هذه المساحات لأي أغراض في هذه السنوات كلها ولم تحدد معالمها، فكيف يحدث ذلك؟ خصوصا في مثل هذا التحول الإستراتيجي الذي انتهجته حكومتنا الرشيدة، الذي يعد الأضخم عالميا في خفض درجات الحرارة وتحسين المناخ من خلال زيادة الغطاء النباتي، فهل من درس مثل هذه القرارات اطلع - مثلا- على دراسة تقول: «أجرى علماء من الولايات المتحدة وألمانيا تجارب في المختبر، تضمنت تسخين الأسفلت إلى درجات حرارة مختلفة وتسجيل المواد المنبعثة منه، واتضح للباحثين أن الأسفلت الذي يسخن إلى درجات حرارة الصيف الاعتيادية، يطلق مزيجا من المواد تشكل 85 % منها مركبات عضوية شبه طيارة، وعند اختلاطها بالهواء الجوي يتكون هباء عضويا ثانويا، ووفقا لحسابات الباحثين، تقارن مساهمة الأسفلت في لوس أنجلوس بمساهمة السيارات في التسمم البيئي، ويشير الباحثون إلى أن أشعة الشمس هي السبب الرئيس في انبعاث هذه المادة، فقد أظهرت نتائج التجارب التي أجريت بواسطة أشعة الشمس المباشرة، أن انبعاثات SOA تتضاعف بمقدار ثلاث مرات، وسبب تلك الدراسة أن جودة الهواء هي أحد العوامل التي تلعب دورا مهما في متوسط طول العمر»، وانتهت الدراسة.

ولكن ما لم ينته هو وجود مثل هؤلاء المخططين، لمثل هذه العاهات البيئية، ممن قاموا بهذا التهور البيئي! وهل هناك ما يمنع من تشكيل لجنة مشتركة من الجهات المعنية حتى لا يتكرر ما ذكر هنا؟ فما نطلبه ببساطة منهم أن يتفهموا أنه (ما عاد ينقصنا حر).