لاحظنا في الفترة الماضية خلال سفرنا لعدة دول حول العالم انتشار السيارات الصينية، حتى في دول كان من الصعب على الفرد تملك سيارة!، والآن نراها منتشرة حتى في دول الخليج. ولكن قبل أن نجيب عن سؤال عنوان المقال سأذكر بعض الأرقام الصادمة بشكل سريع ومن بعدها ندخل في التفاصيل:
عدد السيارات المنتجة في الصين عام 2000 كان 2 مليون سيارة سنويا فقط، وفي عام 2023 ارتفع العدد إلى حوالي 30 مليون سيارة!
منذ عام 2020 زادت أسعار السيارات الأوروبية بمعدل 40 %!
صانعو السيارات الأوروبية الكبار الخمسة ضاعفوا أرباحهم من السيارات منذ عام 2019!
الآن نرجع لتفاصيل المقال، شهد سوق السيارات العالمي تحولات جذرية في العقدين الأخيرين، وكان لدخول الصين بقوة إلى هذا السوق دور كبير في هذه التحولات. في عام 2000، كانت الصين تنتج حوالي 2 مليون سيارة فقط، ولكن بحلول عام 2023، ارتفع إنتاجها إلى 30 مليون سيارة، بمعدل نمو سنوي يقارب %12. هذا النمو الهائل لم يكن له تأثير فقط في حجم الإنتاج، بل أيضًا على الأسعار والتنافسية في السوق العالمي.
ومع زيادة إنتاج الصين للسيارات، انخفضت أسعار السيارات بشكل ملحوظ، مما جعلها في متناول الجميع. هذا الانخفاض في الأسعار يعود إلى عدة عوامل، منها:
1. اقتصاد الحجم والعدد: مع زيادة الإنتاج، تمكنت الشركات الصينية من تحقيق وفورات الحجم، مما أدى إلى خفض تكاليف الإنتاج.
2. التكنولوجيا والتطوير: استثمرت الصين بشكل كبير في البحث والتطوير، مما أدى إلى تحسين كفاءة الإنتاج وتقليل التكاليف.
3. التنافسية العالية: دخول الصين بقوة إلى السوق العالمي زاد من التنافسية، مما أجبر الشركات الأخرى على خفض أسعارها للحفاظ على حصتها في السوق.
حاليًا، تغطي الصين حوالي %21 من سوق السيارات العالمي، ومن المتوقع أن ترتفع هذه النسبة إلى %33 بحلول عام 2030. إضافة إلى ذلك، تصدر الصين حاليا حوالي 5 ملايين سيارة سنويًا، بزيادة تقارب 58 % عن السنة السابقة. هذا التوسع السريع يعكس قدرة الصين على تلبية الطلب العالمي المتزايد على السيارات.
لو قارنا ذلك مع الشركات الأوروبية لوجدنا التالي، شهدت شركات السيارات الأوروبية خصوصا الخمسة الكبرى زيادة كبيرة في أسعار سياراتها منذ عام 2020، بمعدل 40 %. هذا الارتفاع في الأسعار لم يكن بسبب زيادة التكاليف كليا، بل على العكس، ضاعفت الشركات الأوروبية الخمسة الكبرى أرباحها منذ عام 2019. كما زادت رواتب بعض رؤساء هذه الشركات بنسبة 103 % منذ عام 2019.
هذا الارتفاع الكبير في الأسعار للسيارات الأوروبية أثر بشكل سلبي في المستهلكين، حيث أصبح من الصعب على الكثيرين شراء سيارات جديدة. في المقابل، استفادت الشركات من زيادة أرباحها، مما قد يعكس جشعها واستغلالها للظروف الاقتصادية.
هناك حديث طويل عن جودة السيارات الصينية، وقد لا تكون بمستوى السيارات الأوروبية حاليًا، ولكنها ليست بالسيئة، ومع مرور الوقت، تتطور الصين وتتعلم وتحسن من جودة سياراتها، وهذا ما حدث سابقًا مع السيارات اليابانية والكورية التي أصبحت ذات جودة عالية بمرور الزمن. وهناك ما يسمى (بمنحنى التعلم) فكل سنة جودة السيارات الصينية وخدمات وكلائها تتحسن بسبب اكتساب الخبرة وملاحظات العملاء وهذا يرجع لعدة عوامل:
1. التعلم والتطوير: الصين تستثمر بشكل كبير في البحث والتطوير، مما يساعدها على تحسين جودة سياراتها باستمرار.
2. التجارب السابقة: كما حدث مع السيارات اليابانية والكورية، التي بدأت بجودة متوسطة ثم تحسنت بمرور الوقت، تسير الصين على نفس النهج.
3. التكنولوجيا والابتكار: الشركات الصينية تتبنى أحدث التقنيات والابتكارات لتحسين جودة سياراتها وتستفيد من خبرة مصانع الشركات الأمريكية والأوروبية التي لديها.
4. الضمان الطويل: إحدى الميزات الكبيرة للسيارات الصينية هي الضمان الطويل الذي يصل إلى حوالي 6-7 سنوات. هذا الضمان يعكس ثقة الشركات الصينية في جودة منتجاتها ويعطي المستهلكين راحة البال. وعادةً، يتم تغيير السيارة العادية من قبل المالك خلال هذه الفترة، مما يجعل هذا الضمان ميزة كبيرة.
ونستنتج أنه بينما قد لا تكون السيارات الصينية بمستوى السيارات الأوروبية من حيث الجودة حاليًا، إلا أنها تتحسن بسرعة وتقدم تقنيات وتكنولوجيا ومميزات إلكترونية مشابهة إلى حد ما للسيارات الأوروبية بأسعار معقولة. ومع مرور الوقت، يمكن أن تصل إلى مستويات عالية من الجودة كما حدث مع السيارات اليابانية والكورية. إضافة إلى ذلك، فإن الضمان الطويل الذي تقدمه الشركات الصينية يعزز من جاذبية هذه السيارات للمستهلكين. بينما جشع بعض الصانعين الأوروبيين أدى إلى حرمان فئات كثيرة من امتلاك سيارات، وهنا جاء دور السيارات الصينية لتسد الفجوة عالميا.
أما المستقبل فهو مبهر وجذاب للسيارات الصينية فهي خلال سنوات قليلة ستغطي ثلث السوق العالمي كما هو متوقع في 2030، وأما السيارات الكهربائية والطاقة الجديدة، تعتبر الصين منذ الآن، رائدة في مجال سيارات الطاقة الجديدة، حيث تمتلك حصة 68 % من هذا السوق حاليا!!. وهذا التوجه نحو السيارات الكهربائية والهجينة يعكس التزام الصين بالابتكار والتطوير المستدام.
أما الخلاصة فهي: إن دخول الصين بقوة إلى سوق السيارات العالمي كان له تأثير كبير في الأسعار والتنافسية. بينما استفاد المستهلكون حول العالم من انخفاض الأسعار، تمكنت الشركات الصينية من تعزيز مكانتها في السوق العالمي وفي المقابل، شهدت الشركات الأوروبية ما يمكن أن يطلق عليه جشع في زيادة في الأسعار والأرباح ورواتب رؤسائها التنفيذيين مما يعكس اختلاف الإستراتيجيات بين الجانبين. في النهاية، يبقى المستهلك هو المستفيد الأكبر من هذا التنافس في سوق السيارات العالمي. ولنا في أسواق الإلكترونيات والاستهلاكيات مثال تاريخي عندما ارتفعت الأسعار الأوروبية والغربية وعندما دخلت الصين المجال أصبحت المسيطر، وانخفضت أسعار الإلكترونيات بشكل كبير جدا، وإلا لكنا رأينا أسعار التلفاز الآن بسعر سيارة لو بقيت السيطرة الأوروبية الأمريكية.
عدد السيارات المنتجة في الصين عام 2000 كان 2 مليون سيارة سنويا فقط، وفي عام 2023 ارتفع العدد إلى حوالي 30 مليون سيارة!
منذ عام 2020 زادت أسعار السيارات الأوروبية بمعدل 40 %!
صانعو السيارات الأوروبية الكبار الخمسة ضاعفوا أرباحهم من السيارات منذ عام 2019!
الآن نرجع لتفاصيل المقال، شهد سوق السيارات العالمي تحولات جذرية في العقدين الأخيرين، وكان لدخول الصين بقوة إلى هذا السوق دور كبير في هذه التحولات. في عام 2000، كانت الصين تنتج حوالي 2 مليون سيارة فقط، ولكن بحلول عام 2023، ارتفع إنتاجها إلى 30 مليون سيارة، بمعدل نمو سنوي يقارب %12. هذا النمو الهائل لم يكن له تأثير فقط في حجم الإنتاج، بل أيضًا على الأسعار والتنافسية في السوق العالمي.
ومع زيادة إنتاج الصين للسيارات، انخفضت أسعار السيارات بشكل ملحوظ، مما جعلها في متناول الجميع. هذا الانخفاض في الأسعار يعود إلى عدة عوامل، منها:
1. اقتصاد الحجم والعدد: مع زيادة الإنتاج، تمكنت الشركات الصينية من تحقيق وفورات الحجم، مما أدى إلى خفض تكاليف الإنتاج.
2. التكنولوجيا والتطوير: استثمرت الصين بشكل كبير في البحث والتطوير، مما أدى إلى تحسين كفاءة الإنتاج وتقليل التكاليف.
3. التنافسية العالية: دخول الصين بقوة إلى السوق العالمي زاد من التنافسية، مما أجبر الشركات الأخرى على خفض أسعارها للحفاظ على حصتها في السوق.
حاليًا، تغطي الصين حوالي %21 من سوق السيارات العالمي، ومن المتوقع أن ترتفع هذه النسبة إلى %33 بحلول عام 2030. إضافة إلى ذلك، تصدر الصين حاليا حوالي 5 ملايين سيارة سنويًا، بزيادة تقارب 58 % عن السنة السابقة. هذا التوسع السريع يعكس قدرة الصين على تلبية الطلب العالمي المتزايد على السيارات.
لو قارنا ذلك مع الشركات الأوروبية لوجدنا التالي، شهدت شركات السيارات الأوروبية خصوصا الخمسة الكبرى زيادة كبيرة في أسعار سياراتها منذ عام 2020، بمعدل 40 %. هذا الارتفاع في الأسعار لم يكن بسبب زيادة التكاليف كليا، بل على العكس، ضاعفت الشركات الأوروبية الخمسة الكبرى أرباحها منذ عام 2019. كما زادت رواتب بعض رؤساء هذه الشركات بنسبة 103 % منذ عام 2019.
هذا الارتفاع الكبير في الأسعار للسيارات الأوروبية أثر بشكل سلبي في المستهلكين، حيث أصبح من الصعب على الكثيرين شراء سيارات جديدة. في المقابل، استفادت الشركات من زيادة أرباحها، مما قد يعكس جشعها واستغلالها للظروف الاقتصادية.
هناك حديث طويل عن جودة السيارات الصينية، وقد لا تكون بمستوى السيارات الأوروبية حاليًا، ولكنها ليست بالسيئة، ومع مرور الوقت، تتطور الصين وتتعلم وتحسن من جودة سياراتها، وهذا ما حدث سابقًا مع السيارات اليابانية والكورية التي أصبحت ذات جودة عالية بمرور الزمن. وهناك ما يسمى (بمنحنى التعلم) فكل سنة جودة السيارات الصينية وخدمات وكلائها تتحسن بسبب اكتساب الخبرة وملاحظات العملاء وهذا يرجع لعدة عوامل:
1. التعلم والتطوير: الصين تستثمر بشكل كبير في البحث والتطوير، مما يساعدها على تحسين جودة سياراتها باستمرار.
2. التجارب السابقة: كما حدث مع السيارات اليابانية والكورية، التي بدأت بجودة متوسطة ثم تحسنت بمرور الوقت، تسير الصين على نفس النهج.
3. التكنولوجيا والابتكار: الشركات الصينية تتبنى أحدث التقنيات والابتكارات لتحسين جودة سياراتها وتستفيد من خبرة مصانع الشركات الأمريكية والأوروبية التي لديها.
4. الضمان الطويل: إحدى الميزات الكبيرة للسيارات الصينية هي الضمان الطويل الذي يصل إلى حوالي 6-7 سنوات. هذا الضمان يعكس ثقة الشركات الصينية في جودة منتجاتها ويعطي المستهلكين راحة البال. وعادةً، يتم تغيير السيارة العادية من قبل المالك خلال هذه الفترة، مما يجعل هذا الضمان ميزة كبيرة.
ونستنتج أنه بينما قد لا تكون السيارات الصينية بمستوى السيارات الأوروبية من حيث الجودة حاليًا، إلا أنها تتحسن بسرعة وتقدم تقنيات وتكنولوجيا ومميزات إلكترونية مشابهة إلى حد ما للسيارات الأوروبية بأسعار معقولة. ومع مرور الوقت، يمكن أن تصل إلى مستويات عالية من الجودة كما حدث مع السيارات اليابانية والكورية. إضافة إلى ذلك، فإن الضمان الطويل الذي تقدمه الشركات الصينية يعزز من جاذبية هذه السيارات للمستهلكين. بينما جشع بعض الصانعين الأوروبيين أدى إلى حرمان فئات كثيرة من امتلاك سيارات، وهنا جاء دور السيارات الصينية لتسد الفجوة عالميا.
أما المستقبل فهو مبهر وجذاب للسيارات الصينية فهي خلال سنوات قليلة ستغطي ثلث السوق العالمي كما هو متوقع في 2030، وأما السيارات الكهربائية والطاقة الجديدة، تعتبر الصين منذ الآن، رائدة في مجال سيارات الطاقة الجديدة، حيث تمتلك حصة 68 % من هذا السوق حاليا!!. وهذا التوجه نحو السيارات الكهربائية والهجينة يعكس التزام الصين بالابتكار والتطوير المستدام.
أما الخلاصة فهي: إن دخول الصين بقوة إلى سوق السيارات العالمي كان له تأثير كبير في الأسعار والتنافسية. بينما استفاد المستهلكون حول العالم من انخفاض الأسعار، تمكنت الشركات الصينية من تعزيز مكانتها في السوق العالمي وفي المقابل، شهدت الشركات الأوروبية ما يمكن أن يطلق عليه جشع في زيادة في الأسعار والأرباح ورواتب رؤسائها التنفيذيين مما يعكس اختلاف الإستراتيجيات بين الجانبين. في النهاية، يبقى المستهلك هو المستفيد الأكبر من هذا التنافس في سوق السيارات العالمي. ولنا في أسواق الإلكترونيات والاستهلاكيات مثال تاريخي عندما ارتفعت الأسعار الأوروبية والغربية وعندما دخلت الصين المجال أصبحت المسيطر، وانخفضت أسعار الإلكترونيات بشكل كبير جدا، وإلا لكنا رأينا أسعار التلفاز الآن بسعر سيارة لو بقيت السيطرة الأوروبية الأمريكية.