يعد تخصص الصيدلة تخصصًا طبيًا مرموقًا ونخبويًا، ويهدف لربط الصحة بعلم الصيدلة من أجل ضمان وتوفير وتأمين استخدام الأدوية استخدامًا آمنًا وصحيًا ومناسبًا وفعالا، من خلال علم الصيدلة الذي يبحث في العقاقير وخصائصها وتراكيبها وتأثيراتها.
وهذا التخصص المهني يعتمد على التعامل المباشر مع المريض، وتطبيق المبادئ الأساسية والمستفادة من علم الأدوية في الرعاية الصحية من خلال أدواره التقليدية، كتركيب وصرف الأدوية، والخدمات الحديثة مثل الخدمات السريرية، واستعراض سلامة الأدوية، وتوفير معلومات متكاملة عن الأدوية والاستخدام الأمثل لها لتوفير النتائج الإيجابية للمرضى.
ومهنة الصيدلة هي أحد الأركان الأساسية للممارسة الطبية بأكملها، ولأهمية هذا التخصص، لا نتخيل أن تكون هناك نهضة صحية دون أن تكون هذه المهنة أحد عناصرها الأساسية.
ومن هذا المنطلق، أولت حكومتنا الرشيدة المنظومة الصحية جل اهتمامها ورعايتها الكاملة من حيث البنية التحتية وتطوير الكوادر الصحية، ومن أهمها الكادر الصيدلاني فكان الخيار الأمثل والإستراتيجي لتحقيق هذا الهدف، من خلال إيجاد أرضية صلبة لنشأة أجيال مؤهلة تأهيلا عاليًا، وكان ذلك عبر إنشاء كليات للصيدلة في معظم الجامعات، وكانت باكورة تلك الكليات في جامعة الملك سعود عام 1959، حتى بلغت حاليًا نحو 27 كلية يتخرج منها ما يزيد على 3000 صيدلي سنويًا في التخصصات الصيدلانية المختلفة.
ومع تنامي الخدمات الصحية في المملكة تبعًا للزيادة السكانية المطردة، والنهضة التنموية غير المسبوقة التي تعيشها بلادنا، ازداد عدد مقدمي الخدمات الصحية من مستشفيات ومراكز طبية وصيدليات حكومية وخاصة، وبالتالي ازداد الطلب على الوظائف الصحية المختلفة، ومنها الوظائف الصيدلانية، ولكن في السنوات الأخيرة أصبح من المألوف أن نسمع ونرى أن «البطالة» قد طالت ببؤسها هذه المهنة، وهذا الأمر لم يكن مستساغًا أو مقبولاً في ظل إشغال الآلاف من وظائف هذه المهنة بمهنيين أجانب في كلا الشقين الحكومي والخاص، وبنسب مخيفة، ولم تكن مهنة الصيدلة الوحيدة من بين الوظائف الصحية الحاضرة عبر هذا المشهد الكوميدي الأسود!!.
بل شاركتها أخريات، يأتي في مقدمتها تخصص طب الأسنان، وأصبحت هذه المعضلة محل وساحة للنقاش والجدل المستمر بين كل الأطراف، وتباينت الآراء والمقترحات حول الأسباب ومكامن الخلل، وأين تقع مواطن الحلول، وكان للمسؤولين ذوي العلاقة حيزًا ملموسًا داخل تلك الدائرة الجدلية، فكنا ولا زلنا نرى تصريحات ووعودًا من جانبهم تعلو وتظهر مرة، وتخفت وتتلاشى مرات، وسط ترقب أن نلمس حلولا جذرية ومأمولة.
وصرح معالي وزير الموارد البشرية عام 2020م بأنه سيتم السعودة المتدرجة، حيث تبدأ في ذلك العام بنسبة 30% ثم 10% سنويًا بعد ذلك، ولا أعتقد أن الأمر نفذ كما وجّه به وأقره الوزير، كما تقول وزارة الصحة إن نسبة السعودة في مهنة الصيدلة قد بلغت هذا العام ما نسبته 90%، وهنا حقيقة مهمة قد غابت عند احتساب هذه النسبة، فكثيرًا ممن دخلوا في هذه النسبة هم من فنيي الدبلوم، والذين لهم وصف وظيفي محدد، ومعه لا يمكن إلغاء ضرورة وجود صيدلي من حملة البكالوريوس لتحقيق المهام الضرورية والإيفاء بالوصف الوظيفي، والتي لا يمكن الحصول عليه إلا بوجودهم، وبالتالي ضمان تحقيق معايير الجودة المستهدفة، كما أن بعضًا من المراكز الصحية تخلو صيدلياتها من أي كوادر صيدلانية، وحينها يقوم الممرض أو الطبيب بصرف الأدوية، فلماذا لا تستحدث الوزارة وظائف وفقًا لحاجتها الحقيقية؟
أما في القطاع الخاص، فلم تبلغ نسبة السعودة حتى وقتنا الحاضر أكثر من 25% بالنسبة للصيدليات التجارية، ونسب أخرى غير مشجعة بالنسبة لبقية المنشآت الخاصة، ومع هذا القطاع تأتي المعاناة الحقيقية للصيادلة السعوديين، حيث تبدأ هذه المعاناة مع ساعات العمل القاسية، والتي تبلغ 9 ساعات يوميًا، ولستة أيام في الأسبوع، ومع يوم واحد للإجازة غير ثابت تبعًا للجدولة المعتمدة، ثم تأتي الأجور التي لا تتجاوز 7000 ريال، خالية من أي بدلات وشاملة لاستقطاع التأمينات.
ولن ننسى ثغرات الخلل في برنامج تمهير المدعوم حكوميًا بمعظم تكاليفه، والذي يهدف إلى تدريب الخريجين لدى المؤسسات الحكومية والخاصة، ليتمكنوا من اكتساب الخبرات والمهارات اللازمة وتهيئتهم لسوق العمل، والمضحك أن من يأتي من خارج الوطن من الأجانب لا حاجة لهم لهذه التهيئة واكتساب الخبرات، ويأتي الاستغلال الأوضح لهذا البرنامج من قبل المنشآت الخاصة لأنها تملك التعاقد مع المتدرب، أو تسريحه بعد تلك الفترة التدريبية، والتي هي محددة بستة أشهر يتم تسريح معظمهم بعدها، وإن تم التعاقد مع القليل منهم فهو لمدة سنتين فقط وبمزايا مُخجلة، وبالطبع لن يجدوا أثمن من تلك الفرصة للاستغناء عن أبنائنا واستبدالهم بضحايا آخرين للاستفادة من هذا الدعم، والذي لا يكلفهم إلا الفتات ويخدمهم من خلال سجلهم في السعودة!!.
أما شركات الأدوية، والتي لن ننكر مسار السعودة الجيد بها، فإنه تم اختراق تلك السياسة المتبعة باستثناء الكثير من المناصب القيادية والإشرافية والإبقاء عليها بيد الأجانب، والذين لا يتوانون في التمدد والمعاملة السيئة للصيادلة السعوديين لتطفيشهم من وظائفهم وخصوصًا عند قيامهم بحركة تنقلات لهؤلاء الصيادلة إلى أماكن بعيدة عن مستقرهم الأول فيضطر الكثير لتقديم استقالاتهم وعلى وجه الخصوص الإناث منهم، إضافة إلى أن قرار السعودة قد استثنى «الصيادلة العاملين بمهنة إختصاصي تسويق منتجات صيدلانية»، ووكلاء الأدوية والموزعين والمصانع والصيدليات التي يعمل بها أقل من 5 صيادلة.
ومما سبق نجد أنفسنا أمام مسؤولية وطنية تتحملها الكثير من الجهات لإيجاد حلول جذرية وحقيقية لهذه الإشكالية التي تؤرق الآلاف من أبنائنا، وهذه الحلول ليست بالصعبة ولا المستحيلة، ولكنها في حاجة لاستشعار المسؤولية والإحساس الحقيقي بمعاناة الصيادلة وخصوصا أن تحقيق تلك الأهداف يتوافق ويعزز مسيرة الرؤية المباركة 2030
ومن وجهة نظر متواضعة، أرى أن الحلول تتلخص فيما يلي:
1- المبادرة في تفعيل وتطبيق قرار معالي وزير الموارد البشرية في سعودة وظائف الصيدلة، بحيث تشمل كل الوظائف القيادية والإشرافية والإدارية، وإلغاء الاستثناءات التي تتم للأجانب في بعض الوظائف، وأن يتعدى هذا القرار الصيدليات التجارية وشركات الأدوية إلى جميع المنشآت الصحية الخاصة.
2- تغيير، الحد الأدنى من الأجور، حيث لا يقل عن مبلغ 10.000 ريال، وهذا أقل ما يستحقه الصيادلة السعوديون، فهل يعقل أن يكون مرتب الصيدلي في القطاع الخاص، وهو حامل البكالوريوس ذا الست سنوات من الدراسة القاسية، أقل من مرتب الفني في القطاع الحكومي!!، فلنحاول نسبيًا أن نوجد شيئًا من التوازن وتضييق الفجوة الكبيرة في المرتبات والمزايا، وأن يتمتع الصيدلي بكل المزايا التي ضمنتها له لائحة الموارد البشرية من ترقيات وعلاوات وبدلات وبرامج تدريبية.
3- تحديد أيام العمل بخمسة أيام في الأسبوع، بحيث لا تتجاوز ساعات العمل اليومي 8 ساعات، وإلغاء ما يسمى الهدف المنشود للمبيعات بالنسبة للصيدليات.
4- التنسيق بين الجهات المعنية لتفعيل الأدوار الحقيقية للصيادلة من خلال وصفهم الوظيفي المعتمد من وزارة الصحة، وتقييم ومتابعة تطبيقه في المنشآت الحكومية والخاصة، لكي نعيد من خلال الإجراء الوجه الحقيقي لمهنة الصيدلة، فالصيدلي هو الرديف الحقيقي للطبيب، والشريك الأساسي في إتمام الممارسة الطبية الناجحة، وإخراجها بكل جودة.
5- دعم المنشآت الصيدلانية الخاصة والمملوكة لصيادلة سعوديين، والتنسيق مع الجهات ذات الشأن لحمايتهم من التمدد الرهيب، والاحتكار الذي تمارسه سلاسل الصيدليات الشهيرة.
6- أن تقوم الهيئة السعودية للتخصصات الصحية والجامعات بتوسيع القدرات الاستيعابية للدراسات العليا في مجال الصيدلة داخليًا، وزيادة عدد المبتعثين خارجيًا، حتى يتوفر لدينا الكوادر العليا في هذا التخصص، ولكي نتجنب أعذار التوظيف للأجنبي، والذي سيأتي بحجة غياب التخصص العالي الدقيق والنادر.
7- على الهيئة السعودية للتخصصات الصحية إعادة النظر فيما يسمى «امتحان الرخصة»، والذي يعد ضرورة لممارسة الصيدلي مهنته، والذي لا أجد له مبررًا مستساغًا بسبب مخرجات كلياتنا الجيدة، إضافة إلى أن الموضوعية تغيب عن هذه الامتحانات، مما يسبب عدم تجاوزها مرات عديدة، كما يقبع خلالها الصيدلي أسيرًا للبطالة، إضافة لنسيانه الكثير من علوم أتقنها، ومهارات اكتسبها وحصرها فقط لمن أراد الانخراط في برامج الدراسات العليا.
8 - مشاركة المجلس العلمي للصيدلة، وكذلك المجلس المهني للصيدلة في دراسة القضية بكل شفافية، وإصدار التوصيات التي تساعد على تفعيل الحلول في هذا المجال.
وأخيرًا، يحق لنا القول إن هذه الفئة النخبوية في مجتمعنا، وأحد العناصر المهمة لتحقيق الكفاءة والجودة في الخدمات الصحية، تستحق منا جميعًا أن نحمل همومها، وأن نسهم في الدفع قدمًا بكل الجهود والحلول لإعادة الأمور إلى نصابها الحقيقي.
وهذا التخصص المهني يعتمد على التعامل المباشر مع المريض، وتطبيق المبادئ الأساسية والمستفادة من علم الأدوية في الرعاية الصحية من خلال أدواره التقليدية، كتركيب وصرف الأدوية، والخدمات الحديثة مثل الخدمات السريرية، واستعراض سلامة الأدوية، وتوفير معلومات متكاملة عن الأدوية والاستخدام الأمثل لها لتوفير النتائج الإيجابية للمرضى.
ومهنة الصيدلة هي أحد الأركان الأساسية للممارسة الطبية بأكملها، ولأهمية هذا التخصص، لا نتخيل أن تكون هناك نهضة صحية دون أن تكون هذه المهنة أحد عناصرها الأساسية.
ومن هذا المنطلق، أولت حكومتنا الرشيدة المنظومة الصحية جل اهتمامها ورعايتها الكاملة من حيث البنية التحتية وتطوير الكوادر الصحية، ومن أهمها الكادر الصيدلاني فكان الخيار الأمثل والإستراتيجي لتحقيق هذا الهدف، من خلال إيجاد أرضية صلبة لنشأة أجيال مؤهلة تأهيلا عاليًا، وكان ذلك عبر إنشاء كليات للصيدلة في معظم الجامعات، وكانت باكورة تلك الكليات في جامعة الملك سعود عام 1959، حتى بلغت حاليًا نحو 27 كلية يتخرج منها ما يزيد على 3000 صيدلي سنويًا في التخصصات الصيدلانية المختلفة.
ومع تنامي الخدمات الصحية في المملكة تبعًا للزيادة السكانية المطردة، والنهضة التنموية غير المسبوقة التي تعيشها بلادنا، ازداد عدد مقدمي الخدمات الصحية من مستشفيات ومراكز طبية وصيدليات حكومية وخاصة، وبالتالي ازداد الطلب على الوظائف الصحية المختلفة، ومنها الوظائف الصيدلانية، ولكن في السنوات الأخيرة أصبح من المألوف أن نسمع ونرى أن «البطالة» قد طالت ببؤسها هذه المهنة، وهذا الأمر لم يكن مستساغًا أو مقبولاً في ظل إشغال الآلاف من وظائف هذه المهنة بمهنيين أجانب في كلا الشقين الحكومي والخاص، وبنسب مخيفة، ولم تكن مهنة الصيدلة الوحيدة من بين الوظائف الصحية الحاضرة عبر هذا المشهد الكوميدي الأسود!!.
بل شاركتها أخريات، يأتي في مقدمتها تخصص طب الأسنان، وأصبحت هذه المعضلة محل وساحة للنقاش والجدل المستمر بين كل الأطراف، وتباينت الآراء والمقترحات حول الأسباب ومكامن الخلل، وأين تقع مواطن الحلول، وكان للمسؤولين ذوي العلاقة حيزًا ملموسًا داخل تلك الدائرة الجدلية، فكنا ولا زلنا نرى تصريحات ووعودًا من جانبهم تعلو وتظهر مرة، وتخفت وتتلاشى مرات، وسط ترقب أن نلمس حلولا جذرية ومأمولة.
وصرح معالي وزير الموارد البشرية عام 2020م بأنه سيتم السعودة المتدرجة، حيث تبدأ في ذلك العام بنسبة 30% ثم 10% سنويًا بعد ذلك، ولا أعتقد أن الأمر نفذ كما وجّه به وأقره الوزير، كما تقول وزارة الصحة إن نسبة السعودة في مهنة الصيدلة قد بلغت هذا العام ما نسبته 90%، وهنا حقيقة مهمة قد غابت عند احتساب هذه النسبة، فكثيرًا ممن دخلوا في هذه النسبة هم من فنيي الدبلوم، والذين لهم وصف وظيفي محدد، ومعه لا يمكن إلغاء ضرورة وجود صيدلي من حملة البكالوريوس لتحقيق المهام الضرورية والإيفاء بالوصف الوظيفي، والتي لا يمكن الحصول عليه إلا بوجودهم، وبالتالي ضمان تحقيق معايير الجودة المستهدفة، كما أن بعضًا من المراكز الصحية تخلو صيدلياتها من أي كوادر صيدلانية، وحينها يقوم الممرض أو الطبيب بصرف الأدوية، فلماذا لا تستحدث الوزارة وظائف وفقًا لحاجتها الحقيقية؟
أما في القطاع الخاص، فلم تبلغ نسبة السعودة حتى وقتنا الحاضر أكثر من 25% بالنسبة للصيدليات التجارية، ونسب أخرى غير مشجعة بالنسبة لبقية المنشآت الخاصة، ومع هذا القطاع تأتي المعاناة الحقيقية للصيادلة السعوديين، حيث تبدأ هذه المعاناة مع ساعات العمل القاسية، والتي تبلغ 9 ساعات يوميًا، ولستة أيام في الأسبوع، ومع يوم واحد للإجازة غير ثابت تبعًا للجدولة المعتمدة، ثم تأتي الأجور التي لا تتجاوز 7000 ريال، خالية من أي بدلات وشاملة لاستقطاع التأمينات.
ولن ننسى ثغرات الخلل في برنامج تمهير المدعوم حكوميًا بمعظم تكاليفه، والذي يهدف إلى تدريب الخريجين لدى المؤسسات الحكومية والخاصة، ليتمكنوا من اكتساب الخبرات والمهارات اللازمة وتهيئتهم لسوق العمل، والمضحك أن من يأتي من خارج الوطن من الأجانب لا حاجة لهم لهذه التهيئة واكتساب الخبرات، ويأتي الاستغلال الأوضح لهذا البرنامج من قبل المنشآت الخاصة لأنها تملك التعاقد مع المتدرب، أو تسريحه بعد تلك الفترة التدريبية، والتي هي محددة بستة أشهر يتم تسريح معظمهم بعدها، وإن تم التعاقد مع القليل منهم فهو لمدة سنتين فقط وبمزايا مُخجلة، وبالطبع لن يجدوا أثمن من تلك الفرصة للاستغناء عن أبنائنا واستبدالهم بضحايا آخرين للاستفادة من هذا الدعم، والذي لا يكلفهم إلا الفتات ويخدمهم من خلال سجلهم في السعودة!!.
أما شركات الأدوية، والتي لن ننكر مسار السعودة الجيد بها، فإنه تم اختراق تلك السياسة المتبعة باستثناء الكثير من المناصب القيادية والإشرافية والإبقاء عليها بيد الأجانب، والذين لا يتوانون في التمدد والمعاملة السيئة للصيادلة السعوديين لتطفيشهم من وظائفهم وخصوصًا عند قيامهم بحركة تنقلات لهؤلاء الصيادلة إلى أماكن بعيدة عن مستقرهم الأول فيضطر الكثير لتقديم استقالاتهم وعلى وجه الخصوص الإناث منهم، إضافة إلى أن قرار السعودة قد استثنى «الصيادلة العاملين بمهنة إختصاصي تسويق منتجات صيدلانية»، ووكلاء الأدوية والموزعين والمصانع والصيدليات التي يعمل بها أقل من 5 صيادلة.
ومما سبق نجد أنفسنا أمام مسؤولية وطنية تتحملها الكثير من الجهات لإيجاد حلول جذرية وحقيقية لهذه الإشكالية التي تؤرق الآلاف من أبنائنا، وهذه الحلول ليست بالصعبة ولا المستحيلة، ولكنها في حاجة لاستشعار المسؤولية والإحساس الحقيقي بمعاناة الصيادلة وخصوصا أن تحقيق تلك الأهداف يتوافق ويعزز مسيرة الرؤية المباركة 2030
ومن وجهة نظر متواضعة، أرى أن الحلول تتلخص فيما يلي:
1- المبادرة في تفعيل وتطبيق قرار معالي وزير الموارد البشرية في سعودة وظائف الصيدلة، بحيث تشمل كل الوظائف القيادية والإشرافية والإدارية، وإلغاء الاستثناءات التي تتم للأجانب في بعض الوظائف، وأن يتعدى هذا القرار الصيدليات التجارية وشركات الأدوية إلى جميع المنشآت الصحية الخاصة.
2- تغيير، الحد الأدنى من الأجور، حيث لا يقل عن مبلغ 10.000 ريال، وهذا أقل ما يستحقه الصيادلة السعوديون، فهل يعقل أن يكون مرتب الصيدلي في القطاع الخاص، وهو حامل البكالوريوس ذا الست سنوات من الدراسة القاسية، أقل من مرتب الفني في القطاع الحكومي!!، فلنحاول نسبيًا أن نوجد شيئًا من التوازن وتضييق الفجوة الكبيرة في المرتبات والمزايا، وأن يتمتع الصيدلي بكل المزايا التي ضمنتها له لائحة الموارد البشرية من ترقيات وعلاوات وبدلات وبرامج تدريبية.
3- تحديد أيام العمل بخمسة أيام في الأسبوع، بحيث لا تتجاوز ساعات العمل اليومي 8 ساعات، وإلغاء ما يسمى الهدف المنشود للمبيعات بالنسبة للصيدليات.
4- التنسيق بين الجهات المعنية لتفعيل الأدوار الحقيقية للصيادلة من خلال وصفهم الوظيفي المعتمد من وزارة الصحة، وتقييم ومتابعة تطبيقه في المنشآت الحكومية والخاصة، لكي نعيد من خلال الإجراء الوجه الحقيقي لمهنة الصيدلة، فالصيدلي هو الرديف الحقيقي للطبيب، والشريك الأساسي في إتمام الممارسة الطبية الناجحة، وإخراجها بكل جودة.
5- دعم المنشآت الصيدلانية الخاصة والمملوكة لصيادلة سعوديين، والتنسيق مع الجهات ذات الشأن لحمايتهم من التمدد الرهيب، والاحتكار الذي تمارسه سلاسل الصيدليات الشهيرة.
6- أن تقوم الهيئة السعودية للتخصصات الصحية والجامعات بتوسيع القدرات الاستيعابية للدراسات العليا في مجال الصيدلة داخليًا، وزيادة عدد المبتعثين خارجيًا، حتى يتوفر لدينا الكوادر العليا في هذا التخصص، ولكي نتجنب أعذار التوظيف للأجنبي، والذي سيأتي بحجة غياب التخصص العالي الدقيق والنادر.
7- على الهيئة السعودية للتخصصات الصحية إعادة النظر فيما يسمى «امتحان الرخصة»، والذي يعد ضرورة لممارسة الصيدلي مهنته، والذي لا أجد له مبررًا مستساغًا بسبب مخرجات كلياتنا الجيدة، إضافة إلى أن الموضوعية تغيب عن هذه الامتحانات، مما يسبب عدم تجاوزها مرات عديدة، كما يقبع خلالها الصيدلي أسيرًا للبطالة، إضافة لنسيانه الكثير من علوم أتقنها، ومهارات اكتسبها وحصرها فقط لمن أراد الانخراط في برامج الدراسات العليا.
8 - مشاركة المجلس العلمي للصيدلة، وكذلك المجلس المهني للصيدلة في دراسة القضية بكل شفافية، وإصدار التوصيات التي تساعد على تفعيل الحلول في هذا المجال.
وأخيرًا، يحق لنا القول إن هذه الفئة النخبوية في مجتمعنا، وأحد العناصر المهمة لتحقيق الكفاءة والجودة في الخدمات الصحية، تستحق منا جميعًا أن نحمل همومها، وأن نسهم في الدفع قدمًا بكل الجهود والحلول لإعادة الأمور إلى نصابها الحقيقي.