تعزيزا لأجواء الشفافية، وإرساء لقيم المساءلة والمحاسبة والنزاهة، بدأ سريان نظام حماية المبلغين والشهود والخبراء والضحايا، الذي أقره مجلس الوزراء في أبريل الماضي، ليشكّل إضافة مقدّرة للمنظومة العدلية في المملكة، ويسهم في ترسيخ العدالة، ويحفّز كل من لديه أي معلومات حول قضايا فساد مالي وإداري للمسارعة بإبلاغ الجهات المعنية والإدلاء بالشهادة دون الرضوخ لأي تهديدات، وبلا خشية من عمليات انتقامية قد تطاله أو تمثل تهديدا لأسرته.
ويأتي هذا التطور اللافت في مسيرة القضاء السعودي ليكون بمثابة مظلة حماية قانونية كافية ومتكاملة لجميع الأطراف، لأن هذه الحماية تتدرج حسب الضرورة، وقد ألزم النظام كافة الجهات المعنية بالرقابة والضبط والتحقيق بإخفاء هوية وعنوان مقدم البلاغ أو الشاهد أو الخبير أو الضحية في المراسلات والمحاضر وجميع الوثائق عند الاقتضاء أو بناءً على طلبهم.
كما أجاز استخدام وسائل التقنية الحديثة لتلقي الشهادة عن بُعد، ومنح المحاكم الحق في استخدام تقنية تغيير الصوت والصورة، وتصل هذه التدابير الاحترازية في حالة الضرورة إلى سماع شهادة الشهود ومناقشة الخبراء في أي من الجرائم بمعزل عن المتهم ومحاميه، حيث يُكتفى بإبلاغهما بما تضمّنته الشهادة وتقرير الخبرة دون الكشف عن هوية من أدلى بهما، إضافة إلى العديد من الإجراءات التي تشجّع هؤلاء على الإفادة بمعلوماتهم وشهاداتهم دون خوف.
ولتقنين طلب الحماية وتقييم مدى ضرورتها وعدم استخدامها بصورة سالبة، فقد نصت المادة التاسعة من النظام على ضرورة تقديم صاحب البلاغ، أو الشاهد، أو الخبير، أو الضحية لتوضيح الطلب من توفير الحماية، أو أن يتم توفيرها بناء على توصية من الجهة الرقابية أو من جهة الضبط أو الاستدلال أو حتى من جهة التحقيق أو من المحكمة بناءً على ما تراه من حيثيات ومعلومات.
ولم يهمل النظام فرضية أن البعض ربما يسعى لاستخدام هذه الحماية لأغراض التشفي والمكايدة، فالقضاء السعودي – من حيث الابتداء – لا يأخذ الناس بالشبهات، ولا يصادر حقهم في الدفاع عن أنفسهم، ويمنحهم الفرصة الكافية لإثبات براءتهم، ولا تترتب على أي نوع من البلاغات أي آثار قضائية أو قانونية ما لم يتم التأكد من صحتها ويقدم المتهمون للمحاكمة العادلة وتثبت إدانتهم ومن ثم يكتسب الحكم صفة القطعية بعد استيفاء كافة مراحل التقاضي والاستئناف، لأن هذا هو الأصل في الشريعة الإسلامية التي يقوم عليها الحكم في بلادنا، وإعمالا للقاعدة القانونية الشهيرة «المتهم بريء حتى تثبت إدانته».
كذلك فإن هيئة الرقابة ومكافحة الفساد التي ترد إليها البلاغات وتتولى متابعتها والتأكد من صحتها تضم عناصر قانونية مشهود لها بالكفاءة والمقدرة، وتحكم طبيعة عملها آلية واضحة، وتتبع أعلى درجات الشفافية، وتقوم بمجرد تلقي أي بلاغ بتقييمه والنظر فيه، ومن ثم تبدأ عملية جمع الحيثيات والقرائن اللازمة، ولا يتم تجاهل أي بلاغ حتى لو كان مقدمه لا يملك الأدلة الكافية.
كذلك فإن هذا النظام معروف في كثير من دول العالم المتطورة ويتم العمل به ضمن جهود استئصال آفة الفساد، فهو مطبّق في الولايات المتحدة الأمريكية، وبريطانيا، وأوكرانيا، ونيوزيلندا، وإيرلندا، والسويد، وسويسرا، وكندا، وتايوان، وهونج كونج. بل إن بعض الدول تمنح المبلغين والشهود والخبراء الذين قد تحدّد إفادتهم مسار القضية أسماء أخرى، ومبالغ مالية لبدء حياة جديدة في مناطق مختلفة بعيدة عن مناطقهم الأصلية وذلك لتوفير أقصى حماية لهم.
لذلك فإن الفرصة متاحة حاليا أمام جميع المواطنين والمقيمين لدفع ضريبة الانتماء لهذه البلاد العظيمة، والمشاركة في اجتثاث جريمة الفساد المالي والإداري التي هي أكبر معطّلات التنمية، والسبب الرئيسي لضياع الحقوق وشيوع أجواء من عدم العدالة والمساواة، كما أنها من أبرز مصادر تمويل جماعات العنف والإرهاب.
فالدولة قامت بما عليها من التزامات، ووفّرت كافة المحفّزات التي تساعد على التصدي لهذه الجريمة غير الأخلاقية، والقيادة الرشيدة – حفظها الله – على أعلى مستوياتها أكدت أنه لا كبير على القانون، ولا يوجد من هو فوق المحاسبة والمساءلة، وأن سيف العدالة سوف يقتص من كافة الذين أجرموا في حق هذا الوطن وارتضوا لأنفسهم اختلاس مقدراته وثرواته دون وجه حق، كائنا من كان.
علينا جميعا أن نرتقي لمستوى المسؤولية، وأن ننزع رداء السلبية وعدم المبالاة، وأن نتفاعل مع هذه الجهود الحثيثة لدفع مسيرة بلادنا نحو الأمام، فلا معنى لأي خطط تنموية، ولا أثر لأي جهود إصلاح اقتصادي إذا استمر هؤلاء المفسدون في ممارساتهم السالبة، ولن ينعم المواطن بخيرات بلاده إلا إذا استطعنا إيقافهم عند حدهم.
فالأوطان تبنى بسواعد أبنائها، وكل منا يستطيع المساعدة في عملية البناء بحسب موقعه وإمكاناته، وبلادنا اختارت الشفافية والنزاهة طريقا لها ولن تحيد عنه، والباب مفتوح على مصراعيه لكل مواطن شريف كي يسارع للإبلاغ عن أي ممارسات سالبة وبذلك يكون قد ساهم في الحفاظ على المال العام وعلى مصلحة بلاده.
لذلك أكرر مرة أخرى، أنه لا يوجد بعد اليوم عذر لأي تقاعس أو سلبية تؤدي إلى عدم المشاركة في هذه الحملة المباركة لاجتثاث الفساد والمفسدين، وعلى المواطن استيعاب أنه صاحب المصلحة الأول منها، لأنها تهدف كي تعيد له حقوقه التي نهبها بعض من ماتت ضمائرهم وعميت بصائرهم، فخيرات هذا الوطن المعطاء لن تكون – بإذن الله – حكرا على فئة دون غيرها، وستقطف بلادنا ثمار الجهود المتواصلة التي تبذلها هذه القيادة الرشيدة لرفعة بلاد الحرمين الشريفين وتطورها، حتى تصبح نبراسا تقتدي به بقية الأمم في العدالة والنزاهة وحسن ترشيد الموارد.
ويأتي هذا التطور اللافت في مسيرة القضاء السعودي ليكون بمثابة مظلة حماية قانونية كافية ومتكاملة لجميع الأطراف، لأن هذه الحماية تتدرج حسب الضرورة، وقد ألزم النظام كافة الجهات المعنية بالرقابة والضبط والتحقيق بإخفاء هوية وعنوان مقدم البلاغ أو الشاهد أو الخبير أو الضحية في المراسلات والمحاضر وجميع الوثائق عند الاقتضاء أو بناءً على طلبهم.
كما أجاز استخدام وسائل التقنية الحديثة لتلقي الشهادة عن بُعد، ومنح المحاكم الحق في استخدام تقنية تغيير الصوت والصورة، وتصل هذه التدابير الاحترازية في حالة الضرورة إلى سماع شهادة الشهود ومناقشة الخبراء في أي من الجرائم بمعزل عن المتهم ومحاميه، حيث يُكتفى بإبلاغهما بما تضمّنته الشهادة وتقرير الخبرة دون الكشف عن هوية من أدلى بهما، إضافة إلى العديد من الإجراءات التي تشجّع هؤلاء على الإفادة بمعلوماتهم وشهاداتهم دون خوف.
ولتقنين طلب الحماية وتقييم مدى ضرورتها وعدم استخدامها بصورة سالبة، فقد نصت المادة التاسعة من النظام على ضرورة تقديم صاحب البلاغ، أو الشاهد، أو الخبير، أو الضحية لتوضيح الطلب من توفير الحماية، أو أن يتم توفيرها بناء على توصية من الجهة الرقابية أو من جهة الضبط أو الاستدلال أو حتى من جهة التحقيق أو من المحكمة بناءً على ما تراه من حيثيات ومعلومات.
ولم يهمل النظام فرضية أن البعض ربما يسعى لاستخدام هذه الحماية لأغراض التشفي والمكايدة، فالقضاء السعودي – من حيث الابتداء – لا يأخذ الناس بالشبهات، ولا يصادر حقهم في الدفاع عن أنفسهم، ويمنحهم الفرصة الكافية لإثبات براءتهم، ولا تترتب على أي نوع من البلاغات أي آثار قضائية أو قانونية ما لم يتم التأكد من صحتها ويقدم المتهمون للمحاكمة العادلة وتثبت إدانتهم ومن ثم يكتسب الحكم صفة القطعية بعد استيفاء كافة مراحل التقاضي والاستئناف، لأن هذا هو الأصل في الشريعة الإسلامية التي يقوم عليها الحكم في بلادنا، وإعمالا للقاعدة القانونية الشهيرة «المتهم بريء حتى تثبت إدانته».
كذلك فإن هيئة الرقابة ومكافحة الفساد التي ترد إليها البلاغات وتتولى متابعتها والتأكد من صحتها تضم عناصر قانونية مشهود لها بالكفاءة والمقدرة، وتحكم طبيعة عملها آلية واضحة، وتتبع أعلى درجات الشفافية، وتقوم بمجرد تلقي أي بلاغ بتقييمه والنظر فيه، ومن ثم تبدأ عملية جمع الحيثيات والقرائن اللازمة، ولا يتم تجاهل أي بلاغ حتى لو كان مقدمه لا يملك الأدلة الكافية.
كذلك فإن هذا النظام معروف في كثير من دول العالم المتطورة ويتم العمل به ضمن جهود استئصال آفة الفساد، فهو مطبّق في الولايات المتحدة الأمريكية، وبريطانيا، وأوكرانيا، ونيوزيلندا، وإيرلندا، والسويد، وسويسرا، وكندا، وتايوان، وهونج كونج. بل إن بعض الدول تمنح المبلغين والشهود والخبراء الذين قد تحدّد إفادتهم مسار القضية أسماء أخرى، ومبالغ مالية لبدء حياة جديدة في مناطق مختلفة بعيدة عن مناطقهم الأصلية وذلك لتوفير أقصى حماية لهم.
لذلك فإن الفرصة متاحة حاليا أمام جميع المواطنين والمقيمين لدفع ضريبة الانتماء لهذه البلاد العظيمة، والمشاركة في اجتثاث جريمة الفساد المالي والإداري التي هي أكبر معطّلات التنمية، والسبب الرئيسي لضياع الحقوق وشيوع أجواء من عدم العدالة والمساواة، كما أنها من أبرز مصادر تمويل جماعات العنف والإرهاب.
فالدولة قامت بما عليها من التزامات، ووفّرت كافة المحفّزات التي تساعد على التصدي لهذه الجريمة غير الأخلاقية، والقيادة الرشيدة – حفظها الله – على أعلى مستوياتها أكدت أنه لا كبير على القانون، ولا يوجد من هو فوق المحاسبة والمساءلة، وأن سيف العدالة سوف يقتص من كافة الذين أجرموا في حق هذا الوطن وارتضوا لأنفسهم اختلاس مقدراته وثرواته دون وجه حق، كائنا من كان.
علينا جميعا أن نرتقي لمستوى المسؤولية، وأن ننزع رداء السلبية وعدم المبالاة، وأن نتفاعل مع هذه الجهود الحثيثة لدفع مسيرة بلادنا نحو الأمام، فلا معنى لأي خطط تنموية، ولا أثر لأي جهود إصلاح اقتصادي إذا استمر هؤلاء المفسدون في ممارساتهم السالبة، ولن ينعم المواطن بخيرات بلاده إلا إذا استطعنا إيقافهم عند حدهم.
فالأوطان تبنى بسواعد أبنائها، وكل منا يستطيع المساعدة في عملية البناء بحسب موقعه وإمكاناته، وبلادنا اختارت الشفافية والنزاهة طريقا لها ولن تحيد عنه، والباب مفتوح على مصراعيه لكل مواطن شريف كي يسارع للإبلاغ عن أي ممارسات سالبة وبذلك يكون قد ساهم في الحفاظ على المال العام وعلى مصلحة بلاده.
لذلك أكرر مرة أخرى، أنه لا يوجد بعد اليوم عذر لأي تقاعس أو سلبية تؤدي إلى عدم المشاركة في هذه الحملة المباركة لاجتثاث الفساد والمفسدين، وعلى المواطن استيعاب أنه صاحب المصلحة الأول منها، لأنها تهدف كي تعيد له حقوقه التي نهبها بعض من ماتت ضمائرهم وعميت بصائرهم، فخيرات هذا الوطن المعطاء لن تكون – بإذن الله – حكرا على فئة دون غيرها، وستقطف بلادنا ثمار الجهود المتواصلة التي تبذلها هذه القيادة الرشيدة لرفعة بلاد الحرمين الشريفين وتطورها، حتى تصبح نبراسا تقتدي به بقية الأمم في العدالة والنزاهة وحسن ترشيد الموارد.