«الإنسان ابن بيئته، كما يقول رائد علم الاجتماع ابن خلدون، فسلوك الإنسان وطباعه وثقافته ما هي إلا امتداد لعناصر بيئته وطريقته في التواصل والتعاطي معها، فهي من تصقله وتلونه حسب جغرافيتها ومناخها».
لهذا ابتكر أبناء جازان احتياجاتهم من بيئتهم وقد عُرف عنهم ذلك منذ العصور البدائية، وطوّع ابن جازان ثروات البيئة لخدمة نفسه.
عرف عن جازان صناعة الجلود والدباغة منذ عام 1349 إلى هذه اللحظة، وكيف أصبحت الجلود ودباغتها إحدى الصناعات اليدوية التي تشتهر بها المنطقة فهي تحمل الأصالة والعادات والتقاليد حتى دخلت عليها الآلات الحديثة.
وكيف استخدم الزخرفة والنقوش لتعبر عن تطور الفرد ومواكبة الأجيال والأزمنة بأصالة المادة الخام من الجلود والشعر والوبر.
وحينما نستعرض الدباغة في كتب اللغة، نجد أن الدباغة «الدّبغ معروف»، و«الصناعة الدباغة، والدّبّاغ فعّال»، والدباغة، التي هي الحرفة، تدل أيضًا على «ما يُدبغ به الأديم»، و«المدبغة» هي: «موضع الدّبغ» أو «موضع الدِّباغ» كما في جمهرة اللغة ولسان العرب.
ومن أسماء الدباغة «الأباءة»، ففي حاشية بعض نسخ «الصحاح» للجوهري: «أبأت أديمها: جعلته في الدباغ».
حيث تستخدم جلود الماشية (الأبقار والإبل والأغنام والثيرة والأسماك الكبيرة) بعد ذبحها والقيام بعملية الدباغة وهي تحويل جلود الحيوانات بعد سلخها إلى منتج يستفاد منه.
وعملية دباغة الجلود تكون في أماكن مخصصة بعيدة عن السكن بسبب الروائح التي تنبعث منها، فيتم ملء أحواض كبيرة بالماء الساخن والملح ومواد من بعض النباتات مثل القرض والعسم والشث، وتترك فترة حتى تزول الروائح ثم تشبع بزيوت ودهون للقضاء على الروائح.
كما عُرف استخدام الدباغة عند النساء بالمحافظات الجبلية، وتفننّت النساء في الأشكال والأحجام واتصفن بالمهارة العالية في عملية الدباغة.
وكأنه يجسد ما أنشده «ثعلب» في «لسان العرب»، وإن كنّا لا نعرف اسم الشاعر أو عصره. حيث يقول:
«إذا جَعَلْتَ الدَّلوَ في خِطَامِها
حَمْراءَ منْ مَكَّةَ، أو حَرَامِها،
أوْ بعضَ ما يُبْتاعُ من آدَامِهَا».
وأثناء عملية الدباغة يصدر الدباغ أصواتا مصاحبة لها للتنفيس عن النفس أو بعض الأهازيج بنبرات متدرجة تصدر كموال.
وبعد الانتهاء من الدباغة تصبح الجلود جاهزة للصناعة والخياطة فتصنع منها أدوات منزلية مثل السجول والمزودة والمزبا وعكة السمن وبعض أدوات الزينة للمرأة مثل الحقائب والأحذية والمعاطف والقبعات وبعض مفارش الخيام وأكياس الحبوب وزينة السيارات والأحزمة وملابس الأواني الفخارية وسروج الخيل وبعض أجزاء رحل الناقة والميزب (محمل الطفل) منها الخفيف ومنها الثقيل، ومنها الكبير والصغير.
وتستخدم لخياطتها المذربة (الإبرة الكبيرة) وخيوط من الجلد ذاته أو من حبال نبات السلب القوي، كما تستخدم الزخرفة وحبات الودع من الأصداف الصغيرة للزينة وتستخدم أهداب القماش.
فمن قول الشمّاخ بن ضرار في حمار وحشي:
«إِذا هو وَلَّى خِلْتَ طُرَّةَ مَتْنِهِ
مَرِيرَةَ مَفْتُولٍ من القِدِّ مُدْمَجِ»
فالمريرة: الحبل المفتول على أكثر من طاق، وهو إذا كان كذلك كان شديد الفتل. والقدّ هنا: السير المضفور من جلد غير مدبوغ.
والثابت أن الجلد المدبوغ عند العرب متين لا محالة، وأنه عالي الجودة لا محالة، بدليل انهم استخدموه رقّاً للكتابة.
ومن الشعر الكثير الذي ذكر ذلك منه قول معقل بن خويلد:
«وإنِّي كما قالَ مُمْلِي الكِتَابِ
في الرِّقِّ إذ خَطَّهُ الكاتِبُ»
كما زينت بالجلود بعض المنازل في المحافظات الجبلية خاصة، وكادت أن تكون كتوشية مذهبة كما قال «بشر بن أبي خازم مشبهًا أطلال منازل صاحبته:
«أطْلالُ مَيَّةَ بالتِّلاعِ فَمُثْقَب
أَضحَتْ خلاءً كاطّرادِ المُذهَبِ»
فهو يشببها، وقد خلت من أهلها، بقطعة جلد فيها الخطوط المذهبة.
وستظل جازان تزخر بالصناعات اليدوية وتواكب التطور والتقنية في كافة مجالاتها الحرفية.
لهذا ابتكر أبناء جازان احتياجاتهم من بيئتهم وقد عُرف عنهم ذلك منذ العصور البدائية، وطوّع ابن جازان ثروات البيئة لخدمة نفسه.
عرف عن جازان صناعة الجلود والدباغة منذ عام 1349 إلى هذه اللحظة، وكيف أصبحت الجلود ودباغتها إحدى الصناعات اليدوية التي تشتهر بها المنطقة فهي تحمل الأصالة والعادات والتقاليد حتى دخلت عليها الآلات الحديثة.
وكيف استخدم الزخرفة والنقوش لتعبر عن تطور الفرد ومواكبة الأجيال والأزمنة بأصالة المادة الخام من الجلود والشعر والوبر.
وحينما نستعرض الدباغة في كتب اللغة، نجد أن الدباغة «الدّبغ معروف»، و«الصناعة الدباغة، والدّبّاغ فعّال»، والدباغة، التي هي الحرفة، تدل أيضًا على «ما يُدبغ به الأديم»، و«المدبغة» هي: «موضع الدّبغ» أو «موضع الدِّباغ» كما في جمهرة اللغة ولسان العرب.
ومن أسماء الدباغة «الأباءة»، ففي حاشية بعض نسخ «الصحاح» للجوهري: «أبأت أديمها: جعلته في الدباغ».
حيث تستخدم جلود الماشية (الأبقار والإبل والأغنام والثيرة والأسماك الكبيرة) بعد ذبحها والقيام بعملية الدباغة وهي تحويل جلود الحيوانات بعد سلخها إلى منتج يستفاد منه.
وعملية دباغة الجلود تكون في أماكن مخصصة بعيدة عن السكن بسبب الروائح التي تنبعث منها، فيتم ملء أحواض كبيرة بالماء الساخن والملح ومواد من بعض النباتات مثل القرض والعسم والشث، وتترك فترة حتى تزول الروائح ثم تشبع بزيوت ودهون للقضاء على الروائح.
كما عُرف استخدام الدباغة عند النساء بالمحافظات الجبلية، وتفننّت النساء في الأشكال والأحجام واتصفن بالمهارة العالية في عملية الدباغة.
وكأنه يجسد ما أنشده «ثعلب» في «لسان العرب»، وإن كنّا لا نعرف اسم الشاعر أو عصره. حيث يقول:
«إذا جَعَلْتَ الدَّلوَ في خِطَامِها
حَمْراءَ منْ مَكَّةَ، أو حَرَامِها،
أوْ بعضَ ما يُبْتاعُ من آدَامِهَا».
وأثناء عملية الدباغة يصدر الدباغ أصواتا مصاحبة لها للتنفيس عن النفس أو بعض الأهازيج بنبرات متدرجة تصدر كموال.
وبعد الانتهاء من الدباغة تصبح الجلود جاهزة للصناعة والخياطة فتصنع منها أدوات منزلية مثل السجول والمزودة والمزبا وعكة السمن وبعض أدوات الزينة للمرأة مثل الحقائب والأحذية والمعاطف والقبعات وبعض مفارش الخيام وأكياس الحبوب وزينة السيارات والأحزمة وملابس الأواني الفخارية وسروج الخيل وبعض أجزاء رحل الناقة والميزب (محمل الطفل) منها الخفيف ومنها الثقيل، ومنها الكبير والصغير.
وتستخدم لخياطتها المذربة (الإبرة الكبيرة) وخيوط من الجلد ذاته أو من حبال نبات السلب القوي، كما تستخدم الزخرفة وحبات الودع من الأصداف الصغيرة للزينة وتستخدم أهداب القماش.
فمن قول الشمّاخ بن ضرار في حمار وحشي:
«إِذا هو وَلَّى خِلْتَ طُرَّةَ مَتْنِهِ
مَرِيرَةَ مَفْتُولٍ من القِدِّ مُدْمَجِ»
فالمريرة: الحبل المفتول على أكثر من طاق، وهو إذا كان كذلك كان شديد الفتل. والقدّ هنا: السير المضفور من جلد غير مدبوغ.
والثابت أن الجلد المدبوغ عند العرب متين لا محالة، وأنه عالي الجودة لا محالة، بدليل انهم استخدموه رقّاً للكتابة.
ومن الشعر الكثير الذي ذكر ذلك منه قول معقل بن خويلد:
«وإنِّي كما قالَ مُمْلِي الكِتَابِ
في الرِّقِّ إذ خَطَّهُ الكاتِبُ»
كما زينت بالجلود بعض المنازل في المحافظات الجبلية خاصة، وكادت أن تكون كتوشية مذهبة كما قال «بشر بن أبي خازم مشبهًا أطلال منازل صاحبته:
«أطْلالُ مَيَّةَ بالتِّلاعِ فَمُثْقَب
أَضحَتْ خلاءً كاطّرادِ المُذهَبِ»
فهو يشببها، وقد خلت من أهلها، بقطعة جلد فيها الخطوط المذهبة.
وستظل جازان تزخر بالصناعات اليدوية وتواكب التطور والتقنية في كافة مجالاتها الحرفية.