إدراكا منها للمشكلات التي تترتب على وجود حجاج خارج الأطر النظامية المعمول بها ممن لم يحصلوا على تصاريح لأداء الشعيرة، رفضت المملكة بحزم كامل وصرامة تامة السماح بدخول مدينة مكة المكرمة أو البقاء فيها لمن يحملون تأشيرة زيارة بأنواعها كافة تحقيقا لغايات كثيرة ومتعددة، منها صيانة أمن ضيوف الرحمن، وضمان سلامة المخالفين أنفسهم الذين تغرّر بهم بعض الشركات في بلادهم وترسلهم إلى المملكة بتأشيرات زيارة مع أكاذيب جوفاء بتمكينهم من أداء فريضة الحج، مقرونة بالكثير من الوعود التي لا تجد طريقها إلى التحقق على أرض الواقع.
لذلك دأبت الجهات المختصة على تفنيد هذه المزاعم وتبيان الحقائق وتحذير كل من يريد أداء فريضة الحج باللجوء إلى الطرق الرسمية فقط، وعملا بمبدأ «إن الله ليزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن» فقد أقرت السلطات السعودية قوانين واضحة وعقوبات صارمة بحق كل من يقترف أو يشارك بأي شكل من الأشكال في هذه الجريمة النكراء، تتضمّن السجن لمدة (6) أشهر وغرامة مالية رادعة تتضاعف بتعدّد المخالفين المنقولين، وترحيل الناقل إن كان وافدا بعد تنفيذ العقوبات ومنعه من دخول المملكة وفقا للمدد المحددة نظاما، ومصادرة وسيلة النقل بحكم قضائي.
قبيل انطلاق موسم الحج الأخير لاحظ كثير من المتابعين وجود سماسرة ينحدر معظمهم من دول معينة، يزعمون إتاحة فرصة الحج خارج الأطر النظامية، ويدّعون توفير مخيمات ووسائل نقل بين المشاعر، فسارعت السلطات المسؤولة إلى توقيفهم وتقديمهم للأجهزة المختصة. كما قامت بنشر هذه التفاصيل على كافة وسائل الإعلام ووسائط التواصل الاجتماعي، وحذّرت الجميع من الوقوع في هذه المصيدة التي تهدف لتحقيق هدف وحد فقط هو استنزاف أموال البسطاء والاستيلاء عليها بدون وجه حق. كما عقدت الأجهزة الأمنية مؤتمرات صحفية لهذه الغاية.
رغم تلك الجهود الضخمة إلا أن هناك كثيرين وقعوا – للأسف - في هذا الفخ ولم يستمعوا للتحذيرات، ولم يستبينوا النصح إلا بعد فوات الأوان. وبعد أن دفع هؤلاء أموالهم ومدخراتهم لفاقدي المروءة وعديمي الضمير فوجئوا بأن كل ما سمعوه من وعود وكلمات معسولة قد أصبح سرابا تبخر في الهواء. لذلك لم يكن أمامهم من سبيل غير المواصلة في هذا الطريق الخطر الذي اختاروه بمحض إرادتهم، واضطروا لقطع مسافات طويلة مشيا على الأقدام والبقاء تحت الشمس في أجواء حارة بلغت درجتها 51.8 في الظل، ودفع بعضهم حياته ثمنا لقرار خاطئ.
في المقابل كانت الصورة مغايرة تماما لمن أكرمهم الله بالحج وفق القنوات الرسمية، حيث تمتعوا بأعلى مستوى من الخدمات، وقدّمت لهم كافة التسهيلات التي يحتاجونها، حتى المصابين بأمراض مزمنة جاؤوا بها من بلادهم لم تتردد الأجهزة الطبية من إجراء العمليات اللازمة لها، رغم ما تستلزمه من نفقات طائلة، لكن المملكة لم تهدف يوما للاستفادة المادية من موسم الحج، بل تسخر كافة مقدراتها وإمكاناتها الهائلة لخدمة أولئك الذين فارقوا ديارهم طلبا لمغفرة الله ورضوانه.
حتى أولئك المخالفين الذين أدوا الفريضة بطريقة خاطئة لم تحرمهم المملكة من رعايتها ولم تتردد في مساعدتهم، وحاليا فإن المئات منهم يوجدون في المستشفيات السعودية ولا تزال الأجهزة الطبية تبذل جهودا ضخمة لمساعدتهم وتقديم العون لهم.
مما يثلج الصدر أن معظم الدول التي فقدت أعدادا كبيرة من الحجاج المخالفين بدأت على الفور اتخاذ إجراءات صارمة بحق الوكالات المخالفة التي أرسلتهم وتخلت عنهم بعد أن استولت على أموالهم، ففي مصر - على سبيل المثال – صدرت توجيهات عليا بتشكيل خلية أزمة وأنشئت لجنة تحقيق يقودها رئيس الوزراء المصري، وحثها على الإسراع بعمل اللازم، وأعلنت هذه اللجنة في أول اجتماع لها رصد عدد 16 من الوكالات المخالفة وسحب تراخيصها وتقديم أصحابها للنيابة العامة.
المشهد نفسه تكرر في الأردن، حيث أعلن رئيس الوزراء ملاحقة أصحاب الشركات السياحية التي غررت بالضحايا وتقديمهم لمحاكمات فورية، مشيرا إلى أن الحجاج الأردنيين الذين أدوا الفريضة بالطرق النظامية تمتعوا بأعلى درجات العناية من السلطات السعودية المختصة. كما تتزايد الدعوات لملاحقة المخالفين وتقديمهم لمحاكمات سريعة لعدم تكرار هذه المأساة مستقبلا.
وبدوره بادر الرئيس التونسي إلى فتح تحقيق فوري وإجراءات صارمة لملاحقة الشركات الوهمية، وإقالة وزير الشؤون الدينية. وأعلنت السلطات التونسية أن معظم عدد الوفيات في صفوف الحجاج التونسيين تعود إلى أشخاص تواجدوا في السعودية بتأشيرات سياحية خارج الإطار الرسمي.
الآن حان الوقت لوقفة قانونية جماعية حازمة مع هذه الشركات المخالفة التي تستهين بأروح الحجاج وعدم غض الطرف عنها، ولا بد من إيقافها عن المشاركة في تنظيم هذا المحفل الإيماني العظيم، وتقديم أصحابها لمحاكمات عادلة تقتص للضحايا وتمنح عائلاتهم تعويضات مادية مجزية، فقد تسببوا في وفاتهم بصورة مباشرة بعد أن غرروا بهم ومارسوا بحقهم أسوأ أنواع الخداع والتحايل. لا سيما وأن مبادئ القانون تشير إلى مسؤولية كل من تسبب في الضرر لغيره بإصلاح ذلك الضرر ودفع التعويض اللازم عنه بما يتناسب مع حجمه.
أما من أصدروا الفتاوى المضللة بجواز الحج بدون تصريح، تنفيذا لأجندة حزبية كريهة وممارسة لمناكفات سياسية، وخالفوا إجماع العلماء الذين أكدوا على ضرورة توفر شرط الاستطاعة قبل أداء الفريضة، فهم شركاء أصيلون في ذهاب أرواح هؤلاء الضحايا، لأن الدال على الشر كفاعله، ورسولنا الكريم يقول «من دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام من اتبعه لا ينقص ذلك من آثامهم شيئا».
لذلك دأبت الجهات المختصة على تفنيد هذه المزاعم وتبيان الحقائق وتحذير كل من يريد أداء فريضة الحج باللجوء إلى الطرق الرسمية فقط، وعملا بمبدأ «إن الله ليزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن» فقد أقرت السلطات السعودية قوانين واضحة وعقوبات صارمة بحق كل من يقترف أو يشارك بأي شكل من الأشكال في هذه الجريمة النكراء، تتضمّن السجن لمدة (6) أشهر وغرامة مالية رادعة تتضاعف بتعدّد المخالفين المنقولين، وترحيل الناقل إن كان وافدا بعد تنفيذ العقوبات ومنعه من دخول المملكة وفقا للمدد المحددة نظاما، ومصادرة وسيلة النقل بحكم قضائي.
قبيل انطلاق موسم الحج الأخير لاحظ كثير من المتابعين وجود سماسرة ينحدر معظمهم من دول معينة، يزعمون إتاحة فرصة الحج خارج الأطر النظامية، ويدّعون توفير مخيمات ووسائل نقل بين المشاعر، فسارعت السلطات المسؤولة إلى توقيفهم وتقديمهم للأجهزة المختصة. كما قامت بنشر هذه التفاصيل على كافة وسائل الإعلام ووسائط التواصل الاجتماعي، وحذّرت الجميع من الوقوع في هذه المصيدة التي تهدف لتحقيق هدف وحد فقط هو استنزاف أموال البسطاء والاستيلاء عليها بدون وجه حق. كما عقدت الأجهزة الأمنية مؤتمرات صحفية لهذه الغاية.
رغم تلك الجهود الضخمة إلا أن هناك كثيرين وقعوا – للأسف - في هذا الفخ ولم يستمعوا للتحذيرات، ولم يستبينوا النصح إلا بعد فوات الأوان. وبعد أن دفع هؤلاء أموالهم ومدخراتهم لفاقدي المروءة وعديمي الضمير فوجئوا بأن كل ما سمعوه من وعود وكلمات معسولة قد أصبح سرابا تبخر في الهواء. لذلك لم يكن أمامهم من سبيل غير المواصلة في هذا الطريق الخطر الذي اختاروه بمحض إرادتهم، واضطروا لقطع مسافات طويلة مشيا على الأقدام والبقاء تحت الشمس في أجواء حارة بلغت درجتها 51.8 في الظل، ودفع بعضهم حياته ثمنا لقرار خاطئ.
في المقابل كانت الصورة مغايرة تماما لمن أكرمهم الله بالحج وفق القنوات الرسمية، حيث تمتعوا بأعلى مستوى من الخدمات، وقدّمت لهم كافة التسهيلات التي يحتاجونها، حتى المصابين بأمراض مزمنة جاؤوا بها من بلادهم لم تتردد الأجهزة الطبية من إجراء العمليات اللازمة لها، رغم ما تستلزمه من نفقات طائلة، لكن المملكة لم تهدف يوما للاستفادة المادية من موسم الحج، بل تسخر كافة مقدراتها وإمكاناتها الهائلة لخدمة أولئك الذين فارقوا ديارهم طلبا لمغفرة الله ورضوانه.
حتى أولئك المخالفين الذين أدوا الفريضة بطريقة خاطئة لم تحرمهم المملكة من رعايتها ولم تتردد في مساعدتهم، وحاليا فإن المئات منهم يوجدون في المستشفيات السعودية ولا تزال الأجهزة الطبية تبذل جهودا ضخمة لمساعدتهم وتقديم العون لهم.
مما يثلج الصدر أن معظم الدول التي فقدت أعدادا كبيرة من الحجاج المخالفين بدأت على الفور اتخاذ إجراءات صارمة بحق الوكالات المخالفة التي أرسلتهم وتخلت عنهم بعد أن استولت على أموالهم، ففي مصر - على سبيل المثال – صدرت توجيهات عليا بتشكيل خلية أزمة وأنشئت لجنة تحقيق يقودها رئيس الوزراء المصري، وحثها على الإسراع بعمل اللازم، وأعلنت هذه اللجنة في أول اجتماع لها رصد عدد 16 من الوكالات المخالفة وسحب تراخيصها وتقديم أصحابها للنيابة العامة.
المشهد نفسه تكرر في الأردن، حيث أعلن رئيس الوزراء ملاحقة أصحاب الشركات السياحية التي غررت بالضحايا وتقديمهم لمحاكمات فورية، مشيرا إلى أن الحجاج الأردنيين الذين أدوا الفريضة بالطرق النظامية تمتعوا بأعلى درجات العناية من السلطات السعودية المختصة. كما تتزايد الدعوات لملاحقة المخالفين وتقديمهم لمحاكمات سريعة لعدم تكرار هذه المأساة مستقبلا.
وبدوره بادر الرئيس التونسي إلى فتح تحقيق فوري وإجراءات صارمة لملاحقة الشركات الوهمية، وإقالة وزير الشؤون الدينية. وأعلنت السلطات التونسية أن معظم عدد الوفيات في صفوف الحجاج التونسيين تعود إلى أشخاص تواجدوا في السعودية بتأشيرات سياحية خارج الإطار الرسمي.
الآن حان الوقت لوقفة قانونية جماعية حازمة مع هذه الشركات المخالفة التي تستهين بأروح الحجاج وعدم غض الطرف عنها، ولا بد من إيقافها عن المشاركة في تنظيم هذا المحفل الإيماني العظيم، وتقديم أصحابها لمحاكمات عادلة تقتص للضحايا وتمنح عائلاتهم تعويضات مادية مجزية، فقد تسببوا في وفاتهم بصورة مباشرة بعد أن غرروا بهم ومارسوا بحقهم أسوأ أنواع الخداع والتحايل. لا سيما وأن مبادئ القانون تشير إلى مسؤولية كل من تسبب في الضرر لغيره بإصلاح ذلك الضرر ودفع التعويض اللازم عنه بما يتناسب مع حجمه.
أما من أصدروا الفتاوى المضللة بجواز الحج بدون تصريح، تنفيذا لأجندة حزبية كريهة وممارسة لمناكفات سياسية، وخالفوا إجماع العلماء الذين أكدوا على ضرورة توفر شرط الاستطاعة قبل أداء الفريضة، فهم شركاء أصيلون في ذهاب أرواح هؤلاء الضحايا، لأن الدال على الشر كفاعله، ورسولنا الكريم يقول «من دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام من اتبعه لا ينقص ذلك من آثامهم شيئا».