في لقاء للإعلاميين نظمه مركز مشاريع البنية التحتية بمنطقة الرياض، افتُتح اللقاء بعرض مقولة لسمو ولي العهد نصها: «عازمون على تحويل الرياض إلى واحدة من أكثر المدن العالمية (استدامة)»، وملأت أرجاء المكان شعار الهوية الإستراتيجية للمركز «لبنية تحتية مستدامة»، وبدأ الإعلاميون في طرح أسئلتهم، إلا أنني تمنيت لو أنهم تطرقوا لسؤال هو الأهم: لماذا اختار ولي العهد كلمة «استدامة» دون غيرها؟! ولماذا اقتبس المركز هذه المقولة في صنع هويته الإستراتيجية على الرغم من أنه يمكن أن توجد كلمات رنانة أكثر كـ«أنسنة» أو «تطور» أو «فخامة» أو «حيوية» أو غيرها، فالسؤال: لماذا اختار عراب الرؤية وملهم العالم وأحد أهم قادته الأكثر تأثيرا هذه الكلمة بالذات؟
ببساطة كنا في ورشة عمل بعنوان «الاستدامة»، يقدمها مدرب دولي حصل على شهاداته من اليابان، فبدأ المدرب بعرض صور، وقال: من يرى منكم أيا من هذه الصور تمثل الاستدامة فليخبرنا، وبدأ بصورة دب صغير تحتضنه أمه في الجليد، وصورة لحرائق في دول لاتينية، وصورة لأطفال غارقين في وحل طين بشرق آسيا، وصورة جوية لمدينة برازيلية تُظهر نصفها بيوتا شعبية عشوائية، وعلى بُعد شارع واحد تظهر ناطحات سحاب، وصورة تُظهر مدينة اقتصادية صينية تملؤها ناطحات السحاب بينما سماؤها ملأى بالتلوث. كان الصمت يعم القاعة حتى ظهرت صورة لمراوح الطاقة المتجددة وألواح الطاقة الشمسية، فصرخ الغالبية: هذه هي يا سعادة المدرب.. هذه هي الاستدامة، فتوقف المدرب وقال: اعتبروا أنكم مستثمرون في مجتمعكم، ووزع علينا كروتا صغيرة للعبة مبتكرة في الاستدامة، نتنافس من خلالها، والكروت عبارة عن بطاقات تعريفية لمشاريع صناعية وترفيهية وتقنية ولوجستية وتنموية.. إلخ، وتحتوي كل بطاقة مشروع على الربح المتحقق منه مضافة له قيمته البيئية والاجتماعية، مع ربط الأرباح والعوائد بتأثير المشاريع الأخرى الموزعة على المتدربين، وكلما اختار متدرب بطاقة أدخل المدرب أرقام البطاقة في حاسبة معروضة أمام الجميع، فيظهر الناتج الإجمالي لمجموع الربحية الاقتصادية والبيئية والمجتمعية لجميع المشاريع المختارة.
ولكوننا كمستثمرين نظرتنا لا تتعدى أقدامنا، ولم نمد بصرنا للأعلى، فكان الملاحظ اختيارنا مشاريع ذات أرباح اقتصادية فقط، فقفز مؤشر الأرباح الاقتصادية 4 أضعاف مؤشري البيئة والمجتمع، وهذا بالتأكيد ما يهم المستثمر «سطحي التفكير»، وهو أرباحه ونمو اقتصاده، ثم قال لنا المدرب: تخيلوا مستقبل مجتمعكم هذا الذي بنيتموه باستثماركم كيف سيكون!! ثم أعاد عرض الصور وقال: الآن ما هي الصور التي تمثل الاستدامة من وجهة نظركم؟ فكانت كل صورة تمثل الاستدامة، فتلوث الصين يُزيد من وحل الطين لأطفال شرق آسيا، مما يخفض من البيئة الآمنة للاستثمار طويل المدى، فيضرب التاجر ضربته ويهرب، وبهذا يكون اقتصادا فقاعيا، كما يصف شباب اليابان مستقبل اقتصاد بلادهم الذي جعلهم ينشغلون عن الحياة الأسرية والزواج والإنجاب، فاكتشفت الحكومة أنها أمام خطر جعلها تخصص جائزة سنوية كبرى لمن يقترح أفكارا لحض الشباب والفتيات على الإنجاب، وأن أرباح رجال أعمال البرازيل قد تؤذي صغير الدب في جبال آلاسكا وهكذا، ثم أعاد توزيع بطاقات اللعبة علينا مجددا وقال: الآن كل منكم يأخذ ما يريد من مشاريع وله ما يشاء من الأرباح، فكان الملاحظ أننا فتحنا التواصل فيما بيننا كمستثمرين مع قراءة متأنية لمستقبل مجتمعنا، وأخيرا تقاسمنا المشاريع التي ترفع المؤشرات الثلاثة «الاقتصادية والبيئية والاجتماعية» بشكل متوازٍ حتى نحافظ على أرباحنا للمدى الطويل، وهذه هي «الاستدامة»، وليس لنهرب من مجتمعنا بعد أن نراه ينهار أمامنا لتفكيرنا بأنانية ونظرة قاصرة.
ما أريد قوله إنه ينبغي على المراكز الإعلامية للمراكز الحكومية الناشئة والمواكبة للرؤية أن تنشئ ورش عمل حقيقية ومتخصصة، لإفهام قادة الرأي والمؤثرين محتوى الهوية الموضوعية لمقولات سمو ولي العهد التي تجعلها تلك المراكز شعارا إستراتيجيا لها، لفهم قادة تلك المراكز ما خلف تلك الكلمات المختصرة من تفاصيل لا تستوعبها موسوعات أكاديمية، ثم يوجه هؤلاء المؤثرون برأيهم بقية المجتمع، بما في ذلك حتى صناع المناهج التعليمية والتربوية، بأن يكون عقلا جمعيا لنا ولأجيالنا من بعدنا، وأن نستغل أننا نعيش في عصر قائد غيّر تفكير العالم من حولنا، فنحن الأولى بفهم واستيعاب ذلك التغيير، فنتاج هذه الورش المتخصصة سنجد أن المجتمع قد وعي إجابة السؤال: لماذا الاستدامة يا سيدي ولي العهد؟
ببساطة كنا في ورشة عمل بعنوان «الاستدامة»، يقدمها مدرب دولي حصل على شهاداته من اليابان، فبدأ المدرب بعرض صور، وقال: من يرى منكم أيا من هذه الصور تمثل الاستدامة فليخبرنا، وبدأ بصورة دب صغير تحتضنه أمه في الجليد، وصورة لحرائق في دول لاتينية، وصورة لأطفال غارقين في وحل طين بشرق آسيا، وصورة جوية لمدينة برازيلية تُظهر نصفها بيوتا شعبية عشوائية، وعلى بُعد شارع واحد تظهر ناطحات سحاب، وصورة تُظهر مدينة اقتصادية صينية تملؤها ناطحات السحاب بينما سماؤها ملأى بالتلوث. كان الصمت يعم القاعة حتى ظهرت صورة لمراوح الطاقة المتجددة وألواح الطاقة الشمسية، فصرخ الغالبية: هذه هي يا سعادة المدرب.. هذه هي الاستدامة، فتوقف المدرب وقال: اعتبروا أنكم مستثمرون في مجتمعكم، ووزع علينا كروتا صغيرة للعبة مبتكرة في الاستدامة، نتنافس من خلالها، والكروت عبارة عن بطاقات تعريفية لمشاريع صناعية وترفيهية وتقنية ولوجستية وتنموية.. إلخ، وتحتوي كل بطاقة مشروع على الربح المتحقق منه مضافة له قيمته البيئية والاجتماعية، مع ربط الأرباح والعوائد بتأثير المشاريع الأخرى الموزعة على المتدربين، وكلما اختار متدرب بطاقة أدخل المدرب أرقام البطاقة في حاسبة معروضة أمام الجميع، فيظهر الناتج الإجمالي لمجموع الربحية الاقتصادية والبيئية والمجتمعية لجميع المشاريع المختارة.
ولكوننا كمستثمرين نظرتنا لا تتعدى أقدامنا، ولم نمد بصرنا للأعلى، فكان الملاحظ اختيارنا مشاريع ذات أرباح اقتصادية فقط، فقفز مؤشر الأرباح الاقتصادية 4 أضعاف مؤشري البيئة والمجتمع، وهذا بالتأكيد ما يهم المستثمر «سطحي التفكير»، وهو أرباحه ونمو اقتصاده، ثم قال لنا المدرب: تخيلوا مستقبل مجتمعكم هذا الذي بنيتموه باستثماركم كيف سيكون!! ثم أعاد عرض الصور وقال: الآن ما هي الصور التي تمثل الاستدامة من وجهة نظركم؟ فكانت كل صورة تمثل الاستدامة، فتلوث الصين يُزيد من وحل الطين لأطفال شرق آسيا، مما يخفض من البيئة الآمنة للاستثمار طويل المدى، فيضرب التاجر ضربته ويهرب، وبهذا يكون اقتصادا فقاعيا، كما يصف شباب اليابان مستقبل اقتصاد بلادهم الذي جعلهم ينشغلون عن الحياة الأسرية والزواج والإنجاب، فاكتشفت الحكومة أنها أمام خطر جعلها تخصص جائزة سنوية كبرى لمن يقترح أفكارا لحض الشباب والفتيات على الإنجاب، وأن أرباح رجال أعمال البرازيل قد تؤذي صغير الدب في جبال آلاسكا وهكذا، ثم أعاد توزيع بطاقات اللعبة علينا مجددا وقال: الآن كل منكم يأخذ ما يريد من مشاريع وله ما يشاء من الأرباح، فكان الملاحظ أننا فتحنا التواصل فيما بيننا كمستثمرين مع قراءة متأنية لمستقبل مجتمعنا، وأخيرا تقاسمنا المشاريع التي ترفع المؤشرات الثلاثة «الاقتصادية والبيئية والاجتماعية» بشكل متوازٍ حتى نحافظ على أرباحنا للمدى الطويل، وهذه هي «الاستدامة»، وليس لنهرب من مجتمعنا بعد أن نراه ينهار أمامنا لتفكيرنا بأنانية ونظرة قاصرة.
ما أريد قوله إنه ينبغي على المراكز الإعلامية للمراكز الحكومية الناشئة والمواكبة للرؤية أن تنشئ ورش عمل حقيقية ومتخصصة، لإفهام قادة الرأي والمؤثرين محتوى الهوية الموضوعية لمقولات سمو ولي العهد التي تجعلها تلك المراكز شعارا إستراتيجيا لها، لفهم قادة تلك المراكز ما خلف تلك الكلمات المختصرة من تفاصيل لا تستوعبها موسوعات أكاديمية، ثم يوجه هؤلاء المؤثرون برأيهم بقية المجتمع، بما في ذلك حتى صناع المناهج التعليمية والتربوية، بأن يكون عقلا جمعيا لنا ولأجيالنا من بعدنا، وأن نستغل أننا نعيش في عصر قائد غيّر تفكير العالم من حولنا، فنحن الأولى بفهم واستيعاب ذلك التغيير، فنتاج هذه الورش المتخصصة سنجد أن المجتمع قد وعي إجابة السؤال: لماذا الاستدامة يا سيدي ولي العهد؟