تناولنا في مقالات سابقة أثر عقيدة «وحدة الوجود» في مجمل آراء ومعتقدات الفلاسفة، وكيف أن المؤمنين بها عاشوا عبر التاريخ صراعًا فكريًا وسياسيًا مع أتباع الشرائع السماوية. فقد شددت تعاليم الأديان التوحيدية على أن الله هو خالق الكون من العدم، وهذه العقيدة تتعارض جملة وتفصيلا مع فكرة وحدة الوجود التي تنادي بقدسية الكون باعتبار أن الله والكون يمثلان جوهرًا واحدًا. حاول كثير من المؤمنين بهذه العقيدة صنع توليفة توائم بين عقيدتي التوحيد السماوية ووحدة الوجود فيما يعرف بالتوفيق بين الدين والفلسفة. فعندما تسمع عبارة (التوفيق بين الدين والفلسفة) فغالبًا ما يكون المقصود هو جعل عقيدة وحدة الوجود منسجمة مع تعاليم الديانة السماوية وغير متعارضة معها.
قدمنا، في مقالة سابقة، طائفة الكويكرز مثلا للجماعة الدينية السرية أو شبه السرية التي تسعى لتحقيق الانتشار وكسب الأتباع في المجتمع. وكيف أفرد فولتير أربع رسائل كاملة في كتابه «رسائل فلسفية» وكيف صنع صورة وردية لهذه الجمعية أو الطائفة، صورة الجماعة الدينية المتسامحة والمتنورة. اليوم سنتطرق لجماعة دينية أخرى تعرف بـ «إخوان الصفا» أصحاب الرسائل الفلسفية الشهيرة «رسائل إخوان الصفا» وهم جماعة سرية لا تعرف أسماءهم بالتحديد. فقد حجبوا هويتهم عن المجتمع، وهذا الغموض الذي أحاط بشخصياتهم انعكس على رسائلهم ودوافعها الدينية والسياسية. والدافع المعلن، الذي صرحوا به في رسائلهم، هو التوفيق بين الدين الإسلامي والفلسفة اليونانية، بمعنى خلق وئام وتجانس عقائدي بين فكرة وحدة الوجود وعقيدة التوحيد التي نادت بها الأديان السماوية عبر التاريخ. فإخوان الصفا كانوا يؤمنون بوحدة الوجود، ويمكن تبين ذلك بوضوح في رسائلهم الفلسفية. الفلسفة الطبيعية عند اليونان وعند إخوان الصفا توحي بألوهية العالم وبأن الآلهة والنفوس تملأ العالم، أي أن في كل شيء روحًا هي سبب حركته.
الحركة في الكون لها صورة روحانية عند إخوان الصفا، فهناك «نفس كلية» هي المحرك للكواكب والأفلاك، وأن قوى النفس الكلية تسري في جميع الأجسام المكونة للطبيعة. ويعتقدون في رسائلهم أن: (جميع السماوات السبع والأراضين وما بينهما جسم واحد بجميع أفلاكه، وأن له نفسًا واحدة سارية قواها في جميع أجزائها كسريان نفس الإنسان الواحد في جميع أجزاء جسده). وحسب اعتقادهم الصريح أن كل الموجودات تجمعها نفس كلية وتحركها وهي سبب حركتها وعلى أساسها يتحرك الكون. وهنا لا يخفى علينا أثر عقيدة وحدة الوجود التي تمسكوا بها وحاولوا قدر المستطاع تبرير وجودها في المجتمع الإسلامي. فقد أدى توسع رقعة الإسلام ودخول كثير من الشعوب والعرقيات المجتمع الإسلامي إلى بروز مفكرين يحملون ولاءً لثقافاتهم القديمة ومعتقداتهم السابقة للإسلام والعقيدة الدينية كما نعلم عزيزة عند الإنسان ومن الصعب التخلي عنها بسهولة.
فالاعتقاد بوجود «نفس كلية» تسكن في الموجودات وتتسبب بحركتها لا يمكن نسبتها للترجمة أو التأثر الآني بكتب اليونان، ولكنها عقيدة متوارثة عبر أجيال متعاقبة، لذا نجد إخوان الصفا في رسائلهم يأتون بشواهد من أقوال الفلاسفة بجانب شواهد من أقوال الأنبياء والرسل، ووضعوا أفلاطون وأرسطو في منزلة تعادل منازل الأنبياء واستشهدوا بأقوالهم في سياق واحد مع أقوال المسيح عليه السلام والرسول محمد صلى الله عليه وسلم.
قدمنا، في مقالة سابقة، طائفة الكويكرز مثلا للجماعة الدينية السرية أو شبه السرية التي تسعى لتحقيق الانتشار وكسب الأتباع في المجتمع. وكيف أفرد فولتير أربع رسائل كاملة في كتابه «رسائل فلسفية» وكيف صنع صورة وردية لهذه الجمعية أو الطائفة، صورة الجماعة الدينية المتسامحة والمتنورة. اليوم سنتطرق لجماعة دينية أخرى تعرف بـ «إخوان الصفا» أصحاب الرسائل الفلسفية الشهيرة «رسائل إخوان الصفا» وهم جماعة سرية لا تعرف أسماءهم بالتحديد. فقد حجبوا هويتهم عن المجتمع، وهذا الغموض الذي أحاط بشخصياتهم انعكس على رسائلهم ودوافعها الدينية والسياسية. والدافع المعلن، الذي صرحوا به في رسائلهم، هو التوفيق بين الدين الإسلامي والفلسفة اليونانية، بمعنى خلق وئام وتجانس عقائدي بين فكرة وحدة الوجود وعقيدة التوحيد التي نادت بها الأديان السماوية عبر التاريخ. فإخوان الصفا كانوا يؤمنون بوحدة الوجود، ويمكن تبين ذلك بوضوح في رسائلهم الفلسفية. الفلسفة الطبيعية عند اليونان وعند إخوان الصفا توحي بألوهية العالم وبأن الآلهة والنفوس تملأ العالم، أي أن في كل شيء روحًا هي سبب حركته.
الحركة في الكون لها صورة روحانية عند إخوان الصفا، فهناك «نفس كلية» هي المحرك للكواكب والأفلاك، وأن قوى النفس الكلية تسري في جميع الأجسام المكونة للطبيعة. ويعتقدون في رسائلهم أن: (جميع السماوات السبع والأراضين وما بينهما جسم واحد بجميع أفلاكه، وأن له نفسًا واحدة سارية قواها في جميع أجزائها كسريان نفس الإنسان الواحد في جميع أجزاء جسده). وحسب اعتقادهم الصريح أن كل الموجودات تجمعها نفس كلية وتحركها وهي سبب حركتها وعلى أساسها يتحرك الكون. وهنا لا يخفى علينا أثر عقيدة وحدة الوجود التي تمسكوا بها وحاولوا قدر المستطاع تبرير وجودها في المجتمع الإسلامي. فقد أدى توسع رقعة الإسلام ودخول كثير من الشعوب والعرقيات المجتمع الإسلامي إلى بروز مفكرين يحملون ولاءً لثقافاتهم القديمة ومعتقداتهم السابقة للإسلام والعقيدة الدينية كما نعلم عزيزة عند الإنسان ومن الصعب التخلي عنها بسهولة.
فالاعتقاد بوجود «نفس كلية» تسكن في الموجودات وتتسبب بحركتها لا يمكن نسبتها للترجمة أو التأثر الآني بكتب اليونان، ولكنها عقيدة متوارثة عبر أجيال متعاقبة، لذا نجد إخوان الصفا في رسائلهم يأتون بشواهد من أقوال الفلاسفة بجانب شواهد من أقوال الأنبياء والرسل، ووضعوا أفلاطون وأرسطو في منزلة تعادل منازل الأنبياء واستشهدوا بأقوالهم في سياق واحد مع أقوال المسيح عليه السلام والرسول محمد صلى الله عليه وسلم.