عايد الهرفي

في منتدى مستقبل العقار 2024 تحدث وزير العدل عن سلامة الصكوك وإلغائها قائلا: «في الفترة الحالية لايوجد أي صك ضمن مخطط معتمد موقف أو ملغى بسبب يعود إلى الصك بشكل مطلق وكامل، وأن أي صك ضمن مخطط معتمد من الجهة المختصة هو صك فعال، وذلك بناء على الأمر الملكي الصادر قبل ثلاث سنوات، وأنه من الناحية التنظيمية إذا ألغي الصك الأساس فإن الصكوك المتفرعة عنه ضمن المخططات المعتمدة لا يسري عليها هذا الإلغاء مايعني أنها فعالة، وأن الوزارة بناء عليه قامت برفع الإيقاف والإلغاء عن أكثر من 20 ألف صك خلال الفترة الماضية».

كلمة وزير العدل استبشر بها المعنيون بالقطاع العقاري في المملكة، واعتبروها بداية تصحيحية وانتهاء حقبة كانت فيها الصكوك عرضة لمشاكل وتحديات عديدة كالإلغاء والإيقاف والتداخل، ومع تقديرنا لجهود الوزارة وما ذكره الوزير وليد الصمعاني؛ إلا أن هناك قضايا ومعاملات تقبع في مسار آخر ، إذ إن هناك صكوكًا عقارية غير منجزة منذ سنوات تؤكد أن مشاكل وتحديات الصكوك ما زالت موجودة وقائمة؛ حيث إن هناك حالات وقفت عليها شخصيًا وقد أكملت عامها الخامس وهي تدور بين اللجان والدوائر دون إيجاد حل أو إصدار قرار.

وأما ما يخص مشاكل صكوك الأراضي الزراعية المشاعة، قادتني ذاكرتي لما أعلن عنه الوزير قبل أربع سنوات في مقابلة تلفزيونية عن إصدار قرار لتنظيم الأراضي المشاعة، وأن حل هذه القضايا ورفع الإيقافات سيكون خلال يومين، ورغم مرور أربع سنوات على تصريح الوزير إلا أن الكثر من مشاكل الصكوك الزراعية ما زالت قائمة ، وهو أمر يدعو للتساؤلات في نفوس أصحاب الشأن فضلا عن النتائج السلبية وضرره على الأمن العقاري.

ولعل المجتمع العقاري يتذكر جيدًا ماصرح به رئيس مجلس إدارة شركة «سمو» عايض القحطاني، خلال منتدى مستقبل العقار حول أبرز التحديات التي يعاني منها القطاع العقاري، وذكر منها معالجة إلغاء الصكوك وأن ذلك يشكل تحديًا قائمًا ؛ مضيفًا أن الصك هو ورقة مهمة في العالم إذا فقد قوته فلن يقبل عليه المستثمر الأجنبي أو المحلي.

بالنظر إلى ما تفضل به الوزير ومطابقة ذلك ببعض القضايا والمعاملات في الحقيقة على أرض الواقع؛ يمكننا القول إن الحلول المقدمة من قبل الوزارة لمعالجة مشاكل وتحديات الصكوك ليست كافية ولا تمثل حلًا جذريًا لها، ما يعني أن الحلول بحاجة إلى إعادة تقييم وتقويم لتكون محكمة وشاملة لجميع مشاكل وتحديات الصكوك دون استثناء، أو أنها بحاجة إلى تفعيل حقيقي لسد الثغرات التي حالت دون إنهاء المعاملات التي ما زالت دون معالجة أو حل.

ولو أبحرنا في ملف سلبيات معالجة معاملات الصكوك العقارية نجد من ضمنها أيضًا غياب المعلومات وعدم معرفة مجريات المعاملات العقارية وتسلسلها، والاكتفاء بالإشارة إلى جهة الدراسة، خلافًا لما كان عليه العمل سابقًا من خلال الاتصالات الإدارية التي كانت توضح خريطة سير المعاملة عبر القنوات الإلكترونية للوزارة.

ومن السلبيات عدم قدرة المستفيدين وأصحاب الشأن على مراجعة الوزارة أسوة بمثيلاتها لمناقشة أصحاب الشأن والمسؤولين ومن بيده دراسة المعاملات، الأمر الذي يصادر حق صاحب المعاملة في المناقشة والأخذ والرد، ويتنافى مع مبدأ الشفافية والوضوح ، ويؤدي ذلك إلى إصدار قرارات قد لا ترضي المستفيدين والملاك؛ مما يشعرهم بالإحباط؛ فضلًا عن تأثيره سلبيًا على تحقيق المستهدفات والمعايير .

ما يترتب على تأخر إنجاز معاملات الصكوك العقارية في الجهات العدلية وما يصاحب ذلك من عدم السماح للمستفيدين والملاك بمناقشة معاملاتهم وعدم معرفة سير المعاملات؛ وهذا يعود بضرر بالغ على الأمن العقاري والاقتصاد الوطني والمستفيدين والمستثمرين على المدى القريب والبعيد، ويحرم السوق العقاري وقطاع الإسكان تحديدًا من الاستفادة من هذه الصكوك سواء بضخها في السوق العقاري على شكل منتجات سكنية وتوفير خيارات متعددة أمام المستفيدين أو إنعاش السوق عمومًا بيعًا وشراء، ويخلق بيئة سلبية غير جاذبة للاستثمارات الخارجية؛ ويجعل مساهمة القطاع العقاري في تحقيقها دون المستوى المأمول.

ومع الإيقاع البطيء في ملف الصكوك العقارية لازلنا في حاجة ماسة إلى آليات منظمة ومسرعة يمكن أن نراهن بها على نجاح استقطاب الاستثمارات الأجنبية في السوق العقاري، والذي يحرص على أن يكون الصك العقاري السعودي عملة وطنية صعبة يمكن تداولها عالميًا في المستقبل القريب؛ إذ إن المستثمر الأجنبي لا يمكن أن يصبر سنوات لمعالجة معاملة واحدة دون إنجاز، فكل ما يحتاجه المستثمر بشكل عام والأجنبي بشكل خاص هو وضوح الآلية والوقت في هذا الملف.

وختاما أؤكد أن ما تقدمه الدولة من دعم لا محدود للنهوض بالقطاع العقاري، وما قدمته من تشريعات وأوامر سامية؛ كفيل بإنهاء جميع العوائق والتحديات المتعلقة بالصكوك العقارية؛ الأمر الذي يحتم على الجهات العدلية تفعيلها والعمل بها؛ تجسيدًا للدعم الحكومي اللامحدود للقطاع العقاري، ومواكبة لمستهدفات رؤية المملكة 2030 ومشاريعها التنموية الضخمة؛ أسوة ببقية القطاعات الحيوية التي نجحت في تحقيق مستهدفاتها وساهمت في الناتج المحلي والاقتصاد الوطني.

وآمل من مسؤولي الوزارة كافة فتح المزيد من أبواب الوزارة واستقبال أصحاب الشأن والاستماع لهم ومعرفة ما يواجهونه من صعوبات كما نصت على ذلك الأوامر والتعليمات، وباعتبار ذلك من أبسط المتطلبات لأصحاب الشأن وملاك الصكوك العقارية.