تولي المملكة العربية السعودية أهمية متعاظمة لترسيخ قيم التسامح والتعايش السلمي في المجتمع باعتبارها المدخل الرئيسي لإيجاد مجتمع معافى قادر على السير في طريق التنمية والازدهار، لذلك فقد أولى قادتها منذ عهد الملك المؤسس المغفور له - بإذن الله - عبدالعزيز آل سعود اهتمامًا كبيرًا بتعزيز مفاهيم الوسطية والاعتدال والتسامح، ومواجهة خطابات الغلو والتطرف والكراهية، وتحصين الشباب من الأفكار الضالة والمنحرفة. كما تصدت المملكة في مواقف كثيرة بصورة حازمة لمحاولات بث الكراهية، وقامت بدعم خطاب التسامح والتعاون ونبذ العنف والعنصرية، وغرس قيم الاعتدال والتسامح.
وقد مثَّلت هذه المبادئ المتقدمة والقيم النبيلة أبرز ملامح الدولة السعودية التي قامت على قواعد ثابتة، في مقدمتها أن المواطنين كافة سواسية أمام القانون، دون أي اعتبارات عرقية أو مذهبية أو مناطقية أو قبلية، وأن معيار التفاضل الوحيد بين الجميع هو المواطنة الصالحة ومقدار الالتزام بالأنظمة والقوانين. كما حاربت المملكة انتشار الكراهية وتصدت لدعاة الغلو ولم تسمح بأي من مظاهر الإقصاء واستئصال الآخر.
لم تكن هذه القناعات مجرد شعارات أو لافتات سياسية، بل شكَّلت منهجًا عمليًا للدولة السعودية ما زال ولاة الأمر - حفظهم الله - يحرصون على بقائه واستمراريته، كما تم تضمين هذه المبادئ في دستور الدولة المستمد من القرآن الكريم والسنة النبوية، فالمادة (11) من النظام الأساسي تنص على أن المجتمع السعودي يقوم «على أساس من اعتصام أفراده بحبل الله، وتعاونهم على البر والتقوى، والتكافل فيما بينهم، وعدم تفرقهم». كما تشير المادة (12) إلى «تعزيز الوحدة الوطنية واجب، وتمنع الدولة كل ما يؤدي للفرقة والفتنة والانقسام».
كما عنيت المملكة بسيادة حكم القانون لضمان العدالة التي هي أساس الملك، فالمادة (36) من نفس النظام تنص على أن الدولة هي التي «توفر الأمن لجميع مواطنيها والمقيمين على إقليمها، ولا يجوز تقييد تصرفات أحد، أو توقيفه، أو حبسه، إلا بموجب أحكام النظام». كما توضح المادة رقم (43) أن «مجلس الملك ومجلس ولي العهد، مفتوحان لكل مواطن، ولكل من له شكوى أو مظلمة، ومن حق كل فرد مخاطبة السلطات العامة فيما يعرض له من الشؤون».
ولتعزيز أجواء التسامح والتعايش السلمي فقد شجّعت الحكومة السعودية على وجود الحوار لأنه الأساس الذي تقوم عليه جهود مواجهة خطاب الكراهية وترسيخ معاني المواطنة الحقة، فهو الذي يؤصل الأُطر الفكرية التي تقوم عليها البلاد. وفي هذا الصدد قامت بتأسيس مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني الذي سمي حاليًا «مركز الملك عبدالعزيز للتواصل الحضاري» حتى يضطلع بهذه المهمة الكبيرة.
ولم تكتف المملكة بتعزيز الحوار بين مواطنيها على الصعيد الداخلي، بل قامت بالعديد من الخطوات على المستوى الخارجي لتشجيع الحوار بين أصحاب الأديان المختلفة، لذلك تم إنشاء مركز الملك عبدالله للحوار بين أتباع الأديان، تحت مظلة الأمم المتحدة ورصدت له ميزانيات ضخمة أدت إلى قيامه بدور كبير خلال السنوات الماضية وتحقيقه العديد من النجاحات اللافتة. كما سارعت للتوقيع على معظم الاتفاقيات الدولية المتعلّقة بهذا الشأن.
وتنطلق المملكة في هذه الجهود من قناعة راسخة هي إيمانها بأن مكانتها الفريدة كحاضنة للحرمين الشريفين وأرض المقدّسات الإسلامية تستلزم منها إقرار مبدأ التنوّع حتى تكون أكثر قدرة على استيعاب جميع المسلمين مع تعدّد مشاربهم، وأن التعايش السلمي قيمة عظيمة ينبغي إعلاؤها وتشجيع الناس عليها، لأنها تعني الابتعاد عن الكراهية والتماس الأعذار للآخرين.
كذلك فإن المجتمعات ذات الأعراق والثقافات والمذاهب المتنوّعة هي مجتمعات تمتاز بالثراء المجتمعي، فالاختلاف ينبغي أن يتحوّل إلى مصدر قوّة لأنه ليس مدعاة للتنازع، فتلك سنة الله في الأرض، لذلك لا ينبغي التضييق على المخالف أو إقصاؤه أو مصادرة حقه في الوجود بل يجب التعامل معه واحتواؤه، فالكون لا يستمر إلا بوجود الاختلاف، والله سبحانه وتعالى يقول «ولا يزالون مختلفين ولذلك خلقهم».
وإن كانت القيادة السعودية تبذل كل هذه الجهود الضخمة لتشجيع التسامح والتعايش فإن هذه المهمة لن يكتب لها الكمال إلا إذا رافقتها جهود مجتمعية، وفي هذ الصدد يبرز دور مؤسسات المجتمع المدني التي يعوّل عليها لتعاظم الدور الذي تقوم به في الوقت الحالي، فهي تعبّر عن نبض المجتمع، وتمتلك القدرة على التحرك وسط المواطنين بسرعة فائقة، مما يمكِّنها من الإسهام في تشكيل الوعي الفردي والمجتمعي لخدمة مقاصد التنمية والتطور والإصلاح.
وبسبب حيويتها باتت منظمات المجتمع المدني مطالبة بتركيز دورها لتعزيز التسامح والاحترام ومناهضة تفشي الكراهية والتطرف، والاهتمام بتنفيذ إستراتيجيات توعوية وتثقيفية وطنية للتصدي لدعوات العنصرية.
كذلك فإن على وسائل الإعلام المشاركة الفاعلة في تحقيق هذه الأهداف، وألا يقتصر دورها فقط على نقل الأخبار والترفيه، لأنها تستطيع الوصول إلى الجميع بسهولة ودون استئذان. وبإمكانها القيام بحملة مؤثّرة توضح أهمية الاعتصام بالوحدة، والبعد عن التطرف والتشدّد ونبذ الكراهية والإقصاء، على أن تتم مخاطبة كافة شرائح المجتمع حسب أعمارهم ومستوياتهم التعليمية والفكرية.
والدور السابق نفسه منتظر من المؤثرين في وسائل التواصل الاجتماعي الذين يتعاظم تأثيرهم وسط فئات الشباب، فعليهم توظيف ما يحظون به من قبول وشهرة للمساهمة في دعم هذه الجهود، والأمر ذاته ينطبق على خطباء المساجد وأئمتها لمكانتهم المؤثرة في المجتمع، فعليهم تفنيد ادعاءات شيوخ الفتنة والضلال وتبيان سماحة الدين.
وبصورة إجمالية فإننا بحاجة لمساهمة كل من يستطيع المشاركة في هذه المهمة العظيمة بما يكفل مكافحة التعصب والتطرف وتبني قيم التسامح ونبذ الكراهية والتطرف، حتى تبقى بلادنا كما كانت على الدوام، واحة للتعايش وقبلة للاعتدال.
وقد مثَّلت هذه المبادئ المتقدمة والقيم النبيلة أبرز ملامح الدولة السعودية التي قامت على قواعد ثابتة، في مقدمتها أن المواطنين كافة سواسية أمام القانون، دون أي اعتبارات عرقية أو مذهبية أو مناطقية أو قبلية، وأن معيار التفاضل الوحيد بين الجميع هو المواطنة الصالحة ومقدار الالتزام بالأنظمة والقوانين. كما حاربت المملكة انتشار الكراهية وتصدت لدعاة الغلو ولم تسمح بأي من مظاهر الإقصاء واستئصال الآخر.
لم تكن هذه القناعات مجرد شعارات أو لافتات سياسية، بل شكَّلت منهجًا عمليًا للدولة السعودية ما زال ولاة الأمر - حفظهم الله - يحرصون على بقائه واستمراريته، كما تم تضمين هذه المبادئ في دستور الدولة المستمد من القرآن الكريم والسنة النبوية، فالمادة (11) من النظام الأساسي تنص على أن المجتمع السعودي يقوم «على أساس من اعتصام أفراده بحبل الله، وتعاونهم على البر والتقوى، والتكافل فيما بينهم، وعدم تفرقهم». كما تشير المادة (12) إلى «تعزيز الوحدة الوطنية واجب، وتمنع الدولة كل ما يؤدي للفرقة والفتنة والانقسام».
كما عنيت المملكة بسيادة حكم القانون لضمان العدالة التي هي أساس الملك، فالمادة (36) من نفس النظام تنص على أن الدولة هي التي «توفر الأمن لجميع مواطنيها والمقيمين على إقليمها، ولا يجوز تقييد تصرفات أحد، أو توقيفه، أو حبسه، إلا بموجب أحكام النظام». كما توضح المادة رقم (43) أن «مجلس الملك ومجلس ولي العهد، مفتوحان لكل مواطن، ولكل من له شكوى أو مظلمة، ومن حق كل فرد مخاطبة السلطات العامة فيما يعرض له من الشؤون».
ولتعزيز أجواء التسامح والتعايش السلمي فقد شجّعت الحكومة السعودية على وجود الحوار لأنه الأساس الذي تقوم عليه جهود مواجهة خطاب الكراهية وترسيخ معاني المواطنة الحقة، فهو الذي يؤصل الأُطر الفكرية التي تقوم عليها البلاد. وفي هذا الصدد قامت بتأسيس مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني الذي سمي حاليًا «مركز الملك عبدالعزيز للتواصل الحضاري» حتى يضطلع بهذه المهمة الكبيرة.
ولم تكتف المملكة بتعزيز الحوار بين مواطنيها على الصعيد الداخلي، بل قامت بالعديد من الخطوات على المستوى الخارجي لتشجيع الحوار بين أصحاب الأديان المختلفة، لذلك تم إنشاء مركز الملك عبدالله للحوار بين أتباع الأديان، تحت مظلة الأمم المتحدة ورصدت له ميزانيات ضخمة أدت إلى قيامه بدور كبير خلال السنوات الماضية وتحقيقه العديد من النجاحات اللافتة. كما سارعت للتوقيع على معظم الاتفاقيات الدولية المتعلّقة بهذا الشأن.
وتنطلق المملكة في هذه الجهود من قناعة راسخة هي إيمانها بأن مكانتها الفريدة كحاضنة للحرمين الشريفين وأرض المقدّسات الإسلامية تستلزم منها إقرار مبدأ التنوّع حتى تكون أكثر قدرة على استيعاب جميع المسلمين مع تعدّد مشاربهم، وأن التعايش السلمي قيمة عظيمة ينبغي إعلاؤها وتشجيع الناس عليها، لأنها تعني الابتعاد عن الكراهية والتماس الأعذار للآخرين.
كذلك فإن المجتمعات ذات الأعراق والثقافات والمذاهب المتنوّعة هي مجتمعات تمتاز بالثراء المجتمعي، فالاختلاف ينبغي أن يتحوّل إلى مصدر قوّة لأنه ليس مدعاة للتنازع، فتلك سنة الله في الأرض، لذلك لا ينبغي التضييق على المخالف أو إقصاؤه أو مصادرة حقه في الوجود بل يجب التعامل معه واحتواؤه، فالكون لا يستمر إلا بوجود الاختلاف، والله سبحانه وتعالى يقول «ولا يزالون مختلفين ولذلك خلقهم».
وإن كانت القيادة السعودية تبذل كل هذه الجهود الضخمة لتشجيع التسامح والتعايش فإن هذه المهمة لن يكتب لها الكمال إلا إذا رافقتها جهود مجتمعية، وفي هذ الصدد يبرز دور مؤسسات المجتمع المدني التي يعوّل عليها لتعاظم الدور الذي تقوم به في الوقت الحالي، فهي تعبّر عن نبض المجتمع، وتمتلك القدرة على التحرك وسط المواطنين بسرعة فائقة، مما يمكِّنها من الإسهام في تشكيل الوعي الفردي والمجتمعي لخدمة مقاصد التنمية والتطور والإصلاح.
وبسبب حيويتها باتت منظمات المجتمع المدني مطالبة بتركيز دورها لتعزيز التسامح والاحترام ومناهضة تفشي الكراهية والتطرف، والاهتمام بتنفيذ إستراتيجيات توعوية وتثقيفية وطنية للتصدي لدعوات العنصرية.
كذلك فإن على وسائل الإعلام المشاركة الفاعلة في تحقيق هذه الأهداف، وألا يقتصر دورها فقط على نقل الأخبار والترفيه، لأنها تستطيع الوصول إلى الجميع بسهولة ودون استئذان. وبإمكانها القيام بحملة مؤثّرة توضح أهمية الاعتصام بالوحدة، والبعد عن التطرف والتشدّد ونبذ الكراهية والإقصاء، على أن تتم مخاطبة كافة شرائح المجتمع حسب أعمارهم ومستوياتهم التعليمية والفكرية.
والدور السابق نفسه منتظر من المؤثرين في وسائل التواصل الاجتماعي الذين يتعاظم تأثيرهم وسط فئات الشباب، فعليهم توظيف ما يحظون به من قبول وشهرة للمساهمة في دعم هذه الجهود، والأمر ذاته ينطبق على خطباء المساجد وأئمتها لمكانتهم المؤثرة في المجتمع، فعليهم تفنيد ادعاءات شيوخ الفتنة والضلال وتبيان سماحة الدين.
وبصورة إجمالية فإننا بحاجة لمساهمة كل من يستطيع المشاركة في هذه المهمة العظيمة بما يكفل مكافحة التعصب والتطرف وتبني قيم التسامح ونبذ الكراهية والتطرف، حتى تبقى بلادنا كما كانت على الدوام، واحة للتعايش وقبلة للاعتدال.