تذكرت معاناتنا في بداية ستينيات القرن الماضي اثناء زراعة وحصاد القمح (البر أو الحنطة) باللهجة المحلية الدارجة في ذلك الوقت. ففي تنومة تبدأ رحلة زراعة القمح في 15 ديسمبر أو بداية العام الميلادي، حيث يتشارك جميع اهل القرية في هذه المهمة رجالاً ونساءً شباب وشابات. فالرجال يبذرون الحبوب بالأيدي خلف الذي يمسك ( اللومة) التي تقودها الثيران المشبوكه بما يسمى (بالمقرنة)، تجر حفارا للأرض يسمى (اللومة)، وفي الوقت نفسه تقسم النساء المزرعة إلى مربعات، مع عمل مجرى للماء فيما بين هذه المربعات بأداة تسمى ( المقصب). وبعد الانتهاء من هذه المهمة يتوجه الجميع إلى بيت صاحب المزرعة لتناول وجبة الغداء سوياً، لأن العمل بدأ بعد صلاة الفجر مباشرة. ثم يبدأ صاحب المزرعة بالاهتمام بمزرعته حتى موسم الحصاد، ( الصرام) باللهجة المحلية في أواخر مايو وبداية يونيو من كل عام .ولا يمكن البدء بالحصاد أو ( الصرام) إلا بعد تجهيز وتنظيف المكان المعد لاستقبال السنابل التي تنتج من الحصاد وهذا المكان يسمى(الجرين)، وهو المكان الأبرز لتجميع السنابل ودرسها ودياستها بالثيران لاستخراج الحبوب منها، وقد يستخدم أيضا للاحتفالات (المداقيل والعرضة واللعب الشهري والدمة)، وأحياناً يكون المكان المناسب لاجتماع أبناء القرية ليلاً (للسمر)، وهو عبارةعن مربع أو مستطيل الشكل ، أرضه صلبة جدا، عبارة عن صخر كامل أو احجار مرصوفة مصفحة ،وعادة يكون في مكان بارز يستهدف من التيارات الهوائية وتسقط عليه أشعة الشمس من الاتجاهات كافة، وكل ذلك يساعد في فصل الحبوب عن الاعلاف بعملية تسمى ( الذراء).
ويشترك الرجال والنساء في أعمال الجرين على حد سواء، وأحيانا قد يكون بالقرب من الجرين مبنى مفتوح يسمى (العريش) يستخدم لتخزين السنابل فيه مؤقتاً أثناء هطول الأمطار، وبذلك يكون الجرين جاهزا لاستقبال السنابل، حيث يبدأ (الصرام)، والذي يتطلب مجهوداً كبيراً، حيث تحصد النساء الزرع ويجمعه الرجال ويشدونه على شكل حزم فوق ظهور الجمال. وقد تستغرق عملية الحصاد هذه يوماً أو عدة أيام، حسب عدد ومساحة البلاد المزروعة، وعدد الأشخاص من الرجال والنساء والشباب والفتيات الذين يقومون بهذه المهمة. وتستخدم النساء (الشريم أو المحش) لقطع سنابل القمح (البر) بالقرب من سطح الأرض ويجمع خلفهن، يجمعه الرجال والشباب يحزمونه ويحملونه على ظهر الجمال لإيصاله الى الجرين. وأثناء الصرام تردد النساء اهازيج يطلق عليها (الرملة) وهي اناشيد حماسية يرددنها جماعياً لشحذ الهمم وعدم التهاون في الصرام، وتكون حال الرملة سريعة و حماسية والابيات فيها قصيرة ومختصرة ومثال ذلك:
(روحي بنا يا لوّله... وم المريض المرضعي). بمعنى اسرعي أيتها المتقدمة في الصرام للحاق بالأم المرضع التي تحاول الانتهاء بأسرع وقت للعودة إلى رضيعها.
ومن النماذج ( يا شمس يا غاربة تريضي لي قليل)، وفيها تعبير رمزي بمخاطبة الشمس لكي تتأخر قليلاً عن المغيب، حتى ينتهين من الصرام.
وفي أيام الصرام تشاهد على مد النظر الناس رجالاً ونساءً بالمئات منتشرين في المزارع ،وتسمع الاهازيج في كل مكان من الصباح حتى المساء، لا تتوقف إلا أثناء الصلوات ووجبات الطعام.
وأخيراً وفي الجرين تبدأ عملية فصل الحبوب عن الاعلاف، باستخدام حجر كبير تجره الثيران ( ثوران تربط بينهما آلة خشبية تسمى المقرنة مربوط بها حبل مشبوك بالحجر). تبدأ الثيران الدوران فوق الاعلاف بعملية تسمى ( الدويس) وقد تستمر لأكثر من عشر ساعات، وهي عمليه متعبه للشخص الذي يكون خلف الثيران، ولشد الهمم فإن الشخص يردد الرملة التالية: ( ياليتني يوم الدويس غايبي... ارعى الغنم في غمض الشعايبي)، ومعناها أنه يتمنى أن يكون غائباً في ذلك اليوم حتى لو كلف برعي الغنم التي هي أسهل من الدويس.
وبعد الانتهاء من الدياسة، يكون القمح قد انفصل عن السنابل ولكنه لازال مختلطاً بالسنابل المتقطعة.
ولتنقية الحب تبدأ عملية (الذراء) وتلعب الرياح دورا مهماً في سرعة انجاز هذه المهمة لنحصل على القمح . ثم يعبا في أكياس ويحفظ في أماكن مخصصة لحفظ الحبوب. وهو ثلاثة انواع ، كل نوع له ميزة خاصة من ناحية الشكل والطعم. وأنواعه هي (المابيه والقياضي والصيب).
وكان هذا الإنتاج في مجتمع القرية في ذلك الوقت يمثل الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي لأنهم يعتمدون اقتصادياً على ما تنتجه البلاد من المزارع صيفاً وشتاءً. وقد حضرت ومارست أنا واقراني جميع ما أوردته سابقاً في أوائل ستينيات القرن الماضي، ومنهم من أصبح طبيباً او وصل إلى المرتبة الممتازة ورتب عسكريه عليا.
ليطلع ابناؤنا واحفادنا على نمط حياتنا في الماضي التي كانت تتطلب الصبر على المشاق. نتمنى لهم المستقبل المشرق مع رؤية السعودية 2030 .
ويشترك الرجال والنساء في أعمال الجرين على حد سواء، وأحيانا قد يكون بالقرب من الجرين مبنى مفتوح يسمى (العريش) يستخدم لتخزين السنابل فيه مؤقتاً أثناء هطول الأمطار، وبذلك يكون الجرين جاهزا لاستقبال السنابل، حيث يبدأ (الصرام)، والذي يتطلب مجهوداً كبيراً، حيث تحصد النساء الزرع ويجمعه الرجال ويشدونه على شكل حزم فوق ظهور الجمال. وقد تستغرق عملية الحصاد هذه يوماً أو عدة أيام، حسب عدد ومساحة البلاد المزروعة، وعدد الأشخاص من الرجال والنساء والشباب والفتيات الذين يقومون بهذه المهمة. وتستخدم النساء (الشريم أو المحش) لقطع سنابل القمح (البر) بالقرب من سطح الأرض ويجمع خلفهن، يجمعه الرجال والشباب يحزمونه ويحملونه على ظهر الجمال لإيصاله الى الجرين. وأثناء الصرام تردد النساء اهازيج يطلق عليها (الرملة) وهي اناشيد حماسية يرددنها جماعياً لشحذ الهمم وعدم التهاون في الصرام، وتكون حال الرملة سريعة و حماسية والابيات فيها قصيرة ومختصرة ومثال ذلك:
(روحي بنا يا لوّله... وم المريض المرضعي). بمعنى اسرعي أيتها المتقدمة في الصرام للحاق بالأم المرضع التي تحاول الانتهاء بأسرع وقت للعودة إلى رضيعها.
ومن النماذج ( يا شمس يا غاربة تريضي لي قليل)، وفيها تعبير رمزي بمخاطبة الشمس لكي تتأخر قليلاً عن المغيب، حتى ينتهين من الصرام.
وفي أيام الصرام تشاهد على مد النظر الناس رجالاً ونساءً بالمئات منتشرين في المزارع ،وتسمع الاهازيج في كل مكان من الصباح حتى المساء، لا تتوقف إلا أثناء الصلوات ووجبات الطعام.
وأخيراً وفي الجرين تبدأ عملية فصل الحبوب عن الاعلاف، باستخدام حجر كبير تجره الثيران ( ثوران تربط بينهما آلة خشبية تسمى المقرنة مربوط بها حبل مشبوك بالحجر). تبدأ الثيران الدوران فوق الاعلاف بعملية تسمى ( الدويس) وقد تستمر لأكثر من عشر ساعات، وهي عمليه متعبه للشخص الذي يكون خلف الثيران، ولشد الهمم فإن الشخص يردد الرملة التالية: ( ياليتني يوم الدويس غايبي... ارعى الغنم في غمض الشعايبي)، ومعناها أنه يتمنى أن يكون غائباً في ذلك اليوم حتى لو كلف برعي الغنم التي هي أسهل من الدويس.
وبعد الانتهاء من الدياسة، يكون القمح قد انفصل عن السنابل ولكنه لازال مختلطاً بالسنابل المتقطعة.
ولتنقية الحب تبدأ عملية (الذراء) وتلعب الرياح دورا مهماً في سرعة انجاز هذه المهمة لنحصل على القمح . ثم يعبا في أكياس ويحفظ في أماكن مخصصة لحفظ الحبوب. وهو ثلاثة انواع ، كل نوع له ميزة خاصة من ناحية الشكل والطعم. وأنواعه هي (المابيه والقياضي والصيب).
وكان هذا الإنتاج في مجتمع القرية في ذلك الوقت يمثل الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي لأنهم يعتمدون اقتصادياً على ما تنتجه البلاد من المزارع صيفاً وشتاءً. وقد حضرت ومارست أنا واقراني جميع ما أوردته سابقاً في أوائل ستينيات القرن الماضي، ومنهم من أصبح طبيباً او وصل إلى المرتبة الممتازة ورتب عسكريه عليا.
ليطلع ابناؤنا واحفادنا على نمط حياتنا في الماضي التي كانت تتطلب الصبر على المشاق. نتمنى لهم المستقبل المشرق مع رؤية السعودية 2030 .