فاطمة المزيني

يقسم علم الأجيال البشر حسب سنوات تولدهم، وذلك للوقوف على خصائص كل جيل ومعرفة ظروف تكوينه، ويعد هذا الفهم لطبيعة الأجيال أساسا تبنى عليه السياسات العامة وخطط الاقتصاد.

ووفقا لعلم الأجيال فبين أيدينا الآن جيلان هما الجيل (ألفا) مواليد الفترة (1997 - 2012) والجيل (Z) ويقصد به مواليد الفترة (2013 - 2024) ويطلق على هذه الشريحة الجيلية مسمى (zalpha)

العامل الأساسي في تكوين هذا الجيل هو ارتباطه بالتقنية وفي حين يبدي جيل (ألفا) نوع من الهوس التكنولوجي فإن مواليد جيل (Z) يبدون أكثر انسجاما مع التقنية التي ولدوا فيها وبدأت حياتهم في وجودها.

ويمكننا تلخيص أثر التقنية في جيل (zalpha) في مسألتين تتمثل الأولى منها في تكوين منظومة القيم الإنسانية، أما الثانية فتتعلق بمنطق التفكير في كل شيء. كما يلاحظ أن مساحة تأثير التقنية تتسع في مقابل تضاؤل مساحة الموجهات التقليدية كالوالدين والمعلمين. ويمكننا القول بشكل دقيق أن الطفل الذي أصبح يقضي مع التكنولوجيا وقتا أطول مما يقضيه مع أبويه ومجتمعه الطبيعي، سيكون مختلفا تماما في نظرته لقيم الحياة كما سيتبنى طرق تفكير وتساؤلات واهتمامات ورغبات لم تكن سائدة في الأجيال السابقة له.

المعروف أن صناع الاقتصاد في العالم ينظرون للأجيال البشرية بوصفها أسواقا، ويتم بناء على ذلك خلق احتياجات مختلفة تؤدي لارتفاع الطلب على منتجات جديدة. وفي الحقيقة أن غالبية ما نشاهده اليوم مما نعتبره مستحدثات فكرية أو نفسية أو جنسية ما توافق منها مع قيمنا وما اختلف كل هذا هو جزء من السوق الكبير.

السؤال المطروح هنا هو كيف يمكننا وسط كل هذا أن نعزز ما نعتبره قيما إيجابية مرغوبة في أجيالنا القادمة؟

وحتى نجيب على هذا التساؤل علينا قياس مدى انتشار التفكير الجيلوي في تطبيقاتنا وخططنا التعليمية والاجتماعية. وفي رأيي أننا لم نقترب بعد من الوقوف على أسس ثابتة في هذا المجال، ويظهر هذا بشكل جلي في ممارساتنا الأبوية ونقاشاتنا الاجتماعية التي تعتمد أسلوب الانتقاد والضغط وكأنها تحاول إعادة العجلة للوراء وتصدير صورة الأجيال السابقة كحالة مثالية مأمولة.

يهتم الجيل zalpha بالمظهر ويحب ممارسة الهوايات واقتناء الحيوانات الأليفة، كذلك يميل للفردانية ولديه تقدير مرتفع لذاته وقدراته، كما يفضل فهم الروابط المنطقية للأشياء، من جهة أخرى يرشح أفراد هذا الجيل ليكونوا أطول عمرا وأفضل صحة وأكثر ثراء.

حان الوقت إذًا لنلتقط المفتاح الصحيح للعصر القادم من خلال التماهي مع خصائص ومكونات إنسان المستقبل.